«صيحة»: توثق اغتصاب «8» نساء واختطاف «25» فتاة بمعسكر زمزم
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
كشفت شبكة المبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي (SIHA) عن وقوع جرائم اغتصاب واختطاف مروّعة ارتكبتها قوات الدعم السريع خلال هجومها على معسكر زمزم للنازحين في شمال دارفور.
الفاشر – كمبالا – التغيير
وأفادت الشبكة أن ثماني نساء وصلن إلى مدينة الفاشر أبلغن عن تعرضهن للاغتصاب داخل المعسكر بتاريخ 13 أبريل، كما أكد شهود عيان قيام عناصر من قوات الدعم السريع باختطاف ما لا يقل عن 25 امرأة وفتاة باستخدام مركبات عسكرية.
وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 330 مدنياً، بينهم 56 امرأة وفتاة، إضافة إلى إصابة أكثر من 200 امرأة بجروح متفاوتة، بعضها خطير، وفقاً لما جاء في بيان صادر عن الشبكة، أمس الثلاثاء. كما أُصيب ثمانية أطفال بجروح بالغة، بينما تم توثيق مقتل 20 طفلاً آخرين في الهجمات التي استهدفت معسكري زمزم وأبوشوك.
وأعربت الشبكة عن أسفها لمقتل اثنتين من المتطوعات اللواتي كنّ يشرفن على مطابخ مجتمعية داخل المعسكر بدعم من SIHA، معتبرة أن استهداف العاملين في الخدمات المدنية يُبرز حجم التهديد الذي يواجهه المدنيون في دارفور.
وأكد البيان أن نحو ألفي شخص فقط تمكنوا من الفرار إلى مدينة الفاشر، بينما لا يزال المئات من النساء والأطفال وكبار السن محاصرين داخل المعسكر، في ظروف وُصفت بأنها “كارثية”، وسط انعدام الحماية وانقطاع الغذاء والماء والرعاية الصحية.
ودعت SIHA في ختام بيانها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي إلى التدخل العاجل ونشر بعثة هجينة لحماية المدنيين في دارفور، إلى جانب تأمين ممرات إنسانية آمنة للنازحين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي وصفتها بـ”جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
الوسوماغتصاب الدعم السريع الفاشر زمزم شبكة صيحة نازحينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: اغتصاب الدعم السريع الفاشر زمزم شبكة صيحة نازحين
إقرأ أيضاً:
رائحة الحرمين في الحقيبة.. هدايا الحجاج وذاكرة الطفولة
بعد الحادي عشر من ذي الحجة كل عام كانت "فاطمة الدغيشية" وبرفقتها العائلة ينتظرون عودة والدهم "يحيى" من مكة دون تواصل مباشر ومستمر، معتمدين على الهاتف العمومي وتخمينهم الذي يقودهم إلى الشارع مرات عديدة والدنيا عيد إلى أن يلمحوا الباص فيصيحون بفرح: "جاي أبوي!".
هكذا تتداخل ذكريات عودة الحجاج واستقبالهم لدى فاطمة وكثيرين مذ أن كانوا صغارا. العودة التي تقف وراءها حقيبة معطرة برائحة الحرمين وأعين صغيرة لامعة تترقب هدايا الحج في فصل غير منسي من فصول الطفولة التي لا تغيب، من الكاميرات الصغيرة والعكاسات الحمراء، والمصاحف الجلدية، إلى المسابيح والسجادات، والتمور وقناني ماء زمزم التي تروي شوق العائلة.
العودة السعيدة.. ذكريات مشتركة
تقول فاطمة يحيى عن والدها الذي اعتاد التردد على مكة لأداء الحج والعمرة: "في الماضي، لم تكن هناك هواتف نعرف من خلالها موقعه، سوى الهواتف العمومية، فكنا نخمّن اقتراب عودته وننتظره عند الشارع. وما إن نلمح الباص، حتى نصيح بفرح: 'جاي أبوي!'، ويعلم أهل الحي جميعهم بقدومه. نستقبله بالأحضان ودموع الفرح، وتغلب علينا براءة الطفولة، فلا نسأله عن حاله، بل نبادره بالسؤال: "مو جبت لنا؟'"
أما علي الغيثي فقال عن المشهد: في كل مرة يعود فيها حاج إلى أهله، تعود بي الذاكرة إلى سنوات الطفولة، حين كنت أنتظر عودة والدي أو أحد أقاربي من مكة. لم تكن الهدايا في تلك الأيام مجرد أشياء، بل كانت رموزًا محمّلة بالقداسة، تغمرني بشعور يعجز اللسان عن وصفه."
ويصف تلك اللحظات بقوله: "كنت أنتظر عند باب البيت. كانت والدتي تجهّز المجلس وتبخّر الدار، استعدادًا يشبه طقوس العيد. وما إن تطأ قدم الحاج عتبة الدار، حتى يخفق قلبي الصغير بشدة، ليس فقط فرحًا بسلامته، بل أيضًا لما يحمله من أطهر بقاع الأرض. أول ما أبحث عنه هو حقيبة السفر، لأنني أعلم أنها تحمل الكنوز: عكاسات صغيرة، قوارير ماء زمزم، سجادة صلاة، مسباح من الكهرمان أو الخشب، ومصحف صغير بغطاء جلدي."
يرسم فلاح التوبي، صورة بانورامية للمشهد كله، حيث تعود الذاكرة إلى زمن الطفولة والحارات المتآلفة: "كانت الحياة تسير على مهل، مغايرة تمامًا لما نحن عليه اليوم. لم يكن الحج آنذاك حدثًا فرديًا يؤديه الحاج ويعود، بل كان مناسبة تهتزّ لها الحارة بأكملها، وتعيشها البيوت بروح جماعية مفعمة بالإيمان والرهبة والحنين. تنشغل النساء بتجهيز كل شيء، يجتمعن تحت ظلال النخيل، يخبزن، يجهزن العوال، ويطوين الملابس بعناية داخل حقائب جلدية حمراء أو سوداء. في يوم الرحيل، يتجمع الأطفال والكبار تحت شجرة السدر الكبيرة لتوديع الحجاج. الوجوه متلهفة، والعيون دامعة، لكن الأصوات ترتفع بالدعاء: الله يردكم سالمين."
وأضاف: "نعود نحن الأطفال إلى نفس المكان، نستقبلهم كما ودّعناهم. نركض إليهم شوقًا إلى الحقائب الملكية التي عادت معهم. تُفتح الحقيبة، وتنساب منها روائح الحرم، ممزوجة بعبق المسك والورد المكي. نخرج منها العكاسات، المصاحف الزاهية، المسابيح، والسجادات التي تفوح منها رائحة الديار المقدسة."
هدايا الحج .. البساطة العميقة
ليست هدايا الحج أشياء مادية، بل "رموز محملة بالقداسة"، لم يدركها الأطفال في حينه لكنهم عرفوا من خلالها مكة دون أن يروها. يقول الغيثي:"آمنت أن ماء زمزم يشفي، وأن المسباح لا يُشترى بل يُهدى، وأن رائحة السجادة تنقلني إلى مكة وأنا في غرفتي."، وأضاف: الهدايا لم تتغير كثيرًا... لكنني أصبحت أنتظر الشخص أكثر من الهدية. أدركت أن الهديّة ليست فقط ما يُعطى، بل ما تحمله من دعاء ومحبة. ما زلت أضع قارورة زمزم في خزانتي، وأحتفظ بمصحف كتب عليه "هدية من مكة"، كأنه قطعة من الروح."
تقول الدغيشية أن "الكاميرات الحمراء" هي أكثر ما يفرحهم في حقيبة والدها التي متى فتحت لا أحد يعلم متى يمكن إغلاقها من جديد، ولأن والدها كان كثير التردد على الحج، وكان يجلب الكاميرات، وماء زمزم باستمرار، وكانت هذه الأشياء تدخل بيتهم كل عام، ولكنهم على الرغم من كانوا يترقبونها بشوق كما لو كانت أول مرة.
تتابع فاطمة وصف تغير الهدايا مع الزمن، فتقول: "الآن، وقد كبرنا، لم تعد الكاميرات ضمن الهدايا، فأولادنا باتوا يستقبلون هدايا مختلفة: دمية أو سيارة تنشد "يا طيبة". أما نحن، فننال سبحة أو سجادة، ومع ذلك ما نزال نفرح بها دوما وكل عام، وخصوصًا إن كانت تحمل أسماءنا."
وتضيف: "حتى أولئك الذين لم نرهم منذ زمنٍ بعيد يأتون لرؤية أبي، وينالون نصيبهم من الهدايا: مكسرات متنوعة، وأيضا كاميرات لأولادهم."
يصف التوبي تغير الرحلة بين اليوم والأمس قائلا: "اليوم، فقد اختلفت الأمور. صارت الرحلة أقصر، والتواصل فوري، وأحيانًا تغيب الهدايا. ربما لأن الأطفال انشغلوا بالتقنية، ولم تعد العكاسات والسجادات تثير دهشتهم. لكن، رغم كل ذلك، تبقى تلك الذكريات حيّة نابضة في وجدان من عاشها... تحمل حنينًا صادقًا لعصرٍ كانت فيه أبسط الأشياء أعمق الهدايا."