عندما يذكر الخيال العلمي يذكر جون ويندهام، الذي استطاع أن يصنع لنفسه مكانة مميزة بفضل أسلوبه الفريد الذي يمزج بين الخيال العلمي والرعب والدراما الاجتماعية.

طفولة وتجارب أثرت في كتاباته

ولد جون ويندهام في 10 يوليو 1903 في إنجلترا، ونشأ في بيئة متقلبة بسبب انفصال والديه، تلقى تعليمه في مدارس داخلية، لكنه لم يظهر اهتمامًا أكاديميًا كبيرًا، مما دفعه إلى تجربة العديد من المهن قبل أن يجد شغفه في الكتابة.

 

خلال الحرب العالمية الثانية، عمل في الحكومة البريطانية، وشهد بشكل مباشر الدمار الذي خلفته الحرب، وهو ما انعكس بقوة على أعماله الأدبية التي تناولت سيناريوهات ما بعد الكوارث بواقعية مذهلة.
 

أسلوبه الأدبي: البساطة العميقة

ما يميز جون ويندهام عن غيره من كتّاب الخيال العلمي هو أسلوبه البسيط لكنه عميق التأثير، لم يكن مهتمًا فقط بالجانب العلمي، بل ركز على ردود فعل البشر تجاه الكوارث والأحداث الغامضة. غالبًا ما تدور قصصه حول شخصيات عادية تجد نفسها فجأة في عالم جديد وغير مألوف، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه جزء من القصة.

أبرز رواياته وتأثيرها

يوم الثلاثيبيدس (The Day of the Triffids) – 1951

تصور الرواية عالمًا يصاب بالعمى الجماعي بعد ظاهرة غامضة، وتهاجمه نباتات قاتلة تدعى “الثلاثيبيدس”.

 قدمت الرواية نقدًا لمجتمع ما بعد الحرب وسلطت الضوء على هشاشة الحضارة الإنسانية أمام الكوارث غير المتوقعة.

الوقواق في ميدويتش (The Midwich Cuckoos) – 1957

تتحدث عن قرية ينام سكانها ليوم كامل، ثم تستيقظ النساء ليجدن أنفسهن حوامل بأطفال خارقين ذوي قدرات عقلية مخيفة. 

ألهمت هذه الرواية فيلم الرعب الكلاسيكي قرية الملعونين، وتناول العمل مخاوف المجتمع من التطور العلمي غير المتوقع.

الكراكن يستيقظ (The Kraken Wakes) – 1953

قصة غزو فضائي غير تقليدي، حيث لا يظهر الغزاة على الإطلاق، بل يهاجمون الأرض بطرق غير مباشرة، تعكس الرواية مخاوف الحرب الباردة والخوف من المجهول.

ويندهام مقابل كتاب الخيال العلمي الآخرين

في حين ركز إسحاق أسيموف على الروبوتات والمستقبل التكنولوجي، وأرثر سي. كلارك على الفضاء والاستكشافات العلمية، كان جون ويندهام أكثر اهتمامًا بكيفية تأثير الأحداث الخيالية على المجتمع والأفراد العاديين.

 هذا ما جعله أقرب إلى جورج أورويل، الذي استخدم الأدب لاستكشاف القضايا الاجتماعية والسياسية، ولكن بأسلوب أكثر هدوءًا وأقل سوداوية.

إرثه في الأدب والسينما

رغم وفاته عام 1969، لا يزال تأثير ويندهام حاضرًا بقوة في الثقافة الشعبية. تعاد طباعة رواياته باستمرار، وتحظى باهتمام كبير من محبي الخيال العلمي.

 كما تم تحويل أعماله إلى أفلام ومسلسلات، كان آخرها إعادة إنتاج الوقواق في ميدويتش كمسلسل تلفزيوني عام 2022

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الخيال العلمي الحرب العالمية الثانية الكتابة جورج أورويل المزيد الخیال العلمی

إقرأ أيضاً:

طهران تقود ثقافة الانتصار بعقلية المستقبل

 

أخيراً، أعترف الكيان الصهيوني بانكساره وطالب بوقف لإطلاق النار بينه وبين إيران، وما دفع بنيامين نتنياهو إلى هذا الطلب بواعز أمريكي هو حجم الخسائر داخل كيانه الاستيطاني وعدم رغبة البيت الأبيض باتساع المواجهة في المنطقة.

المجتمع الاستيطاني الصهيوني كان خلال الأيام الماضية ضحية مصطلح البروباغندا الإعلامية الصهيو/ غربية، وصدق إمكانية القضاء على «الخطر الوجودي الإيراني»، لكن اتساع دائرة الدمار في الكيان الصهيوني دفع المؤسسة الأمنية والسياسية للضغط على رئيس الحكومة من أجل التراجع والطلب بوقف إطلاق النار.

هدف الكيان الصهيوني تبدل مع بدء المواجهة العسكرية وهو لم يعد مجرد ضرب المنشآت النووية، فهو يدرك أن هذا هدف بعيد المنال رغم اغتيال العلماء وتخريب الموارد. كما أن تحجيم القوة الصاروخية والقدرة الصناعية الإيرانية لن ينجح أيضًا.

ولكن الهدف الحقيقي «للصهيو أمريكي» هو الاقتصاد الإيراني: قطاع الطاقة، والصناعات البتروكيمياوية، والغازية، والفولاذ وغيرها – وهي مفاصل قوة الدولة الإيرانية ومصادر تماسكها. ولذلك فإن نتنياهو، ومن يشاركه أمريكيًا وأوروبيًا، سعوا إلى إسقاط النظام السياسي في طهران واستبداله بنظام جديد عميل لهم.

ولكن ما أربك هذا المخطط هو إدراك الإيرانيين، بمن فيهم المعارضون الوطنيون في الداخل والخارج، أن بلادهم أصبحت هدفًا لحرب شاملة تهدد وجودهم، واقتصادهم، ومستقبل أجيالهم. لذا فإنهم أكدوا على أن التماسك الداخلي في ظل العدوان قد يعزز بدل أن يتفكك، وهو ما أفرغ استراتيجية «التمرد الداخلي» الذي سعى إليها أعداء إيران من مضمونها.

ينظر البعض لمفهوم «النصر» بشكل سطحي كمجرد تحقيق هدف مادي محدد دون النظر للسياق والملابسات المحيطة به. لكن هناك رؤية أعمق ينبغي أن تأخذ في الاعتبار معايير نسبية لتقييم النتيجة المادية، وكذلك البعد المعنوي المتمثل في تجسيد قيم العزيمة والمثابرة.

ينبغي علينا إذن أن ننظر لمفهوم النصر الإيراني في هذه الجولة بعمق، من خلال منظوريه المادي – حسب معايير نسبية وليست مطلقة – فضلا عن المنظور المعنوي.

ولكن من صنع الانتصار المزدوج، ومن دافع عن الهزيمة وتضرر منها؟

التاريخ وحده سيجيب عن كل الأسئلة التي تطرح وستطرح الآن وفي المستقبل، والتاريخ وحده سيسجل الحقيقة كما هي وسيفرز الناس، بين الذين صمدوا وتصدوا بشجاعة دفاعًا عن بلادهم، وأولئك الخونة الذين غدروا وطعنوا بوطنهم في الظهر قبل وخلال العدوان، وتحالفوا مع أعدائهم وتجار الموت والدمار والحروب. ‏

قريبًا ستفتح صفحات التاريخ.. ولن يمر وقت حتى نقرأ الحقائق كما هي دون «رُتوش» أو تحريف أو تزوير، ألسنا في زمن التزوير والزيف والأكاذيب الإعلامية، الغربية والعربية؟ ‏

اليوم يحق للشعب الإيراني المجاهرة بمشاعر الفخر والعزة والكرامة رغم الخسائر البشرية والمادية، وهو يتذكر بطولات جيشه الذي سجل بدمائه الزكية وبصبره وجهاده أنصع صورة في التاريخ الحديث والمعاصر، فهو لم يقهر جيشًا ­ قيل عنه لا يُقهر­ بل واجه قوة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية أيضًا واجبرها على إعادة قراءة الوقائع على الأرض بعيدًا عن الأوهام والأحلام. ‏

النصر العسكري الإيراني على أهميته البالغة في الجولة الأولى، ليس إلاّ الشق الميداني المباشر من النصر الكبير عندما تبدأ هذه الدولة الإقليمية العظمى في الاستمرار ببناء دولة ذات ثوابت سيادية واجتماعية واقتصادية ومستقبلية، بناء الدولة أو إعادة بناءها أمر في غاية الصعوبة، وببساطة لكي تبني دولة يجب أن تفكر بعقل المنتصر، وعقل المنتصر دائما مشغول بالبناء والمحتوى والتقدم للأمام، وليس مشغولا بالأوهام أو لوم الذات أو التقليل من شأن ذاته أو الخضوع للإملاءات، بل هو موجه داخليًا لتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات، فهو مشغول طول الوقت بالانتصار للمستقبل.

أما الشق الثاني الذي قد يفوقه أهمية، فهو الشق السياسي والمتمثل في تراجع المشروع الأمريكي الخطير المعدّ في كواليس إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والدولة العميقة، والمعروف باسم مشروع «الشرق الأوسط الجديد». ‏

ليست هذه استنتاجاتنا وتحليلاتنا، بل هي اعترافات صريحة من قبل المهزومين أنفسهم.‏ فالإعلام الصهيوني، كما الأمريكي، اعترف بالفشل علنًا، وكل من يكابر ويرفض سماع هذه الاعترافات فهو كمن يغمض عينيه ويسير نحو المجهول. ‏

وهنا يمكننا التأكيد على الهزيمة العسكرية التي اصابت الكيان الصهيوني وجيشها من جهة، والهزيمة السياسية للإدارة الأمريكية التي لها نصيب من الهزيمة العسكرية، هي من كان يمنع أي قرار بوقف إطلاق النار بوهم أن «إسرائيل» ستنتصر، وهي التي نقلت الأسلحة الذكية والغبية والمحرّمة دولياً، لظنها أن الكيان الصهيوني قادر على أن يكون القابلة القانونية لتوليد «الشرق الأوسط الجديد» من رحم الدمار والموت والدم في فلسطين ولبنان وسوريا. ‏

وبما أن نصف «الهزيمة» كان مزدوجًا (إسرائيليًا وأمريكيًا)، فالنصر الإيراني كان مزدوجًا بدوره ويسجل بأحرف من نور ونار ودم في سِفر التاريخ، وسيظل مفخرة للمنطقة. ‏وغدًا سنرى من نصّب نفسه محامياً للشيطان ورافضًا الاعتراف بنصر إيران وهزيمة العدوان والمشروع الأمريكي­ الصهيوني. ‏وعندما جاء «نصر الله والفتح» لن يعترف أصحاب «ثقافة الهزيمة» به، بل سيعتبروه كارثة ستحل بالمنطقة ‏ «فللمهزوم ثقافته كما للمنتصر ثقافته» كم قال الإمبراطور والفيلسوف الروماني ماركوس أوريليوس في كتابه الشهير «التأملات».

تقودنا هذه الظاهرة إلى فهم أعمق لكيفية تحول الذاكرة الجماعية الإيرانية خلال العدوان عليها إلى أداة حياة، تُستخدم لإعادة كتابة التاريخ، وصياغة الحاضر، وتوجيه المستقبل، تحت راية “النصر” أو “الشهادة”.

* صحافي وكاتب سوري.

مقالات مشابهة

  • طهران تقود ثقافة الانتصار بعقلية المستقبل
  • حراك إسقاط الحكومة: الرواية الرسمية حول سقوط المريمي لا تتماشى مع التقرير الطبي
  • 31 الجاري آخر موعد للتسجيل ببرنامج «استشعار المستقبل»
  • رائد العيد : الـلايك أصبح الأفيون الرقمي للإنسان المعاصر
  • نقابة الصيادلة: مهيدات يقود المؤسسة العامة للغذاء والدواء بنهج مؤسسي رائد يعكس الرؤية الملكية في قطاع الدواء
  • وثائقي غزة: أطباء تحت النار.. القناة 4 تكسر احتكار الرواية الإسرائيلية ببريطانيا
  • رائد السياحة البيئية في مصر: منعنا الغوص والتعري لحماية الشعاب واحترام القيم
  • «صندوق خليفة» يطلق برنامج «رائد أعمال المستقبل»
  • «الإمارات للبيئة» تدعم الاقتصاد الدائري بحوار رائد عن تثمين النفايات
  • هاتف رائد بسعر منافس.. إليك أهم مواصفات Nothing Phone (3)