أصبح الذكاء الاصطناعي بسرعة بمثابة العمود الفقري للتحول الاقتصادي والصناعي عالمياً. في الشرق الأوسط، يشهد تبني الذكاء الاصطناعي نمواً سريعاً، حيث تستثمر المملكة العربية السعودية مليارات الدولارات في بنية تحتية للذكاء الاصطناعي وأبحاث التطبيقات وتطويرها. طموحات المنطقة واضحة وجريئة تتمثل في الانتقال من مستهلك للذكاء الاصطناعي إلى منتج له، مستفيدة من المواهب المحلية، والبيانات السيادية، والبنية التحتية المتطورة.

في قلب هذا التطور ظهر مؤخراً نموذج ذكاء اصطناعي جديد يدعى «ديب سيك»، واعداً بكفاءة أعلى وفاعلية من حيث التكلفة وقابلية للتوسع مقارنة بنماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية واسعة النطاق. قدرات «ديب سيك» كثيرة بدءاً من تقنية «خليط الخبراء MoE» (وهي تقنية لتقسيم المهام بين شبكات عصبية صغيرة لتقليل استهلاك الذاكرة وتحسين الكفاء) إلى تقنية التعلم المعزز. إنها قادرة على إعادة تشكيل الصناعات وتعميم الوصول إلى الذكاء الاصطناعي وتعزيز القدرة التنافسية الإقليمية.

ميزان قوى الذكاء الاصطناعي

أخبار قد تهمك إطلاق مشروع التشجير الذكي على طريق المخواة-ناوان بزراعة 7000 شجرة 7 فبراير 2025 - 3:32 صباحًا 125 ممارسًا صحيًا يختتمون برنامج تمكين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي 7 فبراير 2025 - 3:25 صباحًا

بينما سيطرت نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة مثل «تشات جي بي تي» (GPT) على الأسواق العالمية، يقدم «ديب سيك» بديلاً جديداً قد يمكن للشركات في الشرق الأوسط التكيف معه وتخصيصه ونشره بكفاءة.

«ديب سيك-R1» مصمم لتحدي هياكل تكلفة الذكاء الاصطناعي التقليدية. يوضح خافيير ألفاريز، المدير الإداري الأول في الاستراتيجية والتحول لدی شركة «إف تي آي كونسلتنغ»، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أنه إذا ثبتت صحة ادعاءات كفاءة «ديب سيك»، فقد يخفض تكاليف البنية التحتية بشكل كبير ويعمم تبني الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.

يقدم «ديب سيك-R1» نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي من خلال الجمع بين «خليط الخبراء» (MoE) والتنبؤ متعدد الرموز (MTP) لقراءة ومعالجة كلمات عدة في وقت واحد؛ ما يضاعف سرعة الاستجابة. كذا التعلم المعزز (RL) الذي يتعلم من تفاعلات المستخدمين لتطوير الدقة باستمرار.

هذه التطورات تقلل بشكل كبير من الحواجز أمام تبني الذكاء الاصطناعي وتسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) في الشرق الأوسط بتطوير نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة دون الحاجة إلى بنى تحتية.

التحول من مستهلك إلى منتج

أحد أكبر التحديات التي تواجه الشركات في الشرق الأوسط هو التكلفة العالية للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي. يتطلب تدريب نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) موارد حاسوبية ضخمة والتي كانت تقليدياً تحت سيطرة عمالقة التكنولوجيا العالمية.

أما الآن، يكسر «ديب سيك» حاجز التكلفة للذكاء الاصطناعي؛ ما يعطي الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط فرصة حقيقية للتنافس. يقول داميلولا أوجو، المدير الإداري الأول في الاستراتيجية والتحول لدی شركة «إف تي آي كونسلتنغ»، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنه إذا نجح «ديب سيك» في الوفاء بوعده بتخفيض تكاليف تدريب الذكاء الاصطناعي، فقد يسمح للشركات الناشئة بتطوير نماذج قوية دون الاعتماد على خدمات الحوسبة السحابية باهظة الثمن من «إنفيديا» و«أمازون للخدمات السحابية» أو «غوغل».

ويوضح داميلولا أوجو، أن مبادرة السعودية البالغة 40 مليار دولار ستعزز بالفعل نمو الذكاء الاصطناعي. لكن نماذج مثل «ديب سيك» يمكن أن «تسرع قابلية التوسع مما يضمن وصولاً واسعاً إلى حلول الذكاء الاصطناعي بجزء بسيط من التكاليف الحالية». ويضيف ألفاريز: «مع تزايد تمويل الذكاء الاصطناعي، نشهد تحولاً في القوة بعيداً عن النماذج الثقيلة البنية التحتية نحو الابتكار في طبقة التطبيقات، حيث تكون للشرق الأوسط فرصة حقيقية للقيادة».

«ديب سيك» وتشكيل الصناعات

يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط أبعد من التكنولوجيا، فهو يقود التحول في الرعاية الصحية، التعليم، التمويل، والنقل.

تدمج المستشفيات في المنطقة بشكل متزايد تشخيصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي والجراحات الروبوتية. على سبيل المثال، تستخدم مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن السرطان وتخطيط العلاج. كذلك، تستثمر مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي في الجراحة الروبوتي؛ ما يحسّن الدقة ونتائج المرضى. أيضاً، تستخدم مستشفى جابر بالكويت الذكاء الاصطناعي لمراقبة القلب في الوقت الحقيقي والإجراءات التنظيرية. ويرى خبراء «إف تي آي كونسلتنغ»، أنه مع نماذج مثل «ديب سيك» يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية تطوير أدوات تشخيص مدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل أسرع وبتكاليف أقل؛ ما يقلل الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي المستوردة.

معالجة حواجز تبني الذكاء الاصطناعي

على الرغم من الإمكانات، لا تزال هناك حواجز عدة في رحلة الشرق الأوسط نحو الذكاء الاصطناعي. تستثمر السعودية في مراكز بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، مع شراكات تشمل «أرامكو» و«سيربراس سيستمر» و«إيه إم دي» (AMD). ومع ذلك، لا تزال الشركات الناشئة المحلية تواجه تحديات في الوصول إلى موارد الحوسبة عالية الأداء.

ويلاحظ أوجو خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن مراكز البيانات تنمو، لكن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمار في خدمات السحابة المخصصة للذكاء الاصطناعي التي تلبي الاحتياجات الإقليمية.وهناك مسألة النقص في المتخصصين المؤهلين في الذكاء الاصطناعي. ويرى ألفاريز أننا نشهد دفعة كبيرة نحو تعليم الذكاء الاصطناعي، لكن على المدى القصير، لا تزال المنطقة في حاجة إلى جذب المواهب العالمية في الذكاء الاصطناعي.

توطين البيانات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي

يتم تدريب معظم نماذج الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات غربية، بحسب الخبراء؛ ما يجعلها أقل فاعلية في التطبيقات العربية.

«ديب سيك»، مع «نهج الأوزان المفتوحة» يسمح للشركات بضبط نماذج الذكاء الاصطناعي باستخدام مجموعات البيانات الإقليمية الخاصة. ويصرح أوجو بأن لدى منطقة الشرق الأوسط فرصة لقيادة حوكمة الذكاء الاصطناعي من خلال ضمان تطوير أخلاقي يتناسب مع الثقافة واللوائح الإقليمية.

المملكة العربية السعودية لم تعد مجرد مستهلك للذكاء الاصطناعي، بل رائدة فيه. مع تقديم «ديب سيك» بديلاً فعالاً من حيث التكلفة وقابلاً للتوسع، قد يصبح لدى المنطقة فرصة فريدة لقيادة الابتكار في الذكاء الاصطناعي عالمياً. يشدد خبيرا «إف تي آي كونسلتنغ» على أن الشرق الأوسط يضع نفسه منافساً جدياً في سباق الذكاء الاصطناعي. بدءاً من الأبحاث المدعومة من الحكومة إلى البنية التحتية المتطورة وتطوير المواهب.

ويضيف الخبيران: «قادة الذكاء الاصطناعي القادمون سيكونون أولئك الذين يستثمرون في المواهب والبنية التحتية والتطبيقات المحلية وأن الشرق الأوسط يفعل ذلك بالضبط».

طموحات الشرق الأوسط في الذكاء الاصطناعي واضحة وجريئة وتتحقق بسرعة. فبينما تتجاوز السعودية وجيرانها مرحلة تبني الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة الإبداع فيه، قد توفر نماذج مثل «ديب سيك» الأدوات اللازمة لبناء نظام بيئي سيادي للذكاء الاصطناعي.

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي ديب سيك نماذج الذکاء الاصطناعی تبنی الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی فی الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی فی الشرق الأوسط دیب سیک

إقرأ أيضاً:

تسريب يكشف أن سلسلة Galaxy S26 ستعتمد كليًا على نموذج Gauss للذكاء الاصطناعي

كشفت منصة PhoneArena أن سلسلة Galaxy S26 قد تحصل على “ورقة رابحة” جديدة، بعد تسريب يظهر اعتماد سامسونج على نموذج Gauss للذكاء الاصطناعي كقلب المنظومة الذكية في هواتفها الرائدة لعام 2026. 

ويشير التقرير إلى أن هذا النموذج الداخلي قد يتحول إلى سلاح استراتيجي في مواجهة Gemini من جوجل وChatGPT من أوبن إيه آي، مع تركيز خاص على العمل محليًا على الجهاز وتقليل الاعتماد على السحابة. 

Gemini يتكفّل بالملاحة: تطبيق جوجل الجديد يقدّم ردود خرائط أكثر ذكاءً ووعيًا بالسياقجوجل تتفوق مجددًا على أبل: Gemini يصل إلى متصفح كروم على آيفون وآيباد ليغيّر تجربة التصفح على iOSأكبر ترقية ذكاء اصطناعي في تاريخ كروم.. 10 مزايا جديدة مدعومة بـ GeminiGemini يدخل بيتك الذكي رسميًا في أكتوبرجوجل تشدد قيود Gemini 3 Pro على المستخدمين المجانيين وتدفعهم نحو خطط الذكاء الاصطناعي المدفوعة​Gemini يصل إلى ساعات Wear OS.. مساعد جوجل الذكي على معصمك يتجاوز حدود الهاتفجوجل تكشف عن تحديثات جديدة لتطبيق Gemini مختصة بالذكاء الإصطناعيجوجل تطلق سلاحها السري.. Gemini 3 يهدد عرش OpenAI وأنثروبيكذكاء اصطناعي “من صنع سامسونج” لهواتف جالكسي

أوضحت التسريبات التي استعرضتها PhoneArena أن سامسونج ستتبنّى رسميًا اسم Gauss لنموذجها اللغوي الكبير داخل سلسلة Galaxy S26، بعد فترة تجارب أولية في بيئات مغلقة وتطبيقات محدودة. 

وينتظر أن يصبح Gauss هو المحرك الرئيسي لميزات Galaxy AI القادمة، من التلخيص والترجمة الذكية إلى مساعد الكتابة وتحرير الصور والفيديو مباشرة من المعالج الداخلي للهاتف.

قوة على الجهاز… لا في السحابة فقط

قال التقرير إن التركيز الأكبر في استراتيجية سامسونج يتمحور حول تشغيل جزء كبير من قدرات Gauss على الجهاز نفسه، خاصة على الجيل الجديد من معالجاتها المخصصة Exynos ومعالجات Snapdragon الداعمة لوحدات NPU الأقوى. 

وأشار التقرير ان هذا التوجهيمنح المستخدم مزايا واضحة، أبرزها سرعة الاستجابة، العمل في وضع عدم الاتصال لبعض الوظائف، وتقليل إرسال البيانات الحساسة إلى خوادم خارجية، وهو محور بات مهمًا في معركة الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي. 

تكامل عميق مع One UI وتطبيقات سامسونج

أوضحت PhoneArena أن Gauss لن يقدم كمجرد روبوت دردشة منفصل، بل سيتم نسجه داخل واجهة One UI وتطبيقات سامسونج الأساسية مثل Gallery، Notes، Messages وتطبيق الكاميرا. 

بحسب التقرير التقني هذا التكامل يعني أن المستخدم سيتمكن من إعادة صياغة رسائل البريد، وتوليد نصوص لملاحظات العمل، وتحرير الصور بخلفيات أو عناصر مولَّدة، وحتى تلخيص صفحات ويب كاملة، دون مغادرة النظام أو الاعتماد على تطبيقات خارجية. 

منافسة مباشرة لهيمنة جوجل على أندرويد

أشار التقرير إلى أن دخول Gauss بهذا الشكل يفتح فصلًا جديدًا في علاقة سامسونج مع جوجل، إذ انتقد مستخدمون سابقًا اعتماد Galaxy AI على Gemini، خاصة في الأسواق التي لا تتوفر فيها كل إمكانات مساعد جوجل. 

ومع وجود نموذج داخلي قوي، يمكن لسامسونج أن تقلل تدريجيًا من مركزية Gemini في تجربة أجهزتها، وتقدم للمستخدم خيارًا افتراضيًا يحمل بصمتها ويدعم لغات وميزات قد لا تعطيها جوجل أولوية في البداية. 

تحديات التدريب واللغات والشفافية

مع ذلك، حذر التقرير من أن سامسونج ستواجه تحديات كبيرة في تدريب Gauss على بيانات كافية ومتنوعة، خاصة إذا أرادت دعم عدد كبير من اللغات وتجنّب الانحيازات أو الأخطاء الفجّة في الردود.

كما ستضطر الشركة لتوضيح سياساتها حول البيانات التي تُستخدم لتطوير النموذج، وكيفية تعاملها مع محتوى المستخدمين على أجهزتهم وتطبيقاتها، في وقت أصبحت فيه قضايا الخصوصية وحقوق المحتوى محورًا لملفات تحقيق وتنظيم في أوروبا وأماكن أخرى. 

رهان على المستقبل: هل تنجح “وصفة سامسونج”؟

أنهت PhoneArena تحليلها بالتأكيد على أن اعتماد Gauss كنقطة ارتكاز في Galaxy S26 قد يكون الخطوة الأكثر جرأة من سامسونج منذ سنوات، لكنه في الوقت نفسه رهان طويل الأمد لن تظهر نتائجه الكاملة مع أول جيل فقط. 

فإذا استطاعت الشركة تحويل هذا النموذج إلى مساعد حقيقي يحسّن تجربة جالكسي في الأداء والإنتاجية والخصوصية، فقد تستعيد جزءًا من الزخم الذي سحبته آبل في فئة “الهاتف الذكي الذكي حقًا”، أما إذا تعثّر Gauss، فستجد سامسونج نفسها مضطرة للاعتماد أكثر على شركاء الذكاء الاصطناعي الذين تحاول اليوم تقليل سطوتهم.

طباعة شارك سلسلة Galaxy S26 Galaxy S26 Galaxy

مقالات مشابهة

  • تسريب يكشف أن سلسلة Galaxy S26 ستعتمد كليًا على نموذج Gauss للذكاء الاصطناعي
  • الشرق الأوسط بعد أوهام الردع.. حين تُدار الحروب بدل أن تُمنع
  • نيويورك تضع قواعد جديدة للذكاء الاصطناعي في الإعلانات والفنون
  • مقارنة بين نماذج الذكاء الاصطناعي والبرامج الإحصائية التقليدية.. ورشة عمل بجامعة العاصمة
  • صحيفة تكشف تطوّرات جديدة بشأن جثة "غفيلي" وأسباب صعوبة إيجادها بغزة
  • الذكاء الاصطناعي النووي يُحدث نقلة في إدارة قطاع الطاقة
  • نماذج الذكاء الاصطناعي وإعادة صياغة الظهور الرقمي
  • ترامب: نحضر لمرحلة جديدة في غزة.. والسلام بالشرق الأوسط أقوى من أي وقت
  • إنوفيرا تطلق برامج تدريبية متقدمة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • مفاجأة جديدة من جوجل .. الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل طريقة قراءة الأخبار