أكاديمي فرنسي: أنقذوا غزة كي تنقذوا أوروبا
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
أثارت فكرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة قسريا للسيطرة عليه وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" موجة من الاستنكار في مختلف أنحاء العالم لأنها تنتهك أسس القانون الدولي ذاتها، ولكن الوقت لا يزال مبكرا لتفهم أوروبا أن مصيرها يرتبط ارتباطا وثيقا بمصير هذا القطاع الفلسطيني.
هكذا افتتح عالم السياسة الفرنسي جان بيير فيليو عموده في صحيفة لوموند، موضحا أن زعيمي أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا لم يصدر عنهما أي رد فعل على فكرة ترامب، مما ينبئ بمستقبل أسود ينتظر أوروبا.
وأوضح الكاتب أن الزعماء الأوروبيين استسلموا لحقيقة أن الاتحاد الأوروبي لن يكون له تأثير على إدارة الأزمات في الشرق الأوسط، وأنهم مكتفون بتمويل إعادة بناء الأطلال التي تخلفها هذه السياسة المتساهلة، وكأنهم مقتنعون بضرورة حماية البيت الأبيض في الشرق الأوسط من أجل الحفاظ على الدعم الأميركي لأوكرانيا.
ولا بد -وفقا لفيليو- من الاعتراف بأن قصر النظر الإستراتيجي -الذي يعانيه الثنائي الذي يقود الاتحاد الأوروبي- مشترك على نطاق واسع بين دول القارة، وتكفي العودة إلى تسلسل الأحداث في سوريا من 2013 إلى 2015 لإدراك التكلفة الباهظة التي تكبدتها أوروبا نتيجة هذه السياسة الخاطئة.
إعلانووقتها -يقول الكاتب- كان أغلب الزعماء الأوروبيين قد قبلوا بالاكتفاء بالتفرج وتركوا الأمر للكرملين والبيت الأبيض، مع أن ذلك لم يمنع موسكو من إطلاق حملتها على أوكرانيا كما يقول الكاتب، كما لم تحمِ اتفاقية جنيف الاتحاد من موجة الهجمات الجهادية التي عصفت به بين 2014 و2016، ولم تحمِه من "أزمة اللاجئين" عندما طرد نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بشكل مباشر جزءا كبيرا من السوريين.
رهانات غزةوكان ينبغي أن تتعلم أوروبا درسين من هذا التسلسل الكارثي حسب جان بيير فيليو، وهما أولا: أن الاتحاد الأوروبي سوف تضربه بشدة تداعيات الأزمات المتكررة في الشرق الأوسط إذا لم يضطلع بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه القضية، وثانيا: أن عليه أن يعمل على ترسيخ توازن القوى في الشرق الأوسط، إذ إن ذلك سيساعده في حماية سيادة أوكرانيا.
ولم يفشل زعماء الاتحاد الأوروبي في التفكير في هذين الدرسين فحسب، بل أظهروا -وفقا لفيليو- عمى خطيرا تجاه الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، ولم يدركوا التأثير الضار الذي تخلفه انتهاكات القانون الدولي المتكررة في غزة دون عقاب على المبادئ الأساسية للبناء الأوروبي، ولم يعد السؤال الآن: هل سيمتد تأثير انتهاك القانون الدولي إلى أوروبا، ولكن متى؟
وبالفعل، بدأ هذا التأثير كما يقول الكاتب، فالمبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف هو الذي يعد في موسكو -بعد أن روج لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"- الحوار المباشر بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا، مستبعدا الأوروبيين والأوكرانيين.
وعلى الرغم من تهميشه من قبل البيت الأبيض والكرملين فيما يتصل بالقضية الأوكرانية فإن الاتحاد الأوروبي يعتقد أنه لن يدفع بسبب عدم اهتمامه بغزة ثمنا سياسيا أكبر بكثير من المال، لأن صمت الزعماء الأوروبيين في مواجهة ترامب أبلغ من ألف خطاب عن غياب الإرادة السياسية في قمة الاتحاد الأوروبي.
إعلانوختم الكاتب متسائلا: هل ينجو الاتحاد الأوروبي من تكرار الأزمة السورية بشكل أسوأ، من حيث أبعادها الأمنية والهجرة وتداعياتها في أوكرانيا؟ مشيرا إلى أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
كلينتون ينتقد نتنياهو ويتهمه باستغلال إيران للبقاء في السلطة
شددت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، على أن الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون، انتقد سياسات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صراحة، بالقول إنه يُحارب إيران ليبقى في منصبه إلى الأبد.
وأشارت الصحيفة، في تقرير أعدّه موفدها إلى الولايات المتحدة، دانيال أديلسون، إلى أنّ كلينتون كان ضيفا على البرنامج الحواري الأمريكي "ذا ديلي شو" أمس الأربعاء، احتفالًا بصدور كتاب جديد. وسُئل عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والحرب في إيران، وكذا تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، عن نفسه بأنه "صانع سلام".
وبحسب التقرير، فإنّ كلينتون قد تناول أولا ما وصفه بـ"الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، ثم انتقل إلى إيران، بالقول: "إنهم لا يتحدثون عن مفاوضات سلام في الشرق الأوسط، لأن الإسرائيليين، بقيادة نتنياهو، لا ينوون منح الفلسطينيين دولة".
وتابع: "يبدو أن ترامب يوافق على أنه لا ينبغي لهم الحصول على دولة. لكنك لا تريد كارثة أيضا"، مردفا: "لطالما أراد نتنياهو محاربة إيران، لأن هذه هي الطريقة التي سيبقى بها في منصبه إلى الأبد. لكنني أعتقد أننا بحاجة لمحاولة تهدئة الأمور؛ آمل أن يفعل الرئيس ترامب ذلك".
وأضاف: "علينا إقناع أصدقائنا في الشرق الأوسط بأننا سنقف إلى جانبهم وندافع عنهم، لكن اختيار حروب غير معلنة، حيث يكون الضحايا في الغالب مدنيين أبرياء، غير متورطين بأي شكل من الأشكال، ويريدون فقط عيش حياة طبيعية، ليس هذا هو الحل".
واسترسل كلينتون، بالقول: "لقد حاولت منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، وحققت قدرا من النجاح"، مستدركا: "هل أعتقد أنه ينبغي لنا منع إيران من امتلاك سلاح نووي؟ بالتأكيد؛ لقد جربت ذلك بنفسي، وحققنا بعض النجاح. لكن لا داعي لكل هذا القتل المتواصل للمدنيين الأبرياء العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم، والذين لا يريدون سوى فرصة للحياة".
وأشار التقرير إلى أنّ كلينتون، خلال فترة ولايته في التسعينيات، قاد سياسة "الاحتواء المزدوج تجاه إيران والعراق"، والتي سعت إلى: عزل كلا النظامين وحرمانهما من أسلحة الدمار الشامل أو زيادة نفوذهما الإقليمي. وضد طهران، كان قد وقّع أوامر تنفيذية تفرض حظرا شاملا على التجارة مع إيران، وضغط من أجل سنّ تشريعات عقوبات على إيران وليبيا.
كذلك، خلال فترة ولايته، حاول إقناع روسيا بتأجيل بناء مفاعل بوشهر النووي. فيما أبرز التقرير نفسه، أنه خلال فترة ولاية كلينتون في البيت الأبيض، لم يكن البرنامج النووي الإيراني يتضمن بعدُ منشآت تخصيب علنية، ولم تكن المعلومات المتعلقة بنطاقه متاحة للمجتمع الدولي، لذا كانت تركّز إجراءات الاحتواء بشكل أساسي على منع أي بنية تحتية مستقبلية.
وبحسب تقرير الصحيفة العبرية، فإنّ: "ادّعاء كلينتون بالقول: حقّقنا درجة ما من النجاح؛ ربما يشير إلى احتفاظ النظام بالعزلة الدولية والتأخير الجزئي للمشاريع الحساسة، ولكن في الممارسة العملية قد فشلت جهوده في منع إيران من تطوير البنية الأساسية النووية الواسعة النطاق في العقود التي تلت ذلك".