في يومهم الوطني.. أطفال غزة تحت مقصلة الإبادة الإسرائيلية
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
غزة – في يوم الطفل الفلسطيني الموافق 5 أبريل/ نيسان من كل عام، تواصل إسرائيل منذ 18 شهرا حرمان الأطفال في قطاع غزة من أبسط حقوقهم جراء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها، ما تسبب في مآس إنسانية جسيمة من قتل وتهجير وتيتيم وتجويع.
ففي الوقت الذي يجهز فيه أطفال العالم حقائبهم صباح كل يوم استعدادا ليوم دراسي حافل، يستيقظ أطفال غزة على دوي انفجارات ضخمة ومشاهد للموت والدمار بينما عاد عشرات الآلاف منهم لتجهيز حقائبهم استعدادا لإنذارات الإخلاء الإسرائيلية.
وبينما يداوي أطفال العالم جراحاتهم بتقربهم من والديهم خلال فتراتهم الحرجة، فإن عشرات الآلاف من أطفال غزة باتوا أيتاما، وفق ما تؤكده تقارير إحصائية وحقوقية.
ومنذ بدء إسرائيل حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه أطفال القطاع أوضاعا كارثية، حيث أفادت تقارير حكومية فلسطينية بأن الأطفال والنساء يشكلون ما يزيد على 60 بالمئة من إجمالي ضحايا الإبادة الجماعية المتواصلة.
ويشكل الأطفال دون سن 18 عاماً 43 بالمئة من إجمالي عدد سكان دولة فلسطين الذي بلغ نحو 5.5 ملايين نسمة مع نهاية عام 2024، توزعوا بواقع 3.4 ملايين في الضفة الغربية و2.1 مليون بقطاع غزة، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
هذه الإبادة لاحقت الأطفال بمختلف مراحلهم العمرية، بدءا بالأجنة في أرحام أمهاتهم، مرورا بالخدج بعمر أقل من 9 أشهر داخل الحضانات، وحتى السن التي حددتها اتفاقية حقوق الطفل الأممية على ألا يتجاوز “18 عاما”.
وخلال أشهر الإبادة، قتلت إسرائيل بغزة نحو 17 ألفا و954 طفلا بحسب بيان جهاز الإحصاء الفلسطيني في بيان، عشية يوم الطفل الفلسطيني.
فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، في 1 أبريل الجاري، إن 322 طفلا قتلوا وأصيب 609 آخرون منذ استئناف إسرائيل الإبادة الجماعية وخرقها وقف إطلاق النار في 18 مارس/ آذار الماضي.
وأضافت المديرة التنفيذية ليونيسف كاثرين راسل، أن الأطفال بغزة أُجبروا على العودة إلى دائرة مميتة من العنف عقب انهيار وقف إطلاق النار، ودعت جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم في إطار القانون الإنساني الدولي.
وفي 18 مارس الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الفائت، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
** قتل أطفال خدجفي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى “النصر” للأطفال غرب مدينة غزة، وأجبر الطواقم الطبية على المغادرة تحت ترهيب النيران، فيما رفض إجلاء الأطفال الخدج، ما تسبب بوفاة 5 منهم، وفق ما أوردته وزارة الصحة بالقطاع آنذاك.
بعد الانسحاب من حي النصر بغزة، تم العثور على جثث هؤلاء الخدج الخمسة متحللة داخل الحضانات وعلى أسرة المستشفى بعدما فرض عليهم الجيش الإسرائيلي الانقطاع عن العلاج اللازم لبقائهم على قيد الحياة.
** قتل أطفال دون عاموأفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيان، بأن الجيش الإسرائيلي قتل من بين إجمالي الضحايا الأطفال نحو 274 رضيعا.
وقال إن هؤلاء الرضع “ولدوا واستشهدوا تحت القصف الإسرائيلي”.
فيما أوضح أن 876 طفلا دون عام واحد قتلتهم إسرائيل على مدى أشهر الإبادة الجماعية.
** الاستهداف بالحرمان من الحقوقومنذ بدء الإبادة، قتلت إسرائيل فلسطينيين بينهم أطفال وذلك بحرمانهم من حقوقهم الأساسية بالسكن والمأكل والمشرب ومنع الإمدادات الرئيسية والمساعدات عنهم.
ورغم التحذيرات الدولية من خطورة هذه الإجراءات التي تسببت بوفاة العشرات بينهم أطفال، تواصل إسرائيل هذه السياسة وتستخدمها سلاحا ضد الفلسطينيين.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قال إن 52 طفلا قضوا بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية وسوء التغذية الممنهج.
فيما قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عبر بيان في 23 مارس الماضي، إن 3 آلاف و500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والجوع.
إلى جانب ذلك، فإن حرمان الأطفال من السكن بعدما دمرت إسرائيل معظم منازل القطاع بنسبة بلغت 88 بالمئة من البنى التحتية، ومنعها لاحقا إدخال خيام النزوح والبيوت المتنقلة “الكرفانات”، أدى إلى مقتل 17 طفلا جراء البرد القارس داخل الخيام المهترئة.
ورغم التحذيرات الدولية من خطورة تعرض الأطفال للبرد القارس والشتاء والمطالبات بإدخال الخيام والكرفانات لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة للنازحين، تعنتت إسرائيل وأصرت على مواصلة ممارسات الإبادة.
كما يحرم الأطفال من حقهم في التعليم، الذي ما لبثوا أن استعادوه لأقل من شهر خلال فترة وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل سرعان ما فتكت به.
** أطفال مبتورونقال ملك الأردن عبد الله الثاني، في 2 مارس الماضي، إن في قطاع غزة أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف على مستوى العالم مقارنة بعدد السكان.
هذا ما أكده المفوض العام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، حينما أعلن في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وجود “جائحة إعاقة” بقطاع غزة.
وقال في منشور على منصة إكس آنذاك، إن “غزة تضم الآن أعلى معدل في العالم من مبتوري الأطراف من الأطفال نسبة لعدد السكان، كثير منهم فقدوا أطرافهم وخضعوا لعمليات جراحية دون تخدير”.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عبر بيانه في 23 مارس، إن 4 آلاف و700 فلسطيني تعرضوا لحالات بتر جراء الإبادة الإسرائيلية، بينهم 18 بالمئة من الأطفال.
** أطفال أيتامقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيانه السابق، إن 39 ألفا و384 طفلا بغزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال الإبادة.
وأفاد بأن حوالي 17 ألف طفل من بين هؤلاء حرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أو رعاية.
وأضاف: “يعيش هؤلاء الأطفال في ظروف مأساوية، حيث اضطر الكثير منهم للجوء إلى خيام ممزقة أو منازل مهدمة، في ظل غياب شبه تام للرعاية الاجتماعية والدعم النفسي”.
وبحسب تقارير حقوقية سابقة، فإن سبب ابتعاد الأطفال عن ذويهم هو القتل أو الاعتقال من قبل الجيش الإسرائيلي.
وفي فبراير/ شباط 2024، قال مدير اتصالات اليونيسف في الأراضي الفلسطينية جوناثان كريكس بالخصوص، “إن لكل طفل من هؤلاء قصة مفجعة”.
كما تسبب انفصال الأطفال عن ذويهم بتحملهم أعباء ومسؤوليات أكبر من أعمارهم فباتوا مسؤولين عن توفير الطعام والشراب لعائلاتهم ومقومات الحياة الأخرى، حيث انخرط مئات منهم في العمالة.
** ضغط نفسيفي 16 مارس الماضي، حذرت منظمة اليونيسف من أن الأطفال في فلسطين يواجهون أوضاعا “مقلقة للغاية”، حيث يعيشون في “خوف وقلق شديدين”، ويعانون تداعيات حرمانهم من المساعدة الإنسانية والحماية.
فيما قال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في 24 يناير الماضي، إن “مليون طفل بقطاع غزة يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي بسبب الاكتئاب والقلق وأفكار الانتحار” الناجمة عن الإبادة.
وأضاف فليتشر في جلسة لمجلس الأمن الدولي: “على مدى 15 شهرا في غزة (خلال الإبادة وقبل استئنافها)، قُتل الأطفال، وتُركوا للجوع، وماتوا من البرد”.
وأوضح أن الأطفال في غزة يفقدون مدارسهم وتعليمهم، وأن المصابين منهم بأمراض مزمنة يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها.
وأردف: “وفقا لصندوق الأمم المتحدة للطفولة، يحتاج مليون طفل إلى الدعم النفسي والاجتماعي بسبب الاكتئاب والقلق وأفكار الانتحار. تعرض جيل كامل لصدمة نفسية”.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی الجیش الإسرائیلی الإبادة الجماعیة وقف إطلاق النار مارس الماضی الأطفال فی أن الأطفال بالمئة من
إقرأ أيضاً:
أطفال الصيف بين مطرقة الحاجة وسندان الإهمال
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
مع بداية كل صيف، تتكرر المشاهد ذاتها في شوارع المدن والأسواق العراقية أطفال يبيعون المناديل، ينظفون الزجاج، أو يعملون في الورش والطرقات تحت شمس لاهبة قد تتجاوز حرارتها الخمسين درجة مئوية. ليست هذه مجرد صور عابرة، بل هي دلائل صارخة على أزمة متجذرة عنوانها “عمالة الأطفال”، التي تتفاقم مع انتهاء العام الدراسي ودخول العطلة الصيفية.
في العراق، لا تقتصر عمالة الأطفال على كونها مخالفة للقانون أو انتهاكاً لحقوق الطفولة، بل تحولت إلى ظاهرة اجتماعية مقلقة، تتداخل فيها عوامل الفقر، ضعف الوعي، غياب الرقابة، وتراجع الخدمات الاجتماعية. ومع تزايد معدلات الفقر والبطالة بين الأسر العراقية، تُدفع أعداد متزايدة من الأطفال إلى سوق العمل في سن مبكرة، لا لشيء إلا للمساهمة في إعالة أسرهم، ولو على حساب صحتهم ومستقبلهم.
يواجه هؤلاء الأطفال، الذين يفترض أن يكونوا في الملاعب أو بين صفحات الكتب، مخاطر جسدية ونفسية جمة. فالتعرض للشمس الحارقة، والأعمال الشاقة، والمعاملة القاسية، كلها عوامل تؤدي إلى إنهاكهم جسدياً وتعريضهم لحوادث خطيرة. كما أنهم معرضون للاستغلال من قبل أرباب العمل أو حتى المتحرشين، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية فعلية.
هنا يبرز دور الأسرة أولاً، كخط الدفاع الأول في حماية الطفل. فعلى الأهل أن يدركوا أن إرسال الطفل للعمل ليس حلاً للفقر، بل مدخلاً لدائرة أوسع من الحرمان والجهل. التعليم، رغم ظروفه الصعبة، يبقى طوق النجاة الوحيد لهؤلاء الأطفال نحو مستقبل أفضل. كما أن على الأسر المطالبة بحقوقها في دعم اجتماعي حقيقي يوفر لها الحد الأدنى من الكرامة، دون الحاجة إلى التضحية بأطفالها.
أما الحكومة، فعليها أن تتوقف عن التغاضي، وأن تتعامل مع هذه الظاهرة بوصفها قضية أمن اجتماعي وإنساني. المطلوب ليس فقط قوانين تُحظر عمالة الأطفال – فهذه موجودة أصلاً – بل تطبيق صارم لها، ومتابعة ميدانية، وتوفير بدائل حقيقية من خلال برامج صيفية تعليمية وترفيهية تحمي الأطفال وتشغل أوقات فراغهم بشكل مفيد. كذلك يجب دعم العائلات الفقيرة بمساعدات مالية مشروطة بعدم تشغيل أطفالها، كما تفعل بعض الدول في برامج الحماية الاجتماعية .
إن صيف الأطفال يجب أن يكون موسماً للراحة، للعب، للنمو، وليس ساحة عمل ومعاناة. ولعل الوقت قد حان لوقفة وطنية شاملة، تشارك فيها الدولة، الأسرة، ومنظمات المجتمع المدني، لإعادة رسم خارطة الطفولة في العراق، وإنقاذ جيل بأكمله من الضياع في الشوارع.
ختاما كل طفل يُجبر على العمل اليوم، هو مستقبل مهدور غداً.
انوار داود الخفاجي