جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-16@13:42:18 GMT

العطاء المبرور

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

العطاء المبرور

 

 

د. سليمان بن خليفة المعمري

يقال إنَّ العطاء هو أقصر الطرق لحصول المرء على السعادة والرضا النفسي، وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" (رواه البخاري)، وقد حضَّ الإسلام أتباعه على العطاء والإنفاق الحسن يقول الله عز وجل "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا" (المزمل: 20).

الآية الكريمة تؤكد على أنّ الأجر العظيم والخير العميم إنما هو فيما يسديه الإنسان من عطاء ومعروف وإحسان للآخرين، وأنّ ما يقدمه من زكاة وصدقات هو في حقيقته يقدمه لنفسه ويدخره لآخرته عند رب كريم لا تضيع عنده الودائع؛ بل يجازي المحسنين بالإحسان إحسانا ويكافئ بالمعروف أجرا كبيرا وغفرانا.

ولقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة لأتباع هذا الدين الحنيف ينفق في سبيل الله إنفاق من لا يخشى الفقر، وكان صلى الله عليه وسلم مثالا في الجود والكرم فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، وقد تربى الصحابة الكرام  رضوان الله عليهم في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق النبيل واعتادوا هذا النهج الكريم فكانوا يسارعون في الخيرات وينفقون أموالهم في وجوه البر سرا وجهرا، فها هو الصديق رضي الله عنه ينفق جميع أمواله لتجهيز جيش المسلمين لغزوة تبوك، ويتبرع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنصف ماله، ويضرب الصحابي الجليل عثمان بن عفان المثل والأسوة في البذل والسخاء فقد "جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ في كُمِّه –حينَ جهز جيشَ العسرةِ– فنثَرها في حِجرِه، فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُقلِّبُها في حِجرِه، ويقولُ: ما ضَرَّ عثمانَ ما عمِل بعدَ اليَومِ، مرتينِ"( رواه الترمذي).

وقد سار المسلمون على هذه السيرة الحسنة فتصدقوا بفضول أموالهم وأوقفوا الكثير من الأوقاف في وجوه الخير، وأعانوا كل محتاج ووقفوا مع كل مغرم أو معوز مستلهمين الوصايا الربانية الكريمة في هذا الشأن ومستحضرين عقبى ما يقدمونه من عون إنساني مستذكرين حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"(أخرجه مسلم)، والواقع أنّ انتشار ثقافة العطاء في المجتمع وسيادة روح التعاون بين أفراده من شأنه أن يسهم في رفاهية وخير المجتمع، فبالإضافة إلى ما يحصده المعطي من بركة ونماء في حاله وماله جزاء ما يقدمه من صدقات وتبرعات فإنّ العطاء يذهب السخائم من قلوب الفقراء والمعدمين تجاه الأغنياء والموسرين ويزرع المحبة والألفة بين أفراد المجتمع المسلم، ويسهم في تجاوز تحديات وصعوبات الحياة والوصول إلى الاستقرار المنشود.

إلا إنّه وحتى يكون العطاء مبرورا مشكورا محققا لمقاصده النبيلة وأهدافه وغاياته الإنسانية السامية فإنه يجب أن يخلو من كل ما من شأنه المس بكرامة الإنسان واهدار ماء وجهه أو الإساءة إليه عبر ما قد يمارسه البعض من تصوير ونشر وابتذال عبر وسائل التواصل الاجتماعي حينما يقدمون أية معونة أو مساعدة لمتضرر أو محتاج، مما قد يجرح مشاعره ويؤذي نفسيته، فيصبح عطاءً مقرونا بالمن والأذى وصدق الله العظيم حيث قال في محكم كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ "( البقرة، 264)، فعلى المتصدق أو المعطي أن يحترم آدمية الإنسان الذي يتصدق عليه وأن يعلم أن ما يعطيه له من مال إنما هو من مال الله الذي استخلفه فيه وأنه هو أحوج لأجر العطاء والصدقة من الشخص المتصدق عليه، وعليه أن ينفق برضا نفس وطيب خاطر وأن يتوخى كل ما من شأنه احباط العمل وذهاب أجر العطاء، ولله در الشاعر حين قال:

إن التصَدُّقَ إسعادٌ لِمَنْ حُرِموا

أهلُ السَّخاءِ إذا ما احْتجْتهُمْ بانوا

داوي عَليْلكَ بالمِسْكين ِتطعِمُهُ

البَذلُ يُنجيكَ مِنْ سُقم ٍ وَنِيرانُ

يا مُنفِقا ً خلفا ً أُعْطِيتَ مَنزِلة ً

يا مُمْسِكا ًتلفا ًتلقى وَخُسْرانُ

لا تخذِلنَّ لآتٍ رادَ مَسْألة ً

جَلَّ الذي ساقهُ كافاكَ إحْسانُ

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل يجوز للمرأة الحائض زيارة القبور؟ .. الأزهر يجيب

تلقى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية سؤالا مضمونه هل يجوز للمرأة الحائض زيارة القبور؟

زيارة الحائض للقبور

وأجاب الأزهر للفتوى عبر موقعه الرسمى عن السؤال قائلا : انه يجوز للمرأة زيارة القبور للعظة والدعاء للمتوفى، ولا فرق في ذلك بين الحائض  وغيرها من النساء لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :«كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ  الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ».[أخرجه مسلم]

ولكنها أوضحت انه يشرط مع هذا التزام الآداب الشرعية الواجبة على المرأة أثناء الخروج، وعدم مزاحمة الرجال، أو إحداث أمر منهي عنه كالنواح، أو الاعتراض على قدر الله تعالى.

ما حكم تعلم علم الفلك والفرق بينه وبين التنجيم؟.. الإفتاء تجيبمدى صحة مقولة اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه.. الإفتاء توضحعلي جمعة: اللسان مرآة القلب ومصدر الهلاك أو النجاةلماذا سُمِّي سيدنا جبريل عليه السلام بالروح القدس؟.. الإفتاء توضح

ماذا يقال عند زيارة القبور 
هناك كلمات أوصى رسول الله –صلى الله عليه وسلم بترديدها و الدعاء للميت بها عند زيارة القبور ، فعن ماذا يقال عند زيارة القبور فقد ورد في الحديث الشريف أن النبي قد حدد لنا آداب زيارة القبور ، ومنها أن يقول الزائر لأهل القبور إحدى عشر كلمة.

حيث ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم-  أنه يقال هذه الكلمات: « السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون»، وقالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إن زيارة القبور سُنة ووصية عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، منوهة بأنه –صلى الله عليه وسلم- حثنا على زيارة القبور للعظة والاعتبار.

و استشهدت «البحوث الإسلامية» عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابتها عن سؤال: « ما حكم زيارة القبور ووضع الزرع عندها ؟»، بما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة»، مشيرة إلى أن من أدب زيارة القبور الثابت في السنة النبوية الشريفة، أن يقول الزائر لأهل القبور «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».

وأضافت أن وضع الزرع على القبر له أصل؛ بفعله صلى الله عليه وسلم ذلك، فعن ابن عباس-رضي الله عنه-، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة، أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يعذبان، وما يعذبان في كبير» ثم قال: «بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة»، ثم دعا بجريدة، فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا» أو: «إلى أن ييبسا».

طباعة شارك ماذا يقال عند زيارة القبور الأزهر زيارة القبور هل يجوز للمرأة الحائض زيارة القبور زيارة الحائض للقبور الحائض

مقالات مشابهة

  • هل استبدال الصلاة على النبي عند الكتابة بـ ص حرام ؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للمرأة الحائض زيارة القبور؟ .. الأزهر يجيب
  • الخضيري: من يعاني من الشحوب عليه بالغذاء المتوازن الذي يشمل كل نوع
  • الوطن عند نائب من مصر
  • صلاة الضحى.. اعرف وقتها وفضلها وكيفية أدائها
  • ما حكم طلب الرقية من الصالحين؟.. الإفتاء تجيب
  • ما المبلغ الذي سيحصل عليه الفائز بكأس العالم للأندية 2025؟
  • أحسن ذكر للتوفيق والتيسير في الحياة.. داوم عليه وسترى العجب
  • دعاء الحر الشديد مكتوب.. ردده
  • ما هي صلاة الزوال ووقتها؟.. الإفتاء تحدد عدد ركعاتها وفضلها