المباني الحكومية المهملة تثير الاستغراب.. ومطالبات بإعادة تأهيلها للاستثمار
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
تنتشر مبانٍ ومرافق حكومية مهجورة منذ سنوات في عدد من المواقع والأحياء، بعد أن كانت في يوم من الأيام تعج بمرتاديها وتقدم خدماتها في مختلف المجالات، وعلى الرغم من وجود هذه المباني في مواقع وأحياء حيوية، إلا أنها تركت مهملة طوال سنوات دون استغلال، وأصبحت أطلالًا خاوية ومكبًا للنفايات ومرتعًا للحيوانات السائبة، وملاذًا للمخالفين.
وقد طرح مواطنون تساؤلات جدوى عدم استغلال هذه المرافق، وتركها بهذه الصورة، وتبعات ذلك على المال العام، مطالبين بضرورة استثمار هذه المرافق بما يتماشى مع الحاجة إليها، والاستفادة منها بالشكل الأمثل.
وقالت المحامية وضحة بنت مسعود البادية: فكرة وجود مكان مهجور تجعلنا ندرك أن هناك أبعاداً مختلفة للتأثيرات التي يمكن أن يتسبب بها، والحديث عن مبانٍ حكومية مهجورة له تأثيرات أعمق كونها مالاً عاماً، ومما لا شك فيه أن ترك المباني والمرافق الحكومية فارغة دون أي استغلال بعد شغلها لسنوات سينتج عنه أضرارٌ جمة، فقد تكون لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وقانونية.
وأضافت: بطبيعة الحال، أن البعد الاقتصادي يكمن في عدم إعادة استغلال هذه المباني بالشكل الصحيح، حيث إن بقاء مرفق عام دون أي استغلال سيشكل عبئا اقتصاديا على عاتق الدولة، فقد يكون هناك حاجة لدفع تعويضات لو تسبب بضرر نتيجة سقوطه لو كان متهالكا أو قديما على الناس أو ممتلكاتهم، أو حتى على الممتلكات العامة. وعلى العكس من ذلك، لو تم إعادة ترميم هذه المرافق أو إعادة بنائها أو إزالتها واستغلال الأرض في الصالح العام وجعلها رافدا اقتصاديا سياحيا، يكون لها عائدا مرضيا.
حيث إن القطاع السياحي، أثبت دوره منذ وقت طويل في تعزيز الجانب الاقتصادي للسلطنة، بالإضافة إلى أن استغلال هذه المرافق لا يقتصر على الجانب السياحي بل يمكن تحويله أيضا إلى صرح تعليمي أو ثقافي أو ترفيهي، علما أن جميع ذلك سيعزز الجانب الاقتصادي للدولة، حيث، إن الاستثمار في تعزيز التعليم ونشر الثقافة والترفيه له أثره على الفرد في جعله فردا منتجا له دور فعال في تنمية اقتصاد بلاده وازدهاره.
وأكدت البادية، أن البعد القانوني والاجتماعي مرتبطان ارتباطا وثيقا بالبعد الاقتصادي، حيث أن وجود مرفق عام خاوٍ سيجعله عرضة للاستغلال من قبل العديد من الشخوص، كالمتسللين أو الهاربين ممن لم يمتثلوا لإتمام إجراءاتهم القانونية في السلطنة، وبالتالي سيشكل هذا الأمر خطرا اجتماعيا على المواطنين والمقيمين، وقد تنتج جرائم أخرى غير التعدي وخرق قانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان، كاستغلال المكان من قبل دنيء النفوس ممن سولت لهم أنفسهم بيع السموم على الشباب حتى الصغار أو حتى خلقه ليكون مكاناً للتعاطي، وأفعال أخرى جرمت قانوناً، وهذا جميعه له أثره الاجتماعي والقانوني، مما سيتسبب بالتأثير على الجانب الاقتصادي كون الدولة ستصرف المال من أجل حل هذه المشكلات الناتجة من هجر هذه المرافق العامة وعدم استغلالها.
و أشارت البادية في ختام حديثها إلى أن الاستثمار في جعل المرافق الحكومية المهملة مكانا مزدهرا لأي قطاع؛ سيجعل العوائد محمودة أكثر من فكرة تركها مهجورة دون أي استفادة.
من جانبه راشد بن حمد الصوافي: نشاهد العديد من المرافق المهجورة التي تركت منذ سنوات بلا استغلال أو وجه استفادة منها، وهناك مدارس مهجورة منذ سنوات و لم يتم صيانتها، على الرغم من كثافة أعداد الطلبة و تحويل بعض منهم للدراسة المسائية، لذلك نستغرب من عدم استغلال هذه المدارس أو صيانتها أو بناء مدارس جديدة في هذه المواقع التي تركت منذ عدة سنوات.
وطالب راشد الصوافي بضرورة إيجاد آليات للبدء في حصر هذه المرافق، و الاستثمار فيها و صيانتها و إعادة رونقها، بعد أن أصبحت أطلالا منذ عدة سنوات، تتراكم فيها المهملات و يستغلها البعض في جوانب سلبية.
وقال ناصر بن خميس الحميدي: في مسقط وحدها هناك العديد من المرافق التي تركت دون الاستفادة منها، وعلى سبيل المثال مطار مسقط الدولي السابق، إلى الآن لم يتم استغلاله رغم أنه في موقع مميز وقابل أن يكون وجهة استثمارية جيدة، كذلك موقع مركز عمان الدولي للمعارض السابق، ترك دون أي استفادة منه، و منذ قرابة سنة كاملة ترك أيضا موقع سوق الموالح للخضروات و الفواكه بدون أي استفادة.
وتساءل الحميدي عن سبب ترك مثل هذه المواقع الحيوية دون استفادة أو طرحها للاستثمار و استغلالها بشكل مناسب يعود بالفائدة للبلد و المجتمع و الاقتصاد، و أيضا يسهم في جمالية المواقع بدل من تركها بهذه الصورة غير الحضارية.
وإلى حين التحرك لاستغلال هذه المرافق و المباني و المواقع، تظل علامات الاستفهام قائمة، حول لماذا تركت هذه المرافق مهجورة بلا استغلال؟
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: استغلال هذه هذه المرافق استفادة من دون أی
إقرأ أيضاً:
العراق يتطلع للاستثمار في مصافٍ آسيوية لتعزيز عائداته
بغداد- يدرس العراق حاليا خططا إستراتيجية تهدف إلى الاستثمار في مصافٍ نفطية خارج حدوده، تتميز بسعات تكرير عالية، وذلك في إطار مساعيه لضمان استمرارية تسويق نفطه الخام وتعظيم العائدات المالية.
ويُوجّه العراق ما يقارب 75% من صادراته النفطية نحو آسيا، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذه المنطقة التي تشهد نموا اقتصاديا سريعا وزيادة مستمرة في طاقات التكرير، مقارنة بالأسواق الأوروبية والأميركية.
وفي العام الماضي، بلغت صادرات العراق من النفط 1.2 مليار برميل، محققةً إيرادات تجاوزت 95 مليار دولار. وتُعد هذه الثروة النفطية المصدر الأساسي لتمويل الميزانية العامة، حيث تتجاوز نسبتها 90% من إجمالي الإيرادات.
تقليل المخاطروأكد المستشار الحكومي حاتم الفضلي أن دراسة العراق لخطط الاستثمار في مصافٍ نفطية خارجية تأتي في إطار مساعٍ إستراتيجية لتعظيم العوائد المالية وضمان تسويق مستقر وفعّال للنفط العراقي.
وقال الفضلي في تصريح للجزيرة نت، إن العراق يدرس حاليا الاستثمار في قطاع المصافي الخارجية بدول محددة تشمل الهند والصين وإندونيسيا وفيتنام وكوريا الجنوبية.
وأضاف أن اختيار هذه الدول تم بناءً على عدة أسباب رئيسية، أولها النمو السريع في الطلب على الطاقة، حيث تشهد هذه الدول نموا اقتصاديا مستمرا وطلبا متزايدا على المنتجات النفطية المكررة، بالإضافة إلى تمتعها بكثافة سكانية عالية تضمن وجود سوق استهلاكي ضخم.
إعلانوتابع الفضلي أن هذه الاستثمارات تهدف أيضا إلى تقليل المخاطر التسويقية من خلال تنويع العراق لأسواقه، وتثبيت حصته السوقية عبر استثمارات مباشرة.
وأوضح الفضلي أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) تعتمد معايير إستراتيجية ومالية دقيقة لاختيار الشركاء الأجانب، من بينها الجدارة المالية، وقدرة الشريك على تمويل المشروع وتحمل تقلبات السوق، إلى جانب الخبرة الفنية والتشغيلية، والتي تتجلى في سجل ناجح من إدارة مصافٍ كبيرة.
كما تتضمن المعايير الالتزام بعقود طويلة الأجل لتوريد النفط العراقي، والشفافية المؤسسية، والامتثال للمعايير البيئية والدولية، إضافة إلى نسبة التكرير العالية لاستهداف منتجات نفطية ذات قيمة مضافة مرتفعة.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة سومو، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن إدارة وتسويق الثروة النفطية، تأسست عام 1998، وتولت منذ عام 2003 توفير عدد من المشتقات النفطية داخل السوق العراقية، مثل استيراد البنزين وزيت الغاز والنفط الأبيض والغاز السائل، بهدف سد النقص الحاصل في السوق المحلية.
الجدول الزمني المتوقع للمشاريعوبخصوص الجدول الزمني المتوقع لهذه المشاريع، أشار الفضلي إلى أنه، ورغم عدم الإعلان الكامل عن التفاصيل، فإنه من المتوقع أن تُنجز دراسات الجدوى ويبدأ التفاوض مع الشركاء المحتملين خلال الفترة من 2025 إلى 2026.
ويُتوقع توقيع الاتفاقيات وتمويل المشاريع في عامي 2026 و2027، على أن تبدأ أعمال الإنشاء والتشغيل التدريجي للمصافي بين عامي 2027 و2030.
وبيّن الفضلي أن العراق يُفضّل الدخول في هذه المشاريع عبر صيغ الشراكة أو التملك الجزئي بهدف تقليل المخاطر.
أما في ما يخص التمويل، فأوضح أن العراق يدرس عدة نماذج، تشمل التمويل المشترك مع شركات دولية أو حكومات آسيوية، والقروض من بنوك تنموية آسيوية مثل بنك التنمية الآسيوي، بالإضافة إلى استثمارات مباشرة من صندوق العراق السيادي المزمع تفعيله، ونظام "النفط مقابل التكرير" كنوع من المقايضة بضمانات توريد طويلة الأمد.
ولضمان الشفافية والعدالة في هذه الشراكات، شدد الفضلي على ضرورة وجود ضمانات قوية، تشمل عقودا ذكية ومدعومة قانونيا تعتمد على نماذج متوازنة لتقاسم الأرباح والمخاطر، إلى جانب آليات لتسوية النزاعات أمام هيئات تحكيم دولية معترف بها مثل غرفة التجارة الدولية (ICC) أو المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID).
كما أكد على أن هذه الشراكات تتطلب حوكمة داخلية صارمة، تُمارَس من خلال لجان مشتركة لمراجعة الأداء والإيرادات، ونظام حماية ضد تقلبات الأسعار، إضافة إلى استخدام أدوات تحوّط مالي مثل العقود الآجلة، ونشر تقارير دورية عن الأداء المالي للمصافي لتعزيز الشفافية.
من جانبه، أكد الخبير النفطي عاصم جهاد أن توجه العراق نحو الاستثمار في المصافي النفطية خارج حدوده يُعد خطوة صحيحة، وإن جاءت متأخرة.
إعلانوقال جهاد للجزيرة نت إن هذه الخطوة تهدف إلى تفعيل دور شركة تسويق النفط العراقية (سومو) لتتجاوز النمط التقليدي في تسويق النفط الخام، وتسهم في تحقيق إيرادات أكبر للبلاد.
وأضاف أن الاستثمار في تصفية وتسويق المنتجات النفطية سيحقق للعراق أرباحًا مضاعفة مقارنة بتجارة النفط الخام التقليدية، مشيرا إلى أن دولا وشركات عالمية سبقت العراق في هذا المجال، بينما ظل يعتمد على النموذج التقليدي.
وأوضح أن تجارة المنتجات النفطية تشمل مجالات أوسع، مثل إنشاء المصافي أو الشراكة فيها، واستئجار أو شراء الموانئ وطاقات الخزن، وحتى نقل المنتجات.
وشدد على أن هذا التوجه سيحوّل "سومو" إلى شركة عالمية تتجاوز دورها التقليدي لتشمل التجارة الواسعة في قطاع الصناعة النفطية، مما يضع العراق كلاعب عالمي مهم في هذا المجال.
وأشار جهاد إلى أن أبرز التحديات تكمن في الحاجة إلى تشريعات وقوانين تضمن استقلالية "سومو" وإبعادها عن المحاصصة والتدخلات السياسية، لتمكينها من تحقيق إيرادات غير متوقعة.
كما أكد أهمية السوق الآسيوية، وخاصة الصين وكوريا الجنوبية واليابان والهند، نظرا لنموها الاقتصادي الكبير واعتمادها المستمر على النفط، رغم أهمية عدم إهمال أسواق الولايات المتحدة وأوروبا.
ولضمان نجاح هذه الخطوات، دعا جهاد إلى منح إدارة "سومو" استقلالية تامة، واختيار الكوادر بناءً على معايير دقيقة بعيدا عن التدخل السياسي، مؤكدا ضرورة اتخاذ قرارات حازمة، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.
كما أكد أن هذا التوسع التجاري والاستثماري يمكن أن يشمل أيضا قطاع الغاز وغيره من المجالات في الصناعة النفطية، مما سيُمكّن العراق من تحقيق موطئ قدم إستراتيجي في الأسواق العالمية المتنوعة.