عمالقة التكنولوجيا يقودون الأسواق العالمية في تسارع
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
تعرض السوق الأمريكي لخسائر كبيرة في نهاية شهر فبراير، حيث تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.4%، كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي 30 بنسبة 1.6%. أما الخسارة الأكبر فقد كانت في مؤشر ناسداك 100، الذي تهيمن عليه شركات التكنولوجيا العملاقة، حيث سجل خسارة بحوالي 4%، وكانت هذه أكبر خسارة شهرية له منذ أبريل 2024.
وتُعد المرحلة المقبلة مهمة لكل من الشركات والمستثمرين، إذ قد نشهد توجهًا نحو الأسهم الدفاعية كوسيلة لتنويع المحافظ الاستثمارية، نظرًا لأن الطلب على منتجات هذه الشركات يبقى قويًا في أوقات عدم اليقين، وأثناء فترات الركود، وحتى خلال فترات النمو القوي.
في المقابل، سيحاول المستثمرون إيجاد توازن في استثماراتهم مع شركات التكنولوجيا العملاقة، عبر اللجوء أكثر إلى أسهم الشركات الممتازة، خاصة بعد اتضاح الرؤية حول الاستثمارات والتوسعات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وظهرت تقارير من كبرى البنوك الأمريكية تحذر من احتمالية تراجعات حادة في السوق، من بينها تقرير بنك أوف أمريكا، الذي أشار إلى أن أسهم التكنولوجيا دخلت مرحلة فقاعة تفوق فقاعة دوت كوم. كما أوضح التقرير أن أكبر خمس شركات تكنولوجية تشكل أكثر من ربع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، مما يعزز المخاوف من حدوث تصحيحات عنيفة في السوق.
ورغم هذه المخاوف، فإننا نشهد تسارعًا كبيرًا في الأحداث العالمية وتقلبات مستمرة في الأسواق المالية، مما يجعل البنوك المركزية في حالة ترقب واستعداد لاتخاذ الإجراءات المناسبة عند الحاجة. ومن الجدير بالذكر أن هذه البنوك اكتسبت خبرة واسعة في التعامل مع الأزمات المالية، خاصة بعد مرورها بعدة أزمات كبرى، كان أبرزها أزمة كورونا، التي شكلت اختبارًا حقيقيًا لمرونة السياسات النقدية. وسنتطرق خلال هذا المقال لعوامل مهمة وأساسية تساعدنا في قراءة الحركة المتسارعة والمتقلبة للأسواق العالمية
العظماء السبعة
ويتميز السوق الأمريكي بوجود شركات عملاقة قيمتها السوقية تقدر بتريليونات الدولارات، وأبرزها ما يعرف بـ«العظماء السبعة» وهي: آبل، وأمازون، والفابت، وميتا، ومايكروسوفت، وإنفيديا وتسلا. وسط تنافس مستمر بين آبل وإنفيديا ومايكروسوفت على لقب أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية.
وتكمن أهمية هذه الشركات السبعة في أن أي حركة قوية على أسهمها باتت تؤثر بشكل كبير على السوق بشكل عام، خصوصا مع ضخامة قيمتها السوقية.
ولكل شركة من هذه المجموعة تحدياتها الخاصة، ولكن تبقى إنفيديا وتسلا الأكثر تقلبًا بين شركات العظماء السبعة. وبالنسبة الى تسلا، فقد تجاوز النظر إليها كمجرد كشركة سيارات كهربائية وباتت تُحسب كمطور مهم في مجال الذكاء الاصطناعي، مما جعل سهمها يتأثر بأخبار الذكاء الاصطناعي، كما تلعب شخصية أيلون ماسك دورًا كبيرًا في حركة السهم من خلال التصريحات الكثيرة التي يطلقها بين الحين والآخر بشأن مشاريعه المستقبلية على عدة جبهات، فأي عرض استحواذ من ايلون ماسك بالمليارات على سبيل المثال، يقرأها السوق أحيانًا بمزيد من البيع على أسهم تسلا من أجل الحصول على التمويل اللازم، وإذا حصل بعدها تراجع عن عرض الشراء نعود ونرى تقلبات حادة في السهم. ويلعب سهم تسلا الدور الأول في ارتفاع ثروة أيلون ماسك خصوصا أنه يملك نسبة 13 في المائة من الشركة، وهو السبب في حصوله على لقب أغنى شخص في العالم.
كما يتأثر سهم تسلا بطريقة إدارة ماسك لشركاته، خاصة أن الجميع يعرف أنه يعتمد على نفسه في المقام الأول لإدارتها، ويتدخل في أصغر التفاصيل، وهو السبب الذي عرض سهم تسلا مؤخرًا لموجة بيع قوية وسط تساؤل المستثمرين حول إمكانية ماسك توفير الوقت اللازم للاهتمام بكل شركة على حدة.
سوق الذهب والفضة
ومن المهم الإشارة أيضًا إلى أهمية الذهب بالنسبة للبنوك المركزية في العالم، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في دعم أسعار المعدن الأصفر. وعلى الرغم من أن الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا لا تهتم كثيرًا بزيادة مخزوناتها من الذهب، التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ سنوات طويلة، فإن الصين – ثاني أكبر اقتصاد في العالم – زادت بشكل ملحوظ من مخزوناتها من الذهب على مدى السنوات الأخيرة بهدف التنويع.
يُذكر أن الصين تمتلك أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي في العالم، التي تصل إلى حوالي 3.5 تريليون دولار، ولكن احتياطي الذهب لا يمثل سوى نسبة بسيطة لا تتعدى 7% من إجمالي الاحتياطي.
وعند الحديث عن العلاقة التاريخية بين أسعار الذهب والفضة، نتطرق دائمًا إلى رقم مهم جدًا، وهو نسبة الذهب إلى الفضة. يتم الحصول على هذا الرقم بقسمة سعر أونصة الذهب على سعر أونصة الفضة. فمثلًا، إذا كان سعر الذهب عند 2750 دولارًا وسعر الفضة عند 32 دولارًا، فإن النسبة تكون حوالي 86. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنك بحاجة إلى 86 أونصة من الفضة لشراء أونصة واحدة من الذهب.
وفي عام 2011، عندما سجلت أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية، بلغ سعر الذهب 1920 دولارًا بينما وصل سعر الفضة إلى حوالي 50 دولارًا، وذلك بفارق عدة أشهر بين القمتين. فمثلًا، كانت أسعار الفضة تتجاوز 40 دولارًا عندما كان سعر الذهب عند حوالي 1600 دولار، بينما شهدنا في الفترة الأخيرة سعر 34 دولارًا للفضة مع 2900 دولار وما فوق للذهب. وهذا يشير إلى مدى تدهور سعر أونصة الفضة مقابل سعر أونصة الذهب.
الدولار الأمريكي
ويبقى سعر صرف الدولار مقابل الين الياباني الأكثر تقلبًا بين جميع العملات الرئيسية. وعلى الرغم من أن اليورو يمثل النسبة الأكبر في مؤشر الدولار – الذي يقيس قوة الدولار مقابل ست عملات رئيسة هي: اليورو، الين الياباني، الجنيه الاسترليني، الدولار الكندي، الفرنك السويسري، والكرونة السويدية – إلا أن الين الياباني يظل العملة الأكثر تقلبًا بينها. فقد شهد على مدار السنوات الماضية ارتفاعات حادة كما تعرض أيضًا لتراجعات عنيفة.
وسيظل الين الياباني تحت الأنظار في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل ما ستؤول إليه حركة التجارة العالمية في ظل حرب التعريفات الجمركية. وقد كانت اليابان في السابق تُعرف بأنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، إلا أنها فقدت هذا اللقب لصالح الاقتصاد الصيني، الذي شهد تألقًا كبيرًا على مدى العشرين عامًا الماضية، مقابل حالة الجمود الاقتصادي التي أصابت اليابان بعد انفجار فقاعة الأصول في عام 1992. فقد بلغت أسعار الأسهم والعقارات هناك مستويات تاريخية، مما أدى إلى تكوين فقاعة سعرية بين عامي 1986 و1991.
يولي بنك اليابان اهتمامًا خاصًا بمعدل سعر الصرف، حيث كان يتدخل عند الارتفاعات القوية للين بهدف حماية الصادرات اليابانية، وخصوصًا شركات السيارات والإلكترونيات. كما شهدنا في المرحلة السابقة تدخلات من البنك المركزي بعد التراجعات الحادة للين، التي أضرت بشكل كبير بالواردات، خاصة أن اليابان تستورد يوميًا أكثر من 2.3 مليون برميل من النفط الخام.
أما فيما يخص سعر اليورو مقابل الدولار، فسيكون من المهم متابعة التطورات الاقتصادية لمعرفة ما إذا كانت مشكلة الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا ستؤثر على معدلات النمو في منطقة اليورو.
جو الهوا محلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الین الیابانی فی العالم سعر أونصة دولار ا
إقرأ أيضاً:
التصعيد الإيراني الإسرائيلي يضع الأسواق العالمية في حالة ترقّب ويُدخِل المستثمرين في حالة تأهّب
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل وضع الأسواق العالمية في حالة ترقب، مع مخاوف من تدخل أميركي مباشر قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط. اعلان
في ظل التصعيد العسكري المتسارع بين إيران وإسرائيل، أصبح المستثمرون العالميون على أهبة الاستعداد، متأهبين لاحتمالات تدخل عسكري مباشر من الولايات المتحدة وما قد ينجم عنه من ارتدادات عميقة على الأسواق العالمية، ولا سيما في قطاع الطاقة.
فقد دفع تبادل الضربات الصاروخية بين طهران وتل أبيب المستثمرين إلى إعادة حساباتهم، وسط مؤشرات على أن واشنطن قد تنضم قريباً إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية. وأكدت البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتخذ قرارًا بشأن التدخل الأميركي خلال الأسبوعين المقبلين.
وفي الوقت الذي قفزت فيه أسعار النفط الخام الأميركي بنحو 10% خلال أسبوع، لم تظهر مؤشرات فورية على اضطراب كبير في أسواق الأسهم الأميركية، حيث استقر مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بعد تراجع أولي أعقب بدء الهجمات الإسرائيلية.
لكن المحللين يحذرون من أن الأمور قد تتبدل جذريًا إذا استهدفت الهجمات المنشآت النفطية الإيرانية. وقال آرت هوغان، كبير محللي السوق في شركة "بي رايلي ويلث"، إن "أي اضطراب فعلي في الإمدادات سيغير المعادلة كليًا ويؤثر بشكل كبير على الأسعار".
ووفقًا لتحليل أعدته "أوكسفورد إيكونوميكس"، فإن السيناريوهات المحتملة تتراوح بين تهدئة النزاع، وتوقف كامل لإنتاج النفط الإيراني، وإغلاق مضيق هرمز، وهو ما سيُحدث آثارًا متصاعدة على أسعار الطاقة عالمياً. وفي أسوأ الحالات، قد يقفز سعر البرميل إلى 130 دولارًا، ما قد يرفع معدل التضخم الأميركي إلى نحو 6% بنهاية العام.
Related حيفا في مرمى صواريخ إيران.. ماذا نعرف عن مركز الثقل الاقتصادي والعسكري لإسرائيل؟شبهه بهتلر.. أردوغان يشن هجوماً غير مسبوق على نتنياهو ويؤكد: النصر سيكون حليف إيران صواريخ لم تُستخدم بعد: تعرّف على تفاصيل الترسانة الإيرانية "الفتّاكة"هذا الارتفاع في الأسعار، بحسب الخبراء، قد يضعف القدرة الشرائية للمستهلك الأميركي ويقضي على أي احتمال لخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، ما قد يؤدي إلى عمليات بيع كبيرة في أسواق الأسهم، مقابل تعزيز لمكانة الدولار كملاذ آمن.
النفط أول المتأثرين... فهل تتسع دائرة الارتدادات؟
الانعكاسات الفورية للأزمة ظهرت بوضوح في سوق النفط، حيث ارتفع خام برنت بنسبة 18% منذ 10 حزيران، ليبلغ أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر عند 79.04 دولارًا. في المقابل، ظلت أسواق الأسهم والسندات في حالة ترقب، لكن المخاوف من مزيد من الارتفاع في أسعار الطاقة بدأت تتسلل إليها.
وكتب محللو "سيتي غروب" أن "الأسواق تجاهلت إلى حد كبير التوترات الجيوسياسية، لكن أسواق النفط باتت تُسعّرها بدقة". وأضافوا: "تأثير ذلك على الأسهم يعتمد الآن على اتجاه أسعار الطاقة".
أسواق الأسهم: هدوء حذر وتاريخ يعيد نفسه
رغم الضغوط المتزايدة، حافظت الأسهم الأميركية حتى الآن على تماسك نسبي. إلا أن تصاعداً مباشراً في تورط واشنطن عسكريًا قد يدفع المستثمرين إلى التراجع مؤقتاً. ومع ذلك، تُشير البيانات التاريخية إلى أن هذا النوع من التراجعات غالبًا ما يكون قصير الأجل.
ففي حالات سابقة، مثل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 أو الهجمات على منشآت النفط السعودية عام 2019، سجل مؤشر "S&P 500" انخفاضًا متوسطه 0.3% في الأسابيع الثلاثة الأولى، لكنه عاد للارتفاع بمعدل 2.3% بعد شهرين، وفقًا لبيانات من "ويدبوش سيكيوريتيز" و"كاب آي كيو برو".
الدولار الأميركي بين الاستفادة والضغط طويل الأمد
أما بالنسبة للدولار، فقد يكون أول المستفيدين من تصاعد التوتر بفضل الطلب عليه كملاذ آمن، رغم تراجعه منذ مطلع العام بفعل مخاوف حول تراجع الريادة الاقتصادية الأميركية.
لكن محللي "ماكواري غروب" يرون أن أي تدخل عسكري أميركي قد يضعف العملة الخضراء على المدى الطويل، لا سيما إذا اقترن بمرحلة جديدة من "إعادة بناء الدول"، كما حدث بعد هجمات 11 أيلول وما تلاها من تدخل أميركي في أفغانستان والعراق.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة