مقالات:
بقلم/ ناصر قنديل
– بالرغم من التعابير المبتذلة التي وصف بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما قال إنه توسّل زعماء 75 دولة إليه لتعليق الرسوم الجمركية، واعتماد اتفاقات ثنائية بديلة تلبي الشروط الأمريكية، يبقى تعليق العمل بالرسوم لمدة 90 يوماً تراجعاً خطيراً في هيبة ترامب التي تشكل رأس المال الأول الذي يستثمر عليه، في الداخل والخارج، خصوصاً أن هذا التعليق جاء إثر انهيارات كارثيّة في سوق الأسهم، التي عبرت عن ارتياحها لقرار التعليق بتسجيل نتائج إيجابية بين 7 و8% بعدما خسرت بنسبة مماثلة خلال يومين تفاعلاً مع فرض الرسوم، بحيث يصعب تصديق أن التراجع لم يكن في جزء أساسيّ منه خشية خروج الأوضاع المالية في أسواق الأسهم والبورصة والمصارف عن السيطرة، والدخول في نفق مجهول مظلم يتداعى معه كل شيء وينهار بسبب ذلك البناء على رؤوس ساكنيه.
– التركيز على الصين كجهة تجب معاقبتها وتأديبها، في الوقت الذي يتمّ فيه تعليق الرسوم على مَن وصفهم ترامب بالحلفاء، لن ينجح بحشد جبهة عالميّة لحرب تجارية ضد الصين. فالمعنيّ الوازن بهذه الدعوة هي أوروبا التي ذاقت الأمرّين مع ترامب، سواء بتهديداته وقف تمويل حلف الناتو، والتنمّر على أوروبا كطرف ضعيف يطلب الحماية ولا يتحمّل النفقات، ومروراً بالانفتاح الأحاديّ على روسيا في ملف حرب أوكرانيا ومخاطبة أوروبا بلغة التخلّي لتواجه مصيرها بوجه روسيا دون غطاء أمريكيّ، وانتهاء بالرسوم الجمركية والحديث عن خلل يزيد عن 350 مليار دولار لمصلحة أوروبا، قال ترامب إنّه يريد تصحيحها عبر الرسوم وبيع الغاز المسال والنفط بأسعار مرتفعة، ليحل مكان الغاز والنفط الذي كان يصل بسلاسة وأسعار منخفضة من روسيا، بسبب الحرب التي قرّرت واشنطن خوضها ودعت أوروبا للانضمام إليها، ثم ها هي تتركها وحيدة في مواجهتها، فهل تستطيع أوروبا الثقة مجدداً بترامب وتخوض حرباً تجارية مع الصين، وهل تستطيع، وهي تعتمد بصورة شبه مطلقة على السلع الصينيّة في أسواقها الاستهلاكيّة.
– فشل ترامب في تحييد روسيا من بوابة مسعاه لوقف الحرب الأوكرانيّة، ولم يستطع المضي قدماً مع موسكو في خطة يعلم أنّها تغيّر وجه أوروبا بفرض انتصار روسيا بالاعتراف بالتغييرات التي تطلبها على الجغرافيا الأوكرانية، ولم يكن بينه وبين الصين حرب تجاريّة بعد، فهل يتوقع أن تنضمّ إليه روسيا ولو بالصمت، وتتخلّى عن حليفها الاستراتيجي الصيني، وعندما صعد خطاب الحرب بوجه إيران وجد حراكاً روسياً صينياً إيرانياً موحّداً يقول إن الحلفاء لن يتركوا بعضهم ولن ينخدعوا بمحاولة الاستفراد بهم واحداً واحداً، وترامب الذاهب إلى مفاوضات مع إيران، وقد فتح الحرب التجارية مع الصين، هل يتوقع مرونة إيرانيّة كي يتفرّغ للصين، أم يتوقع تراجعاً صينياً كي يتفرّغ لإيران.
– مشكلة ترامب أنه اعتقد بأن فائض التصويت الذي ناله، يمكن أن يعوّض التراجع الأمريكي العالمي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وأن شخصيّته الفظّة ولغته المبتذلة تصنعان قوة لا تملكها أمريكا، وكأن العالم لا ينتبه أن جيوشه منذ قرابة شهر تقاتل في البحر الأحمر بكل قدرتها بوجه جماعة أنصار الله في اليمن، وتفشل في ضمان مرور سفينة واحدة متّجهة نحو موانئ كيان الاحتلال، رغم 300 غارة تشنّها طائراته يومياً في مناطق متفرّقة من اليمن. أم أنّه يعتقد أن العالم لا يعلم أن أمريكا عالقة مع “إسرائيل” في حرب الضغوط القصوى والنتائج الأدنى، وما دامت ترفض أن تساعد نفسها باتخاذ موقف عقلانيّ من الحرب، فلن يهبّ أحدٌ ويضحّي بما لديه لمساعدتها.
– حلم أمريكا العظيمة وأمريكا العظمى وأمريكا الكبرى، على محك واحد، لا علاقة له بعلّة في فائض القوة الماليّ والعسكريّ الذي تملكه أمريكا، بل بخيانة أمريكا للقيم المضافة التي طالما تغنّت بها من حماية حقوق الإنسان إلى حق الشعوب بتقرير مصيرها، ومكافحة الإرهاب، وآخرها حرية التجارة العالميّة، فكيف يثق بها الحلفاء قبل الخصوم.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
بوتين جن جنونه وزيلنسكي يؤجج الحرب..ترامب يهاجم قادة روسيا وأوكرانيا
عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استيائه العميق من القصف الروسي المكثف الذي استهدف مدناً أوكرانية، من بينها العاصمة كييف، خلال مطلع الأسبوع، واصفاً ما يحدث بأنه "جنون" من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال ترامب، في تصريحات أدلى بها للصحفيين في مطار موريستاون بولاية نيوجيرسي قبل عودته إلى واشنطن، إن بوتين "يقتل الكثير من الناس"، مضيفاً: "لطالما كانت لدي علاقة جيدة معه، لكن يبدو أن شيئاً ما حدث له... لقد فقد صوابه تماماً".
وأشار ترامب إلى أن "الصواريخ والطائرات المسيّرة تُطلق على المدن الأوكرانية دون مبرر"، مؤكداً أن بوتين "لا يقتل الجنود فقط، بل المدنيين أيضاً، وهذا أمر مرفوض".
وأضاف ترامب: "بوتين لا يسعى للسيطرة على جزء من أوكرانيا فقط، بل على البلاد بأكملها، وإذا واصل ذلك فستكون العواقب وخيمة على روسيا".
وجاءت تصريحات ترامب بعد ساعات من أعنف هجوم جوي روسي منذ اندلاع الحرب، حيث شنت موسكو هجمات بأكثر من 360 طائرة مسيّرة وصاروخاً استهدفت مدناً أوكرانية عدة، وأسفرت عن مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات.
من جانبه، شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن "وقف هذه الوحشية يتطلب ضغطاً دولياً قوياً على القيادة الروسية"، مضيفاً أن "العقوبات الغربية ستلعب دوراً أساسياً في ذلك".
في المقابل، وجّه ترامب انتقادات حادة لزيلينسكي، قائلاً عبر منصته "تروث سوشيال" إن "كل ما يخرج من فمه يسبب المشاكل"، داعياً إياه إلى "وقف تصريحاته العدائية"، معتبراً أن أسلوبه "لا يخدم مصلحة أوكرانيا".
ورغم تحفظاته على مواقف زيلينسكي، أكد ترامب أنه "يفكر بشكل جدي" في فرض مزيد من العقوبات على روسيا رداً على التصعيد الأخير، لكنه وصف الصراع بأنه "حرب زيلينسكي وبوتين وبايدن... وليست حرب ترامب".
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن