عواصف الديريتشو في أميركا تهدد ناطحات السحاب
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
تعرضت مدينة هيوستن الأميركية في منتصف العام الماضي لعاصفة رعدية غير مسبوقة من نوع العواصف الخطية، أو ما يُعرف بعواصف "الديريتشو"، تسببت في أضرار لحقت بعدد من ناطحات السحاب.
أدى ذلك إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، شملت اضطرابات مرورية كبيرة، وإغلاقا مؤقتا للعديد من الشركات، بالإضافة إلى الحاجة الملحّة لإصلاحات مكلفة.
وقد أثار هذا الأمر حيرة المهندسين، فتساءلوا: كيف يمكن لمبانٍ مصممة لتحمّل أعاصير من الفئة الرابعة أن تتعرض لأضرار جسيمة بسبب عاصفة كانت سرعة رياحها أقل بكثير؟
وقد جاءت الإجابة في نتائج دراسة حديثة نُشرت في مجلة "فرونتيرز إن بيلت إنفيرونمنت"، سلطت الضوء على تهديدات خفية تسببها أنواع معينة من العواصف دون غيرها.
تُعرف عواصف "الديريتشو" بأنها نوع من العواصف الرعدية العنيفة التي تمتد على مسافات طويلة، وتتميز برياح مستقيمة قوية وسريعة الحركة، غالبا ما تتجاوز سرعتها 90 كيلومترا في الساعة، وقد تصل إلى 120 كيلومترا في الساعة أو أكثر.
ورغم أن ولاية تكساس معتادة على الظواهر الجوية القاسية، فإن هذه العاصفة تحديدا تسببت في أضرار جسيمة بعدد من ناطحات السحاب. ووفقا للدكتورة أمل العوادي، أستاذة الهندسة في جامعة فلوريدا الدولية وأحد مؤلفي الدراسة في، بيان صحفي رسمي، فإن الرياح القوية في الديريتشو تتجه عموديا نحو الأرض قبل أن تنتشر أفقيا عند ارتطامها بالسطح، فتؤثر على المباني بطريقة مختلفة تماما عن الأعاصير التقليدية. وتزداد هذه التأثيرات حدة في المستويات السفلية لناطحات السحاب، حيث تخلق اضطرابات هوائية قوية تفوق التوقعات والمعايير الهندسية.
وكشفت الدراسة أن الأعاصير تُولّد قوى رياح مستمرة يمكن التنبؤ بها، في حين أن الرياح العمودية الناتجة عن الديريتشو تُحدث قفزات مفاجئة في الضغط، قد تتجاوز الحدود التصميمية لناطحات السحاب الحديثة.
وهذا الاختلاف الجوهري يفسّر سبب تضرر واجهات المباني في هيوستن خلال العاصفة الخطية، رغم صمودها أمام أعاصير سابقة كانت أشد قوة. وقد أسفرت العاصفة عن تحطم العديد من النوافذ، وتضرر الألواح الخارجية، بالإضافة إلى أضرار كبيرة في الزخارف المعمارية للمباني الشاهقة.
تُعرف مدينة هيوستن بلقب "مدينة الفضاء" لاحتضانها مركز جونسون الفضائي التابع لوكالة ناسا، والذي لعب دورا حاسما خلال الحقبة الذهبية لاستكشاف الفضاء في ستينيات القرن الماضي، خصوصا في مهام استكشاف القمر. وتضم المدينة أكثر من 50 ناطحة سحاب يتجاوز ارتفاعها 150 مترا.
إعلانوقد ركزت الدراسة على 5 من أبرز ناطحات السحاب في المدينة، شُيّدت بين عامي 1962 و2003 وفق معايير هندسية تضمن قدرتها على تحمل رياح تصل سرعتها إلى 67 مترا في الثانية، أي ما يعادل إعصارا من الفئة الرابعة.
ومع ذلك، فإن الرياح المصاحبة لعاصفة الديريتشو لم تتجاوز 40 مترا في الثانية. وتشير نتائج الدراسة إلى أن الأضرار تركزت في الطوابق السفلية، وكذلك في الهياكل والمجسمات الخارجية، وهي مناطق غالبا ما تكون أقل تحصينا مقارنة بالطوابق العلوية.
وأجرى الباحثون محاكاة لتأثير كل من الأعاصير والرياح العمودية باستخدام نموذج مصغر، إذ استُعين بمراوح ضخمة لإنتاج رياح بسرعات تصل إلى 70 مترا في الثانية. وأظهرت النتائج أن الرياح الهابطة تولّد قوى شفط أعلى بكثير على جوانب المباني مقارنة بالأعاصير، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على النوافذ والواجهات الخارجية.
كذلك أبرزت الدراسة تأثير التفاعل بين المباني الشاهقة المتجاورة، حيث تتسبب الرياح المنعكسة عن الهياكل المجاورة في زيادة الضغط على الجدران والنوافذ، فتؤدي إلى تفاقم الأضرار. ووفقا لعمر متولي، الباحث الرئيسي في الدراسة، فإن هذا "التأثير المزدوج" للرياح الهابطة والتداخل الهوائي بين المباني يستدعي إعادة تقييم المعايير الهندسية المعتمدة حاليا.
ومع ارتفاع درجة حرارة خليج المكسيك بمعدل يقارب ضعف المعدل العالمي، تواجه هيوستن خطرا متزايدا من الظواهر الجوية المتطرفة، من ذلك العواصف الخطية العنيفة. ويحذر الخبراء من أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى نشوء عواصف أشد قوة وأكثر تقلبا، مما يستدعي ضرورة دمج هذه المتغيرات الجديدة في معايير التخطيط العمراني والبناء المستقبلي.
وتؤكد هذه الدراسة الحاجة الملحّة إلى إعادة تقييم إستراتيجيات تعزيز مقاومة المدن للظواهر الجوية العنيفة، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل على مستوى العالم، لا سيما في المدن التي تهيمن عليها ناطحات السحاب. فمن الضروري تعديل قوانين البناء لتأخذ في الاعتبار المخاطر الفريدة التي تشكلها عواصف الديريتشو والرياح الهابطة المصاحبة لها.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ناطحات السحاب مترا فی
إقرأ أيضاً:
هاتف ترامب يتخلى عن جملة صنع في أميركا.. ما القصة؟
تغيرت الصفحة الرئيسية التي تروج لهاتف "ترامب تي 1" الجديد والتي تعد صفحة الحجز المسبق للهاتف، وذلك بعد ظهور العديد من التقارير التي شككت في الهاتف، وسجل موقع "ذا فيرج" (The Verge) التقني هذه التغيرات في تقرير خاص.
أشار التقرير إلى بداية التغييرات مع تغير جملة "صنع في أميركا" لتصبح "أميركي بكل فخر" فضلا عن إزالة كافة النصوص والإشارات إلى أن الهاتف مصنوع أو مصمم في أميركا، وهو ما أثار شكوك الخبراء منذ بداية الإعلان عن الهاتف.
وشملت التغييرات تغير بعض مواصفات الهاتف مثل الشاشة التي أصبحت الآن 6.25 بوصات بدلا من 6.75 بوصات كما كانت سابقا، وأزالت الإشارات إلى حجم الذاكرة العشوائية التي كانت تصل إلى 12 غيغابايت سابقا، وأكد الموقع أن مؤسسة ترامب رفضت التعليق على هذه التغييرات حين توجيه سؤال مباشر لها.
تأتي هذه التغييرات بعد أن نشر موقع "فايننشيال تايمز" (Financial Times) تقريرا في الأيام الماضية شكك كثيرا في مواصفات الهاتف والوعود التي يقدمها للمستخدمين، وإن كان يمكن تحقيق هذه الوعود أم أنها مجرد وعود وهمية.
أشار التقرير إلى مجموعة من الشكوك المتعلقة بمزود خدمة شبكات الهواتف المحمولة الذي تعاونت معه مؤسسة ترامب بقيادة إيرك ترامب، وهي شركة "ليبرتي موبايل وايرلس" (Liberty Mobile Wireless)، إذ تأسست الشركة في عام 2018، وهي تتخذ من شقة فارهة في برج ترامب بميامي مقرا لها.
وفضلا عن ذلك تربط السجلات العامة بين مات لوباتين مؤسس الشركة ومجموعة من المشاريع والشركات الناشئة التي تفككت كاملا في السنوات الماضية، وعندما حاولت الصحيفة التواصل مع الشركة لم تجد أي رد منها.
وتمثل شركة "ليبرتي موبايل وايرلس" ركنا أساسيا في خطة إيريك ترامب لتقديم خدمات الهواتف المحمولة، إذ تمنحها رخصة تشغيل شبكات الهواتف المحمولة الافتراضية وبدونها لن تستطيع مؤسسة ترامب توفير شبكة الهواتف المحمولة لمستخدميها.
إعلانوفي تصريح مباشر لصحيفة "فايننشال تايمز" أشار تود ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة الإلكترونيات الأميركية "بيورزيم" (Pursim) التي تصنع هواتف محمولة تركز على الخصوصية في الولايات المتحدة، إلى صعوبة صناعة هاتف محمول بالمواصفات التي يقدمها "تي 1" في الوقت الحالي.
ويذكر أن "بيورزيم" تصنع هاتف "ليبريم 5" (Librem 5) الذي تتباهى به الشركة كونه الهاتف الذكي الوحيد المصنوع كاملا في الولايات المتحدة، ورغم هذا لم تستطع الشركة منافسة "آبل" أو الشركات الصينية حتى تقديم هواتف ذات مواصفات رائدة مماثلة.
وأكد التقرير أن الاشتراطات ليحصل الهاتف على شعار صنع في أميركا رسميا من هيئة الاتصالات والتجارة الفدرالية، فإن جميع مكونات الهاتف يجب أن تكون مصنوعة داخل الولايات المتحدة، وعلى الأقل يجب أن تكون المكونات المستوردة أقل من أن تذكر.
ويرى جيف فيلدهاك، مدير الأبحاث في شركة "كاونتربوينت ريسيرش" أن مؤسسة ترامب تحتاج للموازنة بين ادعائها أن الهاتف صنع في أميركا والجدوى الاقتصادية لمثل هذا الهاتف مؤكدا، أن هذا الأمر هو مهمة صعبة للغاية لم ير أي شركة أخرى تقترب منها.