الثورة / متابعات

تلقي طموحات اليمين الإسرائيلي المتطرف طويلة المدى في غزة بظلالها على التدخلات الأمريكية الفورية في الشرق الأوسط وتخيم على سياسات الرئيس دونالد ترامب.

وأبرزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن ما نشره ترامب في نهاية الشهر الماضي، من مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن غزة، أثار صدمة العالم.

وقد كان المقطع القصير الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر إنشاء ما وصفه الرئيس نفسه بـ “ريفييرا الشرق الأوسط” — واقع بديل حيث تم إخلاء قطاع غزة ليس فقط من أنقاضه وركامه، ولكن أيضًا من سكانه الفلسطينيين.

وعرض الفيديو استبدال سكان غزة بناطحات سحاب متألقة، ومراكز تسوق فاخرة، وشواطئ مليئة بالسياح تحت ظلال اليخوت الضخمة، وترامب نفسه مستمتعًا بصدر عارٍ إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدا سعيدًا بنفس القدر وبالهيئة ذاتها.

وبحسب الصحفية، كان الفيديو “ساخرًا” وفقًا لما قيل، لكنه سلط الضوء على طموح ترامب المعلن، فهو يريد السيطرة على الأراضي التي دمرتها الحرب وإخلاء سكانها البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص إلى أماكن أخرى.

وتماشيًا مع رغبات السياسيين في اليمين الإسرائيلي، لمح ترامب إلى أن الفلسطينيين النازحين قد لا يُسمح لهم بالعودة إلى وطنهم.

وقالت الصحيفة إن هذه الرؤية الراديكالية تلقي بظلالها على التدخلات الأكثر إلحاحًا لإدارة ترامب في الشرق الأوسط.

وكان وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قد استضاف الأسبوع الماضي وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وهو أحد أبرز دعاة التوسع الاستيطاني وضم الأراضي الفلسطينية، والذي كانت الإدارة السابقة قد نبذته.

ولم تكن مناقشاتهما حول التعاون الاقتصادي هي الأهم، بل كان رمز اللقاء أكثر دلالة على شخصية دعت مرارًا إلى تدمير غزة وطرد سكانها، والذي كانت إدارة بايدن تفكر في فرض عقوبات عليه لدوره في تأجيج العنف في الضفة الغربية، بات مرحبًا به في واشنطن.

وأشاد سموتريتش بقرار ترامب إلغاء العقوبات التي فرضها بايدن على الجماعات الاستيطانية اليمينية المتطرفة، وأعرب عن دعمه لدعوات ترامب لإخلاء الفلسطينيين من غزة.

وقال لصحيفة جيروزاليم بوست: “خطة الرئيس ترامب تدخل مراحلها العملية. إنهم يبحثون عن دول مضيفة، والعملية قيد التنفيذ. لن يحدث هذا بين عشية وضحاها، لكنه يمثل تفكيرًا خارج الصندوق.”

لكن هذا التفكير “خارج الصندوق” يظل غير مقبول تمامًا من قبل الفلسطينيين والدول العربية، الذين يخشون أن يمثل التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة نكبة جديدة لمجتمع لا يزال يعاني من فقدان وطنه الأصلي وقراه في ما يُعرف الآن بإسرائيل.

رفض الخطة العربية

طرحت الدول العربية في قمة القاهرة التي انعقدت قبل أيام خطة رئيسية لإعادة إعمار غزة، تتضمن توفير ملاجئ مؤقتة آمنة لسكان القطاع كمرحلة أولى من عملية إعادة بناء تستمر لسنوات.

وتدعو الخطة إلى تشكيل هيئة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط لإدارة غزة، كجزء من تسوية سياسية أوسع تسمح بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

لكن إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية رفضتا الخطة، نتنياهو وحلفاؤه غير مهتمين بأي حديث عن تقرير المصير الفلسطيني، ويفكرون في إنهاء الهدنة الهشة لاستئناف حرب الإبادة على غزة.

وعلى الرغم من الدعوات الدولية للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فرضت دولة الاحتلال قيودًا على المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة، حيث دُمرت معظم البنية التحتية المدنية، وتم القضاء على الخدمات الأساسية، وقُتل عشرات الآلاف من المدنيين بسبب القصف الإسرائيلي.

وقال المتحدث باسم نتنياهو عومر دوستري، هذا الأسبوع إن الحكومة الإسرائيلية “لا تستبعد إمكانية قطع المياه والكهرباء عن غزة.”

من جانبها، أعربت إدارة ترامب عن عدم رضاها عن عدم وضوح الخطة العربية بشأن ترتيبات الوضع التالي في غزة، لكنها أيضًا مقتنعة بأن سكان غزة يجب أن يغادروا.

وزعم المتحدث باسم مجلس الأمن القومي براين هيوز للصحفيين: “المقترح الحالي لا يعالج الواقع بأن غزة لم تعد صالحة للسكن، ولا يمكن لسكانها العيش بكرامة في أرض مغطاة بالركام والذخائر غير المنفجرة.”

وأضاف: “الرئيس ترامب متمسك برؤيته لإعادة بناء غزة خالية من فصائل المقاومة، نحن نتطلع إلى مزيد من المحادثات لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة.”

وبينما كانت التقارير تشير إلى انخراط الولايات المتحدة في محادثات مباشرة مع ممثلي حركة حماس في الدوحة – قطر، ضمن جهود لإدارة المرحلة التالية من الهدنة، لجأ ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق تهديدات جديدة بالعنف.

وكتب مخاطبًا قادة حماس: “هذه تحذيركم الأخير! لمن هم في القيادة، الآن هو الوقت المناسب لمغادرة غزة، بينما لا تزال لديكم فرصة.”

كما وجه تهديدًا مباشرًا إلى سكان غزة:“إلى شعب غزة: مستقبل جميل ينتظركم، لكن ليس إذا احتجزتم الرهائن. إن فعلتم، فأنتم أموات!”

وفي مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، لم يستبعد ترامب إمكانية تنفيذ ضربات جوية أمريكية-إسرائيلية مشتركة على غزة.

ويحذر المسؤولون الإنسانيون من أن استئناف العمليات العسكرية لن يؤدي إلا إلى المزيد من المعاناة الفلسطينية الكارثية.

تصعيد في الضفة

يرى سياسيون إسرائيليون مثل سموتريتش أن جميع سكان غزة يمثلون تهديدًا، ورؤيتهم لا تختلف كثيرا بالنسبة للضفة الغربية المحتلة.

إذ بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية غير المستقرة لتحقيق الاستقرار في غزة، شنت القوات الإسرائيلية، وبتشجيع من اليمين المتطرف، حملة قمع شاملة في الضفة الغربية، تحت ذريعة التصدي لتزايد النشاط الفلسطيني المسلح في بعض المناطق.

وذكرت تقارير أن 40,000 فلسطيني قد نزحوا من مناطق سكنهم في الضفة الغربية خلال الشهرين الماضيين بسبب هذه الحملة، والتي اعتبرها كثيرون غير متناسبة مع التهديد الفعلي.

وفي الشهر الماضي، أطلق سموتريتش تحذيرًا قاسيًا للفلسطينيين في الضفة الغربية، قائلاً إن مدنهم وبلداتهم قد تواجه مصير غزة إذا استمرت المقاومة المسلحة.

وقال الوزير الإسرائيلي المتطرف بوضوح مستفيدا من دعم واشنطن: “إن الضفة الغربية أيضًا ستصبح أنقاضًا غير صالحة للسكن، وسيُجبر سكانها على الهجرة والبحث عن حياة جديدة في بلدان أخرى.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة سکان غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

بغداد تتحضر لاستضافة القمة العربية.. ما خطة تأمينها؟

بغداد- مع اقتراب موعد 17 مايو/أيار الجاري، تتأهب العاصمة العراقية بغداد لاستقبال وفود من 21 دولة عربية، للمشاركة بالقمة الـ34 لمجلس جامعة الدول العربية.

ويتزامن الاجتماع مع تحديات إقليمية ودولية غير عادية، مما يضاعف من أهميته الإستراتيجية في مناقشة القضايا المصيرية التي تواجه الأمة العربية.

وفي هذا السياق، تتخذ الحكومة العراقية وكافة الأجهزة الأمنية المعنية إجراءات استثنائية لضمان نجاح هذا الحدث، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للوفود المشاركة، حيث أعلنت قيادة عمليات بغداد أنها وضعت خطة أمنية "مرنة وقابلة للتعديل".

التميمي أكد على جاهزية جميع الخطط الأمنية بما في ذلك خطط الطوارئ (مواقع التواصل) دون مظاهر مسلحة

قال قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد التميمي للجزيرة نت إن "الخطة الأمنية التي تم تطويرها بالتنسيق الوثيق مع وزارة الداخلية، ترتكز بشكل أساسي على الجهود الاستخبارية والتقنية المتقدمة، بالإضافة إلى تعزيز الانتشار الأمني المدروس".

وشدد على أن الخطة تولي اهتماما خاصا بتأمين جميع الوفود دون أية مظاهر مسلحة، بهدف إظهار الوجه الحضاري للعراق وتوفير بيئة آمنة ومريحة للمشاركين.

وأضاف أن الخطة الشاملة تتضمن تأمينا دقيقا لمطار بغداد الدولي من الداخل والخارج، إضافة لتأمين أطراف العاصمة ومداخلها، وكافة طرق تنقل الوفود وأماكن إقامتهم، مشددا على أنه لن يكون هناك أي حالات حظر للتجوال وستكون هناك انسيابية اعتيادية في حركة المواطنين.

إعلان

وأشار إلى أن القطاعات المشتركة المكلفة بتنفيذ الخطة تتألف من وحدات تابعة لقيادة عمليات بغداد من وزارتي الداخلية والدفاع، بالإضافة إلى عناصر تعزيز إضافية من الوزارتين لضمان أعلى مستويات التأمين.

وأكد الفريق الركن التميمي على جاهزية جميع الخطط الأمنية، بما في ذلك خطط الطوارئ المعدة للتعامل مع أي مستجدات محتملة، مشددا على التنسيق العالي بين جميع الأجهزة الأمنية، لضمان سير أعمال القمة بنجاح وأمان.

تحديات

من جانبه، أكد الخبير الأمني اللواء الركن المتقاعد عماد علو، أن تأمين الاتصالات ومحيط تحركات زعماء الدول يمثل أبرز التحديات التي تواجه الخطة الأمنية لتأمين القمة العربية المرتقبة في بغداد.

وقال علو للجزيرة نت إن "الأجهزة الأمنية العراقية والحكومة -من خلال اللجنة المشكلة برئاسة وزير الداخلية الفريق الأول الركن عبد الأمير الشمري- تعمل على قدم وساق لتأمين أعمال القمة"، منوها إلى أن ذلك يشمل التنسيق الأمني والاستخباري المكثف مع نظرائهم في الدول العربية، لتبادل المعلومات المتيسرة وتقييم الاحتياجات الأمنية واللوجستية اللازمة.

وأشار إلى أن العراق يمتلك خبرة واسعة ومعلومات استخبارية معمقة، بخصوص أية تهديدات محتملة قد تستهدف أعمال القمة العربية، وأن لديه تجارب سابقة في استضافة أحداث مهمة كهذه.

إجراءات أمنية دون مظاهر مسلحة لتأمين القمة العربية في بغداد (الجزيرة)

ويُعد هذا الحدث استكمالا لمسيرة استضافات العراق للقمم العربية، والتي بدأت عام 1978، وتلتها قمتان في عامي 1990 و2012، ومن المقرر أن يتولى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد رئاسة هذه الدورة المهمة.

وأكد الخبير الأمني وجود جهود استخبارية كبيرة بالتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية العراقية، بما في ذلك جهاز المخابرات، والاستخبارات العسكرية، والأمن الوطني، واستخبارات الحشد الشعبي، والشرطة الاتحادية، لضمان تبادل وتقاطع المعلومات بشكل فعال من خلال منظومة التنسيق الاستخباري والأمني الموجودة في البلاد.

إعلان

ولفت إلى أن من بين التحديات المهمة التي تواجه عمليات التنسيق الأمني لتأمين القمة، ما يتعلق بضمان فعالية واستمرار منظومة الاتصالات لتبادل المعلومات والإبلاغ عن أي خروقات أمنية، وتأمين تنقل الوفود من المطار إلى مقار الإقامة والاجتماعات، وتوفير الدعم والمتطلبات اللوجستية لأعضاء الوفود القادمين قبل وأثناء وبعد انتهاء أعمال المؤتمر.

وأكد على أهمية تأمين المنطقة الجغرافية التي ستشهد فعاليات القمة على نطاق واسع، يشمل ذلك تأمين محيط العاصمة والطرق المؤدية إلى منطقة انعقاد القمة، وأماكن إقامة الوفود والشخصيات الكبيرة، كما نوّه إلى أهمية أجهزة المراقبة والرصد والطائرات المسيرة والاستطلاعية في عمليات التأمين وتفتيش المشاركين والداخلين إلى مناطق فعاليات القمة.

مقالات مشابهة

  • “أوتشا”: عنف المستوطنين في تزايد في الضفة الغربية
  • من التدمير إلى التهجير.. كيف تحولت الضفة الغربية لساحة حرب جديدة؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 43 فلسطينيًا من الضفة الغربية ويقتحم عدة بلدات
  • عمليات دهس وإطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال شمال وجنوب الضفة الغربية
  • إصابة 6 جنود إسرائيليين في هجومين منفصلين بالضفة الغربية وقطاع غزة
  • بغداد تتحضر لاستضافة القمة العربية.. ما خطة تأمينها؟
  • محافظ الغربية: في انتظار التدشين الرسمي للمرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة
  • مستوطنون يحرقون أراضي زراعية في الضفة الغربية
  • الضفة الغربية: نزوح جماعي وهدم واسع للبيوت في مخيمي نور شمس وطولكرم للاجئين
  • الخطة وُضعت بالفعل.. أين تقف أنقرة من التصعيد الإسرائيلي ضد دمشق؟