فرنسا تعلق الاعتراف بمجازر سطيف بسبب الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
قالت صحيفة ليبيراسيون إن الاعتراف الذي كان قيد الإعداد، بقمع دموي أودى بحياة عدة آلاف من المتظاهرين الوطنيين الجزائريين، توقف بسبب الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
وتساءلت الصحيفة -في تقرير بقلم فيكتور بواتو- هل ستعترف فرنسا رسميا بعد 80 عاما، بالمجازر التي ارتكبتها ولم تعترف بها قط، شمال قسنطينة يوم 8 مايو/أيار عام 1945؟ فهي تمثل صفحة سوداء في تاريخ العلاقات بين البلدين، وقد أسفرت عن مقتل عدة آلاف من الجزائريين.
وأشارت ليبيراسيون إلى أن لفتة تذكارية من قصر الإليزيه كانت متوقعة بهذا الشأن خلال إحياء ذكرى انتصار الحلفاء على ألمانيا النازية يوم 8 مايو/أيار، ولكن تجدد التوترات بين باريس والجزائر يهدد بإحباط هذه المبادرة المعلقة حاليا.
من 20 إلى 30 قتيلا
ويقول مصدر متابع لملف النصب التذكاري الفرنسي الجزائري إن "كل شيء لا يزال ممكنا. لم نفقد الأمل"، وذكّر بأن الذكرى الـ80 للمجازر تمثل "لحظة مناسبة" لمثل هذا الاعتراف، ولكن الحكومة تخشى أن أي بادرة امتنان جديدة للجزائر ستفهم على أنها اعتراف بالضعف تجاه النظام الجزائري.
ومع ذلك لا تزال مجازر 8 مايو/أيار 1945 في الجزائر صفحة سوداء في تاريخ السلطة الاستعمارية السابقة -كما تقول الصحيفة- إذ احتفلت الحشود في ذلك اليوم باستسلام ألمانيا النازية وانتصار الحلفاء في فرنسا وفي الجزائر أيضا لأن آلاف الجزائريين ضحوا بأرواحهم لتحرير فرنسا، وتحدثوا عن أملهم في الاستقلال.
إعلانوفي منطقة قسنطينة، نظم حزب الشعب الجزائري مظاهرة، وطالب نشطاؤه بالإفراج عن زعيمهم مصالي الحاج الذي انضم للحزب الشيوعي الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، وردد الحشد الغفير في سطيف، شعارات وطنية، ورفع لافتات كتب عليها "عاشت الجزائر حرة مستقلة"، كما رفعت أعلام جزائرية خضراء وبيضاء.
راقب سكان المدينة الأوروبيون المتظاهرين من خلف نوافذهم وراء الستائر، وكان بعضهم مسلحا، وعندما حاولت الشرطة الاستيلاء على الأعلام، دوى إطلاق نار، وسقط أحد المتظاهرين أرضا، فانقلب غضب القوميين على المستوطنين، وطعن نحو 100 شخص حتى الموت.
مأساة لا تغتفر
وبأوامر باريس، استعاد الجيش السيطرة في الأيام التالية، وانضم إليه المستوطنون الذين شكلوا مليشيا، وبدأ القمع بوحشية وعنف، وامتد إلى مدينتي قالمة وخراطة، وقصفت القرى، وتكدست الجثث المتفحمة.
أعلن أن العدد الرسمي للقتلى 1500، ولكن المؤرخ جان لوي بلانش، تحدث عن مقتل ما بين 20 و30 ألف شخص، كما قدر حزب الشعب الجزائري العدد بنحو 45 ألف قتيل، لتشكل هذه المذابح -حسب المؤرخين- بدايات حرب التحرير الجزائرية، وبذور الانتفاضة التي بدأت يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وولادة القومية الجزائرية.
ولكن فرنسا تأخرت في وصف هذا الفصل من تاريخها الاستعماري، وإن كان السفير الفرنسي في الجزائر ألقى كلمة قوية عام 2005 في جامعة فرحات عباس بسطيف، واصفا ما حدث بأنه "مأساة لا تغتفر"، وأشار خليفته، برنار باجوليه عام 2008، إلى "المسؤولية الجسيمة التي تتحملها السلطات الفرنسية آنذاك في إطلاق العنان لهذا الجنون القاتل"، وأضاف "لقد ولى زمن الإنكار".
وبالفعل صرح الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند أثناء زيارة للجزائر عام 2012 أن "الجزائر خضعت مدة 132 عاما، لنظام ظالم ووحشي للغاية. أدرك هنا المعاناة التي ألحقها الاستعمار بالشعب الجزائري"، ودعا إلى "كشف الحقيقة بشأن حرب الجزائر"، دون أن يقدم اعتذارا رسميا باسم الدولة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
محاميه السابق: ليس قبل «الاعتراف».. انقسام حاد في إسرائيل حول عفو نتنياهو
البلاد (القدس محتلة)
يتعمق الجدل في إسرائيل حول طلب العفو الذي تقدم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للرئيس إسحق هرتسوغ، في خطوة اعتبرها البعض تحولاً سياسياً كبيراً قد يعيد رسم المشهد الداخلي، فيما ينظر إليها آخرون باعتبارها محاولة للهروب من مسار محاكمة طويلة في قضايا فساد تلاحقه منذ سنوات.
فقد كشف استطلاع رأي جديد أجراه معهد دايركت بولس لصالح قناة آي 24، ونشرت نتائجه أمس (الاثنين)، أن المجتمع الإسرائيلي منقسم بشدّة حول منح العفو لنتنياهو، إذ أبدى 54% من المشاركين موافقتهم على العفو، مقابل 45% عارضوه، فيما أظهر تحليل النتائج انقساماً سياسياً واضحاً بين معسكري الائتلاف والمعارضة؛ حيث أيّد 81% من ناخبي الائتلاف منح العفو، في حين رفضه 75% من ناخبي المعارضة.
ويزداد الجدل تعقيداً مع طرح سؤال حول اشتراط اعتراف نتنياهو بالذنب مقابل منحه العفو، وهو شرط تعارضت حوله الآراء؛ إذ أيّده 48% من المستطلعين ورفضه 49%. أما على مستوى المعسكرات، فصوت 80% من ناخبي المعارضة لصالح هذا الشرط، مقابل تأييد ضعيف نسبياً داخل الائتلاف لم يتجاوز 18%.
وفيما يتعلق بمستقبل نتنياهو السياسي، قال 47% من المشاركين إنهم يؤيدون اعتزاله الحياة السياسية في حال حصوله على العفو، بينما رفض 50% الفكرة، في مؤشر آخر على حجم الاستقطاب المحيط برئيس الوزراء الأكثر بقاءً في السلطة بتاريخ إسرائيل.
وفي المقابل، برز موقف قانوني لافت أدلى به ميكا فيتمان، محامي الدفاع السابق عن نتنياهو، الذي اعتبر في مقابلة مع القناة 12 أن العفو لا يمكن أن يُمنح قبل الاعتراف بالذنب، قائلاً إن”العفو يُمنح للمجرم، هذا ما ينص عليه القانون”، مشيراً إلى أن الدستور الإسرائيلي يمنح الرئيس سلطة العفو وتعديل الأحكام، لكن هذه الصلاحية تُمارَس ضمن إطار قانوني واضح.
ويُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل يُحاكم وهو في منصبه، بعدما وُجهت إليه منذ عام 2019 ثلاث تهم تتعلق بالاحتيال وخيانة الأمانة وتلقي الرشوة، في ملفات ارتبطت بعلاقات مع رجال أعمال كبار وشركات إعلامية. وقد بدأت محاكمته في مايو 2020 لكنها واجهت سلسلة طويلة من التأجيلات بسبب أزمات سياسية متلاحقة، ثم بفعل الحرب على غزة التي أدت إلى تعليق جلسات عدة، كان آخرها أمس.
ومع استمرار الانقسام الشعبي والسياسي، ووجود ملف قضائي مفتوح، تبدو إسرائيل مقبلة على مرحلة محتدمة قد تترك تداعيات واسعة على توازنات الحكم ومستقبل رئيس وزرائها.