إلى أين يتجه مسار الصراع المتصاعد بين واشنطن والحوثيين؟
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
يشهد الصراع بين أميركا والحوثيين تصعيدا ملحوظا بعد نحو 6 أسابيع من استئناف هجمات واشنطن على اليمن بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وخلال الأسبوع الأخير، شنت المقاتلات الأميركية 260 غارة على اليمن، ما يرفع إجمالي الضربات منذ 15 مارس/آذار الماضي إلى 1200 غارة، بحسب كلمة زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي مساء الخميس.
وقلّل الحوثي -في كلمته المصورة التي استمرت أكثر من ساعة- من جدوى غارات واشنطن، قائلا إنها "فشلت في الحد من قدراتنا العسكرية أو منع عمليات اليمن"، متوعدا بأن قوات الجماعة "في مسار تصاعدي".
ويأتي خطاب زعيم الحوثيين بعد أيام من تهديد رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة مهدي المشاط "باستهداف شركات النفط والأسلحة الأميركية"، كما أعلنت الجماعة عن "فرض عقوبات على 15 شركة أسلحة أميركية، وأدرجتها ضمن قائمة الداعمين للاحتلال الإسرائيلي".
وأثارت التهديدات الحوثية انتباه الرأي العام في اليمن، بين ساخر من مدى إمكانية فرض عقوبات على أميركا، ومن يعتقد أن الجماعة قد تبدو جادة في استهداف مصالح واشنطن بالمنطقة، بغض النظر عن "حديث العقوبات".
في المقابل، تجاهلت الولايات المتحدة هذه التهديدات، وواصلت أمس الجمعة شن غاراتها على أكثر من منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين باليمن، حسب رصد الجزيرة نت.
بدورها، نقلت وكالة "أسوشيتد برس"، أمس الجمعة، عن مسؤولين بوزارة الدفاع الأميركية أن إسقاط 3 مسيّرات أميركية الأسبوع الماضي يشير إلى تقدم باستهداف المسيّرات فوق اليمن، وقال هؤلاء المسؤولون إن الحوثيين أسقطوا 7 مسيّرات أميركية بقيمة 200 مليون دولار خلال 6 أسابيع.
التصعيد بالتصعيد
سبق أن أكدت جماعة الحوثي مرارا أن وقف عملياتها في البحر الأحمر مشروط بوقف "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة". بينما تشدد الولايات المتحدة على أن هجماتها ضد الحوثيين ستتوقف إذا "عادت حرية الملاحة وتوقفت هجمات الجماعة".
وبشأن مسار هذا الصراع، يقول القيادي الحوثي البارز حميد عاصم "ليس لدى قواتنا إلا الدفاع عن الوطن ومقدراته وبناه التحتية، وقصف الأهداف الأميركية الإستراتيجية والحيوية أينما وجدت وأينما طالتها أيدينا، لأن ذلك حق مشروع لنا، سواء كانت أهدافا نفطية أو غيرها".
وفي تصريحات للجزيرة نت أوضح عاصم -الذي سبق أن شارك في فريق الحوثيين المفاوض- "ما نقوم به يأتي في إطار حق الدفاع وإلحاق الضرر بالعدو الأميركي، لأنه معتد على اليمن، وهو من جاء إلى مياهنا الإقليمية لشن العدوان، محاولا ثني اليمن عن إسناد أهلنا في غزة وفي كل فلسطين".
وشدد على أن "اليمن اليوم لا يزال في المرحلة الخامسة من التصعيد، وهي مراحل مدروسة وإستراتيجية لقواتنا"، مرجحا حدوث تصعيد خلال الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة حتى وقف العدوان في غزة ورفع الحصار عنها وإدخال كل مستلزمات الحياة للقطاع.
وتابع أنه "يجب أن يعرف العالم أن الحرب مشتعلة بين اليمن والإدارة الأميركية منذ 6 أسابيع، استخدم فيها العدو الأميركي الصواريخ والطيران والبوارج في قصف اليمن".
وأضاف "نحن نقوم باستخدام قواتنا في الدفاع عن وطننا، ونقصف البوارج والمدمرات الأميركية، ونرسل الصواريخ للأراضي العربية المحتلة، وسنقابل التصعيد بالتصعيد".
وفي رسالته للإدارة الأميركية، قال عاصم "الفعل اليوم قد تجاوز مراحل التهديدات، وما تم إسقاطه من طائرات التجسس الأميركية في سماء اليمن وقصف حاملات الطائرات خير دليل على ذلك".
مسار مرهون
ترى واشنطن أن الحوثيين يمثلون "ذراعا إيرانية في اليمن"، ففي مارس/آذار الماضي قال ترامب إن "طهران ستتحمل المسؤولية عن أي هجمات تنفذها جماعة الحوثيين"، كما يرهن متابعون للشأن موقف الجماعة بمسار المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة، وكذلك بما يجري في قطاع غزة.
وفي السياق، يرى الباحث اليمني عادل دشيلة أن "الحوثي لا يريد أن يعكر الحوار الجاري بين طهران وواشنطن، لأن أي استهداف للمصالح الأميركية في المنطقة في الوقت الراهن سيلقي بظلاله على المفاوضات بين الطرفين".
وفي تعليق للجزيرة نت، أضاف دشيلة، وهو زميل ما بعد الدكتوراه بالمركز الشرق أوسطي للأبحاث التابع لجامعة كولومبيا، أنه "في حال وصلت أميركا وإيران إلى طريق مسدود في الحوار الجاري، وأصبح التصعيد العسكري عنوان المرحلة، فقد يستهدف الحوثي المصالح والشركات الأميركية، خصوصا إذا كان يمتلك أسلحة إستراتيجية إيرانية مخزنة لم تستهدفها الضربات الأميركية بعد".
3 سيناريوهات
مع استمرار التصعيد بين واشنطن والحوثي، يتوقع الصحفي عدنان الجبرني، المتخصص في الشؤون العسكرية وجماعة الحوثي، 3 سيناريوهات محتملة لمستقبل المواجهات بين الطرفين تحدث عنها للجزيرة نت:
السيناريو الأول يتمثل بتطوير الولايات المتحدة لأسلوبها الحالي ليصبح أكثر كفاءة وفهما لطريقة عمل وتكتيك الحوثي. وبالتالي الاستمرار حتى إضعاف الجماعة بشكل فعلي، مشيرا إلى أن "هذا يتطلب وقتا، وإن تم ستكون نتيجته مؤقتة، وستعود الجماعة لبناء بعض القدرات التي تشكل خطرا مستمرا".
أما السيناريو الثاني، فيعتقد الجبرني أن واشنطن قد تعيد تقييم نتائج هجماتها مستخلصة ضرورة الذهاب نحو عملية جوية وبرية مدمجة، تشترك فيها القوات المحلية اليمنية التي تنتظر فرصة مثل هذه من قبل حرب غزة بـ9 سنوات.
وفي السيناريو الثالث يتوقع الجبرني أن تتوقف العمليات بين الجانبين، بصفقة إقليمية تشمل وقف الحرب في غزة، وبالتالي نزع المبرر الأساسي بشكل يتيح للحوثي شكليا إعلان إيقاف عملياته.
ويواصل الجبرني شرح هذا السيناريو قائلا إن "أميركا قد تفضّل التوقف عن عملياتها لتعود لاحقا بشكل أكثر كفاءة"، لافتا إلى أن "هذا المسار يواجه عقبات، أهمها كيف ستفكر إسرائيل بتصفية حسابها الخاص مع الحوثي بمعزل عما يجري في غزة".
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
المفاوضات الأوكرانية الأميركية تدخل يومها الثالث
عبدالله أبو ضيف (موسكو، كييف، القاهرة)
أجرت أوكرانيا والولايات المتحدة، أمس محادثات في فلوريدا لليوم الثالث على التوالي، بشأن خطة واشنطن لإنهاء الحرب مع روسيا.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، أن الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل، موضحة أن المشاركين اتفقوا على إطار الترتيبات الأمنية وقدرات الردع الضرورية للحفاظ على سلام دائم في حال التوصل لاتفاق.
ويشارك في المفاوضات التي تجري قرب ميامي، ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجاريد كوشنر، عن الجانب الأميركي، وكبير المفاوضين رستم عمروف والجنرال أندريه هناتوف، عن الجانب الأوكراني.
وقال رئيس الوفد الأوكراني المفاوض رستم عميروف، أمس، إن اجتماعاتنا في فلوريدا ركزت على تحقيق سلام عادل، اتفقنا مع واشنطن على تفاهمات في مجال الأمن.
وأكد أن أولويتهم تسوية تضمن حماية بلادنا وسيادتها. وتابع: «بحثنا مع واشنطن وسائل الردع لضمان السلام».
ومنذ عرض الخطة الأميركية قبل نحو ثلاثة أسابيع، جرت جلسات محادثات عدة مع الأوكرانيين في جنيف وميامي، بهدف تعديل النص لمراعاة مصالح كييف.
وأوضح محللون ومراقبون، أن المبادرة الأميركية المعدلة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية تشكل أول إطار تفاوضي جاد منذ سنوات، حيث يمكن البناء عليها خلال الفترة المقبلة.
وقال المحلل السياسي الروسي، إيجور يوشكوف: إن النقاط الـ28 الواردة في خطة الرئيس الأميركي تمنح موسكو موقعاً تفاوضياً مريحاً، رغم أن الصورة النهائية للخطة لا تزال غير واضحة بعد المشاورات التي أجرتها واشنطن مع أوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية.
وأضاف يوشكوف في تصريح لـ«الاتحاد»: أن هناك بنوداً أساسية تمثل أولوية لروسيا، من بينها الحصول على سيطرة كاملة على إقليمي لوجانسك ودونيتسك، مع إبداء استعداد لوقف العمليات عند خطوط التماس الحالية في زابوريجيا وخيرسون من دون المطالبة بالسيطرة الكاملة عليهما. كما تركز موسكو على انتزاع اعتراف أميركي مكتوب بسيادتها على القرم والمناطق التي تسيطر عليها بالشرق والجنوب، إلى جانب ضمانات واضحة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو.
وأشار يوشكوف إلى أن روسيا ترغب أيضاً في تضمين قيود على حجم القوات المسلحة الأوكرانية، وتكريس وضع اللغة الروسية داخل أوكرانيا، باعتبار أن هذين البندين ضروريان للوفاء بالأهداف الداخلية للعملية العسكرية، التي أعلنتها موسكو في إطار نزع السلاح.
من جهته، قال المحلل السياسي الأوكراني، إيفان أس، إن المبادرة الأميركية المطروحة لا تزال مثيرة للجدل داخل كييف.
وأضاف أس، في تصريح لـ«الاتحاد»: أن النسخة الأولى التي تضمنت 28 بنداً حملت مخالفات واضحة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، إذ لا يمكن لأي دولة أن تعترف باحتلال أراضي دولة أخرى أو أن يُطلب من أوكرانيا القبول بتغيير حدودها بالقوة.
وأشار إلى أن كييف لم تتمكن من قبول هذه البنود، لكنها بعد تجاوز صدمة المقترح بدأت العمل عليه بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى تقليص البنود إلى 19 نقطة، في حين تحدث الرئيس الأميركي لاحقاً عن 22 نقطة، بما يشير إلى استمرار النقاشات داخل الولايات المتحدة.
وأوضح أس، أن هناك شعوراً في أوكرانيا بأن صياغة المبادرة الأصلية أقرب إلى اللغة الروسية منها إلى الإنجليزية، مما يعزز الاعتقاد بأنها وُضعت أصلاً ليدفعها الأوكرانيون إلى الرفض، لكن كييف اختارت عدم رفض المقترح علناً لتفادي إثارة غضب ترامب، وقررت الدخول في نقاشات أملاً في الوصول إلى نسخة أكثر اتساقاً مع مصالحها.
وشكك المحلل السياسي الأوكراني في استعداد موسكو لوقف الحرب، لا سيما أنها لا تزال تراهن على الحسم العسكري رغم مرور نحو 4 سنوات على العملية التي كان مخططاً لها أن تُحسم خلال أشهر قليلة.