نيويورك تايمز: الصين تشعر بالحذر تجاه عقد قمة بين ترامب وشي
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
تشعر الصين بالحذر تجاه عقد قمة ثنائية بين رئيسها شي جين بينج ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، متسائلة عن أسباب هذا القلق.
وذكرت الصحيفة، في سياق تحليل نشرته أمس الاثنين، أنه بعد أن أظهر ترامب رغبة في لقاء شي، يبدو ترتيب هذه القمة بطيئا وصعبا.
وقالت إن السيناتور ستيف داينز، الجمهوري من مونتانا، الذي زار بكين هذا الشهر ممثلا غير رسمي لترامب، أوضح أن أحد الأهداف الرئيسية لرحلته هو تمهيد الطريق لقمة رئاسية، وبعد لقائه نائب رئيس الوزراء الصيني للسياسة الاقتصادية، هي ليفينج، صرح داينز بأنه يعتقد أن القمة ستُعقد بحلول نهاية العام - وهي وتيرة أبطأ مما توقعه الكثيرون في واشنطن.
وبحسب الصحيفة، قال مسؤولون في الحزب الشيوعي الصيني ومستشارون حكوميون في مقابلات أُجريت معهم خلال الأسبوع الماضي بأنهم فوجئوا بتحركات ترامب المتسرعة بشأن الرسوم الجمركية، وجرينلاند، وأوكرانيا، وقضايا أخرى. كما فوجئوا بمعاملته "العدائية" العلنية لقادة أجانب مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ونتيجة لذلك، فهم حذرون بشأن تحديد موعد لعقد قمة بين شي وترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوترات بين بكين وواشنطن قد تتفاقم هذا الأسبوع، مع دخول مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب حيز التنفيذ.
وقالت النيويورك تايمز إن المسؤولين الصينيين يشعرون بحالة من التردد في تحديد موعد لعقد قمة قبل أن يتفاوض الجانبان مسبقا على التفاصيل، بما في ذلك اتفاق بين البلدين يستمر حتى نهاية ولاية ترامب، ولم تُحدد إدارة ترامب بعد ما الشكل الذي قد يكون عليه أي اتفاق مقبول بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة عن وقال وو شينبو، عميد معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان في شنغهاي، قوله: "يعتقد الجانب الصيني أن إدارة ترامب لم تتوصل بعد إلى حل نهائي بشأن كيفية التعامل مع الصين والتوصل إلى اتفاق".
وأضاف وو، الذي كان جزءا من وفد غير رسمي من كبار المسؤولين الصينيين المتقاعدين والمستشارين الأكاديميين الذين التقوا بمسؤولين وخبراء أمريكيين الشهر الماضي في الولايات المتحدة: "يرغب الجانب الصيني في انتظار إشارة بناءة وعقلانية من الإدارة".
وأشار خبيران صينيان آخران، مُطلِعان على المناقشات بين الولايات المتحدة والصين، إلى إمكانية لقاء الزعيمين في مدينة نيويورك بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، لكن الخبيرين، غير المُخولين بالتعليق، قالا إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومتان ستُحرزان تقدما كافيا بحلول ذلك الوقت.
ووفقا للصحيفة، أجرى هي ليفينج مكالمة فيديو الأسبوع الماضي مع جيميسون جرير، المُمثل التجاري الأمريكي. وأعرب هي عن قلقه إزاء فرض ترامب جولتين من الرسوم الجمركية بنسبة 10% على السلع الصينية حتى الآن هذا العام.
وأوضحت الصحيفة أن الصين ردت بالفعل على الرسوم الجمركية الأولية التي فرضها ترامب على السلع الصينية بفرض رسوم جمركية إضافية على واردات الوقود الأحفوري والمنتجات الزراعية الأمريكية.
ولفتت الصحيفة إلى أن زيارة السيناتور داينز هي الزيارة الثانية فقط من جانب عضو بالكونجرس الأمريكي إلى الصين منذ أكثر من خمس سنوات. غير أن بكين لم تُكافئ الجانب الأمريكي على جهود داينز. وفي خطوة غير مُعلنة في 16 مارس الجاري، أوقفت الصين، أكبر مستورد للحوم البقر في العالم، جميع وارداتها تقريبا من لحوم البقر الأمريكية، وكانت الصين تشتري سابقا لحوما أمريكية بقيمة مليار دولار سنويا، معظمها من ولاية داينز.
وفي مارس 2020، منحت بكين تراخيص لمدة خمس سنوات لمئات المسالخ الأمريكية لتصدير لحوم البقر إلى الصين. جاء ذلك بعد سنوات من الانقطاعات المتفرقة في الشحنات بسبب الخلافات التجارية ومخاوف الصين بشأن مرض جنون البقر في الولايات المتحدة، على الرغم من أن خبراء الصحة الحيوانية الدوليين وجدوا أن لحوم البقر آمنة.
وأدى انتهاء صلاحية تراخيص التصدير مؤخرًا إلى إغلاق السوق الصينية فعليا، إذ انخفضت الشحنات إلى 54 طنا في الأسبوع الذي تلا انتهاء صلاحيتها، من حوالي ألفي طن أسبوعيا.
وتقول الصحيفة الأمريكية أن قرار بكين بعدم تجديد تراخيص المسالخ شكل ضغطا على داينز الذي قال إنه "لا يمكن المبالغة في تأثير هذا القرار على مربي الماشية في الولايات المتحدة، ولهذا السبب أثرتُ هذه المسألة مباشرةً مع نائب رئيس الوزراء هي ليفينج"، مضيفا أنه "يدعو الصين إلى التراجع عن هذا القرار".
من جانبه، أعلن مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أنه "ليس على علم" بنزاع ترخيص المسالخ.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الصين ترامب قمة نيويورك تايمز الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة
إقرأ أيضاً:
إعادة التقييم الكبرى: لماذا يغير الغرب موقفه تجاه فلسطين؟
يشهد المشهد الدبلوماسي الغربي إعادة معايرة عميقة وجذرية فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. فلم تكن موجة الاعترافات الأولية بدولة فلسطين من قبل إسبانيا وأيرلندا والنرويج في أيار/ مايو 2024 حدثا معزولا، بل كانت الشرارة التي أطلقت سلسلة من التحركات الدبلوماسية الأوسع نطاقا. وقد وصل هذا الزخم الآن إلى قلب مجموعة السبع (G7)، حيث أبدت قوى كبرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا عزمها على أن تحذو حذوها.
يمثل هذا التحول المنسق أهم تطور في المقاربة الغربية للصراع منذ عقود، ويأتي مدفوعا بإحباط عميق من عملية سلام وصلت إلى طريق مسدود، وبالإلحاح الذي فرضته الكارثة الإنسانية في غزة، وبتحول استراتيجي يتمثل في استخدام الاعتراف ليس كمكافأة نهائية للسلام، بل كأداة حيوية لجعله ممكنا.
انهيار الإطار القديم
لسنوات، ساد إجماع غربي، بقيادة الولايات المتحدة، على أن الاعتراف بدولة فلسطين يجب أن يكون تتويجا لاتفاق سلام ناجح يتم التوصل إليه عبر المفاوضات. لكن هذه السياسة كانت مبنية على فرضية وجود عملية سلام قابلة للحياة، إلا أنها انهارت بالكامل.
مع غياب أي مفاوضات جوهرية لأكثر من عقد من الزمن، واستمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، تضاءلت فرص قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وقابلة للحياة. وقد توصل عدد متزايد من القادة الغربيين إلى قناعة بأن انتظار التوصل إلى تسوية تفاوضية لم يعد سوى تكريس لوضع راهن آخذ في التدهور، وقد أدى ذلك إلى انعطافة فكرية أساسية مفادها أنه لإنقاذ حل الدولتين، يجب أولا ترسيخ أساسه "الدولة الفلسطينية" على الصعيد السياسي.
غزة: المحفز الإنساني للتحرك
وفي حين أن الإحباط الدبلوماسي كان يتصاعد منذ سنوات، إلا أن الحرب في غزة التي اندلعت في أواخر عام 2023 كانت بمثابة العامل المحفز الحاسم. إن الحجم الهائل للخسائر في صفوف المدنيين، والدمار الواسع، وتقارير الأمم المتحدة الموثقة حول تفشي الجوع والتهديد بالمجاعة، جعلت التقاعس السياسي موقفا لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا أو سياسيا.
لقد حولت الأزمة الإنسانية مفهوم "الجمود" الدبلوماسي المجرد إلى حقيقة مؤلمة من المعاناة البشرية. وبالنسبة للعديد من الحكومات، فإن الاستمرار في انتظار اللحظة الدبلوماسية المثالية بينما يواجه السكان كارثة لم يعد موقفا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا أو سياسيا، فقد وفّرت الأزمة الدافع الملحّ لاستخدام الأدوات الدبلوماسية المتاحة، وكان الاعتراف أقواها.
القوى الكبرى ترسم مسارا جديدا ومشروطا
لقد كسرت الخطوة الأولية التي اتخذتها الدول الأوروبية الأصغر المحظور الدبلوماسي، والآن، تعتمد القوى الأكثر نفوذا على هذا الزخم، وإن كان ذلك بمقاربات استراتيجية ومشروطة تعكس ثقلها العالمي.
فرنسا: بعد أن كانت تؤيد الاعتراف في التوقيت "الأنسب"، تحولت فرنسا إلى جدول زمني محدد. وفي إطار الحاجة إلى إحياء مسار السلام، أعلنت باريس عن نيتها الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2025. وتُقدَّم هذه الخطوة كتدخل ضروري للحفاظ على إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مستقبلي.
المملكة المتحدة: انتهجت لندن سياسة "الاعتراف المشروط"، وهي شكل قوي من أشكال الضغط الدبلوماسي. فقد أعلنت المملكة المتحدة أنها ستنضم إلى الاعتراف بفلسطين هذا الخريف ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لتغيير الوضع على الأرض، تشمل وقفا دائما لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والالتزام بعملية سلام طويلة الأمد. وتستخدم هذه المقاربة وعد الاعتراف كرافعة دبلوماسية مباشرة للضغط من أجل تغيير السياسات.
كندا: يعتبر تحول كندا، الحليف التقليدي القوي لإسرائيل والولايات المتحدة، لافتا بشكل خاص. فاستجابة للضغوط الداخلية الهائلة والإجماع الدولي المتغير، أشارت أوتاوا إلى خطتها للاعتراف بفلسطين. ومع ذلك، فإن اعترافها مرتبط بشروط مفروضة على السلطة الفلسطينية، تطالبها بالتزامات تتعلق بالإصلاحات الحكومية وإجراء انتخابات، مع استبعاد أي دور لحركة حماس. وهذا يسمح لكندا بتعزيز قضية الدولة مع الحفاظ على مبادئها الأساسية المتعلقة بالديمقراطية والأمن.
انقسام مستمر
على الرغم من أهميته، فإن هذا التحول الغربي ليس محل إجماع. فلا تزال كتلة من الدول، بما في ذلك ألمانيا والنمسا، مترددة. وتتشكل مواقف هذه الدول بفعل مسؤولياتها التاريخية الفريدة وإيمانها الراسخ بأن الاعتراف يجب أن ينبع من اتفاق ثنائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، محذرة من أن أي خطوة أحادية الجانب قد تقوض المفاوضات المباشرة بدلا من أن تدعمها. هذا الانقسام المستمر، مع احتفاظ الولايات المتحدة أيضا بموقفها التقليدي، يسلط الضوء على التعقيدات العميقة والحسابات الاستراتيجية المتباينة داخل المعسكر الغربي.
في الختام، يمكن القول إن الحركة الغربية المتنامية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية هي استجابة مباشرة لإطار دبلوماسي فاشل، فضلا عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة. هذه السياسة، التي تقودها طليعة من الدول الأوروبية وتدعمها الآن قوى من مجموعة السبع، تمثل تغييرا جوهريا في الاستراتيجية. لم يعد يُنظر إلى الاعتراف على أنه نهاية طريق السلام، بل كحجر أساس ضروري في الطريق نحوه. وفي حين أن التأثير النهائي لهذه التحركات لا يزال غير واضح، إلا أنها غيرت المشهد السياسي الدولي بشكل لا رجعة فيه، معلنة نهاية إجماع قديم وفجر عصر دبلوماسي جديد أكثر حزما.