ما وراء صراع مليشيات تحالف العدوان في باب المندب؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
يمانيون – متابعات
بين الحين والآخر تشهد منطقة باب المندب الواقعة في الغرب الجنوبي لليمن، صراعات محمومة تضع خططها مسبقاً وتدير عملياتها عن بعد أنظمة الاحتلال السعو – أماراتي في حين توكل مهمة التنفيذ إلى ميليشياتها المسلحة.
مؤشرات الصراع المزمن في منطقة باب المندب تلوح بمعركة جديدة قد تدور رحاها قريباً بين شريكي تحالف العدوان السعودي ـ الإماراتي ومرتزقتهم ومن خلفهم القوى الإقليمية والدولية المشرفة على توجيه الأوامر المركزية وصولا إلى السيطرة على بوابه اليمن وشريانه المائي.
أطماع خفية
الاستعراضات المسلحة الأخيرة في منطقة باب المندب ومحيطها المائي، التي بدأت بتصريحات نارية في إطار حربهما الإعلامية على منصات التواصل الاجتماعي بين عضو ما يسمى مجلس القيادة المرتزق طارق عفاش المدعوم إماراتياً ومرتزقة من الصبيحة موالون للسعودية، تأتي ضمن مخطط الصراع الخفي المستوردة أفكاره من دهاليز دول تحالف العدوان وخبث الأطماع الصهيو-أمريكية للنفوذ على المضيق البحري والممر المائي الأهم في العالم.
توحي تلك الاستعراضات المستبقة تحركات القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر كمحاوله الطرف الأقوى على فرض سيطرته على الأرض ومن ثمَ تقديمها كقربان إثبات ولاء لجنرالات الأسطول الخامس الأمريكي الذي وصل مؤخرا إلى مياه البحر الأحمر.
تكلفة باهظة الثمن
حكومة صنعاء لم تقف صامته، فقد حذرت تحالف العدوان ومرتزقته على لسان وزير دفاعها اللواء ركن محمد ناصر العاطفي، محذراً تواجد دول الاحتلال ومرتزقته غير المشروع في منطقة باب المندب والمياه الإقليمية اليمنية.. وقال: “ستكون كلفة تواجدكم في المضيق الذي يخدم العالم باهظة الثمن”.
وأشار إلى انكشاف سيناريوهات العدو الإرهابية في السيطرة البحرية على الموانئ والجزر والمياه الإقليمية واحتضانه عناصر الإرهاب والقرصنة.
وأضاف العاطفي خلال لقائه قيادات القوات البحرية في ال 31 يوليو 2023، وفقاً لموقع وكالة (سبأ): ” قواتنا البحرية المسلحة قادرة على تأمين وحماية الملاحة البحرية في المنطقة وفقا للقوانين والأعراف الدولية ولن نحيد عنها قيد أنملة”.. مؤكدا أن منطقة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، والنطاق الحيوي والاستراتيجي للبحر العربي والمحيط الهندي، هي النطاق الجيوبولتيكي للقوات المسلحة اليمنية وسياستها الدفاعية.
وزير الدفاع دول العاطفي خاطب تحالف العدوان محذراً: “سنقابل التحدي بالتحدي، والتصعيد بالتصعيد، والقصف بالقصف، والاحتلال بالمقاومة، والمناورات بالتطبيق العملي، والسلام بالسلام”.
صراع مليشيات العدوان
الرواية الإعلامية تروي قصة صراع مليشيات العدوان في منطقه باب المندب، منذ بدئها نهاية يوليو الماضي 2023، بالتراشق الإعلامي الحاد ومطالب مجاميع قبائل الصبيحة المدعومة سعودياً وإماراتيا بالعتاد العسكري، بتوقف تمدد ميليشيات المرتزق طارق عفاش وانسحابها من مناطق مديرية ذُوباب التي تدعي تبعيتها لمحافظة لحج، في حين تتبع حالياً محافظة تعز وفق التقسيم الإداري بعد العام 1990.
حسب الرواية الإعلامية، فإن مجاميع مسلحي من قبائل الصبيحة وميليشيات ما يسمى اللواء التاسع صاعقة بقيادة المرتزق فاروق الكعلولي، أجبرت عناصر المرتزق عفاش على الانسحاب، في حين نفى إعلام الأخير صحة الخبر وسيطرة قبائل الصبيحة على معسكره المتمركز في منطقة باب المندب.
إلى ذلك وفي محاوله للتهدئة أصدر المرتزق عفاش، بيان نفى فيه أي تحركات ضد أي طرف وانما ضمن خطة عسكرية تأمينية في نطاق المسرح العملياتي.
سبق أن حذر المرتزق فاروق الكعلولي أواخر يوليو الماضي من تقدم عناصر المرتزق عفاش تجاه مناطق مديرية الصبيحة في باب المندب، وقال في منشور له على حسابه بمنصة “فيس بوك”: “على قوات المرتزق طارق عفاش سرعة الانسحاب من باب المندب خلال 24 ساعة مالم جنت على نفسها”.
وتداول ناشطون على منصة تويتر “إكــxـــس”، مقطع فديو يظهر تجوّل مجاميع قبائل الصبيحة في مناطق رأس العارة وباب المندب، كدليل يثبت سيطرتها على المنطقة.
بداية القصة
ترجع خلفية القصة حسب الرواية المحلية، إلى العام الماضي، حين أفتتح المرتزق طارق عفاش مشروعاً لتحلية المياه في منطقة العرضي التابعة لمديرية ذُوباب وفقاً للتقسيم الإداري عقب الوحدة، واضعاً مرتزقته لحماية المشروع الخيري، بالتنسيق مع ما تسمى قيادة اللواء 17 عمالقة المتمركز في المنطقة.
وفي مطلع يونيو 2023، عزز المرتزق عفاش المنطقة ذاتها بمعدات وآليات عسكرية التي سبق تعزيزها بمجاميع مسلحة، والتي اعتبرت ما تسمى قوات العمالقة تلك الخطوة محاولة للسيطرة على المنطقة.
تأجيج الصراع
في السياق، يرى خبراء عسكريون أن دولتي الاحتلال السعو – إماراتي تعملان على تغذية الصراع بين أوساط ميليشياتها لتأجيج الصراع وصولا إلى سيطرة الأقوى على أهم ممر مائي في العالم.
ويرى آخرون، أن التحركات العسكرية والقبلية المسلحة الأخيرة في المنطقة هدفه إذكاء الصراع الشطري المسلح بين القبائل على النقاط الحدودية في إطار المخطط العدواني لتفكيك وحده البلاد.. وأن هناك قوى عالمية تقف وراءه وتراقب نتائجه وانتظار الوقت المناسب لتدخلها العسكري للسيطرة الكاملة على المنطقة.. معزين ذلك الصراع إلى غياب الدولة، وأن تأجيج وإطالة أمد الصراع في المنطقة يأتي ضمن أهداف دولتي الاحتلال السعو – إماراتي الاستعمارية، بغية الحصول على قرار دولي يدرج إدارة منطقة باب المندب تحت وصايتهما لعشرات السنين.
وبنظر عسكريون، فقد كشف الصراع بين أدوات العدوان، مدى التناقض في الأهداف والتوجهات والأطماع بين المرتزقة.. متسائلين، هل تأتمر ما تسمى قوات المرتزقة بأمر المرتزق وزير الدفاع أو أن الصراع خارج سيطرة وزارته.
أطماع سعودية
وفي الآونة الأخيرة زادت حدة الصراعات بين دولتي الاحتلال السعو – أماراتي في جنوب اليمن المحتل والتي تتقاسم السيطرة عليه، حيث دفعت السعودية أواخر يوليو الماضي 2023، عناصر مليشيات ما تسمى قوات درع الوطن المتمركزة في مدينة عدن المحتلة، للتغلغل في محيط منطقة باب المندب.
دولة مصغرة
وحسب ما تداولته المواقع الإعلامية، فإن التحركات العسكرية والإنشائية في الساحل الغربي المحتل إماراتيا والمدار من قبل المرتزق طارق عفاش وتمدده تجاه محافظة لحج المحتلة، تأتي في إطار تنفيذ المخطط الاستعماري الإماراتي الخاص بإعلان إقليم جديد في اليمن والذي يجري تنفيذه بشكل مكثف خصوصاً من بعد تحرير القوات المسلحة واللجان الشعبية مديريات الشريط الساحلي من محافظة الحديدة نهاية2021.
الجدير ذكره أنه تم تدشين مشروع “الإقليم المصغر” رسميا في نوفمبر 2021 بإشراف مباشر من دويلة الاحتلال الإماراتي والتي بدأت تنفيذ خطتها المسربة مسبقاً، باستحداث إقليم “دولة مصغرة” في الغرب الجنوبي من البلاد.
يشار إلى أن دويلة الإمارات تحتل جزيرة “ميون” وأنشأت فيها قاعدة عسكرية في حين تخلو من الوجود العسكري لأي قوات مسلحة يمنية.
وتسيطر ميليشيات المرتزق عفاش على مديريات المخا وذُوباب الواقعة ضمن الشريط الساحلي الغربي لمحافظتي الحديدة وتعز، في حين تتقاسم السيطرة على منطقة ذُوباب مع ما تسمى قوات العمالقة التابعة التي يقودها المرتزق عبدالرحمن المحرمي عضو ما يسمى مجلس القيادة الموالي لتحالف العدوان ويستمر صراع النفوذ بين ميلشياته في مناطق باب المندب.
ومُنذ الـ 26 مارس 2015 ، تشن دول تحالف العدوان على اليمن حربا ظالمه وحصار جائر على اليمن ، انعكست تداعياتها الكارثية على المواطن والاقتصاد الوطني، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بالأسوأ على مستوى العالم.
السياسية: صادق سريع
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: تحالف العدوان قبائل الصبیحة فی المنطقة فی حین
إقرأ أيضاً:
من يحسم صراع النفوذ داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي؟
يشهد الاتحاد الأوروبي صراع نفوذ متصاعدا داخل مؤسساته بشأن من يملك القرار في السياسة الخارجية، في مواجهة توصف داخل أروقة بروكسل بأنها الأشد منذ إنشاء خدمة العمل الخارجي الأوروبي قبل أكثر من عقد.
ويتركز الخلاف بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الساعية إلى تعزيز دور المفوضية في توجيه السياسات الدبلوماسية، وبين الممثلة السامية للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس التي تقود الجهاز الدبلوماسي الرسمي للاتحاد لكنها تجد نفسها أمام تحولات تقلص من صلاحيات منصبها.
إعادة تشكيل السلطة الدبلوماسيةفي تقريرها الأخير بعنوان "على غرار صراع العروش: معركة السيطرة على الدبلوماسية داخل المفوضية الأوروبية"، أشارت صحيفة لوموند الفرنسية إلى أن أورسولا فون دير لاين عززت من آلية التواصل المباشر مع عواصم الاتحاد الأوروبي في القضايا الحساسة.
وقد جاءت خطوات دير لاين عبر سلسلة تحركات مؤسساتية تراكمت خلال العامين الماضيين، من بينها إنشاء وحدات جديدة للتحليل الجيوسياسي داخل المؤسسة الأوروبية وتوسيع صلاحيات مستشاريها للشؤون الخارجية.
وترى الصحيفة أن هذه الإجراءات تحول المفوضية من لاعب إداري وتنفيذي إلى جهة تسعى لقيادة التوجهات الدبلوماسية للاتحاد، وهو ما يثير قلقا داخل خدمة العمل الخارجي التي اعتادت لعب الدور المحوري في العلاقات الدولية للاتحاد.
ومن هنا تشعر دائرة كايا كالاس بأن المساحات الممنوحة لها تضيق بشكل ملحوظ، خصوصا في الملفات التي كانت تعد من صميم اختصاصاتها مثل:
العلاقات مع الدول المرشحة للانضمام. والملفات الأمنية المتعلقة بالأنظمة الاستبدادية. والاتصالات عالية المستوى مع الأطراف الدولية. إعلانوتشير مصادر صحيفة لوموند إلى أن الجهاز الدبلوماسي بات يستقبل بعض القرارات كأمر واقع بعد أن تُصدرها المفوضية قبل التشاور مع الدبلوماسيين المختصين، وتعتبر أن هذا التحول لم يكن مفاجئا، بل جاء نتيجة مسار طويل بدأ مع الأزمات المتلاحقة التي ضربت أوروبا.
فخلال جائحة كورونا، استطاعت المفوضية أن تقدم نفسها باعتبارها الجهة القادرة على اتخاذ قرارات سريعة، مما كرس صورة جديدة لها داخل الاتحاد، ثم جاءت الحرب في أوكرانيا لتضع السياسة الخارجية في قلب صلاحياتها، بعدما لعبت دورا بارزا في تنسيق العقوبات على روسيا وإدارة ملفات الطاقة.
ومع كل أزمة جديدة، ازدادت قناعة داخل مكتب فون دير لاين بأن تعدد الجهات الدبلوماسية داخل الاتحاد يعيق اتخاذ القرار ويؤدي إلى بطء مكلف في عالم سريع التحولات.
وترى الصحيفة أن هذا المسار يهدد بنقض التوازن المؤسسي الذي قامت عليه معاهدة لشبونة، والتي أسست لمنصب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بهدف خلق جهاز مستقل يقود السياسة الدولية للاتحاد بعيدا عن حسابات المفوضية التنفيذية.
وتعتقد الدائرة الدبلوماسية (مكتب الممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية) أن تركز القرار في يد المفوضية قد يحول السياسة الخارجية إلى امتداد للسياسات الاقتصادية والتنظيمية، في حين أنها مجال حساس يستوجب رؤية مستقلة تستوعب مصالح الدول الأعضاء المختلفة.
وترى أن المفوضية باتت تستخدم مبدأ الاستجابة السريعة للأزمات لتبرير توسيع سلطتها، في حين يتم تهميش الهياكل التي تأسست لضمان توازن المشاركة بين المؤسسات، مما قد يؤدي إلى تراجع دور الخبراء المختصين في الملفات الدولية، وتحويل الموقف الأوروبي إلى رؤية سياسية ضيقة صادرة من مكتب واحد.
ترى صحيفة دير شبيغل الألمانية أن صراع النفوذ بين المفوضية الأوروبية ومكتب الممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية لا يقتصر على طابع شخصي بين فون دير لاين وكاياس كالاس، بل يشكل مواجهة مؤسساتية عميقة تتعلق بصلاحيات إصدار القرار الخارجي واتخاذ المواقف الإستراتيجية للدول الأعضاء.
وتقول الصحيفة إن المفوضية تسعى إلى ترسيخ نموذج قانوني جديد يوسع صلاحياتها التنفيذية والدبلوماسية، مما يعيد رسم الحدود بين الأجهزة التي صممت أصلا لضمان توازن القوى بين المؤسسات الأوروبية، وطورت وحدات داخل هيكلها مخصصة لتحليل التهديدات العالمية، وإعداد إستراتيجيات استباقية في مجالات مثل الأمن الرقمي والعلاقات مع القوى الكبرى.
كانت هذه الوحدات تقليديا تحت إشراف خدمة العمل الخارجي، لكن الآن أصبحت جزءا من البنية التنفيذية للمفوضية، مما يمنح فون دير لاين موقعا قويا في تحديد أولويات السياسة الخارجية الأوروبية دون المرور دائما عبر القنوات الدبلوماسية التقليدية.
من جهة أخرى، تعرض الصحيفة مخاطر هذا التمدد على استقلالية الدبلوماسية الأوروبية، مشيرة إلى أن بعض دبلوماسيي الاتحاد يرون أن تحويل جزء من مهامهم إلى المفوضية يضعف التأثير المؤسسي للسلك الدبلوماسي، ويحوله إلى إدارة تنفيذية بدلا من دوره القيادي التقليدي.
إعلانويشيرون إلى أن استقلالية الممثل الأعلى للشؤون الخارجية، وهو المنصب الذي أنشئ بهدف توحيد صوت الاتحاد في السياسة الخارجية، تتعرض للخطر، إذا أصبحت قراراته تعتمد على توصيات أو تحليلات داخلية من المفوضية.
يضاف إلى ذلك، بروز خلافات قانونية بين المفوضية والدول الأعضاء بشأن من يملك الحق النهائي في اتخاذ القرارات خلال الأزمات.
وتخشى دول مثل فرنسا وألمانيا وبولندا من أن تركيز السلطة في المفوضية قد يقلص دور الحكومات الوطنية في تحديد المواقف الحرجة للاتحاد، مثل الرد على التصعيد الروسي أو القرارات المتعلقة بالعقوبات الدولية.
وتعتبر هذه الدول أن اعتماد سياسة موحدة تفرضها المفوضية دون مشاركة كافية من أعضاء الاتحاد قد تضر بالتمثيل الديمقراطي وتقلل من شرعية القرارات.
ويتجاوز الصراع مجرد تحليل المخاطر إلى إدارة الأزمات، ففي حالات طارئة مثل النزاعات أو الهجمات الدولية، ترغب فون دير لاين أن تتخذ المفوضية المبادرة للتنسيق مع الشركاء الدوليين، في حين يرى دبلوماسيون آخرون أن ذلك يجب أن يكون بيد البعثات والإدارات الدبلوماسية المتخصصة، لأن لها الخبرة والشرعية لإدارة استجابات طويلة الأمد وليست مجرد تفاعل فوري تنفيذي.
ويخشى بعض النواب الأوروبيين من أن توسيع صلاحيات هذه المؤسسة قد يجعل قراراتها أقل خضوعا للرقابة المباشرة من البرلمان أو من الدول الأعضاء، خاصة فيما يتعلق بقرارات خارجية حساسة مثل العلاقات مع روسيا أو الصين.
وتجعل هذه المخاوف بعض المشرعين يطالبون بإحداث مراجعة تشريعية لضمان وجود توازن فعلي بين ما تمنحه لها من صلاحيات وبين ما تبقى من اختصاص للدول والبنية الدبلوماسية الأوروبية.
من الناحية الإستراتيجية، يرى بعض المراقبين الذين استطلعت صحيفة دير شبيغل آراءهم أن المفوضية تسعى إلى بناء محور تنفيذي قوي قادر على المنافسة في التحالفات الدولية، لكن دون أن تتسبب في تهميش جذري للدبلوماسية التقليدية.
ويرون أن الهدف ليس تصفية دائرة الدبلوماسية بالشكل الحالي، بل تحويلها إلى شريك تابع في هيكل مؤسسي جديد يكون فيه القرار سريعا ومتمركزا في بروكسل، خصوصا في الملفات التي تتطلب وقائع عاجلة وتنسيقا سريعا.
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير لها بعنوان "صيف أوروبا القاسي: أورسولا فون دير لاين تواجه الاتحاد الأوروبي تحت الضغط"، فقد واجهت المسؤولة الأوروبية ضغوطا غير مسبوقة خلال هذا العام 2025 نتيجة أحداث سياسية ودبلوماسية معقدة داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، مما أثر بشكل كبير على سمعة الاتحاد الأوروبي ومصداقية قيادته الدبلوماسية.
وقد سلطت هذه الضغوط الضوء على هشاشة التنسيق بين مؤسسات الاتحاد المختلفة، خصوصا بين المفوضية والممثل الأعلى للشؤون الخارجية، حيث بدا أن السيطرة التنفيذية للمفوضية تتصاعد على حساب الجهاز الدبلوماسي التقليدي، مما يثير التساؤلات حول توازن القوى داخل الاتحاد وقدرته على اتخاذ قرارات فعالة في مواجهة الأزمات المتعددة والمتزامنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصيف الماضي كشف عن فجوات هيكلية في القدرة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، فقد سمح غياب التنسيق الواضح بين المفوضية والممثل الأعلى للشؤون الخارجية للعديد من الدول الأعضاء بتبني مواقف متباينة تجاه ملفات حساسة، مثل الموقف من النزاع في غزة وإدارة العلاقات مع روسيا والولايات المتحدة.
وقد أدت هذه الفجوات إلى تأخير في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات، مما جعل الاتحاد يبدو ضعيفا أمام التحديات الجيوسياسية.
إعلانبالإضافة إلى ذلك، أثرت هذه الأحداث على صورة الاتحاد أمام الرأي العام الأوروبي، حيث أظهرت استطلاعات رأي أن نسبة كبيرة من المواطنين تعتبر أن قيادة فون دير لاين لم تدافع عن مصالح أوروبا بشكل كاف، وأن الصفقة التجارية مع الولايات المتحدة مثلت إذلالا دبلوماسيا للاتحاد.