الاحتلال يقصف مبنى في دمشق بزعم وجود مكتب للجهاد الإسلامي (شاهد)
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، مبنى في العاصمة السورية دمشق زاعمة أنه يضم مكتبا لحركة الجهاد الإسلامي.
وأكدت وكالة الأنباء السورية "سانا" تعرض مبنى سكني في منطقة مشروع دمر بدمشق لقصف إسرائيلي، ونشرت صورا من موقع الهجوم، دون مزيد من التفاصيل.
وهاجم وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس الرئيس السوري، أحمد الشرع قائلا في بيان بثته مواقع عبرية: "أينما يتم تنظيم نشاط إرهابي ضد إسرائيل، سيجد الزعيم الإسلامي المتطرف، جولاني، طائرات سلاح الجو تحلق في السماء وتهاجم الأهداف المعادية"، وفق تعبيراته.
ضرب انفجار منطقة مشروع دمّر في مدينة #دمشق اليوم الخميس 13 آذار، وعلى الفور توجهت فرقنا حسب المشاهدة العينية والبلاغات التي تلقتها إلى مكان الانفجار ليتبين أنه ناجم عن قصف صاروخي استهدف أبنية سكنية في حي التراسات في منطقة مشروع دمّر، وفور وصول فرقنا أسعفت 3 مصابين فقط وجدتهم في… pic.twitter.com/lFWOrfe6Ju — الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) March 13, 2025
وفي السياق، أفاد جيش الاحتلال في بيان بأن مقاتلات تابعة لسلاح الجو "هاجمت بتوجيه من القيادة الشمالية وفرع المخابرات، مقرا لمنظمة الجهاد الإسلامي في منطقة دمشق، والتي كانت المنظمة تخطط وتنفذ من خلاله عمليات معادية".
وجدد الادعاء أنه "لن يسمح للمنظمات المعادية بالتمركز في الأراضي السورية والعمل ضد دولة إسرائيل، وسوف يعمل بقوة ضد أي منشأة من هذا القبيل".
الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة في العاصمة السورية #دمشق ، ولاول مرة منذ سقوط نظام الأسد يقصف قلب العاصمة السورية ،
ودمار كبير في المباني السكنية ، حيث تعتبر المنطقة المستهدفة ذات كثافة سكانية كبيرة#مشروع pic.twitter.com/aogzNiL1WG — Ali Fahs (@AliFahs12345) March 13, 2025
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على سوريا منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وذلك بعد أن بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.
ودعت السلطات السورية الجديدة مرارا إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب جيش الاحتلال من الأراضي السورية.
ومنذ عام 1967 تحتل "إسرائيل" معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة ببشار الأسد ووسعت رقعة احتلالها، بما في ذلك المنطقة السورية العازلة، كما دمرت آليات ومعدات وذخائر للجيش السوري عبر مئات الغارات الجوية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الاحتلال الجهاد الإسلامي قصف سوريا سوريا قصف الاحتلال الجهاد الإسلامي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الليرة السورية.. رحلة عملة من الفينيقيين إلى ما بعد نظام الأسد
شهدت سوريا عبر تاريخها الطويل مراحل مختلفة في تطور العملة، تأثرت بالثقافات والحضارات المتعاقبة عليها، بدءا من العصور الساسانية والبيزنطية، مرورا بالدولة الأموية والعباسية، وصولا إلى الحمدانيين والفاطميين والمماليك والعثمانيين، وعكس تطورها تاريخيا السيادة السياسية والنفوذ الاقتصادي والتأثير الثقافي في المنطقة. وظهرت الليرة السورية للمرة الأولى عام 1919، وجرى تداولها آنذاك في كل من سوريا ولبنان ضمن إطار النظام النقدي الذي ورثته المنطقة عن الانتداب الفرنسي.
وبعد الاستقلال استقر سعر الصرف عند مستوى قوي نسبيا، إذ كان الدولار الأميركي يعادل نحو 2.19 ليرة سورية. وعلى مدى عقود لاحقة حافظت العملة السورية على نطاق من الاستقرار وصل إلى نحو 47 ليرة مقابل الدولار قبيل اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، إذ بدأ انحدار قيمتها انحدارا حادا، وانزلقت إلى مستويات غير مسبوقة.
أصل الليرةترجع كلمة "ليرة" إلى أصل لاتيني هو لفظة "ليبرا" التي تعني "رطلا"، وأصلها يعود لـ"الليرة الطروادية" المصنوعة من الفضة الخالصة.
وفي القرن الـ19، اعتمدت كل من مصر والإمبراطورية العثمانية هذا الاسم، وأصبحت الليرة تعادل مئة قرش.
وحتى العصر الحديث، استمرت الليرة في التداول في عدد من الدول، من بينها سوريا ولبنان وتركيا وإيطاليا ومالطا.
منذ القرن السابع قبل الميلاد بدأت ملامح العملات السورية بالظهور مع النقود الفينيقية والآرامية، حين اعتمدت التجارة على الشيكل ثم سبائك الفضة المسكوكة، متأثرة بالابتكارات النقدية القادمة من ليديا (تركيا) ثم الإمبراطورية الفارسية، إلى جانب المقايضة.
وحملت هذه العملات رموزا تدل على السلطة والهوية الثقافية، فكانت عليها نقوش للملوك إلى جانب نقوش تدل على القوة والسيادة مثل النسور والأسود، ما عكس العلاقة بين النفوذ السياسي والاقتصاد المحلي.
ومع دخول الحقبة الهلنستية بعد الإسكندر، شهدت المدن السورية –خاصة السلوقية الساحلية- طفرة نقدية واسعة، فأصدرت عملات فضية وبرونزية تحمل رؤوس الآلهة والرموز العسكرية والبحرية، وأدرجت بعضها علامات زمنية توثّق إدارة المدن وشؤونها.
ومثّل هذا التطور انتقال سوريا إلى نظام نقدي منظم يعكس استقلالية المدن واحتياجاتها الاقتصادية.
وفي الفترة الرومانية تحوّل النظام النقدي نحو مركزية أكبر، إذ بدأت العملات السورية تُسك وفق تقويم رسمي موحد، وتحمل صور الأباطرة ونقوشا تعكس السيادة الرومانية.
إعلانومثّلت هذه المرحلة دمج الاقتصاد السوري في شبكة نقدية واسعة تمتد من روما إلى المشرق، مع بقاء بعض الخصوصية المحلية في الرموز والتواريخ.
وفي العصور المتأخرة، من الساسانيين إلى البيزنطيين، أكملت النقود السورية مسار التحول نحو أنظمة نقدية إمبراطورية واضحة، فظهرت الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلس النحاسي، مع صور الملوك والرموز الدينية، وصولا إلى الصوليدوس البيزنطي من الذهب والدرخمة من الفضة.
وحملت هذه العملات بيانات دقيقة عن مكان وسنة السك وكانت مدنا في آسيا الصغرى، واختفت الإشارة إلى المدن السورية، مما عكس إحكام السيطرة المركزية قبل دخول المنطقة العصر الإسلامي.
بعد الفتح الإسلامي استمر تداول العملات الساسانية في سوريا، مع إدخال عبارات عربية مثل "بسم الله" و"الحمد لله"، لإظهار الهوية الدينية الجديدة.
وفي عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان ظهرت عملات تجمع بين الرموز الساسانية والإسلامية، ما شكّل مرحلة انتقالية بين الطرازين.
وشهد عهد عبد الملك بن مروان (74-77 هـ) تحولا جذريا، إذ ظهرت الدراهم والدنانير العربية الخالصة، مكتوبة باللغة العربية، وتضمنت أسماء المدن العربية لأول مرة مثل دمشق مع تواريخ السك، مع استبدال صورة كسرى بصور الخلفاء وعبارات دينية، مؤسِّسة بذلك لعملة إسلامية مستقلة.
وفي العهد العباسي وما تلاه من سلالات محلية مثل الحمدانيين والطولونيين والإخشيديين، استمرت العملة الأموية في سوريا بالتحول لتعكس الاستقلالية السياسية والهوية الدينية لكل مرحلة، وحملت أسماء الخلفاء والولاة والأمراء، مع نقوش إسلامية، وكانت الدنانير والدراهم دقيقة في الوزن، مما عزز دور العملة أداة للسلطة والرمزية الاقتصادية.
مع ظهور الأيوبيين والأتابكة والمماليك، استمر تنوع العملات، وأصدر الأتابكة والأيوبيون دنانير ودراهم تحمل أسماء الحكام، بينما طور المماليك النقود لتشمل نقوشا دائرية متقنة تحمل أسماء السلاطين والخلفاء، مع تحسين جودة الفضة والنحاس واستخدام العملة أداة مركزية للتحكم في الاقتصاد وجمع الضرائب وتنظيم التجارة الداخلية والخارجية.
وفي الحقبة المملوكية البرجية والمتأخرة، أدخل سلاطين مثل فرج والأشرف قانصوه الغوري إصلاحات نقدية لتثبيت الاقتصاد، شملت سك دنانير ودراهم بنقوش جديدة وتعديل أوزان الفضة والنحاس، وأصبحت العملة أداة إستراتيجية للسلطة والسيطرة المالية والإدارية على المدن السورية الكبرى.
وكانت النقوش على العملات آنذاك تتضمن بروتوكولا معينا بكتابة اسم السلطان أو اسم الخليفة، وتوضح أحيانا لقب السلطان الكامل وجنسيته ونسله، مع اختلاف الترتيب بحسب الفترة.
الدولة العثمانيةدخلت البنوك إلى سوريا لأول مرة في العهد العثماني، مع تأسيس البنك الإمبراطوري العثماني عام 1856، وكانت الليرة العثمانية العملة الأساسية في البلاد، ومع ذلك كان تداولها محدودا، إذ اعتمد السوريون في معاملاتهم اليومية على الذهب والفضة.
في عام 1895 أسس العثمانيون بنكا في دمشق كي يكون مركز النشاط المالي والتجاري، ويدير أموال الدولة والمشاريع العامة، وتميز بموقعه قرب الأسواق التجارية وتصميمه المعماري المميز، وهو ما جعله مركزا اقتصاديا بارزا في المدينة.
إعلانوكانت الليرة الذهبية -وحدة النقد الأساسية- مقسمة إلى مئة قرش، إلى جانب استخدام النقود الفضية والنحاسية للمدفوعات الصغيرة، بينما كانت المدفوعات الكبيرة تتم بالليرات الذهبية العثمانية أو الأجنبية من الإنجليزية أو الفرنسية.
ومع الحرب العالمية الأولى أوقفت الدولة التركية التعامل بالذهب، وصرف النقود الورقية مقابل الذهب، ففقدت هذه الأوراق نحو 80% من قيمتها، خاصة مع رفض البنك العثماني إقراض الحكومة تمويلا للحرب ضد فرنسا وإنجلترا، مما دفع الناس للتمسك بالذهب.
وعقب دخول قوات الحلفاء للمنطقة عام 1918، أُبطل التعامل بالنقود الورقية التركية وأصبح التداول بالجنيه المصري إجباريا، مع السماح بالذهب، مما شكّل مرحلة انتقالية نحو التعامل بالأوراق النقدية وتأسيس النظام المصرفي الحديث، تمهيدا لدخول سوريا مرحلة الانتداب الفرنسي والبريطاني والتغييرات اللاحقة في العملة.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية عام 1918 وفرض التداول بالجنية المصري بدأ السوريون يطلقون على النقود اسم "المَصَاري" و"المِصْريات" نسبة لمصر.
وشهدت سوريا في تلك الفترة بداية انتقال تدريجي من النقد المعدني التقليدي إلى الأوراق النقدية، مع بروز النظام المصرفي الحديث المستند إلى البنوك العثمانية السابقة.
وفي حكم الملك فيصل الأول، استمر التعامل بالنظام النقدي العثماني داخل سوريا والجنيه المصري في الساحل السوري، ثم أصدرت الحكومة الفيصلية قانونا ينظم العملة على قاعدة المعدنين، وأصبح الدينار وحدة نقدية أساسية والريال العربي وحدة نقدية فضية.
ومع احتلال القوات الفرنسية للمناطق الداخلية في يوليو/تموز 1920، وسع المفوض السامي الفرنسي نطاق تطبيق النظام النقدي ليشمل كامل الأراضي السورية، ممهّدا لتنظيم النقد السوري واللبناني بشكل مركزي.
وبموجب قرار 31 مارس/آذار 1920، أعلن عن الأساس القانوني لليرة السورية-اللبنانية، وعرفت آنذاك باسم الليرة السورية، مع اعتماد تغطية نقدية بالفرنك الفرنسي وسحب الجنيه المصري من التداول.
وبات بموجب اتفاقية 23 يناير/كانون الثاني 1924 لبنك سوريا امتياز إصدار النقد مدة 15 عاما، مع تثبيت سعر صرف "الليرة السورية" مقابل الفرنك الفرنسي عند 20 فرنكا لكل ليرة، مما وفر استقرارا نسبيا للنظام النقدي.
وفي عام 1924، تغير اسم البنك إلى بنك سوريا ولبنان الكبير بعد إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، وأصبحت الليرة السورية وحدة النقد الأساسية وتعادل 100 قرش، وتم ربطها بالفرنك الفرنسي.
وقبل انتهاء اتفاقية 1924، جرت مفاوضات لتجديد الامتياز، وأسفرت عن اتفاقية فبراير/شباط 1938 التي فصلت الليرة السورية عن اللبنانية رسميا، وحددت عناصر التغطية النقدية الإلزامية منها الذهب وودائع بالفرنك الفرنسي، إلى جانب عناصر اختيارية مثل سندات حكومية وأوراق تجارية، مع تنظيم اقتسام الأرباح بين البنك والحكومات ورفع الحد الأعلى للتداول النقدي، مما مهد الطريق لاستقلال النظام النقدي السوري تدريجيا عن لبنان.
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، دخلت الليرة السورية مرحلة معقدة، إذ ربط اتفاق يناير/كانون الثاني 1944 الليرة بالجنيه الإسترليني وحدد سعرها مقابل الفرنك الفرنسي، مع ضمان فرنسي للتغطية الذهبية.
لكن فرنسا نقضت الاتفاق بين عامي 1945 و1946، وألغت ربط الليرة بالجنيه الإسترليني، مما دفع سوريا للتحرك نحو الانفصال النقدي الكامل عن الفرنك الفرنسي.
وعقب الحرب، رُبطت الليرة بالدولار الأميركي عام 1947 بسعر 2.19 ليرة للدولار، ضمن ترتيبات اتفاقية بريتون وودز التي هدفت لتثبيت أسعار الصرف عالميا.
إعلانفي عام 1948 بدأت مرحلة انفصال الليرة السورية عن الليرة اللبنانية، مع استمرار التداول المتبادل لفترة بسبب الروابط التجارية والاجتماعية العميقة بين البلدين.
وكانت الليرة السورية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقطاع الزراعي الذي شكل الركيزة الأساسية للاقتصاد، مما جعل استقرارها النقدي يتأثر بمواسم الإنتاج وأسعار السلع الزراعية.
وفي 8 فبراير/شباط 1949، اعترفت فرنسا رسميا باستقلال الليرة السورية عن الفرنك الفرنسي، مؤسِّسة أول سياسة نقدية مستقلة لسوريا، مع فرض رقابة صارمة على النقد الأجنبي عام 1950.
ومع نهاية الانتداب الفرنسي، اكتمل الانفصال الفعلي بين العملتين السورية واللبنانية بعد الانفصال الجمركي عام 1950، وبدأت كل دولة في تبني نظام اقتصادي مستقل، واتجهت سوريا إلى سياسات حماية وتشجيع الصناعة المحلية، بينما اعتمد لبنان اقتصادا ليبراليا منفتحا.
وشكل المرسوم التشريعي الصادر في 28 مارس/آذار 1953 الأساس القانوني للجهاز النقدي السوري، الذي حدد مفهوم الليرة ووحدتها، وقواعد الإصدار النقدي، وأسس مؤسسة إصدار النقد السوري لضمان التغطية الذهبية وطباعة العملة باسم الدولة.
وفي أغسطس/آب 1956 تحقق الاستقلال المالي الكامل مع تأسيس مصرف سوريا المركزي، الذي تولّى إصدار الليرة وضبط سعر الصرف وإدارة الاحتياطيات، مع تحديد سعر ثابت للدولار عند 3.65 ليرة.
ومع تأسيس المصرف انتقلت مهمة إصدار الليرة وإدارة السياسة النقدية إلى مؤسسات الدولة السورية، منهية مرحلة النفوذ النقدي الخارجي وممهّدة الطريق لاستقلال العملة السورية الكامل.
اعتمدت السلطات السورية سياسة تعدد الأسعار أثناء الوحدة السورية-المصرية، ثم في ثمانينيات القرن الـ20، ووُضع سعر مخصص للتصدير لدعم الصناعة الوطنية وخفض تكلفة المواد الأولية، في محاولة للحفاظ على الاستقرار النقدي وسط الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
ومع صعود حزب البعث العربي الاشتراكي، حافظت الليرة السورية على استقرار نسبي حتى نهاية التسعينيات، وبلغ متوسط سعر الصرف نحو 50 ليرة للدولار.
وأسهمت عوامل عدة في هذا الاستقرار، أبرزها تحسّن النمو الاقتصادي، وصدور قانون رقم 10 لعام 1991 لتشجيع الاستثمارات، وتوسع النشاط السياحي، رغم موجة تضخم مرتفعة عام 1993 وصلت إلى 13.2% نتيجة زيادة الأجور والانفتاح الاقتصادي.
وفي السنوات التالية تراجع التضخم تدريجيا حتى وصل إلى مرحلة الانكماش عام 1999، مع بقاء انخفاضات الليرة محدودة ومتباعدة على مدى عقود.
تغير المشهد جذريا بعد أحداث إقليمية ودولية، بما في ذلك حرب العراق واتهام الحكومة السورية المخلوعة باغتيال رفيق الحريري عام 2005، مما أدى إلى ارتفاع الدولار إلى 65 ليرة، قبل أن تعود الليرة للتعافي عند مستوى 47 ليرة مع التحسن النسبي للعلاقات الإقليمية.
مع وصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، أطلقت الحكومة سياسات اقتصادية وُصفت بالإصلاحية والانفتاحية، لكنها أدّت فعليا إلى اختلالات كبيرة في الاقتصاد السوري.
وبلغ العجز في الميزان التجاري نحو 350 مليار ليرة، أي أن الإنفاق على الواردات فاق بكثير عوائد الصادرات، بينما ارتفع التضخم إلى نحو 15% وبلغت معدلات البطالة نحو 30%.
أسهمت هذه السياسات، بإشراف صندوق النقد الدولي، في تراجع الزراعة والصناعة، وإغلاق الورش والمصانع، وزيادة الفقر والفجوة في توزيع الدخل وانتشار الفساد.
وفي الفترة بين 2000 و2010، نتج عن السياسات الاقتصادية نحو 400 ألف فرصة عمل فقط بمعدل نمو سنوي ضعيف لا يتجاوز 0.9%، مما يوضح أن ادعاءات النمو الاقتصادي لم تكن قائمة على واقع ملموس.
وعلى الرغم من إصدار قوانين تهدف لدفع عجلة النمو، مثل القانون رقم 28 لعام 2001 بهدف إنشاء المصارف الخاصة، والقانون رقم 22 لعام 2005 لإنشاء هيئة الأوراق المالية، والقانون رقم 24 لعام 2006 بهدف توسيع تداول العملات الأجنبية، لم تتمكن هذه الإجراءات من معالجة الخلل البنيوي أو إحداث تحول اقتصادي حقيقي.
ومع توسع الطلب على الاستيراد وزيادة الضغوط على سعر الصرف، تم تثبيت الليرة بين عامي 2003 و2005 عند نحو 52 ليرة للدولار، لكنه لم يدم طويلا، إذ دفع التضخم والانفتاح الاقتصادي المفرط، إلى جانب الاعتماد على الواردات، سعر الصرف إلى الارتفاع التدريجي ليصل إلى 67 ليرة مقابل الدولار عام 2006.
إعلانمثلت هذه المرحلة بداية مرحلة تدهور تدريجي لقوة الليرة السورية، وبدأت العوامل البنيوية والاقتصادية الداخلية في فرض ضغوط متزايدة على استقرار العملة، مؤشرة إلى مسار طويل من الانخفاضات المستقبلية التي تسارعت لاحقا مع الأزمات اللاحقة.
مرحلة الثورة السوريةمنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، بدأت الليرة السورية رحلة الانهيار الحاد، وارتفع سعر الدولار إلى نحو 63 ليرة بنهاية 2011، ثم إلى 70 ليرة في 2012 مع تصاعد العمليات العسكرية وفرض العقوبات الغربية، التي عزلت سوريا عن الاقتصاد العالمي.
ومع دخول الحرب عامها الثالث في 2013، تسارع الانخفاض ليصل الدولار إلى نحو 170 ليرة، وبلغ 220 ليرة في 2014 مع توسع سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" وفقدان الحكومة السيطرة على مساحات واسعة.
وبحلول عام 2015 فقدت الليرة ما يقارب 100% من قيمتها، متجاوزة 500 ليرة مقابل الدولار الواحد، ثم وصلت إلى 645 ليرة في مايو/أيار 2016 قبل أن تتراجع نسبيا بين 410 و550 ليرة في 2017.
ورغم محاولات البنك المركزي التدخل، اتسمت سياساته بالتردد والتذبذب، مع تغييرات متكررة في قيود السحب واستبدال العملات، ما زاد اضطراب السوق.
وأسهم اختلاف أسعار الصرف لدى شركات الحوالات والمصارف الخاصة في فقدان الثقة النقدية، كما أثرت العقوبات الاقتصادية بشدة على القطاعات الإنتاجية، خصوصا النفط والمالية، مما أدى إلى تراجع الإيرادات ووقف الصادرات.
وارتفعت كلفة العمليات العسكرية، فحررت الحكومة أسعار السلع الأساسية تدريجيا لصالح الإنفاق العسكري، مما أدى إلى انفجار أسعار الخبز والمحروقات والكهرباء وظهور حالة ركود تضخمي.
وبين عامي 2018 و2020 استمر الانحدار الحاد للعملة السورية، مع وصول الدولار إلى نحو ألف ليرة عام 2019، ثم إلى 2800 ليرة بنهاية 2020 بعد تطبيق قانون قيصر الأميركي الذي فرض عقوبات شديدة على النظام السوري.
وأُعيد تصنيف سوريا دولة منخفضة الدخل في عام 2018، في ظل عيش أكثر من 90% من سكانها البالغ عددهم نحو 25 مليون نسمة تحت خط الفقر، وفقا لوكالات الأمم المتحدة.
واستمر التراجع في عام 2021 حتى وصل إلى 3500 ليرة، ثم تجاوز 5 آلاف ليرة عام 2022، ووصل إلى أكثر من 13 ألف ليرة بنهاية 2023.
وتراجع الإنتاج الزراعي إلى مستويات غير مسبوقة في عامي 2021 و2022 حين هبط إنتاج القمح وحده إلى ربع الكمية التي كانت تبلغ حوالي 4 ملايين طن سنويا قبل الحرب.
ومع النصف الأول من 2024 حافظت الليرة على توازن هش حول 14 ألف ليرة، قبل أن تنهار بسرعة بعد إطلاق معركة "ردع العدوان" في نوفمبر/تشرين الثاني، ووصل الدولار إلى 27 ألف ليرة في أيام قليلة.
وهوى اقتصاد سوريا بأكثر من 50%، وخسر نحو 800 مليار دولار، في فترة الحرب وفق تقارير البنك الدولي والإسكوا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
سقوط نظام الأسدفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد انهيار نظام الأسد بيومين، شهدت الليرة السورية تحسنا مفاجئا، ليصل سعر الصرف إلى نحو 11 ألف ليرة للدولار.
وعلى الرغم من هذا التعافي المؤقت، بقيت الأسواق حذرة تجاه مستقبل العملة بسبب غياب وضوح الرؤية الاقتصادية والسياسية في تلك الفترة.
فيما بعد، أوضح وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، عبد الحكيم المصري، أن البلاد خرجت لتوها من حرب شاملة، أدّت إلى تقسيم المناطق بين سيطرة النظام والمعارضة والفصائل الأخرى، وهو ما خلق تفاوتا في أنظمة التداول النقدي، فتعاملت دمشق بالليرة السورية، بينما اعتمدت إدلب الليرة التركية.
وأضاف أن الحرب دمّرت الناتج المحلي تقريبا، وأن كلفة إعادة الإعمار تتجاوز 400 مليار دولار، ما وضع الليرة أمام تحديات كبيرة.
وقالت الحكومة السورية إن ديونها من فترة النظام السابق تتراوح ما بين 20 و23 مليار دولار، معظمها في شكل قروض ثنائية، لكن هذه الديون قد تكون أعلى بكثير نظرا لأنها قد تواجه مطالبات من إيران وروسيا بمبلغ يتراوح بين 30 و50 مليار دولار.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2025 كشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أن المصرف سيصدر عملة جديدة بـ6 فئات، مع حذف صفرين، وستكون خالية من الصور والرموز، لتكون أكثر وضوحا وسهولة في التحقق منها، كما ستكون منسجمة مع الاتجاه العالمي نحو التصميم النظيف والمجرد.
وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 قال الحصرية إن المصرف أرسل أول رسالة "سويفت" إلى بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، في أولى الخطوات للعودة إلى الاقتصاد العالمي، بعد العزلة عنه أكثر من عقد.
وفي الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2025 أشار الحصرية إلى أن اقتصاد بلاده ينمو بوتيرة تفوق بكثير تقديرات البنك الدولي البالغة 1% للعام 2025، وذلك بفضل عودة نحو 1.5 مليون لاجئ.