تاق برس:
2025-06-30@12:03:58 GMT

هيثم صديق يكتب.. هاشم صديق وتلك النيمة

تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT

هيثم صديق يكتب.. هاشم صديق وتلك النيمة

هاشم صديق وتلك النيمة …… عندما كان( هاشم صديق)  صغيرا وغريرا كان مفتونا بجيفارا وجومو ونزار كما قال في اجترار وكنت مع صديق العمر (عاطف مكاوي)   مفتونان بهاشم صديق زيادة على مافتن به. وكان قريب له وقريب منه إسمه (بكري عبد الجليل) من اولاد الموردة صديق صدوق لنا ولا يزال حفظه الله وهو إبن اخ للفنان (إبراهيم عبد الجليل) كروان السودان واحد افذاذ الغناء في السودان قلنا لبكري لابد ان نزور هاشم صديق  فضرب لنا موعدا في رمضان والالفية تؤشر بالوداع ونحن طلاب جامعات  ان افطروا معي في الموردة وبعدها نزور  شاعرنا طرقنا الباب ففتح لنا بجلباب بيت وجاء بمساند لكراسي حوش جوار نيمة يجلها في قصائده وجاءنا بالشاي  و مازحنا كيف تصادقون شابا  لا يحب البنات و(بابكر محمد احمد عبد الجليل) حكايا  وغرائب يحتاج لمعاجم  لشاب لم ار قاري نهم مثله ابدا  ولا حافظ كهو كان بكري يقول إنه لن يتزوج  لان البنات العندنا يلدن (اطفالا لا ابطالا ) اجلسنا شاعرنا الكبير مستبقيا ريثما يستقبل ضيوفا  وكان المشاهير يتوافدون كان جرس إسمي مثل جرس إسمه فلفت ذلك نظره وقال لي إن له ولد إسمه (هيثم) ايضا وكنت انذاك احمل قصة قصيرة قد نشرت لي في( الوان) مدرسة الصحافةالسودانية الاكثر إنتاجا للمبدعين  احملها كبطاقة الهوية احببت بها على (بنات العرب)  قبطيات  امتنانا لاستاذنا (نبيل غالي جرس) الذي نشر إسمي مع قصتي باحتفاء كبير ولا يزال يفعل ذلك حتى بعد ان صرت صحافيا محترفا وعملت معه في (اليوم التالي) بعد (الوان) يهاتفني عن مقال اليوم ولماذا تاخر  ناعتا لي بالاستاذ في ادب  تفرد به حياه الغمام خرجنا من بيت هاشم  اقدامنا ثابتات في الارض والجبهة بتبوس السماء كما يقول ودارت دورة الايام  وتوقفت له يوما وقد رأيته في الطريق يحمل اوراقا واوصلته لمنزله وتواصلت بيننا صلة متقطعة وقد ارسل لي رسالة يوما ما مع احد الاصدقاء وكنت اكتب صفحات استعين بشعره او ابتدر بابيات مقالي اليومي في (الصدى) رياضيا  او في (اليوم التالي)  وغيرها سياسيا  او في صحيفة( فنون) مع الحبيب (هيثم كابو) رسالته كانت ان منعت الجميع عن نشر اشعاري دون موافقتي ولكني اسمح لك  مع طرفة متجددة ان هيثم صديق تشبه هاشم صديق وقد يظن ظان ان الكاتب واحد  وقد ضحك يوما _يقول_ لان احدهم من هلالاب السوق الكبير قال له يوم هزيمة للمريخ ماذا ستكتب غدا وقد ظنه اياي وهو اختلاط اسعدني جدا وكان عامل البوفيه في صحيفة الصدى لاكثر من خمسة عشر عاما يناديني بهاشم صديق والجنوبي (توفيق) صاحب اليد الطاعمة والهلالي الطاعم يخلط الخل بالزيت مضت ايام ولم ارثي هاشم صديق وقد تفرق الاحباب وجفت الانخاب  وجفلت (القرينتية) عن النيل لكن هاشم لم يكن فقدا خاصا  لقوم لم يدخروا لعام ونصف دمعا ولا دما فاحتلبوا له الدمع من شاة المدخور  لفرح قادم مات (هاشم صديق) في مكان نظيف وقد ودع بما يليق فصورته على ظهر (كارو) كانت مفجعة كان يعرف كيف يصبح مطر وكيف يصبح حريق وكيف ينسف متاريس الطريق في (دراما ٩٠) كنت اقف _نقف_تلميذا نبيها ومنتبها امام تحليله الشيق للدراما  تتبعه للقطة، نقده للمخرج، واقتباسات الرواية افتتنت بهاشم صديق باكرا مع شعراء اليسار  وخلطت ذلك بحبي لهاشم الرفاعي  شهيد فلسطين وصاحب قصيدة (ليلة الاعدام) الشهيرة وكان الرفاق يعجبون من (مخلاتي) التي فيها إبريق الوضوء وقن الشراب فاحار في الجواب  ولا ازال  رائدي (إبن عربي ) (ادين بدين الحب انى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني) وقد دفعني حبي (للتلاقيط) هذه ان اتمنى في طفولتي ان امتلك عجلة مثل احدهم في( السوق العربي) تحوي (دبابيسا )و(ضفارات )و(امشاط) و(خلال) و(علاقات مفاتيح)  ثم تحول هذا إلى ان اسميت عمودي السياسي الثابت ب(هتش) والرياضي ب (من هنا وهناك ) ثم كتبت في (راي الشعب) (مناديل وقناديل)  وفي المساء (فكرة ريق) وفي (الوان) النجوم لامع بريقا  وصفحات منوعة جعلت الدكتور مزمل ابوالقاسم فيما بعد يطلب مني  في اليوم التالي ان اكون مثلما كنت في الوان وهو صائد لأليء لا يجارى وتتبعي للنجوم لم يجعلني ابدا اغفل (سهيلا ) وهو هاشم صديق  الذي علمني الاعتداد بالنفس يوم ارسلها بالكبرياء (: اسمى هاشم امى امنةابويا ميت وكان خدرجى ومرة صاحب قهوة في ركن الوزارة بيتنا طين واقع مشرم ولما حال الطين يحنن نشقى شان يلقى الزبالة ).

فتبعه ابناء الفقراء والطبقة الوسطى فاصبح دليل الاغلبية خلع عنه عباءة الحزب جهرة ومزق صك الغفران في وجه الكهنة وصار (عكاف)  بطل نبتة حبيبتي قبل ان يكتبها وهاشم عاش حتى (ثمانينيته المجيدة) متمردا  ابدا  لم يجد الهدوء في غيابه والحضور  وكانت (بانت) ملاذه الاثير يحن إليها في صقيع الغرب وفي بيته يسمع إسمها في صوت نسيم المروحة (ياعبدو روق) صنعت (ربيع طه) ربما  لكنها كانت هتافه لنفسه  ان هدي حبة  ولكن هيهات هو نصير حتى (فرس النهر)  وهو عدو الاصدقاء إذا ما رأهم اغتنوا ، والشعراء يصفهم  عجيب اخر هو (عبد القادر الكتيابي) (وهل الفقراء إلا نحن والطير نصوغ لقمحة لحنا ويأكل لحمنا الغير) لكن لحم هاشم كان مرا كان ضد (باركوها) على الدوام ضد التنكر ب(باروكة) الزيف على (صلع )الواقع قال( لا )مثل اسبارتيكوس في وجه من قالوا (نعم) فاخرج قانون (حق الشاعر) منع بعض اغنيات ولكنه وهب( عوض جبريل )وصحبه بضع جنيهات تساهم في ظروف السيل والهدم والفيضان ورقة الحال اعطى (إبراهيم الرشيد) قبل موته ان يكتب إسمه ويذاع بالقانون مع اغنياته الكبار من لدن( يا زمن وقف شوية) و(لو عاوز تسيبنا) و(سليم الذوق) و(عقد الجواهر )وغيرها وقد كنت قريبا منه في سنواته الاخيرة يتكي على الذكريات ويتلمس الطريق وقد خفت بصره  ويلقى على الابواب جارحة الردود، (هاشم صديق) كان (ماركوني) الشعراء الذي حين اظلمت الغابة اخرج قلبه المشتعل حتى تجاوزها والاصحاب لقد قال (مصطفى سند) في اخر ايامه انه لن ينشد الشعر مجانا  ليخرج من ليلة شعرية إلى البرد في منتصف الليل وقد ركب الناس فارهاتهم  ، لكن هاشم كان اصلب عودا واقوى شكيمة وهو يقول لا (لو زندها احتمل الندى لكسوت زندك ما تشاء ثوبا من العشب الطري بابرتين من العبير وخيط ماء) حتى لا ينال هذا المصطفى فتاتا و(الصفقة وين) و(بي ورا )تنال الذهب هذه قسمة ضيزى لم يترك هاشم (الملحمة) فقط  ولم يمجد القرشي وهو يمز زيتونا في( قعدة ) فقد حطم إله عجوة اليسار واكل حتى النوى ولم يهادن اليمين مد لسانه للرسميين من لجان إجازة النصوص وهم يرفضون (اضحكي ) فاطلقها قطارا في وجوههم (ضحكك شرح قلب السماء هز وتر الامكنة رطب الصحراء ولمس عصب الجبل) فجاءته الاجازة من الجمهور والمتلقي  وهو يقول بالاشارة (العاجبو عاجبو والما عاجبو يحلق حواجبو) وهاشم حاجب الشعر السوداني الاغبش  لا تعلو عليه عين كانت يا جنا إلياذة واوديسا خالدة  اكبر فيها امه وجده والاب والحبيبة  وخلد حتى (بوخة الخميس) حين يشرب الليل (عطر الطلح) بلا فجاجة ولا لجاجة ولا تجريح ومع ذلك كان هاشما جراحا متوتر الاعصاب يمرر مشرطه بدون تخدير في مكان الالم كان صوفيا فوق ذلك يكمن ذلك في قصائده وفي إبتسامته الحزينة دوما وكان واضحا  ولعل  مما اراد ان يوصيه لاولاده عند موته قد حققه له هذا الوضع العصيب فقد غادر (البكري) و(احمد شرفي) و(حمد النيل) ودفن بعيدا  وهو الذي خاف كما قال  ان يقف على قبره (على مهدي) بعمامته الخضراء ليخطب في الناس ؟؛ وهو لا يرضى ذلك فجعلها  وصية لاولاده مكتوبة في صحف الخرطوم  التي لم تسلم منه يوم هجاها بان بعضها في (إنتظار الفجر يطلع ليطالع الناس شيئا من تفاهة) فهو لايحب القشور ولا البخور ولا تدهشه اللافتات الضرار (تلقي مكتوب ترزي احلام العرايس وجوة فستان مرمي واحد) مات هاشم بعيدا بنبوة( نزار قباني) إلا العصافير التي تحترف الحرية فهي تموت خارج الاوطان هاشم صديق

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: هاشم صديق هاشم صدیق

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث للغد 2)

ونكتب أمس عن المثقفين… كفانا الله شرهم…
ونُفاجأ بأن حسين خوجلي يكتب في اليوم ذاته عن الأمر ذاته… وهذا يعني أن الشعور بهذا الأمر هو ما يطغى الآن.
… والردود تكفينا اليوم.
و… حسن المك.
هل نحن ضد المثقفين؟ لا…
نحن ضد العقرب التي ترتدي ثوب النحلة.
وعبدالله سيد…
رأي العارفين، ممن يشعرون بأن الإنجليز ينظرون إلينا باحتقار، رأي يصنع الحكاية التي تقول: في الوفد السوداني الذي يهبط لندن أيام الحرب العالمية لتهنئة الملك هناك بالنصر، كان أحد أعضاء الوفد يعامل (الحمال) الذي يحمل حقائبهم باحترام شديد.
ولما سألوه قال في سخرية البرامكة:
:: نعمل حسابنا… يمكن يجيبوه لينا حاكم عام!
… لكن المثقفين جابوه بالفعل… فالسادة المثقفون يبلغون درجة نقل السلوك الإنجليزي بكل سجمه ورماده إلى البلد…
وإلى درجة أن عبد الله الطيب يرسم صورة لـ(قعدة) المثقفين وهم يكرعون الـ(هيج)، حتى إذا امتلأ واحد منهم وثب على التربيزة وأخذ يُلقي قصيدة وِردز، ورثها عن نساء دوفر اللائي يجلسن على الشاطئ كل ليل ينتظرن رجالاً لن يعودوا أبداً… (ذهبوا للحرب).
وأمس نقول إن المثقفين عندنا، الذين وُلِدوا في العيلفون والقطينة وأم دبيكرات والشبشة، وحملوا اللوح والشرافة… هؤلاء المثقفون إذا شربوا من الثقافة الغربية انشبحوا بين سودانويتهم المسلمة… وبين روائح أحجار مكتبات وشوارع لندن…
والمثقفون هؤلاء، وللاستمساك بالسودانوية، تجد عندهم ظاهرة إنشاد أشعار الطيب ود ضحوية:
(وسروجنا الغلبن صائح القماري حسوسن…)
وتجد عندهم ظاهرة النزول في نوبة حمد النيل ومدائح ود حاج الماحي…
ثم هم مخلصون جداً في عشق اللقمة، وملاح التقلية، والشطة، والبصل الذي يجعل (النخرة) تسيل…
سودانية لها شواهد…
لكن السودانوية هذه تذكّرك بمشهد في فيلم روسي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي…
وفي الفيلم، مسؤول شيوعي… أيام البريسترويكا… يشاهد فيلماً يسخر من الجنون الشيوعي…
والمسؤول (المتحرر) يضحك ويُظهر التحرر…
حتى إذا خرج من القاعة التفت قائلاً للمسؤول الثقافي، غاضباً:
:: مش عايز أشوف وسخ زي ده تاني!
وتعامل مثقفينا مع السودانوية شيء يقدم المشهد ذاته… ثم يقول الجملة ذاتها…
… والجماعة معذورون…
وحكاية عن طبيب في لندن تقول:
طبيب ظل يصف لمرضاه دواء معيناً لسنوات طويلة، والطبيب هذا يُصاب بالمرض ذاته…
ويجد أن الدواء الذي ظل يعالج به مرضاه دواء فاشل…
وطبيب حديث يكشف له ذلك…
عندها، الطبيب المريض – الذي يعرف أن علاجه كان فاشلاً – يقول للطبيب الحديث: :: لقد ظللت أعالج الناس لأربعين سنة بهذا الدواء… والآن تريد مني أن أعترف بأنه دواء فاشل؟ مما يعني أنني أضعت عمري في وهم؟ لا… لا… أفضل أن أموت على أن أفعل هذا!
ومثقفونا الذين كرعوا الحياة الغربية… ثم اكتشفوا أنهم أضاعوا عمرهم… المثقفون هؤلاء يفضلون الموت على مواجهة هذه الحقيقة…
ومثقفونا قرأوا… تينيسون… ووالت ويتمان… وسارتر… وفرجينيا وولف… وديوي… وبيكوس… ولام… وجونسون… وهازليت… وإيمرسون… وأرفنج… وملفيل… وشو… وشكسبير… وكونراد… وهيكسلي… و…
آلاف آخرين…
قرأهم مثقفونا… وأصحاب الكتابات هذه هضموا مثقفينا… ثم (أفرزوهم) في الخلاء…
ومثقفونا هؤلاء لم يقرأوا للشاطبي… ولا ابن تيمية… ولا ابن خلدون… ولا ابن سينا… ولا الفارابي… ولا القرطبي… ولا ابن سناء الملك… ولا الآلاف من الأماجد الذين ظلوا شامخين حتى اليوم…
… معركة وحكاية ضياع مثقفينا حكاية أهم ما فيها هو أنها غيّبت عنهم تماماً أن هناك إلهاً معبوداً… وهناك مصيراً… وهناك آخرة… وهناك حفرة ثم بعث…
وفي جملة واحدة… هناك (دين إلهي جاء به محمد) صلى الله عليه وسلم…
في التسعينيات شرعنا في كتابة حكايات شيوعيين…
ومنهم القيادي الشيوعي الذي يجده أهل الدامر في محراب المسجد ساجداً يبكي…
ثم هو بعدها يبدأ التعلم… يبدأ التعلم، نعم…
والرجل يبدأ بأن يسلم إصبعه لتلاميذ الخلوة… ليمسك التلاميذ هؤلاء بإصبعه ويعلمونه كيف يكتب على الأرض… ألف… باء… تاء… ثاء…
ولن تجد رجعة مثل هذه…
… الخلاصة هي أننا نعيش الآن مرحلة لتجديد حياتنا…
تجديد لا يحتمل تكرار الخراب الطويل…
الخراب الذي صنعه مثقفون يجهلون ثلاثة أشياء:
يجهلون السودان…
والإسلام…
وأنفسهم…
حتى أنفسهم لا يعرفونها…
والناس لن تسلّم السودان لهؤلاء.

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (خلق سودان جديد)
  • د. نزار قبيلات يكتب: اللّسان والأخلاق
  • كريم هاشم يكتب: أحمد غزي.. الغرور مقبرة الموهوبين ولك في كريم عبد العزيز وأحمد عز أسوة حسنة
  • الثقافة: ثورة 30 يونيو أنقذت الثقافة الوطنية وأعادت الاعتبار للهوية المصرية
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: ثمرات 30 يونيو 2013
  • د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة - بالإنتاج !!
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث للغد 2)
  • نائب إطاري:إخراج القوات الأمريكية واجباً حشدوياً إطارياً
  • 280 فعالية.. تفاصيل احتفال وزارة الثقافة بذكرى ثورة 30 يونيو
  • بعد الاعتداء الذي تعرّضت له النبطية... تعليق من هاشم