جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-10@15:17:00 GMT

سلاح المقاومة.. شرف الأمة

تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT

سلاح المقاومة.. شرف الأمة

 

 

علي بن مسعود المعشني

[email protected]

خاض عرب زماننا عشرات الحروب والمعارك مع الكيان الصهيوني منذ غرسه في قلب الأمة فلسطين، ولم يستوعب عرب زماننا ولم يدركوا لغاية هذا اليوم- رغم مرور سبعة عقود ونيف على نكبة فلسطين- ماهية هذا العدو ولا وظيفته، ولا دافع الغرب من وراء غرسه واستثماره في قلب الأمة، رغم كل ما تسبب فيه من نكبات وخراب ومؤامرات ودمار للأمة، كما لم يستوعب عرب زماننا بعد ولم يدركوا ماهية وعد بلفور ولا ثقافة "سايكس- بيكو".

كما لم يستوعب عرب زماننا مكانتهم اليوم بين الأمم، ومكانتهم الطبيعية، ولا مقدراتهم وقواهم الحيوية المُزلزِلة لأي عدو، من وحدة الجغرافيا، إلى الموقع، إلى الثروات الطبيعية والبشرية الهائلة، والتي لو وُظِّفَ الممكن منها والموجود فقط لتغير وجه العالم وليس الوطن العربي وحده.

فصائل المقاومة كانت من استوعب وأدرك حجم المؤامرة على الأمة، وماذا يُراد لها من وراء غرس الكيان السرطاني المؤقت والمسمى زورُا بـ"إسرائيل"، لهذا بادرت إلى حمل السلاح وأشهرته في وجه العدو، هذا العدو الذي لا يعرف إلّا لغة القوة ولا يخشى سواها؛ حيث استعرضت فصائل المقاومة وشرفاء النضال تاريخ الحروب والمواجهات مع العدو ووعد بلفور وسايكس بيكو، فأدركت أن الأقطار العربية نالت استقلالًا ناقصًا ومُكبَّلًا ومرهونًا بخدمة العدو والمحتل، عبر أغلال ناعمة تُسمى "التبعية"، كصيغة من صيغ الاستعمار الجديد. هذه التبعية التي وقفت حائط صد عتيد أمام أي وحدة أو تضامن عربي؛ بل وأي نهوض عربي فردي أو جماعي. كما استعرضت جميع الحروب والمعارك مع العدو عبر القرن الأخير؛ فوجدت أن العدو لم ينتصر في حرب أو معركة واحدة منذ معركة الكرامة مع بواسل الجيش العربي الأردني عام 1968م ولغاية هذا اليوم، وأن انتصارات العدو تأتي عبر سياسات تذويب تلك الانتصارات وترجمتها عبر النظام الرسمي العربي الأسير للغرب بلا وعي، فتُعيد إنتاج سرديات العدو الذي لا يُقهَر مُجدَّدًا، وتترسخ ثقافة التبعية، ويستمر تغييب الوعي والعبث به.

من يُنادون اليوم بنزع سلاح المقاومة في حقيقتهم دُعاة إعادة إنتاج التبعية والاستسلام للعدو، ودُعاة العبث بالقيم والشرف والتجارة بدماء الشهداء؛ فهؤلاء لا يُقيمون وزنًا للشرف ولا كرامة وطن ولا مواطن، وهم ضحايا نجباء لمُخططات حصار العقل العربي وسكب الهزيمة وثقافة العلف بداخله كل حين.

خطورة هؤلاء أنهم لا يقرأون التاريخ ولا يصنعونه، وهم ليسوا خطرًا على أوطانهم وأمتهم فحسب؛ بل خطر على أنفسهم قبل كل ذلك، فلو كانوا واعين ومدركين للمخاطر والمخططات التي تُحيط بالأمة وتُحاك لها، لطالبوا بنزع سلاح العدو وكفّ احتلاله وصلفه وعربدته في جغرافية خير أُمَّة أُخرجت للناس.

قبل اللقاء.. معركتنا مع العدو ليست معركة سلاح؛ بل معركة وعي وإدراك بمُمكِّناتنا، وما يُحاك لنا، وما يُراد بنا ولنا.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سلاح يوم القيامة والهوان العربي

في يوم واحد نُشر خبران؛ أولهما: وصول ألف شخص أمريكي إلى يافا (تل أبيب) في وفد يضم مؤثرين ورجال دين إنجيليين، في أكبر حملة بين الأمريكيين لتعزيز دعاية دولة الاحتلال، وسط مؤشرات على تآكل الدعم لإسرائيل داخل المجتمع الإنجيلي. والثاني: أبلغ رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون الوفد الذي يضم أعضاء مجلس الأمن الدولي أن "لبنان اعتمد خيار المفاوضات مع "إسرائيل"، لتجنيبه جولة عنف إضافية من جهة، ولأن لبنان مقتنع بأن الحروب لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، وأن وحده التفاوض يمكن أن يوفر مناخات تقود إلى الاستقرار والأمان (..) لقد اتخذنا القرار ولا مجال للعودة الى الوراء".

في الخبرين تبدو كذبتيْن صادرتيْن من كيانين؛ أحدهما يحاول ترميم شعبيته التي تآكلت نتيجة دموية غير مسبوقة، من خلال مبادرة وصفتها وزارة خارجية الكيان بأنها "سلاح يوم القيامة" للدبلوماسية العامة الإسرائيلية، والآخر يزعم أن التفاوض مع الصهاينة يمكن أن يؤدي إلى "مناخ يقود إلى الاستقرار والأمان"، كأن تجربة السلطة الفلسطينية تدلل على صواب كلامه، أو كأن الضغوط التي تحيط بمصر في جميع حدودها ومياهها رغم "السلام الدافئ" -كما قال السيسي- تشير إلى الاستقرار! فعلى من يكذب عون؟

كذا يشير الخبران إلى مفارقتين؛ فالصهاينة يستمرون في تدعيم قواهم وتعزيز موقعهم الغشوم والمزيِّف للماضي والحاضر، بينما يؤكد عون الهوان العربي بكلامه الذي يعتمد سياسة التذلل أمام العدو المستبيح لأرضه وسمائه يوميّا، وآية تَذَلُّلِهِ أنه قال نهاية الشهر الماضي إنه "أطلق مبادرات عدة بهدف التفاوض لإيجاد حلول مستدامة للوضع الراهن، لكن لم يتلق أي ردة فعل عملية". فهو يُبادر والصهاينة لا يستجيبون، فزاد من مبادراته بإضافة دبلوماسي لبناني إلى المفاوضات مع الاحتلال، لتصير مفاوضات مباشرة دون وسطاء، محقِّقا مكسبا سياسيّا للاحتلال دون ثمن، وفي وقت تزداد فيه عزلته الدولية.

ما تقوم به الأنظمة المستبدة في المنطقة، أو الأنظمة الضعيفة، عمليات إنعاش لجسد الاحتلال الذي أُثقِل بالجراح النافذة، إما بسبب عملية طوفان الأقصى وما أذكته من انقسامات داخلية، أو بسبب الانكشاف الإعلامي والسياسي والقيمي أمام المجتمعات الغربية التي بدأت تتجاوز الرواية المعتادة السائدة في مجتمعاتهم، والدعاية الحكومية للكيان الدموي في بلادهم، وهذه الجراح النافِذة تلتئم بخيوط عربية قبل أن تكون أجنبية؛ عبر اتفاقيات اقتصادية وتبادلات تجارية وقنوات دبلوماسية سرية وعلنية، ودعْمٍ للاحتلال في بعض جوانب تحركاته تجاه القضية الفلسطينية، خاصة ما يتعلق بنزع سلاح الفصائل المقاوِمة.

من أمارات الهوان العربي الأخرى، انتهاك الاحتلال اليومي لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعلان رئيس أركان وزارة الحرب والعدوان الصهيوني أن "الخط الأصفر هو خط حدود جديد، خط دفاع أمامي للمستوطنات وخط هجوم". هذا التصريح الذي يريد فرض واقع جديد على الأرض لم يُقابل بموقف عربي قوي وحاسم، بما في ذلك الدول الضامنة للاتفاق، كما تظل الخروقات الصهيونية دون رادع ودون حساب.

في السياق ذاته، لا يمكن عزل هذه المواقف عن الموقف العربي الرسمي طوال فترة العدوان، إذ كان التواطؤ العربي ضد الفلسطينيين عنوانا لسلوكهم، فلم يُتَّخذ موقف قوي لوقف العدوان، وهذه المسألة سبق طرحها في عدة مواضع أخرى، لكن يجدر التذكير بها حتى لا يُنسي وقف الحرب بصورتها الأبشع، المواقف السابقة.

ينضاف إلى ذلك، أن الأمريكيين الذين شكَّلوا ما أسموه "مركز تنسيق" لمراقبة وقف إطلاق النار، ينحازون بسفور للرواية الصهيونية، وللأسف لا ينحاز أحد للمظلومية الفلسطينية، بل إن الدول العربية المشاركة في مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC) لا تقوم بعمليات إعلان يومي للخروقات الصهيونية للاتفاق، ما يشير إلى تخاذل في فضح الرواية الصهيونية التي تزعم انتهاك الفلسطينيين للاتفاق، وفي المقابل تُسارع الولايات المتحدة إلى تبنّي الرواية الصهيونية باستمرار في كل خرق، خاصة ما يتعلق بالخروق العسكرية.

طوال أشهر الحرب وصلت 1000 طائرة عسكرية إلى الاحتلال الصهيوني، وقد وصل إلى الكيان الحربي الدموي أكثر من 120 ألف طن من المعدات العسكرية، والذخائر، ووسائل القتال، ومعدات الحماية، عبر هذه الطائرات الألف ونحو 150 سفينة، وفي المقابل يُمنع تسليح الفلسطينيين ولو بمجرد أسلحة خفيفة، والأكثر مهانة، يُمنعون من تلقي الغذاء والدواء وإجلائهم للعلاج وإدخال مواد بناء أو حتى خيام تقيهم برد الشتاء، فأي مهانة أوصلنا إليها هؤلاء الحكام!

كذلك، تتفاقم الكوارث تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، كالاستيطان المتزايد، والاعتداءات اليومية للمغتصبين ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وانتهاك حرمات المساجد، خاصة المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، بل وتقوم منظمات غير حكومية بجمع التبرعات لتمويل الاستيطان مثل صندوق الخليل (Hebron Fund) الذي أسَّسه الحاخام إتسحاق بيخمان عام 1979، ولا يقتصر تمويله على بناء المستوطنات، بل يدعم الصندوق مرتكبي جرائم بحق فلسطينيين، ومتطرفين صهاينة مثل: عامي بوبر الذي قتل 7 فلسطينيين عام 1990، وعائلة إيغال عامير، قاتل رئيس الوزراء إسحاق رابين، ومنظمة "بات عاين" التي حاولت تفجير مدرسة للبنات في القدس الشرقية عام 2002.

في المقابل، يُحظر على سلطة عباس أن تحوِّل أموالا لأسر الشهداء الفلسطينيين، ويُحظر على الدول العربية أن تقدم أموالا للفلسطينيين -أيّا كان انتماؤهم- إلا برضى صهيوني، بل ويُحظر على أي عربي أن يُقدِّم أموالا للفلسطينيين المغضوب عليهم، ومخالفة ذلك تستدعي الوَضْع على قوائم الإرهاب!

هذه الأوضاع العربية المُزرية تحتاج إلى حلول شعبية وليست رسمية، فالحكام العرب في أعلى سلم التواطؤ تجاه شعوبهم وتجاه الفلسطينيين، ولم يعد هناك رجاء منهم، وعلى القوى الفاعلة شعبيّا في الوطن العربي بأكمله أن تجتمع لتضع خارطة طريق للقضية الفلسطينية، وفق تحركات شعبية. وفي السياق أذكر مؤتمرا كان ينعقد في نقابة الصحفيين المصريين، بعنوان "التحالف الدولي ضد العولمة والإمبريالية والصهيونية العالمية"، وكان يضم ممثلين من نحو 50 دولة في نسخته الأخيرة قبل أن يوقفه نظام مبارك عام 2009، فحلُّ القضية الفلسطينية بات -يقينا- بيد الشعوب وليس الأنظمة.

مقالات مشابهة

  • مشعل: مطالبة الفلسطينيين بنزع سلاح المقاومة بمثابة "نزع للروح"
  • سلاح يوم القيامة والهوان العربي
  • مفاجأة زلزلتني: من «العالم العربي» إلى «الملفات».. (1- 3)
  • سرايا القدس: تم إغلاق ملف أسرى العدو!
  • المرحلة الثانية تحت النار.. اتفاق ملغم بنزع سلاح المقاومة ومشاريع تقسيم غزة
  • 300 شخصية تُوقع وثيقة تُؤكد الهوية العربية للقدس وحق المقاومة
  • 300 شخصية يوقعون وثيقة تؤكد الهوية العربية للقدس وحق المقاومة
  • رسائل مأرب والساحل الغربي.. توحيد خارطة الجنوب لإسناد معركة الشمال ضد الحوثي
  • الوزن العربي في التأثير على قرارات ترامب
  • الاستباحة الكبرى .. كيف يقود المشروع الصهيوأمريكي حرباً شاملة على الأمة أرضاً وهوية ً وقيماً