جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@11:46:41 GMT

 معالي الوزير

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

 معالي الوزير

 

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

 

 

لا توجد دولة في العالم إلا ولديها وزراء يعملون لخدمة مصالحها ومصالح مواطنيها، وهو عمل واجب لا مجال فيه للتراخي أو التكاسل أو التخاذل، ولتحقيق ازدهار الأوطان لا بد من اختيار الوزراء الناجحين، القادرين على إيجاد التوازن بين العمل الحكومي وخدمة المواطنين، في شتى الظروف الاجتماعية، والسعي الدائم لتلبية مطالب الناس، واتخاذ القرارات الحكيمة والصائبة والرشيدة المدعومة بالرؤية المستقبلية الثاقبة بما يسهم في بناء الوطن وخدمة أفراد المجتمع.

ولا تقتصر مهام الوزير على تحقيق الأهداف الحكومية المطلوبة فحسب؛ بل ينبغي العمل الجاد على تطوير وتحسين الحياة الاجتماعية والأسرية للمواطنين، ووضع مصلحة الوطن والمواطن في عين الاعتبار، ولتحقيق ذلك النجاح، لا بد أن تتوفر في الوزير صفات معينة لبناء وطن خال من المنغصات والمعكرات، ومن أهم تلك الصفات التي ينبغي أن تتوفر في الوزير الناجح ما يلي:

أولًا: تقوى الله؛ وهي من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها، لأنها تجعله يراقب الله في كل شيء بإخلاص وتفانٍ، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اَلنّٰارَ اَلَّتِي وَقُودُهَا اَلنّٰاسُ وَاَلْحِجٰارَةُ} [البقرة: 24]. ثانيًا: القيادة الحكيمة، وهي أن يتمتع الوزير بقدرات كافية ومناسبة، وأن يكون قدوة صالحة لمن يرأسهم، قادرًا على إعدادهم وتشجيعهم على التفاني والإخلاص، والحفاظ على الأمانة، وتكريس الجهود، والعمل بروح الفريق الواحد، الذي يستطيع من خلاله خلق الكثير من التغيرات الإيجابية في بيئة العمل، بل ويلعب دورا أساسيا للوصول إلى نجاح وازدهار البلاد والعباد. قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]. ثالثًا: أن يكون مستمعًا متمكنًا ومبتسمًا لبقًا، قريبًا من الناس، ملبيًا احتياجاتهم، مستأنسًا باقتراحاتهم وأفكارهم وآرائهم، متطلعًا لمستقبلهم، فاتحًا لهم قلبه ومكتبه وجوارحه. قال الإمام علي بن أبي طالب: (مَنْ أَحْسَنَ اَلاِسْتِمَاعَ تَعَجَّلَ اَلاِنْتِفَاعَ). رابعًا: أن يكون قادرًا على إدارة وحل الأزمات والمشكلات المجتمعية، فلا يصح لمن حصل على منصب الوزير أن يكون فاشلًا أو متكاسلًا أو متخاذلًا في إدارة الأزمات، بل يجب أن تكون له القدرة الكافية على اتخاذ قرارات صحيحة ومدروسة بشكل منطقي وحيادي، مبنية على الحقائق والوقائع الواضحة التي تصب في مصلحة الجميع. خامسًا: أن يكون من أهل الخبرة في الإدارة، لضمان تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة وتفادي الوقوع في الأخطاء والخسائر التي قد تضر بالمصلحة العامة للوطن والمواطنين. سادسًا: أن يتحلى بالنزاهة والشفافية ليكون بذلك قدوة حسنة في الحفاظ على الأمانة والاستقامة، محاربًا للفساد بيد من حديد، ساعيًا لتعزيز الثقة بين الحكومة وأفراد المجتمع. سابعًا: أن يكون عادلًا وشجاعًا في قول الحق، وأن يساعد الحاكم على تحقيق العدل وليس على تثبيت السلطة فقط. قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: (أَلاَ وَإِنَّ مَنْ لاَ يَنْفَعُهُ اَلْحَقُّ يَضُرُّهُ اَلْبَاطِلُ).

وعندما تتوفر هذه الصفات والمعايير في الوزير ستكون قيادته قيادة ناجحة، قادرة على تحقيق التغيير الإيجابي والملموس في وزارته ومحل عمله، بما يخدم الوطن والمواطنين، ويسهم في بناء دولة مباركة وقوية، تطبق العدل والإنصاف على الجميع.

وفي حال عدم توافر تلك الصفات والمعايير، من المتوقع أن يُلحق الوزير ضررًا بالغًا بالمصلحة العامة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومن أبرز تلك الأضرار، إهدار الموارد المالية والبشرية، وتأخير التنمية المستدامة، وعدم تحسين معيشة الناس، وضعف تنفيذ السياسات والخطط الحكومية المنشودة والمرجوة، كما يؤثر على الخدمات العامة التي ينبغي أن تقدم للمواطنين، مما يؤثر ذلك سلبًا على سمعة ومكانة البلاد والعباد.

ختامًا.. إنَّ منصب الوزير- أيًّا كانت درجته ومكانته الاجتماعية في المجتمع- يُعد تكليفًا لا تشريفًا، وعلى من يحظى بهذا المنصب أن يدرك جيدًا دوره في خدمة الشعب وإدارة شؤونه وشؤون الدولة، وأن يكون عند حسن ظن من أوصله لهذا المنصب، مراعيًا بذلك رضا الله تعالى والناس أجمعين.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خمنوا ماذا يكون الإرهاب في نظر الحكومة البريطانية؟

في العشرين من يونيو الجاري، وقع حدث أصبح الآن مألوفا لنا ألفة مريعة، إذ قامت القوات الإسرائيلية مرة أخرى بفتح النار على فلسطينيين في موقع لتوزيع المساعدات، مما أسفر في هذه المرة عن مصرع ثلاثة وعشرين شخصا. وفي اليوم نفسه، أميط اللثام عن قيام ناشطين تابعين لجماعة بريطانية اسمها «الفعل الفلسطيني» [Palestine Action] باقتحام قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي وتشويه طائرتين عسكريتين على سبيل الاحتجاج.

قام أحد الفعلين على استعمال عمدي للعنف القاتل ضد مدنيين، وأسفر عن مصرع ثلاثة وعشرين مدنيا. والآخر لم يقم على عنف ضد كائن حي ولم يسفر عن وفيات أو إصابات. ثم أعلنت الحكومة البريطانية عزمها معاملة أحد الفعلين دون الآخر بوصفه جريمة إرهابية. فخمنوا أنتم أي الفعلين هو هذا.

تجمع المنظمات الدولية إجماعا نادر المثال على تقديرها بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب شديدة الشناعة في غزة. ففي نوفمبر من العام الماضي، توصلت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة إلى أن حملة إسرائيل في غزة تتفق مع خصائص الإبادة الجماعية. وفي ديسمبر، انتهى تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية إلى أن إسرائيل «ارتكبت وتستمر في ارتكاب إبادة جماعية». والآن نجحت سلسلة هجمات طوعية غير قانونية من إسرائيل على إيران في استدراج الولايات المتحدة إلى حرب مباشرة مع إيران، في انتهاك للقانونين الأمريكي والدولي. وفي حين أن المجازر تستمر في غزة، ينذر العنف الإسرائيلي بإطلاق شرارة صراع إقليمي بل لعله يكون صراعا كوكبيا.

وبرغم ذلك تستمر المملكة المتحدة في إمداد إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية العسكرية، وتستمر الشركات البريطانية في بيع الأسلحة الفتاكة للدولة الإسرائيلية. وفي استطلاع للرأي أجري العام الماضي، أيَّد 56% من الناخبين البريطانيين الحظر الكامل لمبيعات السلاح لإسرائيل. وفي شتى أرجاء المملكة المتحدة شارك آلاف الناس في مظاهرات أسى على ضحايا هذا الصراع مطالبين بإنهاء المذبحة.

لكن الحكومة البريطانية تصر في عناد على تأييدها لحملة إسرائيل العسكرية. ولم يسفر التظاهر الشعبي السلمي، برغم دعم غالبية الشعب له، عن أي نتائج. وفي مواجهة دعم الدولة للإبادة الجماعية، ما الذي يفترض أن يفعله أصحاب الضمائر اليقظة؟

لقد كان النشطاء الذين اقتحموا قاعدة سلاح الجو الملكي في برايز نورتن يعلمون بطبيعة الحال أن أفعالهم خارجة على القانون. فالحركات السياسية ابتداء من حركات المطالبة بحق الاقتراع للنساء، وحتى حركة حقوق المثليين والنضال ضد الفصل العنصري وغيرها من حركات المقاومة السياسية الأصيلة تتعلق دائما باختراق القانون. والأمر مثلما كتب مارتن لوثر كنج الابن من سجنه في بريمنجهام هو أن «على المرء مسؤولية أخلاقية بعصيان القوانين المجحفة». والإمداد بالأسلحة لتيسير إبادة جماعة أشد إجحافا، فهو هاوية هول أخلاقي. ومن يتحلون بقدر من الشجاعة يخول لهم انتهاك القانون احتجاجا ـ

وكثير منهم ينفذون بالفعل عقوبات حبس بسبب أفعالهم ـ يستحقون منا أقصى درجات الاحترام.

ولكن حظر منظمة بأكملها بموجب قانون الإرهاب لا يعني مقاضاة أفراد معينين بسبب تجاوزات معينة. وفي حال مضي الحكومة في ما تعتزمه من تصنيف جماعة «الفعل الفلسطيني» باعتبارها منظمة إرهابية، فإن محض الانضمام إلى الجماعة من شأنه أن يمثل جريمة. وواقع الحال هو أن محض مناصرة الجماعة بالكلمات ـ وهو ما أفعله إذ أكتب هذه السطور ـ قد يمثل هو الآخر جريمة قانونية جسيمة، عقابها في القانون قد يصل إلى الحبس لأربعة عشر عاما. والتعاملات المالية مع أعضاء في الجماعة أو أنصار لها قد يكون أيضا غير قانوني، حتى لو أن الأفراد المعنيين لم يخرجوا على القانون إلا بانتمائهم إلى حركة احتجاجية أو بتعبيرهم عن مناصرتها.

بموجب القانون في المملكة المتحدة، يحظى وزير الداخلية بحرية تصرف واسعة النطاق في حظر أي منظمة «متورطة في الإرهاب». وحتى الآن، لم يستعمل هذا الإجراء ضد الجماعات المسلحة المنخرطة إما مباشرة أو المناصرة فعليا لصراع عنيف مسلح. ولكن المهم هو أن القانون يعرف الإرهاب تعريفا غامضا بالقدر الذي يجعله ينطبق على محض إتلاف ممتلكات أو قطع أنظمة إلكترونية حتى في ظل الغياب التام لأي تهديد للحياة البشرية أو السلامة العامة.

وفي حال مضي الحكومة قدما على هذا المسار، فإن أي شخص عادي في المملكة المتحدة سيكون معرضا من الناحية النظرية للحبس لمحض تعبيره عن مناصرة لفظية لعمل غير عنيف. وبعيدا عن المبدأ الأوسع، فإن من شأن هذا أن يمثل تقييدا لحرية التعبير يبعث على القلق.

ليست جماعة الفعل الفلسطيني بجماعة مسلحة. ولم تحمل قط مسؤولية أي وفيات ولا تمثل أي تهديد للشعب. والمناهج التي تتبعها تتعلق بتخريب ممتلكات، وهذا بلا شك أمر خارج على القانون.

لكن لو أن قتل ثلاثة وعشرين مدنيا في موقع توزيع مساعدات ليس إرهابا، فكيف يكون من المتوقع أن نقبل أن يكون نثر الطلاء على طائرة إرهابا؟ لقد عجزت المظاهرات الملتزمة بالقانون حتى الآن عن إيقاف الإبادة الجماعية. ومات وأصيب أكثر من خمسين ألفا من الأطفال الأبرياء. ففي أي ظروف قد يكون العصيان المدني مبررا أكثر مما هو الآن؟

ليس بوسعي إلا أن أقول إنني معجبة بمنظمة الفعل الفلسطيني ومناصرة لها قلبا وقالبا، وسوف أبقى كذلك، سواء أصبح الأمر جريمة إرهابية أم لم يصبح كذلك.

سالي روني روائية أيرلندية أثارت اهتماما عالميا حينما رفضت ترجمة أعمالها إلى العبرية اعتراضا على سياسات إسرائيل.

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة
  • ترامب – هل يكون السودان التالي ؟!
  • هل ننتظر أن تُهدى الوزارة جائزة جديدة لا يعرف المواطن قيمتها، بينما يمشي فوق أرصفة متهالكة؟ هل نحتاج إلى لجنة دولية تذكّرنا بأن شارع الملك عبد الله الثاني يجب أن يُزيَّن لا أن يُنسى؟! نعم، شارع الملك عبد الله الثاني لا بد أن يكون: ممرًا أخضرًا بالأشجار وا
  • شاهد: بشارة بحبح : إعلان وقف إطلاق النار في غزة قد يكون خلال أيام
  • خمنوا ماذا يكون الإرهاب في نظر الحكومة البريطانية؟
  • إيران: لا ينبغي اعتبار استهداف قاعدة العديد عملا ضد قطر
  • حقيقة الإلحاح في الدعاء يكون بترديده 3 مرات فقط
  • هل ينبغي لنا أن نثق بالأسواق؟
  • توسعة مقابر جدة يا معالي الأمين
  • معالي رئيس مجلس الوزراء يدشّن استراتيجية وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة 2025-2030