سودانايل:
2025-05-13@05:28:00 GMT

الديموقراطية في الميدان

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

mugheira88@gmail.com
ظللنا نسوق التهم , دون أن يطرف لنا جفن , ونرمي باللائمة , و نتهم كل ساستنا من الرعيل الأول , رواد النهضة و قادة الحركة الوطنية بالفشل , و أكثر من ذلك , أدمانه , و نري في مسيرتهم كلها التخبط و (اللافاعلية ) ونقول بافتقادهم الي الضابط الذي يربط بين الأحلام و وسائلها , و نقول ان ثقافاتهم لا توافق مثلها العليا و افكارهم لا تعرف التحقيق و نرد كل عقبة في طريق تطور بلادنا لسلوكهم .

و لكننا ننسي , ازاء ذلك كله , أن نحفظ لذلك الجيل تبنيه نظاما ديمقراطيا قائما علي التعددية الحزبية و حافلا بالأدبيات و القيم الديمقراطية و التي سبقت بها بلادنا الكثير من بلدان افريقيا و الشرق الأوسط رغما عن الهنات و العثرات التي لازمت مسيرتها و وقفت حجر عثرة في طريق تطورها و استدامتها .
و في كتابه المرجع ( الديمقراطية في الميزان ) يقول المحجوب : لم تكن معالجة مشكلاتنا سهلة ,فالسودان بلد فيه رقعة صحراوية شاسعة وغابات يصعب اختراقها و تسكنها قبائل لا تزال في أحوال بدائية و لا صلة بينها و بين العالم الخارجي .تتناقض فيه العاصمة و القري ذات الأكواخ المبنية بالقش , وفيه المؤذنون في الشمال وأجراس الكنائس في الجنوب. لكني أعتقد أنه كان في مقدورنا أن نعمل لنجاح الديمقراطية لو أعطينا الوقت .
وبوسع القاري لقول المحجوب أن يصل الي أن النشاط الاجتماعي و الثقافي لتطبيق فكرة ما مرتبط في الواقع ببعض الشروط النفسية الاجتماعية التي بدونها يصير تنزيلها علي أرض الواقع أمرا عسيرا إن لم يكن مستحيلا . و مهما يكن من أمر , فان الديمقراطية و المطالبة بها في بلادنا لم تكن حلما يسجل فقط في كتابات المثقفين و في مخيال الانتجلنسيا , و انما ظهر ذلك و عبرت عنه شعوب السودان في ثوراتها الشعبية الفريدة و بذلت في سبيل تحقيقه المهج و الأرواح و ظلت علي الدوام تتوق للحرية و تنشد الديمقراطية و ترفض الشمولية و حكم دكتاتورية العسكر .
و خصيصة المحجوب الفكرية والابداعية هي قدرته علي اختزال عصره و جيله كله فيه ( جاء في تقدمة الكتاب أن المحجوب في تسميته للكتاب الديمقراطية في الميزان ) مذهل تماما ,لأنه لا يفقد الأمل علي الرغم من النكسات الكبيرة التي تعرضت لها الديمقراطية, لكن لا احد يستطيع ان يتهمه بالانهزامية ( defeatism ) حتي في منفاه علي ايمانه بها , لتوقه و تفاؤله في تحقيق الديمقراطية في بلاده يقول : عشت لأعاني الألم المبرح من رؤية الديمقراطية يغتصبها العسكر مرتين في بلدي , و لطالما أكدت كلما واجه الحكم الديمقراطي أزمه , إن خير علاج لعلل الديمقراطية هو إعطاء الناس مزيدا من الديمقراطية والحرية , ان الاختلاف الشديد بين المصالح القبلية والسياسية والقومية يجعل الحوار الحر بين الناس ضرورة و يوفر فرصة لتسويه بين المصالح المختلفة , ما زلت اعتقد ان الديمقراطية هي نظام الحكم الوحيد الذي يستطيع العمل في البلاد النامية والحرية هي حجر الأساس في الديمقراطية , انها تولد في الناس وعي التطور , وتشجعهم علي المطالبة به , ولكن حين تطرد الحرية يزول الوعي , وتخرس الجرأة .)
و هكذا نلاحظ بطريقة او باخري , ان عالم الاشخاص لا يمكن ان يكون ذا نشاط اجتماعي فعال الا اذا نظم وتحول الي تركيب و الفرد المنعزل لا يمكن ان يستقبل الثقافة و لا ان يرسل اشعاعها . و في بلادنا و بطبيعة الفرد الريفية و حسه الانعزالي و بطبيعة تكوين النخب و تعليمها تتكون صخور من الموانع تحول دون تطور الفكر الديمقراطي , حتي و ان ظلت المطالبة به قائمة علي مر العصور .
فاذا صحت هذه الاعتبارات , و هي صحيحة قطعا , فربما اتاحت لنا تفسير تعثر الديمقراطية في بلادنا , علي الرغم من أن المؤسسة العسكرية , و التي دأبت في دول العالم الثالث , و أفريقيا خاصة , تدخلها في الشأن السياسي و وأدتها كل تجربة مدنية ديمقراطية .
و بحسبنا ان نلاحظ , حتي في ظل الحرب القائمة الآن , فان كل طرف من أطرافها الثلاثة من العسكر والمدنيين , يقول من تحت اصوات المدافع و ازيز الطائرات , أنه يهدف تطبيق الديمقراطية . و ان ثورة ديسمبر المجيدة و شبابها , لا بد أن تكون مكافأتهم من بعد هذا الحطام هو تحقيق أهداف الثورة و تنزيل شعاراتها . و هكذا تظل الديمقراطية دائما في الميدان , و يظل شعبنا يطالب بها , و في كل الظروف , لأنه يري أن في تطبيقها الخلاص و الحل لكل المشكلات , طارفها و تليدها .  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدیمقراطیة فی

إقرأ أيضاً:

مصر تعرب عن خالص تعازيها للكونغو الديمقراطية في ضحايا الفيضانات

تعرب جمهورية مصر العربية عن تضامنها مع جمهورية الكونغو الديموقراطية الشقيقة إثر الفيضانات التي تعرضت لها بشرق البلاد والتي أسفرت عن سقوط مئات من الضحايا والمصابين، إلى جانب وقوع أضرار جسيمة. 

وتتقدم مصر بخالص تعازيها وصادق مواساتها إلى حكومة وشعب الكونغو الديموقراطية ولذوي الضحايا في هذا الظرف الإنساني الأليم، متمنية الشفاء العاجل للمصابين.

طباعة شارك الكونجو الكونجو الديموقراطية فيضانات الكونجو الديموقراطية وزارة الخارجية المصرية

مقالات مشابهة

  • كاتب بريطاني: لماذا تنتشر أفكار ترامب بسرعة في بلادنا؟
  • ثمة بارقة في سماء السودان، هي أن القيادة الحالية تحاول جاهدة استعادة الدولة
  • من الثورة إلى الانقلاب: كيف أعاد العسكر إنتاج الفساد؟
  • أسعد الشيباني: سوريا ترفض التقسيم ووحدة أراضي بلادنا لا تقبل المساومة
  • فيضانات تتسبب بوفاة 62 شخصًا على الأقل في الكونغو الديمقراطية
  • غزة بين نار الميدان وجمود التفاوض.. إسرائيل تحشد وتلوّح بحرب طويلة الأمد
  • أكثر من 100 قتيل إثر فيضانات بشرق الكونغو الديمقراطية
  • مصر تعرب عن خالص تعازيها للكونجو الديمقراطية في ضحايا الفيضانات
  • مصر تعرب عن خالص تعازيها للكونغو الديمقراطية في ضحايا الفيضانات
  • مصرع 104 أشخاص في فيضانات شرق الكونغو الديمقراطية