البلاد – إسطنبول
شهدت مدينة إسطنبول التركية حالة من الاضطراب المتواصل، استمرارًا للاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت إثر توقيف عمدة المدينة أكرم إمام أوغلو. واحتشد الآلاف في شوارع المدينة ليل الاثنين، احتجاجًا على قرار المحكمة بحبس أوغلو، وهو إجراء أثار موجة من الغضب الشعبي أدت إلى اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية.

وتأتي هذه التحركات في وقت حساس سياسيًا، إذ تُظهر حجم الجدل الشعبي حول قضايا النزاهة والعدالة داخل تركيا.
وأعلنت السلطات التركية عن توقيف 1130 متظاهرًا منذ بدء الموجة الاحتجاجية، في إطار نشاطات وصفها المسؤولون بأنها “غير قانونية”. كما قامت الشرطة بإيقاف 10 صحافيين من بينهم مصور بوكالة فرانس برس في منازلهم بإسطنبول وإزمير، حيث تُعدّ الأخيرة ثالث أكبر مدينة في البلاد.
من جانبها، حثّت المفوضية الأوروبية تركيا على “احترام القيم الديموقراطية”، في أعقاب سجن رئيس بلدية اسطنبول المعارض، وقال المتحدث باسم المفوضية غيوم ميرسيي: “نريد أن تبقى تركيا راسخة في أوروبا، ولكن هذا الأمر يتطلّب التزاما واضحا بالمعايير والممارسات الديموقراطية”.
في سياق متصل، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات لاذعة إلى المعارضة، معتبرًا أن احتجاجات إسطنبول على سجن رئيس بلدية المدينة منافسه السياسي الرئيسي، قد تحولت إلى “حركة عنف”. وأضاف أردوغان في تصريحاته عقب اجتماع مجلس الوزراء في أنقرة، أن حزب الشعب الجمهوري، الذي يُعد حزب المعارضة الرئيسي، يتحمل المسؤولية عن أي ضرر يلحق بممتلكات ضباط الشرطة خلال هذه الاشتباكات. كما تحدث عن أن “مسرحيتهم” ستنتهي في النهاية، وأن المسؤولين عما أشار إليه بـ “الشر” سيتعرضون للخجل في المستقبل، ما يعكس تصعيد اللهجة السياسية في البلاد وسط التوترات المتصاعدة.
وفي خطوة فاجأت الساحة السياسية التركية، أعلن حزب الشعب الجمهوري ترشيح رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم اتهامه الموجه بتهم فساد والتي أدت إلى توقيفه مؤخرًا.
ولا تزال موجة الاحتجاجات تجتاح إسطنبول رغم الحظر المفروض على التجمعات في المدن الرئيسية. ويبقى المشهد السياسي التركي متوترًا مع استمرار الاعتقالات وتصاعد الخطاب الحاد بين الأطراف السياسية. ويبدو أن المستقبل يحمل تحديات جديدة في ظل هذا التصعيد، مع احتمالية استمرار المظاهرات والاحتجاجات حتى يتحقق إصلاح يُعيد الثقة بين مؤسسات الدولة والشعب.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

زعيم اليمين التركي يطلق تصريحات نارية بذكرى فتح إسطنبول: “الحصار الخبيث سينكسر”

أنقرة (زمان التركية) – في بيان مكتوب بمناسبة الذكرى 572 لفتح إسطنبول، شن زعيم حزب الحركة القومية (MHP) دولت بهجلي هجوماً لاذعاً على إدارة بلدية إسطنبول الحالية، معتبراً أن المدينة تعاني من “حصار خبيث” سينكسر كما انكسرت قيودها قبل خمسة قرون ونصف.

إشارات سياسية في ثوب تاريخي

ربط بهجلي بين الاحتفال بالذكرى التاريخية للفتح والوضع السياسي الراهن، حيث استغل المناسبة للتعليق على التحقيقات الجارية حول بلدية إسطنبول التي يديرها المعارضة. ووصف الوضع الحالي للمدينة بأنه “مأساة تؤلم القلوب الوطنية”، متهماً الإدارة الحالية للبلدية بـ”الشبكات العميقة للسرقة والفساد والمحسوبية التي تتعارض مع إرث الفتح الأخلاقي والروحي”.

خطاب مليء بالرموز

جاء في بيان الزعيم القومي: “كما تحطمت قيود إسطنبول قبل 572 عاماً، فإن هذا الحصار الخبيث اليوم سينكسر بالمثل”. وأضاف متعهداً: “إسطنبول التي حُرمت من الأيدي الأمينة والكفؤة ستتجاوز هذه المراحل الصعبة واحدة تلو الأخرى، وستظل شجرة وارفة الظلال لوحدتنا الوطنية وتضامننا وأخوتنا عبر القرون”.

تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه إسطنبول توتراً سياسياً متصاعداً، حيث تواجه إدارة البلدية التي يسيطر عليها حزب الشعب الجمهوري المعارض سلسلة من التحقيقات القضائية، بينما يصفها أنصار المعارضة بأنها “ملاحقات سياسية”. ويبدو أن بهجلي يستخدم الذكرى التاريخية كمنصة لتأكيد موقف حزبه الداعم للحكومة المركزية في هذا الصراع.

ردود فعل متوقعة

من المرجح أن تثير هذه التصريحات غضب قوى المعارضة، خاصة أنها تأتي بعد تصريحات مماثلة لزعيم حزب الشعب الجمهوري الذي وصف إسطنبول بأنها “مدينة المقاومة”. وبهذا يتحول التاريخ العريق للمدينة إلى ساحة جديدة للصراع السياسي بين القوى المتنافسة، حيث يحاول كل طرف توظيف الرمزية التاريخية لتعزيز موقفه الراهن.

تحليل الخطاب

يُظهر بيان بهجلي براعة في المزج بين الخطاب الوطني والديني، حيث استحضر قيم الفتح الإسلامي بينما وجه انتقادات ذات طابع قومي. هذا المزيج الذي يميز خطاب زعيم حزب الحركة القومية، يهدف إلى تعبئة القاعدة الشعبية للحزب التي تجمع بين المشاعر الدينية والوطنية، خاصة في ظل التحالف الاستراتيجي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم.

مستقبل الصراع على إسطنبول

تشير التصريحات الأخيرة لكلا الطرفين إلى أن معركة السيطرة على إسطنبول – رمزياً وسياسياً – ستشهد تصاعداً في الأشهر المقبلة. وتظل المدينة، بثقلها التاريخي والاقتصادي والديموغرافي، الجائزة الكبرى في الصراع السياسي التركي، وهو ما تؤكده حدة الخطاب من جميع الأطراف.

Tags: اسطنبولتركيادولت بهجليفتح اسطنبول

مقالات مشابهة

  • مقرر الاتحاد الأوروبي: مستقبل تركيا يبدأ من سجن سيلفري
  • حملة اعتقالات واسعة لمسؤولين منتمين للمعارضة في إسطنبول
  • تركيا: أوامر اعتقال بحق 47 معارضًا بتهمة الفساد
  • حملة اعتقالات جديدة واسعة النطاق في تركيا تطال مسؤولين منتمين للمعارضة
  • أوزاني: “ضيعنا الفوز أمام “السياسي” ولكننا اقتربنا من تحقيق هدفنا”
  • الاجتماع التحضيري لمؤتمر الحوار السياسي الليبي في تونس.. إعلان خارطة طريق شاملة لإنهاء الانقسام وتحقيق الإصلاح
  • لافتات “الحرية لإمام أوغلو” تتسبب في غرامة لأمينة فرع الشعب الجمهوري
  • زعيم اليمين التركي يطلق تصريحات نارية بذكرى فتح إسطنبول: “الحصار الخبيث سينكسر”
  • “VFS” تكشف خفايا أزمة تأشيرات شنغن في تركيا
  • شباب يحتجون بقناع إمام أوغلو ضد حظر صوره وتسجيلات صوته