مصر تطرح تصورًا متكاملًا لإعادة إعمار غزة وتؤكد على ضرورة بقاء الفلسطينيين على أرضهم
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
طفل فلسطيني يمسك بدميته وسط دمار غزة - رويترز
أعلنت مصر عن نيتها تقديم تصور متكامل لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التأكيد على ضمان بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وذلك في إطار التزامها بحقوقه الشرعية والقانونية. جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أعربت فيه عن تطلعها للتعاون مع الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب لتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة، عبر تسوية عادلة للقضية الفلسطينية تحفظ حقوق شعوب المنطقة.
وأكد البيان أن مصر ستطرح رؤية شاملة لإعادة إعمار غزة، تراعي الحقوق الفلسطينية وتتفق مع مبادئ الشرعية الدولية. كما شددت القاهرة على أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يأخذ في الاعتبار الحفاظ على مكتسبات السلام في المنطقة، مع العمل على معالجة جذور الصراع من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة.
من جهة أخرى، أعلنت الخارجية المصرية عن توافق بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي على عقد اجتماع وزاري طارئ لبحث التطورات الأخيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وذلك بعد القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في القاهرة يوم 27 فبراير الجاري. وستناقش القمة التطورات الخطيرة على الساحة الفلسطينية، وستسعى لتوحيد الموقف العربي الرافض لتهجير الفلسطينيين.
وأشارت الخارجية المصرية إلى أن وزير الخارجية المصري، د. بدر عبد العاطي، أجرى اتصالات مكثفة مع نظرائه في عدد من الدول الإسلامية، بما في ذلك السعودية وباكستان وإيران والأردن، لبحث التطورات الأخيرة والتأكيد على الثوابت العربية والإسلامية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير والعيش على أرضه.
وفي سياق متصل، زار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني واشنطن يوم الثلاثاء، حيث التقى بالرئيس ترامب لبحث خطة تهجير الفلسطينيين. وأكد الملك عبد الله على ضرورة مراعاة مصلحة جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن العرب سيقدمون ردًا واضحًا على خطة ترامب بشأن غزة. وأضاف: "يجب أن ننتظر لنرى خطة مصرية بشأن غزة"، معربًا عن تفاؤله بحلول تعزز الاستقرار في المنطقة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
الحرب البيضاء على الذهب الأسود
حين يعلن ترامب حربه على فنزويلا بحجّة مكافحة المخدرات، يبدو الأمر على السطح وكأنه مأخوذ من سيناريو فيلم هوليوودي: أميركا، البطلة، تحمي العالم من السم الأبيض المزعج. لكن وراء هذا الغلاف الإعلامي البريء، تكمن الحقيقة الأكثر إثارة، وهي أن الحرب ليست حرب مخدرات ولا دفاعًا عن الأمن القومي، بل حرب على النفط والنفوذ والهيمنة السياسية.
فنزويلا ليست دولة عادية. إنها تمتلك أكبر احتياطي نفط مثبت في العالم، يقدّر بأكثر من ٣٠٠ مليار برميل، متفوقة على السعودية وكندا. وأكثر من مجرد خام أسود، بل ذهب أسود يُغري كل من يسعى للسيطرة على أسواق الطاقة العالمية. تمتلك فنزويلا أيضًا احتياطيات كبيرة من الذهب، تقدّر بعشرات الأطنان، خاصة في إقليم بوليفار. كما تحتوي على النيكل والفضة والألمونيوم والمعادن النادرة، ما يجعلها مهمة للصناعات التكنولوجية والعسكرية.
ترامب، المعروف بحبه للإعلانات الضخمة والاستعراضات، وجد في فنزويلا هدفًا مثاليًا لإعادة كتابة صورة أميركا على الخريطة النفطية. الحرب هنا ليست دفاعًا عن الوطن، بل محاولة لإعادة الولايات المتحدة إلى صدارة سوق النفط، ومنافسة الصين وروسيا، وكأن العالم كله لعبة شطرنج يختصرها ترامب في قرارات تغريدية متعجلة.
لكن الأبعاد الاقتصادية ليست سوى جزء من الصورة. هناك بُعد سياسي داخلي واضح: فالرئيس ترامب وجد في فنزويلا ورقة دعائية ذهبية. إذ أن إعلان الحرب على دولة بعيدة يُستخدم لرفع شعبيته داخليًا، وتصويره كبطل عالمي يحمي "الأمن القومي"، بينما الشعب الفنزويلي هو من يدفع الثمن الحقيقي. حيث تُعد هذه الحرب أداة انتخابية أكثر منها عملية أمنية، وأكثر منها مواجهة حقيقية لقضية المخدرات، التي لو كانت محور الاهتمام لما اقتصر التركيز على فنزويلا وحدها.
ثم هناك بُعد جيوسياسي إقليمي. فنزويلا تبني علاقات مع الصين وروسيا وكوبا، وهو ما لا يروق لأميركا التي تعتبر القارة اللاتينية "فناءها الخلفي". ترامب، بطبيعته التنافسية والعدائية تجاه أي نفوذ خارجي، قرر أن يجعل من فنزويلا ملعبًا لإعادة فرض الهيمنة الأمريكية. كل خطوة هنا مرتبطة بالسيطرة على المنطقة، وليس بمواجهة تهريب المخدرات أو حماية المدنيين والأبرياء.
باختصار، حرب ترامب على فنزويلا ليست إلا حرب مصالح متنكّرة في زي حملة مكافحة المخدرات. النفط والسلطة والنفوذ هي الهدف، والمواطن الفنزويلي مجرد ضحية. المخدرات مجرد ذريعة لتجميل صورة من لا يملك أي شرعية أخلاقية أو قانونية. في النهاية، ما يحدث ليس سوى عرض سياسي مبالغ فيه، يقوم فيه ترامب بدور البطل في مسرحية عالمية، بينما الواقع هو أن هذه الحرب ليست سوى إعلان نفوذ واستعراض قوة، والشعارات الفضفاضة عن الأمن القومي ومكافحة المخدرات، هي مجرد دعاية انتخابية من نوع جديد.