طموحات ترامب الاستعمارية وصخرة السيادة المصرية
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
في عالم يفترض أن يسوده احترام السيادة الوطنية والقوانين الدولية، تأتي تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول قناة السويس لتعيد إلى الأذهان شبح العقلية الاستعمارية التي ظن العالم أنه تجاوزها.
هذه التصريحات، التي طالبت بمرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس دون رسوم أو قيود، ليست مجرد كلمات عابرة، بل محاولة مكشوفة لفرض هيمنة سياسية واقتصادية على دولة ذات سيادة.
وفي رأيي، مثل هذه التصريحات لا تعكس فقط تجاهلًا لمبادئ القانون الدولي، بل تكشف عن ازدواجية معايير السياسة الأمريكية التي تدعي احترام الشراكات الدولية بينما تمارس الضغوط على الدول لخدمة مصالحها الخاصة، التي فضحتها الممارسات الأمريكية الغربية الأخيرة بحق الأشقاء الفلسطينيين، فضلا عن حرب التعريفات الحمركية التي فرضها ترامب على دول العالم.
إن مصر، بتاريخها العريق وسيادتها المطلقة على قناة السويس، تقف اليوم كحصن منيع أمام هذه المحاولات، مؤكدة أن كرامتها الوطنية ومصالحها ليست للمساومة.
تصريحات ترامب، التي دعت إلى إعفاء السفن الأمريكية من رسوم عبور قناة السويس، ليست سوى محاولة لإعادة إحياء الامتيازات الاستعمارية التي رفضها العالم منذ عقود.
هذه التصريحات تتناقض بشكل صارخ مع مبادئ القانون الدولي، لا سيما مبدأ السيادة المتساوية بين الدول المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
فقناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل رمز للسيادة المصرية وثمرة نضال طويل ضد الهيمنة الأجنبية.
أن تطالب دولة، مهما كانت قوتها، بامتيازات خاصة في هذا الممر، هو إهانة ليس فقط لمصر، بل لكل الدول التي تقدر سيادتها.
والمفارقة الكبرى تكمن في أن الولايات المتحدة نفسها، عندما كانت تسيطر على قناة بنما، فرضت رسومًا صارمة على السفن العابرة، ولا تزال تمارس هذا الحق في الممرات المائية الخاضعة لسيادتها، مثل قنوات البحيرات العظمى.
هذا السلوك يكشف عن ازدواجية معايير فاضحة، حيث تطالب الولايات المتحدة بحقوق خاصة في الممرات الدولية بينما تفرض قيودًا صارمة في أراضيها.
إن مثل هذه الممارسات لا تتماشى مع مبدأ المعاملة بالمثل، وهو أساس العلاقات الدولية العادلة.
تصريحات ترامب ليست مجرد استفزاز للدولة المصرية، بل قد تؤدي إلى توترات دبلوماسية غير ضرورية بين مصر والولايات المتحدة.
في وقت تتطلب فيه التحديات العالمية، مثل مكافحة الإرهاب وتغير المناخ، تعاونًا وثيقًا بين البلدين، تأتي هذه التصريحات لتعرقل العلاقات الاستراتيجية.
بل إن استمرار مثل هذه الضغوط قد يشجع دولًا أخرى على المطالبة بامتيازات مماثلة، مما يهدد استقرار النظام القانوني الدولي الذي ينظم حركة الملاحة في الممرات الحيوية.
إن مصر، بحكم تاريخها وثقلها الإقليمي، لن تقبل بأي شكل من الأشكال هذا النوع من الابتزاز، فالدولة المصرية، التي حاربت عبر عقود لتأكيد سيادتها على قناة السويس، تمتلك الإرادة والقدرة على حماية حقوقها.
هذا الموقف لا ينبع من عناد، بل من إدراك عميق بأن التنازل عن السيادة، حتى في جزء صغير، قد يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات.
إن تمسك مصر بحقوقها هو رسالة واضحة للعالم بأنها لن تسمح بإعادة إنتاج العقلية الاستعمارية تحت أي ذريعة.
في النهاية، تظل قناة السويس رمزًا للكرامة الوطنية المصرية، ومحاولات ترامب لفرض إرادته عليها لن تجد سوى الرفض القاطع.
فمصر بتاريخها النضالي وسيادتها المطلقة، ستواصل الدفاع عن مصالحها الوطنية، مؤكدة أن العصر الاستعماري قد ولى، وأن إرادة الشعوب الحرة هي التي ستظل صامدة أمام أي محاولات للهيمنة أو الاستعلاء.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ازدواجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة الملاحة قناة السويس الفلسطينيين الشؤون الداخلية رسوم عبور السيادة الوطنية المعاملة بالمثل التدخل في الشؤون الداخلية السياسة الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات ترامب القوانين الدولية قوانين الدولية الملاحة تصريحات الرئيس مرور السفن تصريحات الرئيس الأمريكي تعريفات الابتزاز السفن الامريكية الشراكات الدولية رسوم عبور قناة السويس تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احترام السيادة مبادئ القانون هذه التصریحات قناة السویس
إقرأ أيضاً:
رئيس اقتصادية قناة السويس يواصل جولته الترويجية بلقاءات مع الكيانات الاقتصادية بالعاصمة واشنطن
استكمل وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، محطات جولته الترويجية الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث انتقل والوفد المرافق له للعاصمة الأمريكية واشنطن، وذلك عقب لقاءات مثمرة في مدينة نيويورك استمرت ليومين، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات المكثفة والموائد المستديرة مع كبار المسؤولين في المؤسسات الاقتصادية والشركات الأمريكية العالمية، لبحث فرص التعاون في قطاعات الدواء، والطاقة، واللوجستيات، وصناعة السيارات، وذلك بحضور رسمي للسفارة المصرية في واشنطن، ومكتب التمثيل التجاري.
وفي أولى لقاءاته بواشنطن، اجتمع رئيس اقتصادية قناة السويس مع مسؤولي شركة "ميرك" (Merck)، الرائدة عالميًا في مجال الرعاية الصحية، حيث ناقش الجانبان فرص التعاون في تقديم حلول صحية مبتكرة، وبحث إمكانية توطين صناعات الأدوية واللقاحات والعلاجات البيولوجية داخل المناطق الصناعية للهيئة، بما يخدم الأسواق المحلية والعالمية، مشيرًا إلى أن توطين ذلك القطاع الحيوي يمثل أحد أركان الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية.
وفي سياق متصل، شارك وليد جمال الدين في مائدة مستديرة نظمتها "ماكلارتي أسوشيتس" (McLarty Associates)، المتخصصة في الاستشارات التجارية الدولية والاستراتيجيات، وإدارة المخاطر، وضمت المائدة ممثلين عن شركات بارزة مثل: (Space X)، و(Lucid Motors) للسيارات الكهربائية، و(Eurasia Group)، و(Continental Strategy)، و"معهد الشرق الأوسط"، حيث استعرض رئيس اقتصادية قناة السويس خلال اللقاء الفرص الاستثمارية المتاحة للشركات الراغبة في التوسع خارج الولايات المتحدة عبر بوابة المنطقة الاقتصادية، لافتًا إلى أهمية الموقع الاستراتيجي الفريد للمنطقة وموانئها التابعة على البحرين المتوسط والأحمر، بالإضافة للجهود التي بذلتها الهيئة لتمكينها من أدواتها الاقتصادية كافة بأربع مناطق صناعية متخصصة تتكامل مع المواني الستة التابعة للهيئة لتحقيق استراتيجية الهيئة الهادفة لتوطين 21 قطاعًا متنوعًا ما بين أنشطة صناعية وخدمية ولوجستية.
كما شارك رئيس اقتصادية قناة السويس في المائدة المستديرة التي نظمتها مؤسسة "دي إل إيه بايبر" (DLA Piper) القانونية العالمية، قدم خلالها عرضًا تقديميًّا حول المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تناول فيه الرؤية الاستراتيجية للهيئة والتكامل بين المناطق الصناعية والمواني التابعة لها، مستعرضًا أبرز الحوافز الاستثمارية المباشرة وغير المباشرة، ومدى جاهزية البنية التحتية والمرافق لاستقبال الصناعات المختلفة، فضلًا عن توافر مصادر الطاقة والكوادر البشرية المدربة، وهي العوامل التي تجعل من المنطقة الاقتصادية وجهة الاستثمار المفضلة عالميًّا.
وشارك رئيس اقتصادية قناة السويس كذلك في المائدة المستديرة التي نظمتها غرفة التجارة الأمريكية (US Chamber of Commerce)، بحضور السيد/ ستيف لوتس، ممثل الغرفة، وبمشاركة واسعة من كبريات الشركات الأمريكية والعالمية، أبرزها: (Caterpillar، Bechtel، Citi Bank، CMA CGM)، بالإضافة إلى "نافذ إنترناشيونال"، وغرفة التجارة الأمريكية بمصر، واتحاد المنسوجات، وأوضح وليد جمال الدين أن جاهزية بيئة الأعمال بالهيئة أدت لنجاح المستثمرين وتوسعاتهم خلال السنوات الماضية، موضحًا أن جهود الهيئة المتواصلة في تطوير البنية التحتية والمواني، تعزز جاهزية مناخ الاستثمار بالهيئة، فضلًا عن الخطوات الواضحة للتحول الرقمي في الخدمات الجمركية وخدمات الشباك الواحد، والمنصات التي تعزز التشبيك الصناعي الذي يؤدي لتكامل سلاسل التوريد والإمداد لمختلف القطاعات الصناعية.
وفي إطار تعزيز الأمن الغذائي والخدمات اللوجستية، عقد وليد جمال الدين اجتماعًا هامًا مع قيادات شركة "بلومبرج جرين" (Blumberg Grain) للأنظمة اللوجستية، بحضور فيليب بلومبرج، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، وجيف سبيكس، نائب الرئيس، وتناول الاجتماع مشروع إنشاء صوامع للغلال في ميناء شرق بورسعيد، بالإضافة إلى تطوير سلاسل التبريد (Cold Chain)، بما يعزز من قدرات المنطقة كمركز لوجستي عالمي لتداول الحبوب، هذا وقد أعرب ممثلو الشركة عن اعتزامهم زيارة مصر الأسبوع المقبل، لمتابعة الخطوات التنفيذية للمشروع والتنسيق مع الهيئة والجهات المعنية بالدولة.