موقف ترامب من فلسطين في ميزان القانون الدولي
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
د. عبدالله الأشعل **
لا بُد من الإشارة إلى جريمة الولايات المتحدة في إبادة السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، لكي نفهم موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الأراضي العربية المحتلة.
والواقع أن ترامب يُعبِّر عن أجهزة الدولة الأمريكية؛ فقد سبق أن أصدر الكونجرس الأمريكي قانونًا في شهر نوفمبر 2024 يُهدد قضاة الجنائية الدولية بالعقوبات إن هم أقدموا على تجريم قادة إسرائيل، فلمَّا تصدى هؤلاء القضاة للولايات المتحدة وأصدروا أمرًا بالقبض على بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه المُقال، تحديًا لها في ديسمبر 2024، أصدر الكونجرس قانونًا بمعاقبة قضاة المحكمة بالفعل، وحذر الدول الأعضاء من القبض على نتنياهو عند زيارتها.
معنى ذلك أن ترامب أول صهيوني بالوراثة على أساس أن الصهيونية تعني إبادة السكان الأصليين وأن يحل محلهم على الأرض من اللصوص الذين يزعمون ملكية هذه الأرض، ونجح هذا العمل في الولايات المتحدة منذ آواخر القرن الخامس عشر.
أرادت الولايات المتحدة تطبيق هذه النظرية في فلسطين والمنطقة العربية عمومًا على اساس النظرة الاستعمارية الاستعلائية وهذا قسم جديد في الاستعمار الأوروبي، فقد ألف العالم أن الاستعمار يأتي بجيوشه لكي يستعبد الشعوب الأخرى التي لا يعترف بها ولكن الاستعمار لم يدع مطلقا تبعية الأرض له. فقد احتلت فرنسا الجزائر 150 عامًا وقتلت الآلاف، ولكنها لم تدع أن الجزائر جزء من فرنسا وإن كانت فرنسا كانت تطمح فوق طموح المستعمر التقليدي بالقول إن الفرنسيين المستوطنين للجزائر لهم الحق في حماية الدولة الفرنسية لولا صمود الشعب الجزائري وتضحياته التي بلغت المليون ونصف من الشهداء حتي اقتنع شارل ديجول بعدم جدوى هذه النظرية واتخذ قراراه الجريء بمنح الجزائر الاستقلال في اليوم الأول من يوليو 1962 وسحب القوات الفرنسية العاملة في الجزائر.
عناصر موقف ترامب
يشمل موقف ترامب ثمانية عناصر:
الأول: تهجير سكان غزة وإفراغ غزة من أهلها حتى تستولي عليها الولايات المتحدة وتخلص أمريكا إسرائيل من المقاومة.
الثاني: إنشاء أمريكا لمنتجع سياحي عالمي في غزة حتى يمكن أن يخصص دخله لدعم إسرائيل.
الثالث: اقتطاع الجولان السوري المحتل لإسرائيل.
الرابع: القضاء على المقاومة خدمة لإسرائيل.
الخامس: الموافقة على قرار إسرائيل بإلغاء وكالة الأونروا، ومنطقه أن الوكالة نشأت بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وهم سوف يُهجَّرون إلى مصر والأردن أو دول أخرى.
السادس: السكوت؛ بل الموافقة على إبادة الشعب الفلسطيني وهو خط أمريكي دائم بغض النظر عن اسم الرئيس.
السابع: أن الفلسطينيين يهجرون إلى مصر التي طلب ترامب أن تخصص لهم سبعة آلاف كيلو متر مربع شمال سيناء وطلب من الأردن استيعاب الضفة الغربية.
الثامن: أنه وافق ضمنيًا على استيطان غزة والضفة الغربية.
موقف القانون الدولي من عناصر موقف ترامب:
أولًا: إن تهجير الفلسطينيين يعتبر قسريًا وفي ميثاق روما يمثل جريمة حرب.
ثانيًا: إن استيلاء الولايات المتحدة على غزة يعد احتلالًا غير مشروع بالقوة حتى تحت غطاء تطوير قطاع غزة وتعميره.
ثالثًا: إعطاء الجولان السوري لإسرائيل عملٌ ينتهك تمامًا قرارات الأمن التي تؤكد أنها أراض سورية محتلة.
رابعًا: نقل السفارة الأمريكية من القدس الغربية إلى القدس الشرقية المحتلة عمل متعمد ينتهك جميع قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن بدءًا من قرار التقسيم عام 1947 ومرورًا بقرارات مجلس الأمن خاصة القرار رقم 478 الذى قدمت مشروعه الولايات المتحدة وصدر في 20 أغسطس 1980، وكان بتوجيه مباشر من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بناءً على اتصال من الرئيس المصري أنور السادات مع كارتر، وحصل هذا القرار على إجماع أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين، وهذا القرار أبطل القانون الإسرائيلي بضم القدس الشرقية، خلافًا للقرار الذى صدر عام 1967 ورقمه 242 والذى وصف القدس الشرقية بالأراضي المحتلة، وهذا الموقف تنظره محكمة العدل الدولية في دعوى منذ 2018 في ولاية ترامب الأولى وهذه الدعوى رفعتها الدولة الفلسطينية ولا تزال منظورة أمام المحكمة العالمية.
خامسًا: القضاء على المقاومة جريمة مُركَّبة من عدد جرائم: جريمة مصادرة الحق في المقاومة، وجريمة حصانة المقاومة في القانون الدولي بصفتها حركة تحرر وطني، وجريمة مصادرة حق الشعب في تقرير مصيرة، وجريمة المجاهرة بانتهاك القانون الدولي الذي يحمي المقاومة.
سادسًا: إلغاء الأونروا، وهذه الوكالة نشأت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 على أساس مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى. ومما يذكر أن قرار مجلس الأمن 242 نظر إلى الشعب الفلسطيني كله على أنه قضية لاجئين فألغى نتنياهو الأونروا إيذانًا بتهجير اللاجئين بصفة نهائية وإفراغ فلسطين منهم.
سابعًا: موافقة ترامب على قرار نتنياهو الخاطئ يضع نفسه مع المُخطئ ضد المجتمع الدولي كله، فلا يجوز إلغاء قرار الجمعية العامة من جانب إحدى الدول، خاصة إن كانت دولة عظمى تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وينظر إليها على أنها حامية للقانون الدولي.
ثامنًا: موافقة ترامب على قرار نتنياهو بإلغاء الأونروا معناه مصادرة حق الحياة للشعب الفلسطيني، ومصادرة حق العودة إلى وطنه وأرضه، وانتهاك لجميع القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة بشأن حق العودة وخاصة القرار 194 وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948.
تاسعًا: المشاركة في إبادة الشعب الفلسطيني المُتمَسِّك بأرضه وقد اعترف ترامب بهذه الجريمة، عندما قال إن غزة لا يمكن العيش فيها بعد تدمير إسرائيل لها؛ فكأن التدمير والابادة يُمهِّدان للتهجير والإبادة جريمة من جرائم النظام الدولي العام ووردت في ميثاق روما وكذلك في اتفاقية الأمم المتحدة لإبادة العرق البشري عام 1948.
الخلاصة.. إن ترامب بموقفه من فلسطين كلها يحاول أن ينصر الباطل على الحق ويهدر تراث البشرية في قواعد القانون الدولي ويفلت إسرائيل من العقاب. ويقع المُعلِّقون العرب في خطأ فادح وهو التمييز في مواقف الجمهوريين والديمقراطيين من إسرائيل؛ فكلهم على مذهب واحد وهم صهاينة قبل أن تظهر الصهيونية الحديثة، كما أن إسرائيل تجتذب ضحايا المشروع الصهيوني الوهمي، ولا فرق بين متطرف ومعتدل؛ فكلهم يتبعون المشروع الصهيوني، ولا علاقة لهم باليهودية، كما أن قادة الولايات المتحدة يتبعون الصهيونية الأساسية، وخاصة عبثهم بالمسيحية فأطلقوا اسم الصهيونية المسيحية على أمثالهم والمسيحية منهم براء.
وأخيرًا.. أرجو أن نلفت نظر كبار المحاميين الدوليين الذين ينتصرون للحق بالحق أن يقدموا ترامب وزمرته إلى الجنائية الدولية بناءً على هذا التحليل وإسنادًا بمواد قانونية محددة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق تجاري بشأن الرسوم الجمركية
واشنطن-سانا
توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري مشترك، يحدد الرسوم الجمركية المتبادلة بنسبة موحدة قدرها 15 بالمئة.
وجاء الإعلان عن الاتفاق، بعد محادثات جرت بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأميركي دونالد ترامب غرب اسكتلندا.
ونقلت وكالة رويترز عن ترامب قوله للصحفيين: “اتفقنا على أن الرسوم الجمركية على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوماً مباشرة 15 بالمئة، ومع ذلك، لن تطبق هذه النسبة الأساسية على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50 بالمئة سارية عليهما.
من جهتها قالت فون دير لاين: “إن الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة تطبق على جميع القطاعات”، مضيفة “لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق ضخم وبالغ الأهمية سيحقق الاستقرار”.
ويشمل الاتفاق أيضاً استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراءه طاقة وعتاداً عسكرياً أميركاً بمبالغ كبيرة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب 2025-07-28Ali Ghaddarسابق شراكات اقتصادية وفرص عمل بختام معارض روميكس وكيم إكسبو وسيريا بلاست الصناعية بدمشق انظر ايضاً ترامب يعلن مجددا عزمه سحب القوات الأميركية من سوريةواشنطن-سانا أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجددا اليوم عزمه سحب القوات الأميركية من سورية معترفا …
آخر الأخبار 2025-07-28الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق تجاري بشأن الرسوم الجمركية 2025-07-28شراكات اقتصادية وفرص عمل بختام معارض روميكس وكيم إكسبو وسيريا بلاست الصناعية بدمشق 2025-07-27منظمة الصحة العالمية تحذر من معدلات مقلقة لسوء التغذية في غزة 2025-07-27وزير الإعلام السوري: حياة المدنيين واحتياجاتهم يجب أن تبقى بمنأى عن التوظيف السياسي 2025-07-27دورة تدريبية لوزارة التنمية الإدارية بهدف تحسين الخدمات الحكومية 2025-07-27النقل السورية تطلق استبياناً إلكترونياً لتحديث قطاع النقل الطرقي للبضائع 2025-07-27الشركات السورية الكيميائية بمعرض كيم إكسبو تبرز قدرتها على المنافسة 2025-07-27وزير التعليم العالي يبحث مع جامعة باشاك شهير واقع التعليم العالي الخاص في الشمال السوري 2025-07-27تعيين مجلس مؤقت لنقابة المحامين السوريين المركزية 2025-07-27وزارة الداخلية تؤكد عدم وجود أي حساب لها على منصة إكس لتلقي شكاوى الجرائم الإلكترونية
صور من سورية منوعات اختفاء غامض لعشرات الطواويس من فندق تاريخي في كاليفورنيا 2025-07-27 أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين 2025-07-25
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |