تأجيل المفاوضات.. ما الذي يعرقل المسار الدبلوماسي بين إيران وأميركا؟
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
طهران – عقب تفاؤل حذر سيطر على نتائج الجولات الثلاث الأولى من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، جاء إعلان تأجيل الجولة الرابعة التي كانت مقررة السبت الماضي، ليكشف عن عقبات حقيقية تعترض المباحثات التقنية انطلاقا من تصور كلا الطرفين للاتفاق المرجو بشأن النووي الإيراني.
وبغض النظر عن التصعيد الأميركي -قبيل تأجيل المفاوضات وبعده- المتمثل في فرض عقوبات جديدة وتأكيد واشنطن عزمها "إنهاء التصدير غير المشروع للنفط الإيراني والمواد البيتروكيميائية"، فإن الأوساط السياسية في طهران قرأت بين سطور بيان الاستنكار واللهجة المستخدمة فيه، وكذلك في محادثة وزير الخارجية عباس عراقجي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مؤشرا على تصاعد الخلافات بين طرفي المفاوضات.
وعلى وقع تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر منصته تروث سوشيال، بمعاقبة كل دولة أو شركة تستورد النفط أو المواد البيتروكيميائية من إيران، ومطالبة وزير خارجيته ماركو روبيو بضرورة وقف تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، والحد من صواريخها الباليستية، واحتواء سياستها الإقليمية، يشكو عراقجي "السلوك الأميركي المتناقض" لغوتيريش، مؤكدا حق بلاده في تخصيب اليورانيوم بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
إعلان أسباب التأجيلوبينما ذهب مراقبون إيرانيون في قراءة ما بين سطور مواقف عراقجي بأنها تكشف إصرار الجانب الأميركي علی تجاوز خطوط إيران الحمر، بما فيها نقل ذخائر طهران من اليورانيوم العالي التخصيب إلى خارج البلاد، يفسّر آخرون الصمت الأميركي حيال تأجيل المفاوضات بأنه نجاح للدبلوماسية الإسرائيلية التي ضربت المباحثات الإيرانية الأوروبية قبل عقدها، إلى جانب التشويش على مفاوضات مسقط.
وفي السياق، يعدد الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه ثلاثة أسباب رئيسية لتأجيل المفاوضات النووية؛ أولها نابع من التشدد في المواقف والتصعيد في التهديدات الأميركية، مما أدى إلى استشعار طهران أنها تتفاوض مع طرف تتغير مواقفه يوميا وعليها أخذ الحيطة والحذر.
ويعود السبب الثاني إلى حرص الوساطات الأوروبية وكذلك إسرائيل على ضرورة ضمان مصالحها عبر المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، وفق فلاحت بيشه، الذي توقع -في مقابلة صحفية- عودة الجانب الأميركي إلى طاولة المفاوضات قريبا، لكنه استدرك أن واشنطن قد تتشدد أكثر حيال إيران خلال الأيام المقبلة لكي لا تتهم في الداخل بالتراجع أمامها.
ويعتبر فلاحت بيشه أن إقالة ترامب مستشاره السابق للأمن القومي مايكل والتز السبب الثالث وراء تأجيل المفاوضات النووية، ويعوّل على الوساطة العمانية للتقريب بين مواقف طرفي المفاوضات وإقناعهما بضرورة استئنافها خلال الفترة المقبلة.
وانطلاقا من التقارير الإعلامية حول الانقسام في الفريق الأمني للإدارة الأميركية حيال إيران، يقرأ طيف من المحللين الإيرانيين إقالة والتز في إطار مساعي ترامب لتوحيد فريقه الأمني.
ويترقبون الأنباء الواردة من واشنطن حول استمرار المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف في مهمته، لأن هناك من يفسر مواقف روبيو الأخيرة تجاه طهران وقيامه بمهام والتز بأنها مؤشر على ارتفاع حظوظه لقيادة فريق بلاده التفاوضي.
إعلانوفي ظل التزام طرفي المفاوضات والوسيط العماني الصمت بشأن الجهة التي تقدمت بطلب لتأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات، تذكّر بعض الأوساط الإيرانية بأن إعلان تأجيلها جاء عقب تأييد طهران أنها ستعقد في روما، وأن الجانب الأميركي يريد بتأجيلها توحيد فريقه المشرف على المفاوضات ورفع الصوت عاليا في مطالبه للضغط على طهران.
من جهته، يتساءل الكاتب السياسي محمد صفري عن سبب تأجيل واشنطن المفاوضات التي يبدو أن ترامب على عجلة لحسمها، موضحا -في افتتاحية صحيفة "سياست روز" المحافظة- وجود خلافات حقيقية تعصف بالداخل الأميركي حيال المفاوضات مع إيران، ناهيك عن الدور السلبي الذي يقوم به الكيان الصهيوني لإفشالها.
ويرى صفري أن سلوك الإدارة الأميركية بفرض عقوبات جديدة على إيران لا يتناسب والمفاوضات، ويستبعد التوصل إلى اتفاق مع "جهة لا تثبت على قرار، بل تتفنن في تغيير مواقفها بين ليلة وضحاها"، حسب وصفه. ويقول إن الكرة أضحت في الملعب الأميركي، وإن واشنطن -التي سبق أن نسفت الاتفاق النووي المبرم عام 2015- ستتحمل مسؤولية فشل المفاوضات المتعثرة حاليا.
استنزاف وتهديدبالعودة إلى مواقف روبيو كشروط مسبقة لأي اتفاق بشأن النووي الإيراني، ترى أوساط إيرانية أن من شأن أي بند منها أن يقضي على المسار الدبلوماسي الجاري، مما یطرح علامة استفهام كبيرة عما إذا كان تأجيل المفاوضات سيعني توقفها نهائيا.
ویبدو أن الحديث عن بلوغ المفاوضات النووية طريقا مسدودا ما زال مبكرا، وأنه في ظل إسراف بعض الجهات في التفاؤل عقب الجولتين الأولی والثانية قد يكون تعثرها في محطة المباحثات التقنية ضروريا لإعادة الطرفين النظر في حساباتهما لتعديل المواقف والمطالب، أو التفكير في حلول لعقبات اتضح جزء منها خلال الجولة الثالثة.
لكن هناك من يخشی إطالة أمد المفاوضات وتحولها إلى "استنزاف" بما يمكّن أعداء المسار الدبلوماسي من تفعيل آلية الزناد من بوابة الترويكا الأوروبية، خاصة وأن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قد لوَّح بالآلية قائلا "إن باريس لن تتردد في إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران إذا لم تنجح المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي".
وبالنظر إلى الفترة الزمنية المتاحة لتفعيل الجانب الأوروبي آلية الزناد حتى قبيل يوم النهاية (18 أكتوبر/تشرين الأول 2025) في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، فإن إطالة أمد المفاوضات الجارية قد لا يصب في صالح المسار الدبلوماسي لاسيما في ظل المناورة الأميركية لمناقشة سياسة إيران الإقليمية وصواريخها الباليستية على طاولة المفاوضات النووية.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المفاوضات النوویة المسار الدبلوماسی تأجیل المفاوضات
إقرأ أيضاً:
بلجيكا وأميركا تبحثان دعم سلام الكونغو
أجرى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، أمس الأربعاء الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، مباحثات في بروكسل مع مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي المكلّف بملف أفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية.
وتمحورت المحادثات حول الوضع الأمني في القارة، ولا سيما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تتصاعد المواجهات بين الجيش النظامي وحركة "إف سي/إم 23" المدعومة من الخارج، إلى جانب مجموعات مسلحة محلية أخرى.
وأكد بريفو، في تدوينة على منصة "إكس"، أن اللقاء كان "مثمرا" وتركّز على الجهود المشتركة لتعزيز السلام في أفريقيا، خصوصا في السودان وشرق الكونغو.
وأشاد الوزير البلجيكي بالدور الذي تلعبه الولايات المتحدة وقطر والاتحاد الأفريقي في معالجة الأزمة، مجددا "الدعم غير المشروط" من بلاده لهذه المساعي.
جولة مفاوضات جديدةمن المرتقب أن تُستأنف المفاوضات الأسبوع المقبل في العاصمة القطرية، في إطار ما يُعرف بـ"دوحة 6″، بين وفد الحكومة الكونغولية وممثلي حركة "إم 23".
وتأتي هذه الجولة بعد لقاءات أغسطس/آب التي ركزت على تبادل الأسرى وآليات مراقبة وقف إطلاق النار، وأسفرت عن توقيع بروتوكول لتبادل المعتقلين لم يُنفذ بعد.
ويُنظر إلى هذه الخطوات، رغم هشاشتها، باعتبارها محطات أساسية على طريق بناء الثقة وإرساء سلام دائم في شرق الكونغو.
بالتوازي مع هذه التطورات، أثار الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية العليا في كينشاسا بإعدام الرئيس السابق جوزيف كابيلا موجة واسعة من ردود الفعل.
فقد عبّر وزير الخارجية البلجيكي عن قلقه من "جودة الإجراءات القضائية" التي أفضت إلى هذا الحكم، قائلا أمام البرلمان "عندما أرى نتيجة محاكمة الرئيس السابق كابيلا، الذي حُكم عليه بالإعدام إثر مسار قضائي يثير تساؤلات، فهذا يوجه رسالة بضرورة التذكير بالحاجة إلى حوار وطني يخفف التوتر مع المعارضة".
إعلان