ما هو الاتجاه المتوقع للدولار الأمريكي في عهد ترامب؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
هناك عدد قليل من المؤشرات التي تنقل معلومات عن اتجاهات الاقتصاد الكلي العالمي مثلما تفعل تقلبات أسعار العملات.
وينطبق هذا الأمر بشكل خاص على الأسواق العميقة والسائلة للعملات الأجنبية الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة، مثل الدولار الأمريكي، والين الياباني، واليورو، والفرنك السويسري، والجنيه الإسترليني.
وتعتمد أسعار صرف العملات الأجنبية على تدفقات رؤوس الأموال، والتي تتأثر بردود الفعل الفورية والتوقعات المتعلقة بالرغبة في المخاطرة والأداء الاقتصادي النسبي وفروق أسعار الفائدة.
في الأشهر الأخيرة، شهدت أسواق العملات الأجنبية الرئيسية تقلبات كبيرة.
شهد مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، وهو مؤشر تقليدي يقيس قيمة الدولار الأمريكي مقابل سلة مرجحة من ست عملات رئيسية، ارتفاعاً ملحوظاً على خلفية فوز دونالد ترامب في الانتخابات العامة الأمريكية في نوفمبر 2024، فقد ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 6% تقريباً منذ سبتمبر 2024، وهذا تحرك سريع وغير عادي في فئة الأصول هذه، ويتبع عن كثب العوائد الدورية للأسهم الأمريكية التي تتسم بقدر أكبر من المخاطر والتقلبات.
ومع تجاوز مؤشر الدولار الأمريكي المستويات الحرجة التي شهدناها في سبتمبر 2023، وسط "ذروة" تدابير التشديد المتخذة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، بدأ المحللون والمستثمرون يناقشون الاتجاه المتوقع للدولار الأمريكي.
ويرى الكثيرون أن الدولار الأمريكي ينبغي أن يحظى بدعم جيد من زيادة التعريفات الأمريكية على الشركاء التجاريين الرئيسيين من قِبل ترامب، وقوة أداء الاقتصاد الأمريكي، واحتمال اضطرار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التصرف بقدر أكبر من "الحذر" تجاه السياسة النقدية أكثر من نظرائه، على خلفية ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة.
ولكن التحليلات تشير إلى أن هناك مبالغة في تقييمات الدولار الأمريكي والتي قد تحتاج إلى تعديل. تتمثل إحدى الطرق الشائعة للنظر إلى "تقييمات" العملات في تحليل أسعار الصرف المرجحة بالتجارة والمعدلة حسب التضخم، أي أسعار الصرف الفعلية الحقيقية، ومقارنتها بمتوسطاتها طويلة الأجل أو معاييرها التاريخية. ويعد مقياس سعر الصرف الفعلي الحقيقي هذا أكثر قوة من أسعار صرف العملات الأجنبية التقليدية لأنه يلتقط التغيرات في أنماط التجارة بين البلدان بالإضافة إلى الاختلالات الاقتصادية في نوعية التضخم وفروقاته.
وتشير بيانات سعر الصرف الفعلي الحقيقي لشهر ديسمبر 2024 إلى أن الدولار الأمريكي هو بالفعل العملة التي تتسم بأكبر قدر من المبالغة في التقييم في العالم المتقدم، حيث تزيد تقييماته بنسبة 21.8% من "قيمته العادلة" النظرية.
وفي تقرير سابق لبنك قطر الوطني في منتصف عام 2024، قبل انتخاب ترامب، عندما كان مؤشر الدولار الأمريكي يحوم بين 105 و106، أي أدنى بقليل من المستويات الحالية، فإنه "لا يوجد مجال كبير لحدوث مزيد من الارتفاع في قيمة الدولار الأمريكي بما يتجاوز المستويات الحالية."
ويري بنك قطر الوطني QNBأن هناك مجال لسيناريو مختلف يتجاوز فكرة "الدولار القوي" في الأمد البعيد. وهناك عاملان بشأن الرياح المعاكسة المحتملة للدولار في الأمد المتوسط. وهما الأول: قد تؤدي التحولات في الموقف المالي للاقتصادات المتقدمة الكبرى إلى تضييق فروق النمو وأسعار الفائدة بينها وبين الولايات المتحدة. في السنوات الأخيرة، كانت الولايات المتحدة أكثر جرأة من نظيراتها في تطبيق السياسات المالية التوسعية، مما عزز أداءها الاقتصادي، لكن بالمقابل، دفع العجز لديها إلى حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي. حالياً، مع استعداد الفريق الاقتصادي الأمريكي الجديد لإجراء عملية ضبط مالي كبيرة لتقريب العجز إلى 3%، في الوقت الذي تميل فيه الاقتصادات المتقدمة الأخرى نحو تدابير أكثر توسعية، فإن أسبقية النمو في الولايات المتحدة قد تتضاءل. وفي نهاية المطاف، سيؤدي تقليص فارق النمو إلى تفضيل العملات الأخرى على الدولار الأمريكي.
والعامل الثاني وفقا لتقرير بنك قطر الوطني أنه وعلى الرغم من حالة عدم اليقين القائمة بشأن مسار أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وشعبية الرأي القائل بأن التيسير النقدي "انتهى" في الولايات المتحدة، فإننا نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف ينفذ على الأقل تخفيضين آخرين لأسعار الفائدة في عام 2025. وفي حين يؤثر النمو القوي و"التخوف من التضخم" الناتج عن التدابير التي ينفذها ترامب على التوقعات بشأن التحركات التالية لبنك الاحتياطي الفيدرالي إزاء السياسة النقدية، فإن النظرة الأكثر شمولاً لمؤشرات التضخم الرائدة تشير إلى أنه لا يوجد ما يدعو للذعر أو الإنهاء المفاجئ للتيسير النقدي. إن الاتجاه الهبوطي الكبير في التضخم غير الدوري، إلى جانب التباطؤ الكبير في النشاط الاقتصادي وسوق العمل الأكثر مرونة، من شأنها أن تؤيد إجراء المزيد من التخفيضات على أسعار الفائدة إلى أن تبلغ مستويات محايدة، أي حوالي 4%. ومن شأن هذا أن يؤثر على الفارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والاقتصادات الأخرى، مما يؤدي إلى تخفيف الأوضاع المالية العالمية ودفع المزيد من رؤوس الأموال إلى الأصول غير المقومة بالدولار الأمريكي.
وينتهي التقرير، إلي أنه يرى مجالاً محدوداً لحدوث مزيد من الارتفاع في قيمة الدولار الأمريكي بما يتجاوز المستويات الحالية. ومن المرجح أن يتحرك الدولار نحو مستويات أكثر "اعتدالاً"، بدعم من عملية ضبط الأوضاع المالية، والتيسير النقدي الإضافي، والإدارة الأمريكية الجديدة التي ستركز على معالجة الاختلالات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاقتصاد الكلي العالمي أسعار العملات الدولار الأمريكي الدولار الين الياباني بنک الاحتیاطی الفیدرالی مؤشر الدولار الأمریکی فی الولایات المتحدة أسعار الفائدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مؤشرات وول ستريت تتكبد خسائر تحت وطأة توترات الشرق الأوسط
أنهت مؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات أسبوع مضطرب متكبدة خسائر وسط تقييم المستثمرين للتطورات الجيوسياسية والتجارية، وتراجع أسهم شركات الرقائق، في حين تسبب انتهاء آجال خيارات بقيمة 6.5 تريليون دولار في قفزة بأحجام التداول. وارتدت السندات صعوداً بعدما قال عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر إن أسعار الفائدة قد تُخفض في وقت أقربه يوليو.
وفشلت الإشارات التي توحي بأن الرئيس دونالد ترمب يفتح المجال للدبلوماسية لتهدئة الحرب بين إسرائيل وإيران في الحد من المخاوف قبيل عطلة نهاية الأسبوع.
كما تراجعت الأسهم بعد أن أفادت "فايننشال تايمز" بأن اليابان ألغت اجتماعاً رفيع المستوى مع الولايات المتحدة بعدما طالبتها إدارة ترمب بزيادة الإنفاق الدفاعي.
وانخفض مؤشر رئيسي يُراقب عن كثب لأداء أسهم شركات الرقائق بنحو 1%، في ظل تقرير لـ"وول ستريت جورنال" أفاد بأن الولايات المتحدة قد تلغي الإعفاءات الممنوحة للحلفاء الذين يمتلكون مصانع لأشباه الموصلات في الصين.
أسبوع على حرب إسرائيل إيران.. من الرابحون والخاسرون في الأسواق حتى الآن؟
قال ترمب إنه منح إيران مهلة أسبوعين بحد أقصى لمحاولة سلك مسار الحلول الدبلوماسية مع طهران.
ورغم أنه لم يوضح الإجراء الذي سيتخذه بعد ذلك، أشار الرئيس إلى أنه "ربما لن يكون من الضروري" تدخل الولايات المتحدة.
وخرج مسؤولون أوروبيون من محادثات مع إيران يوم الجمعة بنبرة متفائلة تشير إلى استمرار المسار الدبلوماسي.
رهانات أسعار الفائدة الأميركية
على صعيد آخر، جدد عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر تأكيده على أن التأثير التضخمي للتعريفات الجمركية من المرجح أن يكون قصير الأمد.
وجاءت تعليقاته على قناة "CNBC" بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هذا الأسبوع بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي. في غضون ذلك، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين لوكالة "رويترز" إنه لا توجد حاجة ملحة لخفض الفائدة في ظل المخاطر التضخمية المرتبطة بالتعريفات وتماسك سوق العمل.