التنمر وآثاره بعيدة المدى على الطلاب
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
التنمُّر مشكلةٌ واجهها الكثير منا في مرحلةٍ ما من حياتنا، سواءً كضحايا أو شهود أو حتى جناة، ورغم شيوعه، غالبًا ما لا يُؤخذ على محمل الجد كما ينبغي، ويتجاهل هذا التجاهل، الأثرَ العميقَ والدائمَ الذي قد يُخلّفه التنمُّر على الأفراد والمجتمعات، للتنمُّر جوانب وعواقب وخصائص، يُشكّل التنمُّر، خاصة في المدارس، مصدر قلق متزايد، لأن نسبة كبيرة من الطلاب إما يتعرضون للتنمّر بانتظام، أو هم من يُبادرون بسلوك التنمُّر، تتجاوز آثار التنمُّر المعاناة المباشرة، إذ يُمكن أن تُؤدّي إلى عواقب وخيمة، حيث غالبًا ما يُعاني الضحايا من أمراض مُرتبطة بالتوتر، مثل الخوف المُزمن، وآلام المعدة، والصداع، بالإضافة إلى الاكتئاب، وانخفاض تقدير الذات، ولهذا السبب، يتجنب نسبة من الطلاب الذهاب للمدرسة بسبب التنمُّر، مما يُؤثّر بشكل كبير على تعليمهم ونموّهم الاجتماعي، ولا تقتصر عواقب التنمُّر على الضحايا فحسب، بل يواجه مرتكبوه أيضًا آثارًا طويلة المدى، لأن المتنمِّرين أكثر عرضة للانخراط في سلوك إجرامي بأربع مرات بحلول سن الرابعة والعشرين، وغالبًا ما يعانون من نقص في المهارات الاجتماعية والتأقلم والتفاوض، ويكونون أكثر عرضة لتعاطي المخدرات، فعادةً ما يُظهر المتنمِّرون سلوكياتٍ وسماتٍ معينة، مثل الشعور بالرضا من إيذاء الآخرين، وغياب التعاطف، وتحدي السلطة، وتكرار مخالفة القواعد، وغالبًا ما ينشأون في بيئاتٍ تُعتبر فيها السلوكيات السلبية أمرًا طبيعيًا، كالمنازل التي يسود فيها العقاب البدني، تُسهم هذه العوامل في سلوكهم العدواني، وفي المقابل يميل ضحايا التنمُّر إلى إظهار ضعفهم من خلال سمات مثل القلق وانعدام الأمن وتدني احترام الذات وغالبًا ما يكونون معزولين اجتماعيًا، ويفتقرون إلى الأصدقاء، وقد ينحدرون من عائلات مفرطة الحماية تُسهم دون قصد في عزلتهم، كما أن الاختلافات الجسدية، مثل الضعف البدني، أو وجود سمات مميزة مثل ارتداء النظارات أو تقويم الأسنان، قد تجعلهم أهدافًا، ويكون التأثير على الضحايا عميقا، ممَّا يؤدي إلى التغيب عن المدرسة، وتراجع الأداء الدراسي، ومشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق.
لإحداث تغيير مستدام ضد سلوك التنمّر، يجب على المدارس وضع مدونة سلوك تُشدد على الاحترام والشمولية والتفاعل الإيجابي، وتشجيع الطلاب على أن يكونوا جزءًا من الحل لا المشكلة، يتطلب تعليمهم مواجهة التنمّر ودعم أقرانهم، من خلال تقديم مثال يُحتذى به في الرعاية واللطف، يمكن للمدارس وضع معيار يُثبط سلوك التنمُّر، حيث يتجاوز التنمُّر ساحات المدارس ليشمل وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن العمل والحياة اليومية، ويؤثر على الناس من جميع الأعمار، بالبدء بالطلاب يمكننا إحداث تحول ثقافي أوسع نحو التعاطف والتفاهم، ويجب على المعلمين وأولياء الأمور والأقران العمل بتعاون لتهيئة بيئات يشعر فيها الجميع بالأمان والتقدير. وبمعالجة هذه المشكلة بشكل استباقي، يمكننا تمهيد الطريق لمستقبل لم يعد فيه التنمُّر تجربة شائعة، بل استثناءً نادرا.
التنمر قضية معقّدة تتطلب نهج متعدّد الجوانب لمعالجتها بفعالية من خلال فهم خصائص ودوافع كل من المتنمِّرين والضحايا، وتطبيق استراتيجيات شاملة، وتعزيز السلوك الإيجابي، يمكننا تهيئة بيئات لا يُتسامح فيها مع التنمُّر، ويتمكن جميع الأفراد من النجاح دون خوف.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
سلوك انتحاري.. دراسة صادمة لتأثير الإدمان الرقمي على عقول المراهقين
كشفت دراسة علمية حديثة أن الإدمان الرقمي على الهواتف الذكية، ألعاب الفيديو، ومواقع التواصل الاجتماعي، يسبب زيادة التفكير ويجعل المراهقين يتجهون إلى السلوك الانتحاري.
دراسة صادمة لتأثير الإدمان الرقمي على المراهقينوأوضحت الدراسة، التي نُشرت في مجلة JAMA الطبية أن الإدمان على الشاشات، سواء عبر الهواتف المحمولة أو مواقع التواصل الاجتماعي أو ألعاب الفيديو، يرتبط ارتباطًا مباشرًا بزيادة معدلات التفكير والسلوك الانتحاري بين المراهقين.
وتضمنت الدراسة أكثر من 4 آلاف طفل، جرت متابعتهم منذ سن 9 حتى 14 عام، ضمن مشروع بحثي طويل الأمد يُعرف باسم «دراسة تطور الدماغ الإدراكي للمراهقين».
و ذكرت الدراسة الحديثة أن المراهقين، الذين ظهرت لديهم أنماط سلوكية تشير إلى إدمان استخدام الشاشات كانوا أكثر عرضة للتصريح بوجود أفكار أو سلوكيات انتحارية.
وأثبتت الدراسة أن مع بلوغ الأطفال سن الرابعة عشرة، ثلثهم أبدوا سلوكيات، تشير إلى إدمان متصاعد على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما ظهر على ربع المشاركين علامات واضحة للاعتماد المفرط على الهواتف الذكية. أما ألعاب الفيديو، فكانت الأعلى من حيث الجاذبية، حيث تجاوزت نسبة الإدمان في هذا المجال 40%، بحسب ما رصده فريق البحث.
وأشارت إلى أن العلاقة بين الإدمان والمخاطر النفسية، لم تكن بنفس الوضوح عند قياس إجمالي وقت الشاشة، ما يعني أن نوعية الاستخدام أهم من عدد الساعات.
ووُجد أن هذه السلوكيات ترافقت بشكل واضح مع ارتفاع معدلات الإدمان على الهواتف المحمولة ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبحلول العام الرابع من المتابعة، أفاد نحو 18% من المشاركين بأنهم راودتهم أفكار انتحارية، فيما أقر 5% منهم بقيامهم بسلوكيات فعلية، مثل وضع خطة أو الشروع في تنفيذ محاولة انتحار.
كشف الدراسة أن هناك دلالات مثيرة للقلق، فقد أشار نحو 47% من الأطفال بين 11 و12 عامًا إلى أنهم "يفقدون الإحساس بالوقت أثناء استخدام الهاتف"، بينما أقرّ ربع من تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عامًا بأنهم "يلجؤون إلى مواقع التواصل لنسيان مشكلاتهم"، وهو ما يُعتبر إشارة إلى محاولات للهروب قد ترتبط بالقلق أو الاكتئاب.
يرى الخبراء أن الاعتماد على مدة استخدام الشاشة لم يعد كافيًا لتقدير مستوى الخطر، إذ قد يمضي أحد المراهقين وقتًا طويلًا في أنشطة تعليمية أو تفاعلات اجتماعية مفيدة، في حين يستخدمها آخر كوسيلة للهروب من الواقع أو للتفاعل مع محتوى قد يسهم في تدهور حالته النفسية. وبيّن الدكتور جايسون ناغاتا من جامعة كاليفورنيا أن نتائج الدراسة تؤكد ضرورة التركيز على مؤشرات الإدمان باعتبارها مقياسًا أدق لتراجع الصحة النفسية.
من التعايش الرقمي للإدمان.. أبحاث واعدة لشباب أسوان في ملتقى البحث العلمي الأول
تعرف على أبرز الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي
تسبب هياج عصبي.. خبيرة تربوية تحذر من إدمان المخدرات الإلكترونية (فيديو)