سلطت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الضوء عن التغيرات التي أحدثها استخدام طائرات الكاميكازي المسيرة على مجريات الحرب الروسية الأوكرانية، المتواصلة للعام الثالث على التوالي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد مرور ثلاث سنوات على غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، استطاعت الطائرات المسيرة تغيير فن الحرب الحديثة.



وتضيف الصحيفة أن الرقيب بودان، الذي يقود فرقة من مشغلي الطائرات المسيّرة في منطقة دونيتسك يعتقد أن الطائرات المسيرة أحدثت الفرق.

ويضيف بودان: "الأمر بسيط، نحن نستخدم الطائرات المسيّرة كما نستخدم الطلقات. لقتل جندي بسيط، يمكن أن نستخدم حتى خمس طائرات مسيّرة. في العادة، باستخدام خمس طائرات مسيرة نستطيع القضاء على الهدف، أو دفعه إلى الاختباء".

وأفاد بودان أن فريقه المؤلف من ثلاثة جنود نادرًا ما يغادر المكان طيلة العشرة أيام التي تدوم خلالها الدورة. ففي الغرفة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 10 متر مربع، تتداخل ثلاثة أسِرَّة خشبية، فوق كل واحد منها سطح عمل مغطى بالمئات من الطائرات المسيّرة، وبطارياتها، والذخائر المتفجرة المصنوعة على الطراز السوفيتي.


ويقول  أنطون، الجندي الأوكراني البالغ من العمر 23 عاما، إن "طيار الطائرات المسيّرة مثل القناص. لكنه قناص يمكنه إطلاق رصاصات متفجرة على مسافة عشرة كيلومترات وهو قادر على استهداف هدف خلف جدار أو شجرة".

في الماضي، كان تدمير دبابة في ساحة المعركة يستوجب القيام بمهمة قد تنهي حياة الجندي الحامل لقاذفة القنابل، بحيث يتعين عليه الاقتراب من الهدف والتصويب بدقة حتى يصطدم الرأس الحربي بالمركبة. اما الان تستطيع الطائرة المسيّرة الانتحارية تدمير المركبة من بعيد.

وسمحت الطائرات المسيّرة التابعة للواء 72، الذي ظل يدافع لمدة سنتين عن حصن فوهلودار المحاصر من قبل القوات الروسية، بالتصدي لقوات أكثر قوامًا وأفضل تسليحًا. ويقول مقدم يدعى هرام: "كان من المستحيل على الروس إرسال قوافل الدبابات لاختراق خطوطنا. وبحسب بياناتنا فإن 90 بالمئة من المركبات المدمرة في فوهلودار دُمرت باستخدام الطائرات المسيّرة".

صناعة تركية
وذكرت الصحيفة أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، تكيفت الهجمات الروسية مع هذا التهديد الجديد، بحيث توقفت القوات الروسية عن شن هجمات باستخدام الدبابات. ويوضح الملازم أولكسندر، الذي يعمل في منطقة كورسك، قائلا: "تدريجيًّا، قلّ عدد الدبابات وربما يعيدون تجميع صفوفهم في اللحظة الأخيرة".

وخلال الأشهر الأولى من سنة 2022، استطاعت الطائرات المسيّرة التركية من طراز "بيرقدار تي بي 2" لفت الانتباه بفضل الكفاءة التي أظهرتها في ساحة القتال.

وتتميز بيرقدار تي بي 2 بقدرتها على حمل العديد من الذخائر والبقاء في الجو لعدة ساعات، مما سمح لأوكرانيا بتوجيه ضربات قوية للجيش الروسي. لكن يتضاءل تفوق هذه الطائرات المسيّرة بشكل تدريجي تزامنا مع تعزيز موسكو لدفاعها الجوي وقدرات الحرب الإلكترونية لديها. وعليه، تركت الطائرات المسيّرة الكبيرة، التي ذاع صيتها خلال عمليات مكافحة الإرهاب في أفغانستان والشرق الأوسط أو دول الساحل،  المجال لطرازات أصغر حجما وأقل تكلفة وأكثر توافقًا مع هذا النزاع.

فيديو جوي للهواة
وأوردت الصحيفة أن الطائرات المسيرة من طراز "مافيك" المصنوعة في الصين كانت محل اهتمام الأوكرانيين في البداية. وجذب الحجم الصغير والتكلفة المنخفضة لهذه الطائرات المسيرة، التي صممت في البداية لأغراض التصوير الجوي للهواة، القوات المسلحة الأوكرانية. ولكن في سنة 2022، رصدت الخدمات الخاصة الأوكرانية إمكانات طائرة مسيرة صغيرة أخرى ذات رؤية من منظور الشخص الأول، تعمل أيضًا بأربعة مراوح صغيرة، ولكنها أقل تكلفة.

وأثبتت هذه الطائرات المسيّرة الانتحارية الصغيرة، التي يتم التحكم بها عن بُعد، أنها الحل المتبقي أمام القوات المسلحة الأوكرانية. وعليه، في نهاية سنة 2023، أعلن الرئيس زيلينسكي عن طموحه في توفير مليون طائرة مسيّرة للجيش. وفي الوقت الراهن، تستطيع أوكرانيا إنتاج ما يقارب أربعة ملايين طائرة مسيّرة سنويًا، وفقا للتقرير.


ومع ذلك، يهدد تغير الموقف الأمريكي و التهديدات التي أطلقها إيلون ماسك، صاحب شركة سبيس إكس، بقطع الوصول إلى مزوّد الإنترنت الفضائي ستارلينك، بتعرض سير العمليات للطائرات المسيّرة الأوكرانية للخطر. ويسمح نظام ستارلينك للطائرات المسيّرة المراقبة بنقل صورها بشكل فوري، مما يمكّن مراكز القيادة من تنسيق هجمات الطائرة المسيرة ذات رؤية من منظور الشخص الأول.

رحلة خطيرة
في قبو داخل مدينة إزيوم، يراجع النقيب "فوكا"، الذي يقود كتيبة من الفرقة الثالثة للهجوم، مع أحد ضباطه أفضل الطرق الممكنة للوصول إلى المواقع التي يسيطر عليها فريقه في منطقة لوهانسك.

في هذا الصدد، قال فوكا للصحيفة الفرنسية، "قبل عام، كان الإمداد أو التناوب يتم بسهولة. كانت التهديدات متأتية بشكل أساسي من المدفعية. لكن في الوقت الراهن، معظم خسائرنا من الطائرات المسيرة. الطائرات المسيّرة الروسية ترى كل شيء، حتى في الليل، فلا شيء يعيق كاميراتها الحرارية غير الضباب".

وخلال الشهر الماضي، تلقى يفهين، وهو رقيب في الفرقة الثالثة للهجوم تدريبًا على استخدام بندقية الصيد. في الأثناء، قال يفهين مبتسمًا: "الطائرة المسيرة مثل الطائر، طلقة جيدة بالبندقية وتنتهي المسألة".

ومنذ ربيع 2024، أصبح أي تقدم ضمن مسافة عشرة كيلومترات من الجبهة يعرض الجنود لهجمات الطائرات المسيرة الانتحارية التي تملأ السماء.

ويضيف يفهين: "إذا كانت المسيّرة وراءك وأنت على طريق مفتوح، فقد تتمكن من الإفلات منها. ولكن في حال تواجدها أمامك أو بجانبك، فالأمر محسوم. إما إسقاطها أو القفز من المركبة".

الأنظمة المتاحة المبتكرة
وكما هو الحال في جميع الحروب، كان على الجنود من كلا المعسكرين التكيف من أجل البقاء، بينما تتولى الأجهزة الإلكترونية الأكثر تطوراً المواجهة مع الأنظمة المتاحة المبتكرة، وفقا للتقرير.

على الطرق القريبة من خط المواجهة، أصبحت المركبات المدرعة تجهز بأقفاص مضادة للطائرات المسيرة، ولا تتحرك أي مركبة دون مشعار مثبت أعلى المدرعة.

في ختام التقرير، نوهت الصحيفة بأنه في مواجهة إجراءات المواجهة، تتطور الطائرات المسيّرة  باستمرار، مشيرة إلى أنه من أجل تجنب التشويش، يزداد التوجه نحو استخدام النماذج الموجهة عبر الكابلات.

وفي هذا الصدد يقول يفهين معربًا عن قلقه: "كل شيء يتطور بسرعة كبيرة. بعد بضعة أشهر، سنعيش في عالم شبيه بحرب النجوم!".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الكاميكازي روسيا اوكرانيا الكاميكازي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائرات المسیرة

إقرأ أيضاً:

حاملات الطائرات الصينية في المحيط الهادئ.. رسالة توسعية تقلق تايوان واليابان

قال وزير الدفاع التايواني، ويلينغتون كو، اليوم الأربعاء، إن تنفيذ حاملتي الطائرات الصينيتين عمليات متزامنة في المحيط الهادئ لأول مرة، يحمل رسالة سياسية واضحة تعكس الطموحات التوسعية لبكين. اعلان

تصريح كو جاء بعد أن أعلن وزير الدفاع الياباني، أمس، أن ظهور الحاملتين يشير إلى نية الصين توسيع قدراتها العسكرية خارج حدودها الإقليمية.

وأكد كو أن القوات المسلحة التايوانية تتابع تحركات الحاملتين بشكل دقيق، مشيرًا إلى أن عبور الصين من السلسلة الأولى من الجزر إلى السلسلة الثانية ينطوي على دلالات سياسية صريحة تعكس نزعة توسعية متزايدة. وتمتد السلسلة الأولى من الجزر من اليابان إلى تايوان والفلبين وصولًا إلى جزيرة بورنيو، في حين تشمل السلسلة الثانية مناطق أبعد في المحيط الهادئ، منها جزيرة غوام التابعة للولايات المتحدة.

Relatedالصين توسّع نفوذها البحري في المحيط الهادئ: استعراض لقدرات خفر السواحل وخطط لدوريات مشتركةالصين تطوق تايوان ومجموعة جزر نائية في مناورة عسكرية ضخمة تضم حاملات طائرات وسفن حربيةمقتل شخص وفقدان سبعة آخرين في تحطم طائرتي هليكوبتر تابعتين للبحرية اليابانية في المحيط الهادئ

من جهته اعتبر الجيش الصيني هذه التحركات بأنها تدريب روتيني لا يستهدف أي دولة أو منطقة بعينها، وتُشغّل الصين حاليًا حاملتي طائرات، بينما تخضع حاملة ثالثة لاختبارات بحرية استعدادًا لدخول الخدمة، وتراقب تايوان عن كثب التحركات العسكرية الصينية، في ظل التدريبات والمناورات المستمرة التي تجريها بكين بالقرب من الجزيرة، وتواصل تحديث قدراتها الدفاعية لمواجهة تصاعد القوة العسكرية الصينية.

وفي السياق ذاته، أعلن رئيس أركان القوات الجوية التايوانية، لي تشينغ-جان، أمام البرلمان، أن نحو 12 طائرة من أصل 66 طائرة مقاتلة من طراز F-16V، التي طلبتها تايوان من الولايات المتحدة، يُتوقع أن تصل خلال العام الجاري، على أن يتم تسليم البقية في عام 2026. وأوضح أن الجانب الأميركي عبّر عن تفاؤله خلال الاجتماع الأخير بشأن الجدول الزمني للتسليم، وأشار إلى أن أكثر من عشر طائرات ستصل قبل نهاية هذا العام.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تستمر فيه تايوان في التعبير عن قلقها حيال تأخيرات سابقة في تسليم الطائرات، التي تتميز بأنظمة تسليح ورادار وإلكترونيات طيران متطورة، مصممة لمواجهة التهديدات المتزايدة من جانب القوات الجوية الصينية، بما في ذلك مقاتلات J-20 الشبحية.

ومنذ مايو الماضي، كثّفت الصين من نشاطها العسكري البحري بإرسال عدد غير مسبوق من السفن الحربية وسفن خفر السواحل عبر مناطق واسعة من مياه شرق آسيا، وفقًا لما أفادت به وثائق أمنية ومصادر رسمية، في تحركات أثارت قلقًا متصاعدًا في عواصم المنطقة.

بدورها أكدت وزارة الدفاع اليابانية أن الحاملتين الصينيتين، "لياونينغ" و"شاندونغ"، نفذتا عمليات في منطقتين منفصلتين من المحيط الهادئ قرب جزر نائية جنوب اليابان، مضيفة أن "لياونينغ" دخلت المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان بالقرب من جزيرة "ميناميتوريشيما" الواقعة شرق "آيو جيما".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • كيف تعامل الأردن مع بدء الضربات الإسرائيلية على إيران؟
  • وكالة فارس: إيران لم تنفذ أي هجوم بالطائرات المسيّرة ضد إسرائيل
  • ما الذي حدث في إيران ؟ ولماذا لم تُطلق المضادات؟
  • سماء لبنان محاصرة... المسيّرات الإسرائيلية تُبقي البلاد تحت ضغط نفسي دائم
  • وكالة الهجرة الأمريكية تستخدم طائرات مسيرة لمراقبة متظاهري لوس أنجلوس
  • واشنطن تعلن مقتل خبيرًا حوثيًا في الطائرات المسيرة بالعراق
  • تزويد الحوثيين لشباب الصومال بالطائرات المسيرة يعيد صياغة الصراع بمنطقة القرن الأفريقي وخارجها (ترجمة خاصة
  • الجيش الأمريكي يعلن مقتل “خبير حوثي” في الطائرات المسيرة بالعراق
  • ليلة نارية في خاركيف.. تصاعد الهجمات الروسية يشعل جبهة الشمال الأوكرانية
  • حاملات الطائرات الصينية في المحيط الهادئ.. رسالة توسعية تقلق تايوان واليابان