اتخاذ قرارات أمريكا العسكرية عبر تطبيق دردشة.. ما قصة تسريبات سيجنال؟
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
أزمة جديدة دخل فيها البيت الأبيض، تسمى بـ تسريبات سيجنال ، إذ ناقش عدد من مسؤولي نظام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطط عسكرية سرية عبر تطبيق دردشة.
وجد صحفي أمريكي نفسه، نتيجة خطأ ناجم عن خرق أمني فاضح، وقد أصبح عضوًا في مجموعة مراسلة عبر الهاتف ب تطبيق دردشة سيجنال تضمّ عددًا من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب حيث اطّلع على خطة عسكرية سرية للغاية لضرب المتمرّدين الحوثيين في اليمن.
أخبار متعلقة نالت إعجابه.. بوتين أهدى ترامب "بورتريه" مرسوم خصيصًا لهبقوة 6.8 درجة.. زلزال عنيف يضرب المحيط قبالة سواحل نيوزيلنداوردّا على سؤال بشأن هذا الخرق الأمني الفاضح الذي هزّ واشنطن الإثنين، قال ترامب "لا أعرف شيئا عن هذا الأمر. أسمع به منكم للمرة الأولى".
وانفجرت الفضيحة حين نشر رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك" جيفري غولدبرغ مقالا كشف فيه أنّ إدارة ترامب ضمّته من طريق الخطأ إلى مجموعة مراسلة عبر تطبيق سيغنال تباحث خلالها كبار المسؤولين الأمريكيين في تفاصيل خطة لشنّ غارات جوية ضدّ الحوثيين.
وأكّد البيت الأبيض صحّة ما أورده رئيس تحرير المجلة المرموقة التي يكنّ لها ترامب الكثير من العداء بسبب انتقاداتها لسياساته.
عن طريق الخطأ
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي براين هيوز "يبدو في هذا الوقت أنّ سلسلة الرسائل المذكورة في المقال أصلية، ونحن نحقّق في الطريقة التي أضيف بها رقم من طريق الخطأ" إلى مجموعة الدردشة.
ولاحقا، شدّد البيت الأبيض على أنّ ترامب ما زال داعما لفريقه لشؤون الأمن القومي.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة كارولاين ليفيت في بيان "ما زال لدى الرئيس ترامب ملء الثقة بفريقه للأمن القومي، لا سيّما مستشار الأمن القومي مايك والتز".
بالمقابل، سارعت المعارضة الديموقراطية إلى الانقضاض على الإدارة الجمهورية بسبب هذه التسريبات الخطرة.
وقال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر "إنه واحد من أكثر تسريبات الاستخبارات العسكرية إثارة للذهول"، داعيا إلى إجراء "تحقيق كامل".
وكان من الممكن أن يكون التسريب ضارّا للغاية لو نشر غولدبرغ تفاصيل الخطة مسبقا، لكنّه لم يفعل ذلك حتى بعد بدء الغارات في مارس.
وفي مقاله قال غولدبرغ إنّ "قادة الأمن القومي الأمريكي ضمّوني إلى محادثة جماعية حول الضربات العسكرية المقبلة في اليمن. لم أكن أعتقد أنّ ذلك قد يكون حقيقيا، ثم بدأت القنابل بالتساقط".الأهداف والأسلحة والتوقيت
وأضاف أنّ وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث أرسل على مجموعة المراسلة معلومات عن الضربات بما في ذلك "الأهداف والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة وتسلسل الهجمات".
وتابع "وفقا لرسالة هيغسيث الطويلة، سيتم الشعور بأولى الانفجارات في اليمن بعد ساعتين، الساعة 1:45 مساء بالتوقيت الشرقي"، وهو سرعان ما تأكّد على أرض الواقع في اليمن.
وقال غولدبرغ إنّ القصة بدأت في 11 مارس بمبادرة من والتز الذي أضافه إلى هذه الدردشة الجماعية عبر تطبيق سيغنال الذي يُعتبر استخدامه شائعا بين المراسلين والسياسيين بفضل السريّة التي يتمتّع بها.
وأوضح أنّ مجموعة المراسلة ضمّت ما مجموعه 18 مسؤولا كبيرا جدا، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ونائب الرئيس جاي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف.
وبحسب مقال غولدبرغ فقد قال فانس في 14 مارس عبر مجموعة المراسلة إنّ شنّ هذه الغارات سيكون "خطأ" لأنّه يكره "إنقاذ أوروبا مرة أخرى" كون دولها أكثر تضررا من بلاده من هجمات الحوثيين على السفن.
وتعليقا على موقف فانس قال مستشار الأمن القومي مايك والتز ووزير الدفاع بيت هيغسيث إنّ واشنطن وحدها قادرة على تنفيذ المهمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - مشاع إبداعي
ووفقا للمقال فقد كتب نائب الرئيس مخاطبا وزير الدفاع "إذا كنت تعتقد أنّ الأمر ضروري، فلنفعله. أنا أكره أن أساعد الأوروبيين مرة أخرى"، ليجيب هيغسيث "أوافقك الرأي تماما. أكره سلوك الأوروبيين الاستغلالي. إنه أمرٌ مثير للشفقة"، قبل أن يبرّر ضرورة شنّ الهجوم بوجوب "إعادة فتح الممرّات البحرية".
وبعد انتهاء الغارات، هنّأ أعضاء مجموعة الدردشة بعضهم بعضا بنجاح العملية، مستخدمين في ذلك عددا كبيرا من الرموز التعبيرية "إيموجي"، وفقا للمقال.
وفي مقاله قال غولدبرغ "لم أصدّق أنّ مجلس الأمن القومي الرئاسي سيكون متهوّرا لدرجة إشراكه رئيس تحرير مجلة أتلانتيك" في مجموعة المراسلة هذه.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي إنّ هذه المحادثة "تشكّل دليلا على التنسيق العميق والمدروس بين كبار المسؤولين".
لكنّ المعارضة لم تشاطره هذا الرأي.
أكبر فشل ممكن
وكتب بيت بوتيدجيدج، الوزير السابق والشخصية البارزة في الحزب الديموقراطي، على منصّة "إكس" أنّه "من منظور أمني تشغيلي، يُعدّ هذا أكبر فشل ممكن".
وأضاف "هؤلاء الأشخاص ليسوا قادرين على حفظ أمن أميركا".
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: واشنطن الأمن القومی عبر تطبیق فی الیمن
إقرأ أيضاً:
الوزن العربي في التأثير على قرارات ترامب
تلقّى جيش الاحتلال الإسرائيلي ضربة استخبارية وعمليّاتية أخرى، تُضاف إلى سلسلة الإخفاقات والاختراقات السابقة التي بدأت بالاختراق الإستراتيجي الخطير في «طوفان الأقصى».
مقتل زعيم الميليشيا المسمّاة زوراً «القوات الشعبية»، ياسر أبو شباب، شكّل بالتأكيد صفعة لأجهزة الأمن وجيش الاحتلال.
بغضّ النظر عن الطريقة التي قضى فيها، فإن الفشل في هذه المرّة، يتعلّق بمراهنات عقدها جيش الاحتلال على ثلّة محدودة من المعروف تاريخهم الجنائي في مجال التهريب والمخدّرات والسرقة، لكي يشكّلوا عاملاً لإحداث الفوضى، وعدم الاستقرار في قطاع غزّة، كعامل احتياطي في حال فشلت المحاولات الإسرائيلية في تحقيق ما فشلت في تحقيقه خلال حرب السنتين.
قد يتأجّل أمر مصير العملاء لبعض الوقت، ولكن النتيجة واحدة وهي أنهم إمّا ستتم تصفيتهم من قبل المقاومة والشعب، وإمّا أن الاحتلال سيلقي بهم في مزابل النسيان كما فعل مع عملاء وظواهر مشابهة سابقة.
الاحتلال حاول أن يجد بدائل لأي حكم وطني فلسطيني في القطاع، لكنه فشل في استمالة رؤساء العشائر، وفشل في استمالة بعض الشخصيات الفلسطينية، ولم يجد سوى تجنيد حفنة من الخارجين عن القانون.
إذا كان جيش الاحتلال بقضّه وقضيضه، لم ينجح في تحقيق الأهداف التي ظلّ ولا يزال بنيامين نتنياهو، المطلوب لـ»الجنائية الدولية» يكرّرها فكيف لحفنة معزولة، وخارجة عن الصفّ الوطني أن تفعل ما فشل الاحتلال في تحقيقه.
وبينما تندب دولة الاحتلال حظّها بمقتل أبو شباب، وتنشغل صحافتها، ومسؤولوها في أسباب وأبعاد هذا الفشل، يواجه نتنياهو وضعاً صعباً، إزاء الضغوط الأميركية والعربية والإسلامية، التي تسعى للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة دونالد ترامب.
ثمّة عقبات جدّية تحول دون التقدم نحو المرحلة الثانية:
الأولى، أن دولة الاحتلال خلال وطوال المرحلة الأولى، لم تتوقّف عن خرق الاتفاق، ما يعني فقد الثقة، من كافّة الأطراف إزاء إمكانية الالتزام، بل إن هذا السلوك يؤكّد أن حكومة الاحتلال تبحث عن كل طريقة لإفشال الخطّة.
الثانية، تتعلّق بطبيعة مهمّات قوّة حفظ الاستقرار وطبيعة تشكيلها.
ثمّة خلاف واضح بين ما تريده دولة الاحتلال وهو أن تكون القوّة، تنفيذية قتالية، تكمل الدور الذي فشلت في تحقيقه، وبين من يرى أن هذه القوة هي لمجرّد حفظ السلام، ومراقبة تنفيذ الخطة، وحماية الفلسطينيين من الاعتداءات الإسرائيلية.
حتى الآن فشلت كل المحاولات، في أن تجد من يتطوّع لإرسال قوة على المقاس الأميركي الإسرائيلي، لكن الاستجابة كانت صفراً.
حتى إندونيسيا التي أعلنت استعدادها لإرسال 20,000 جندي إلى القطاع، عادت لتوضّح أنها لن تقبل إرسال أي جندي للقتال ضد الفلسطينيين.
الدول العربية والإسلامية لا تزال تصرّ على موقفها من هذه القضية، وترى أن ثمّة طرقاً أخرى للتعامل مع سلاح المقاومة، ولكن ليس من خلال قوة دولية أو عربية قتالية.
الثالثة، تتعلّق بمسألة العلاقة بين الانسحابات الإسرائيلية ومسألة سلاح المقاومة، إذ ترفض دولة الاحتلال تنفيذ أيّ انسحابات إلّا بعد أن يتمّ نزع السلاح.
في الواقع فإن رفض المقاومة مسألة نزع سلاحها، مرتبط بالأساس بمبدأ حق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه بكلّ الوسائل التي تتيحها المواثيق الدولية.
وترفض دولة الاحتلال، فتح المعابر، وتدفّق المساعدات والمعدّات، والخيام، في سياق رفضها للبدء بعملية إعمار القطاع حتى بالمفهوم الأميركي، الذي يتحدّث عن «غزّة خضراء»، وأخرى صحراوية.
في هذا السياق، وبما يشير إلى إصرار الجانب الإسرائيلي على تنفيذ خطّة تهجير الفلسطينيين، تعلن دولة الاحتلال أنها يمكن أن تفتح معبر رفح، فقط للمغادرين.
ثمّة خبث إسرائيلي خلف هذا الموقف، فعدا إصرارها على التهجير إلى سيناء المصرية، تحاول أن تلقي على مصر المسؤولية عن استمرار غلق المعبر بمعنى أن دولة الاحتلال من جانبها مستعدّة لفتح المعبر للتخفيف عن السكّان، بينما مصر هي التي تحاصر القطاع.
تدرك مصر ويدرك الفلسطينيون، أبعاد هذا الموقف الإسرائيلي، وما ينطوي عليه من مخاطر ورسائل خبيثة، خاصة أن الخطة الأميركية، تنصّ على حقّ الفلسطينيين في الخروج والعودة دون أيّ شروط أو قيود.
هذا العنوان، موضوع فشل آخر للمحاولات الإسرائيلية، حيث يرفض المصريون والفلسطينيون الموقف الإسرائيلي.
الرابعة، تتعلّق بمن سيدير القطاع، فعدا «مجلس السلام» الذي سيترأسه ترامب، بمشاركة مندوبين عن دول أخرى، بينها عربية وإسلامية، لا يقبل الفلسطينيون، وأيضاً الوسطاء العرب والمسلمون أن تكون هناك هيئة وسيطة بين الإدارة التي ينبغي أن تكون فلسطينية وبين «المجلس».
التفاعل بين الأطراف المعنية، سواء الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاحتلال، أو الدول العربية والإسلامية (مجموعة الثماني)، تشير إلى أن ترامب لا يستطيع كل الوقت محاباة الجانب الإسرائيلي، وتمرير مواقفه.
لا شكّ في أن استدعاء نتنياهو إلى واشنطن في الأيّام القريبة المقبلة، سيحمل معه بعض التعديلات التي لا يرضى عنها، ولكنه، أيضاً، لا يستطيع أن يرفضها أو يعطّلها، طالما أنه بحاجة إلى دعم ترامب فيما يتعلّق بإمكانية العفو عن الاتهامات التي يواجهها أمام القضاء الإسرائيلي.
ترامب أعلن أنه سيتجاوز موضوع جثّة الإسرائيلي التي لم يتمّ العثور عليها حتى الآن، لكنه، أيضاً، يحتاج إلى المال العربي، لتغطية نفقات إعادة الإعمار، ولذلك فإن الموقف العربي يحظى بوزن مهمّ في التأثير على قراراته أكثر من تأثير نتنياهو وحكومته.
الأيام الفلسطينية