يبدو أن مشكلة التسول لن تقف عند باب واحد في الحارة التي أسكنها، بل أصبحت تنتقل من باب إلى آخر خلال فترات متواصلة ومتقطعة من أشهر العام.

وبما أننا نعيش الأجواء الرمضانية فإن الكثير من الأسر تحرص على فعل الخير ومد يد العون لكل من تراه في طريقها محتاجا للمساعدة، وإن المتسولين «رجالا ونساء وأطفالا» يحرصون على استغلال هذا التعاطف المجتمعي خصوصا في هذا الشهر الفضيل.

إذن في نظري هو مسلسل درامي يحمل في طياته الكثير من الإثارة والحماس اليومي لجعل الناس يقبلون على العطاء بدون أي تفكير أو تدقيق من الذين يطرقون أبواب المنازل، فالمتسولون يلجؤون إلى حيل أخرى ومنها استيقاف المارة سواء في الأماكن التجارية أو مواقف السيارات، أو يكونون في أفنية المساجد والجوامع، فهناك انتشار ملحوظ في محطات الوقود، وحتى عند آلات الصراف الآلي للبنوك لم تخل من وجودهم.

كل هؤلاء ينشد الربح السريع والطريق الأكثر سهولة للوصول إلى ما يحمله الناس في حقائبهم ويخفونه من أموال في ملابسهم، ومن الملحوظ لدي ولغيري أن شهر رمضان الفضيل يتميز عن غيره من شهور العام بأن المتسولين يكثفون من أعمالهم اليومية وانتشارهم اللامحدود خلال ساعات اليوم.

وبالرغم من الجهود التي تقوم بها الجهات الرقابية المتمثلة في الفرق المتخصصة من وزارة التنمية الاجتماعية من أجل الحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها، إلا أن بعض من قُبض عليهم يخرجون للعلن بمفاجآت صادمة وهي أن بعض المتسولين والمتسولات يكون لديهن أموالا كثيرة جمعها خلال فترات زمنية ليست بالطويلة، وكان التسول الطريقة لكسب المال واستعطاف الناس بدعاء العوز والحاجة.

إذا كانت الجهات الرقابية تعمل بكفاءة عالية من خلال الفرق التي تتابع هذا الموضوع فإن استمرار هذه الظاهرة يعود إلى ضعف اليد الأخرى التي يجب أن تساعدهم في القضاء على هذه الظاهرة وهي «أفراد المجتمع».

ندرك بأن المتسولين يستغلون مشاعر الناس وطيبة قلوبهم ورغبتهم في الإنفاق بما لديهم لكي يحصلوا على الأجر والثواب وخاصة في هذا الشهر الفضيل، إلا أنهم يقعون في فخ «المتسولين» الذين يشكلون فيما بينهم قوافل وفرق ينتشرون في أماكن مختلفة، ويظهرون بشكل مفاجئ في الأماكن التي أشرنا إليها سابقا، ولدرجة أنك قد تتعثر بهم في طريقك، ومع كل هذه الملاحقات إلا أنهم لا يزالون «ينهبون» مبالغ مالية كبيرة من الناس ويتم إرسالها إلى الخارج وإلى جهات مختلفة.من جهتها، أكدت وزارة التنمية الاجتماعية في أكثر من منبر إعلامي بأن ثمة انخفاضا في عدد المتسولين خلال فترات ماضية من العام المنصرم، ومرجع ذلك إلى زيادة الوعي المجتمعي بخطورة هذه الظاهرة، فمن خلال الإحصائيات الموثقة والبيانات بعدد الذين تم القبض عليهم هناك بعض التحسن الملموس في مواجهة ظاهرة التسول، ولكن مع كل ذلك لم تنته مشكلة «التسول» تماما من الوجود، وهذا يجعلنا نؤكد أهمية التشارك المجتمعي ما بين المؤسسات الحكومية المتمثلة في فرق الرقابة ورصد الحالات التي تتخذ من التسول مهمة مربحة ودور أفراد المجتمع للتصدي من هذه الظاهرة التي تستنزف أموال الناس.

وفي عام ألفين وثمانية عشر نشرت الصحف المحلية نصوص قانون الجزاء العماني الجديد الذي يجرم هذه الظاهرة ويكافح «التسول» بأشكاله المتعددة، فقد سعى قانون الجزاء العماني لمواجهة ظاهرة التسول وتجريمها وفرض عقوبة السجن على من يمارسها بغير اضطرار، حيث وضع القانون الجديد الصادر وفق المرسوم السلطاني رقم 7/ 2018 جملة من الضوابط والشروط الواجب توافرها لإقرار عقوبة السجن بحق من ضبط متسولا سواءً كان عمانيا أم أجنبيا، وبخلاف العقوبة المقررة أجاز القانون الحكم بإبعاد المتسول من البلاد إذا كان أجنبيا.

في الفصل الثالث من القانون فرضت المادة (297) عقوبة السجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسين ريالا عمانيا، ولا تزيد على مائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من وجد متسولا في المساجد أو الطرق أو الأماكن أو المحلات العامة أو الخاصة، وللمحكمة مصادرة ما يكون معه من أموال عند ضبطه.

وإذا كرر المحكوم عليه التسول يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد على سنتين، ويعفى من العقوبة من يثبت أنه كان مضطرا، أو عاجزا عن الكسب وليس له مصدر رزق آخر.

وفي جميع الأحوال، يجوز الحكم بإبعاد المتسول من البلاد إذا كان أجنبيا.

أما المادة (298) فقضت بعقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسين ريالا عمانيا، ولا تزيد على مائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم حدثا أو سلمه للغير بقصد التسول.

وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا كان الفاعل وليا، أو وصيا على الحدث، أو مكلفا بملاحظته أو رعايته.

هذا الاقتباس أستند إليه في هذا المقال حتى يكون لدى الفرد منا فكرة عن العقوبات التي نص عليها قانون الجزاء العماني فيما يتعلق بظاهرة التسول وكيفية مكافحتها قانونيا.

إذن القضية ليست مجرد عطاء لله وإنما هي أعمق من ذلك بكثير، وعليه يجب على الشخص منا محاربة انتشار هذه الظاهرة، ومن يريد الإنفاق لوجه تعالى فهناك جهات مختصة توجه مثل هذه التبرعات والصدقات والزكاة في مكانها الصحيح، وهناك من المحتاجين المتعففين الكثير، وعلينا أن نلتف إليهم ونساعدهم في التغلب على الصعوبات التي تواجههم في حياتهم وتعينهم على ظروف الحياة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ولا تزید على هذه الظاهرة لا تقل عن إذا کان

إقرأ أيضاً:

وزير الري يؤكد عمق العلاقات التي ترتبط مصر وألمانيا في مجال المياه

أكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم عمق العلاقات التي ترتبط مصر وألمانيا في مجال المياه، مشيرًا إلى حرصه على استمرار التعاون مع الجانب الألماني مستقبلا في العديد من الموضوعات المعنية بإدارة المياه.

جاء ذلك في كلمة وزير الري خلال ورشة عمل مشروع تعزيز مرونة منظومة الري في منطقة قوتة بمحافظة الفيوم، والتي نظمتها الوزارة، بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ).

وتوجه الدكتور سويلم خلال كلمته بالتحية للحكومة الألمانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي وغيرها من المنظمات الألمانية الشريكة لمصر، مشيرًا إلى أهمية الدراسة الصادرة عن المشروع والتي تم إعدادها بالتعاون بين أجهزة الوزارة وGIZ في تحديد تحديات المياه بزمام منطقة قوتة والإجراءات المقترحة لتحسين حالة الري بالمنطقة مثل تأهيل المساقي والمراوي الخاصة، وتطبيق نظم الري الحديث، وعرض التجارب الناجحة على المزارعين، وتفعيل دور روابط مستخدمي المياه.

وقال سويلم إن وزارة الري في عام 2022 حددت النقاط الساخنة بشبكة الري على مستوى الجمهورية والتعرف على ما تواجهه هذه المناطق من تحديات، وتم وضع خطط للتعامل معها وحسمها.. مضيفا أننا شهدنا تراجع أعداد الشكاوى خلال الموسم الصيفي من العام الماضي، ونسعى للمزيد من التقدم في هذا الصدد خلال الموسم الصيفي الحالي، خاصة مع ما بذلته أجهزة الوزارة من مجهودات كبيرة خلال الشهور الماضية للإعداد لفترة أقصى الإحتياجات المائية الحالية.

وأضاف أن تحقيق مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري يتطلب تعزيز الاعتماد على الإدارة الذكية للمياه في مصر، شريطة استخدام تقنيات حديثة تكون ملائمة لإستخدام المزارعين في مصر، حيث يتم العمل على تنفيذ مشروع للري الذكي بتمويل من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي لتحديد فرص تطوير الري الذكي والزراعة الرقمية في مصر، بما يتماشى مع خطط الوزارة، كما يتم توفير وإدماج أدوات جديدة بمنظومة العمل في كافة جهات الوزارة لتحقيق المزيد من الإعتماد على التكنولوجيا الحديثة، مع توفير التدريب اللازم للمهندسين والفنيين بالوزارة على استخدام هذه التكنولوجيا الحديثة.

وأوضح الوزير أن محاور الجيل الثاني لمنظومة الري تتضمن استخدام صور الأقمار الاصطناعية والتصوير الجوي (الدرون) في حصر التعديات على المجاري المائية ومتابعة أعمال التطهيرات ومتابعة تراجع خط الشواطئ، وتعظيم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحقيق إدارة أكثر كفاءة للموارد المائية، والإعداد للاستفادة من برنامج RIBASIM لتقييم الوضع الحالي لمنظومة الموارد المائية من حيث التصرفات ونوعية المياه، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها منصة Digital Earth Africa في توفير البيانات عن طريق صور الأقمار الاصطناعية لحصر التعديات على المجاري المائية ومتابعة تراجع خط الشواطئ و رصد التغير العمراني ومؤشرات جودة المياه في البحيرات.

وتابع أن وزارة الري بدأت في التوجه لتحسين منظومة توزيع المياه من خلال التحول للإدارة باستخدام التصرفات بديلا عن المناسيب، كما تم عمل حصر وتقييم لما يزيد على 47 ألف منشأ مائي بمختلف المحافظات لتحديد مدى إحتياجها للتأهيل أو الإحلال أو الصيانة، وتم البدء في تنفيذ أعمال مشروع تأهيل المنشآت المائية.

اقرأ أيضاًوزير الري يعلن جاهزية المنظومة المائية في البحيرة لاستيفاء كافة الاحتياجات

وزير الري يبحث مجهودات تسهيل إجراءات إصدار تراخيص المياه الجوفية

وزير الري يبحث مع أمين صندوق تطوير التعليم مقترح إنشاء جامعة الغذاء

مقالات مشابهة

  • وهبي: التسول جريمة و الظاهرة اقتحمت المجال السياسي
  • ضبط ٤ أطنان مصنعات لحوم ودواجن مخالفة خلال الحملات التفتيشية بالعاشر من رمضان
  • ضبط 4 طن مصنعات لحوم ودواجن مخالفة خلال الحملات التفتيشية في العاشر من رمضان
  • ضبط 21 ألف قضية تسول خلال الشهر الماضي
  • عزت زين في عرض مسرحي بمناسبة الاحتفال بذكري 30 يونيو
  • مدبولي: التحديات التي تواجه الدول النامية تهدد الاقتصاد العالمي بأسره
  • إجراءات جديدة للحد من ظاهرة التسول في العراق
  • تجار سوق الربيع المتضررون من الحريق يوجّهون رسالة استعطاف إلى الوالي لتنفيذ وعود التعويض والإدماج
  • محمد رمضان يتصدر ترند يوتيوب وسناب شات بأغنية أنا أنت
  • وزير الري يؤكد عمق العلاقات التي ترتبط مصر وألمانيا في مجال المياه