في عالم يفترض أن يسوده احترام السيادة الوطنية والقوانين الدولية، تأتي تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول قناة السويس لتعيد إلى الأذهان شبح العقلية الاستعمارية التي ظن العالم أنه تجاوزها.

هذه التصريحات، التي طالبت بمرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس دون رسوم أو قيود، ليست مجرد كلمات عابرة، بل محاولة مكشوفة لفرض هيمنة سياسية واقتصادية على دولة ذات سيادة.

وفي رأيي، مثل هذه التصريحات لا تعكس فقط تجاهلًا لمبادئ القانون الدولي، بل تكشف عن ازدواجية معايير السياسة الأمريكية التي تدعي احترام الشراكات الدولية بينما تمارس الضغوط على الدول لخدمة مصالحها الخاصة، التي فضحتها الممارسات الأمريكية الغربية الأخيرة بحق الأشقاء الفلسطينيين، فضلا عن حرب التعريفات الحمركية التي فرضها ترامب على دول العالم.

إن مصر، بتاريخها العريق وسيادتها المطلقة على قناة السويس، تقف اليوم كحصن منيع أمام هذه المحاولات، مؤكدة أن كرامتها الوطنية ومصالحها ليست للمساومة.

تصريحات ترامب، التي دعت إلى إعفاء السفن الأمريكية من رسوم عبور قناة السويس، ليست سوى محاولة لإعادة إحياء الامتيازات الاستعمارية التي رفضها العالم منذ عقود.

هذه التصريحات تتناقض بشكل صارخ مع مبادئ القانون الدولي، لا سيما مبدأ السيادة المتساوية بين الدول المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية.

فقناة السويس ليست مجرد ممر مائي، بل رمز للسيادة المصرية وثمرة نضال طويل ضد الهيمنة الأجنبية.

أن تطالب دولة، مهما كانت قوتها، بامتيازات خاصة في هذا الممر، هو إهانة ليس فقط لمصر، بل لكل الدول التي تقدر سيادتها.

والمفارقة الكبرى تكمن في أن الولايات المتحدة نفسها، عندما كانت تسيطر على قناة بنما، فرضت رسومًا صارمة على السفن العابرة، ولا تزال تمارس هذا الحق في الممرات المائية الخاضعة لسيادتها، مثل قنوات البحيرات العظمى.

هذا السلوك يكشف عن ازدواجية معايير فاضحة، حيث تطالب الولايات المتحدة بحقوق خاصة في الممرات الدولية بينما تفرض قيودًا صارمة في أراضيها.

إن مثل هذه الممارسات لا تتماشى مع مبدأ المعاملة بالمثل، وهو أساس العلاقات الدولية العادلة.

تصريحات ترامب ليست مجرد استفزاز للدولة المصرية، بل قد تؤدي إلى توترات دبلوماسية غير ضرورية بين مصر والولايات المتحدة.

في وقت تتطلب فيه التحديات العالمية، مثل مكافحة الإرهاب وتغير المناخ، تعاونًا وثيقًا بين البلدين، تأتي هذه التصريحات لتعرقل العلاقات الاستراتيجية.

بل إن استمرار مثل هذه الضغوط قد يشجع دولًا أخرى على المطالبة بامتيازات مماثلة، مما يهدد استقرار النظام القانوني الدولي الذي ينظم حركة الملاحة في الممرات الحيوية.

إن مصر، بحكم تاريخها وثقلها الإقليمي، لن تقبل بأي شكل من الأشكال هذا النوع من الابتزاز، فالدولة المصرية، التي حاربت عبر عقود لتأكيد سيادتها على قناة السويس، تمتلك الإرادة والقدرة على حماية حقوقها.

هذا الموقف لا ينبع من عناد، بل من إدراك عميق بأن التنازل عن السيادة، حتى في جزء صغير، قد يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات.

إن تمسك مصر بحقوقها هو رسالة واضحة للعالم بأنها لن تسمح بإعادة إنتاج العقلية الاستعمارية تحت أي ذريعة.

في النهاية، تظل قناة السويس رمزًا للكرامة الوطنية المصرية، ومحاولات ترامب لفرض إرادته عليها لن تجد سوى الرفض القاطع.

فمصر بتاريخها النضالي وسيادتها المطلقة، ستواصل الدفاع عن مصالحها الوطنية، مؤكدة أن العصر الاستعماري قد ولى، وأن إرادة الشعوب الحرة هي التي ستظل صامدة أمام أي محاولات للهيمنة أو الاستعلاء.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ازدواجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة الملاحة قناة السويس الفلسطينيين الشؤون الداخلية رسوم عبور السيادة الوطنية المعاملة بالمثل التدخل في الشؤون الداخلية السياسة الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات ترامب القوانين الدولية قوانين الدولية الملاحة تصريحات الرئيس مرور السفن تصريحات الرئيس الأمريكي تعريفات الابتزاز السفن الامريكية الشراكات الدولية رسوم عبور قناة السويس تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احترام السيادة مبادئ القانون هذه التصریحات قناة السویس

إقرأ أيضاً:

قناة السويس: عدد السفن اليومية ارتفع لـ 75.. وأخرى عملاقة تعبر بانتظام دون تأخير

قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن التطويرات الأخيرة التي شهدها المجرى الملاحي وخاصة افتتاح قناة السويس الجديدة عام 2015، كانت نقطة تحول كبرى، مؤكدًا أن هذا المشروع الاستراتيجي رفع عدد السفن اليومية من 42 إلى 75 سفينة، واستوعب مرور سفن عملاقة يصل غاطسها إلى 22 مترًا وحمولتها 24000 حاوية.

أسامة ربيع: أكثر من مليون و100 ألف سفينة مرت بقناة السويس منذ التأميمأحمد موسى: لا بدائل عن قناة السويس التي تستقبل أكبر الحاويات في العالمازدواج قناة البحيرات المرة

وأوضح ربيع، خلال مداخلة هاتفية على فضائية «إكسترا نيوز»، أن الهيئة افتتحت في فبراير الماضي مشروعًا جديدًا في القطاع الجنوبي، شمل ازدواج قناة البحيرات المرة لمسافة 10 كيلومترات، لتصل المسافة المزدوجة إلى 82 كيلومترًا، كما تم توسيع وتعميق القناة لمسافة 30 كيلومترًا، مما حسَّن حركة الملاحة وخفّض زمن العبور.

وأكد أن هذه المشروعات نُفذت بالكامل بأيدٍ مصرية، وبتمويل ذاتي من ميزانية الهيئة دون تحميل الدولة أي أعباء، مشددًا على أن دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي للهيئة وتوجيهاته المباشرة كانا عاملًا حاسمًا في تحقيق هذه الطفرة.

طباعة شارك قناة السويس هيئة قناة السويس قناة السويس الجديدة افتتاح قناة السويس أسامة ربيع الفريق أسامة ربيع

مقالات مشابهة

  • رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل سفير سنغافورة لبحث سبل التعاون
  • رئيس اقتصادية قناة السويس: نتطلع للتعاون مع سنغافورة في قطاعات متنوعة
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • الفريق أسامة ربيع: قناة السويس تختصر 15 يومًا وتوفر 55 مليون طن انبعاثات سنويًا
  • قناة السويس: استدامة الملاحة وكفاءة الأطقم أبرز عوامل التفوق العالمي
  • قناة السويس: عدد السفن اليومية ارتفع لـ 75.. وأخرى عملاقة تعبر بانتظام دون تأخير
  • أسامة ربيع: أكثر من مليون و100 ألف سفينة مرت بقناة السويس منذ التأميم
  • أحمد موسى: لا بدائل عن قناة السويس التي تستقبل أكبر الحاويات في العالم
  • ذكرى تأميم قناة السويس.. 69 عامًا من الحرية والعزة والكرامة
  • أمين عام تحالف الأحزاب: دعوات التجمهر أمام السفارات المصرية ليست لخدمة قضية