الإخوان من واشنطن إلى السودان
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
«حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ»؛ أمريكا تحاصر الجماعة المحظورة من واشنطن إلى السودان؛ قرارات تنفيذية من ولاية تكساس، ومن البيت الأبيض وتشريعية من الكونجرس، بحظر الجماعة السوداء وإدراجها على قوائم الإرهاب. والكونجرس الأمريكى يستعد لتصنيف الإخوان «منظمة إرهابية عالمية» بما يعنى تعاطيا عالميا مختلفا مع الجماعة خاصة من الدول التى مثلت ملاجئ وحاضنات لقيادات الجماعة وعناصرها وأموالها.
«فتش عن المرأة» هى مقولة شهيرة منسوبة للإمبراطور الفرنسى نابليون بونابرت، وفى منطقتنا «فتش عن الجماعة المحظورة» خلف كل حالة من حالات عدم الاستقرار فى ليبيا، سوريا، والسودان. حتى إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مقترحه وخارطة طريقه لإنقاذ الوضع فى السودان وضع بنداً رئيسياً؛ عنوانه العريض «لا لعناصر النظام القديم والإخوان»، بما يعنى إقصاء كاملا للإخوان من الجيش، والأجهزة الأمنية، ومفاصل الدولة، والاقتصاد الموازى الذى ظلّوا يتحكمون فيه منذ 30 عامًا. كبداية طريق لإصلاح المسار فى السودان.
سبق ذلك إعلان المملكة الأردنية الهاشمية فى إبريل 2025، حظر كل أنشطة الجماعة فى المملكة وإغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها، وذلك بعد أن تم الكشف عن شبكة تخريبية اشتبه فى ارتباطها بالجماعة عملت على تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة بهدف تهديد الاستقرار الداخلى للأردن الشقيق، إلى الجانب النهج المعتاد للجماعة القائم على بث الفتنة والشائعات داخل المجتمع، ولم لا؟ فهى جماعة تقتات وتعيش على الفتن والاضطرابات، وتتغذى على الانقسام وعدم الاستقرار.
ولكى نفهم أكثر معا عزيزى القارئ تبعات هذا القرار الأمريكى تجاه هذه الجماعة العنكبوتية، دعنا نأخذ السودان نموذجاً؛ موارد الإخوان فى السودان لا تعتمد فقط على الرواتب الحكومية، بل على شبكة مصالح مالية واسعة امتدت داخل مؤسسات الدولة وخارجها. فقد هيمنوا لسنوات على شركات فى قطاعات الأمن والجيش التى تضم أنشطة ضخمة فى مجالات المعادن والذهب والاستيراد والتوزيع والخدمات اللوجستية، كما رسّخت الحركة منذ التسعينيات إمبراطورية اقتصادية عبر مؤسسات التمويل الإسلامى وشركات الواجهات التجارية التى تحصّل عبرها موارد ضخمة. هذه الموارد كانت تستخدم في: تحريك الميليشيات، تمويل الولاءات، شراء النفوذ داخل الجيش، بناء شبكات أمنية موازية. بالتالى أى مسار يُقصى الإخوان من الأجهزة العسكرية والأمنية سيحرمهم مباشرة من الجزء الأكبر من هذه العوائد.
نحن بصدد ضربات مالية وتنظيمية جديدة قد تحرم الجماعة من مليار دولار سنويا، بعد الضربة الكبرى التى وجهها المصريون للجماعة فى ثورة 30 يونيو 2013، فالقرارات الأمريكية وما قد يستتبعها من مراجعات أوروبية فى ضوء التوجهات الأمريكية، تهدد وتستهدف واحدة من أهم شبكات التمويل التى تعتمد عليها الجماعة، والتى تقدر -فعليا- بما يقارب مليار دولار سنويا بما يعنى تحولا فى المناخ السياسى والأمنى تجاه الإخوان على مستوى العالم. أخيرا انتبه العالم وتأكد من صدق الرؤية والسردية المصرية من أن الجماعة التى تأسست فى عام 1928 فى مصر، على يد حسن البنا. هى أصل كل الشرور، ومصدر كل تطرف، فالجماعة مثلت الأساس الفكرى الذى انطلقت منه الجماعات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة وداعش، وقادة وعناصر هذه الجماعات كانوا أعضاء فى الإخوان المسلمين، حتى وإن حاولت المحظورة أن تقدم نفسها كوجه معتدل للإسلام السياسي، إلا أن الخطاب المتطرف والمضلل لها هو الذى أسهم فى تغذية التطرف عربيا وغربيا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د وليد عتلم ض اق ت ع ل ي ه م ال أ ر ض واشنطن السودان
إقرأ أيضاً:
حسام الغمري: قرار ترامب المحتمل بتصنيف الإخوان إرهابية يعكس انتهاء صلاحية الجماعة سياسيًا في الغرب
علّق الإعلامي حسام الغمري، على الأنباء المتداولة حول اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصدار قرار تنفيذي بتصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، معتبرًا أن هذه الخطوة المحتملة تعكس قناعة غربية بأن الجماعة فقدت دورها السياسي ولم تعد أداة فعّالة للمصالح الدولية.
وقال الغمري، خلال لقائه ببرنامج "الحياة اليوم" مع الإعلامي محمد مصطفى شردي على قناة الحياة، إن ردود أفعال عناصر الجماعة تجاه القرار المرتقب اتسمت بالمبالغة وتصويره على أنه "حرب على الإسلام"، ساخرًا مما وصفه بـ"التناقض الواضح" في خطابهم؛ فحينما كانت القرارات الغربية تخدم مصالحهم، كانوا يحتفون بها، بينما يلجؤون لخطاب المظلومية الدينية عند تعارض المصالح.
وأوضح الغمري أن القرار الأمريكي – حال صدوره – سيستهدف بشكل مباشر فروع الجماعة في مصر والأردن ولبنان، مشيرًا إلى أن محاولات الإخوان للاختباء خلف واجهات مدنية أو كيانات بديلة لن تكون مجدية أمام قرار تنفيذي واضح ومحدد.
وفي تحليله لدوافع القرار، أكد الإعلامي أن السياسات الغربية لا تُدار بمنطق العواطف أو القيم، بل بالمصالح فقط، لافتًا إلى أن أجهزة الاستخبارات الغربية كانت تنظر إلى الإخوان سابقًا باعتبارهم "ورقة" يمكن استخدامها في صراعات عدة؛ سواء في مواجهة الشيوعية في الماضي، أو في إطار مشروعات "الفوضى الخلاقة" في مراحل لاحقة.