«الشيوخ» يناقش سياسات الدولة في تجديد الخطاب الديني ونشر الفكر الوسطي
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
بدأت من قليل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، والمقرر خلالها مناقشة طلب مقدم من النائب محمد شوقي العناني وأكثر من عشرين عضوا، موجه للدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن "سياسات الدولة في تجديد الخطاب الديني وتعزيز التعاون المؤسسي لنشر الفكر الوسطي، وبناء وعي ديني مستنير لدى النشء والشباب".
وأكد النائب محمد شوقي العناني في طلب المناقشة، إن تجديد الخطاب الديني يُعد أحد المرتكزات الأساسية لاستقرار الدولة الوطنية وتماسك نسيجها المجتمعي، وهو ما يتطلب بناء رؤية علمية شاملة تعتمد على أسس معرفية متينة، تتجاوز الأسلوب الوعظي التقليدي، وتعلي من مقاصد الشريعة، وتضع في اعتبارها تحولات النسق الثقافي داخل المجتمع.
وأضاف النائب، أنه قد أظهرت الأدبيات الحديثة أن غياب خطاب ديني متماسك قد يؤدي إلى تهيئة المجال العام أمام أنماط من التدين المنفصل عن مقاصد الشريعة، أو المرتبط بسياقات أيديولوجية مغلقة مضيفا ومن ثم، تبرز أهمية التنسيق المؤسسي بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وغيرها من الجهات المعنية لضمان تكامل المرجعيات العلمية، وتكامل الأدوار في بلورة خطاب جامع، يعكس روح الإسلام الحقيقية، وينفتح على أسئلة الواقع دون انغلاق.
وأكد أنه فى ظل التغيرات العميقة التي طرأت على أنماط التلقي المعرفي لدى الأجيال الجديدة، تبرز أهمية إدماج أدوات التحول الرقمي في منظومة الخطاب الديني"، لافتا إلى أن الشباب اليوم لا يكتفون بالمسجد أو الكتاب المدرسي كمصدر وحيد للمعرفة الدينية، بل ينفتحون على فضاءات رقمية متعددة، بعضها يفتقر إلى الحد الأدنى من الضبط الشرعي أو العلمي. وعليه، فإن تطوير تطبيقات تعليمية، ومنصات تفاعلية رقمية، تقدم محتوى رصينا بلغة عصرية، وتربط بين القيم الدينية ومفاهيم المواطنة، يمثل ضرورة استراتيجية لحماية الوعي الجمعي من التزييف، وتعزيز الانتماء الوطني.
وأشار النائب محمد شوقي في طلب المناقشة أن المعالجة الناجحة لقضية تجديد الخطاب الديني لا يمكن أن تنفصل عن البيئة المؤسسية والتشريعية الحاضنة لها، إذ ينبغي إعادة تقييم الأطر المنظمة لتأهيل الدعاة، ومعايير الترخيص بالخطابة، ومناهج المعاهد الدينية، بما يضمن إخراج كوادر دعوية قادرة على الجمع بين الدراية الشرعية والوعي الاجتماعي والثقافي، مضيفا ولذلك يأتي هذا الطلب لاستيضاح سياسة الحكومة - ممثلة في وزارة الأوقاف - بشأن" سياسات الدولة في تجديد الخطاب الديني وتعزيز التعاون المؤسسي لنشر الفكر الوسطي، وبناء وعي ديني مستنير لدى النشء والشباب ".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الحكومة مجلس الشيوخ تجديد الخطاب الديني الدكتور أسامة الأزهري جلسة مجلس الشيوخ اليوم طلب مناقشة تجدید الخطاب الدینی
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: البرهان في النقعة
من قلب منطقة النقعة والمصورات بولاية نهر النيل، إحدى أيقونات الحضارة الإنسانية ، اختار رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، أن يخاطب الشعب السوداني بالأمس في الذكرى المئوية لتأسيس الجيش ومرور 71 عامًا على سودنته.
فيما يبدو اختيار المكان ليس صدفة، بل قرارًا سياسيًا واعيًا، مدروسًا، ومدعومًا برؤية إعلامية ذكية تعرف كيف توظف رمزية الموقع في معركة تتجاوز حدود المواجهة العسكرية إلى السيادة والوجود والشرعية.
النقعة تمثل شاهداً حياً على عراقة الحضارة السودانية وتاريخها. فقد كانت مدينة مهمة في المملكة الكوشية، وشهدت تعاقب الممالك وبناء معابد بارزة مثل آمون ومعبد الأسد الذي تم بناءه حوالي 225 ق.م حيث تلاقت الروحانية الدينية بالسياسة والادارة ليصنعا التاريخ .
النقعة تقع على بُعد نحو 170 كيلومتر شمال شرق الخرطوم، وتبرز كمركز مهم على طرق التجارة القديمة، مما منحها أهمية كبيرة تعرف بمعابدها المتنوعة .
أن يأتي خطاب الرئيس البرهان من هذا المكان، هو ربط الماضي بالحاضر، واستدعاء التاريخ كفاعل في حرب 15 أبريل 2023، حين تصدت نخبة أمينة من الحرس الرئاسي لمحاولة اختطاف الدولة بواسطة مليشيا الدعم السريع وداعميها المحلين و الإقليميين ، فحمت قائد الجيش راس الدولة وحمت السودان ، ونهض معها أبناء الوطن المخلصين للدفاع عن البلد .
الخطاب حمل رسائل متعددة: داخليًا، أعاد التأكيد على أن القوات المسلحة مؤسسة وطنية خالصة منذ تأسيسها عام 1925 باسم “قوة دفاع السودان”، لا باسم ملك ولا استعمار.
وخارجيًا، أوصل عدة رسائل بأن الجيش السوداني امتداد لتقاليد عسكرية ضاربة في عمق التاريخ، وأنه حارس للسيادة وذاكرة الأمة. و إن أي رهان على المليشيا هو رهان خاسر، وإن شرعية الحكم في السودان لا تُمنح من العواصم الإقليمية، بل تُستمد من التاريخ، ومن الأرض والشعب و التضحيات .
أهم ما في الحدث هو إدراك القيادة أن الصراع اليوم لا يُحسم بالسلاح وحده، بل بالسردية التي تحدد من يملك شرعية تمثيل الوطن. فالظهور من النقعة والمصورات تأكيد بأن السودان ليس وليد حدود استعمارية، بل امتداد حضارة راسخة، وأن الجيش حارس الهوية الوطنية وسيادة البلاد وقرارها .
سياسيًا جمع الخطاب بين النبرة التعبوية العالية ومفردات مثل “معركة الكرامة” و”دحر التمرد”، وبين الرمزية المنتبهة التي تعزز شرعية الجيش في مواجهة محاولات التشكيك . وهكذا، تجاوز الخطاب مناسبة عيد الجيش ليصبح بيانًا ثقافيًا سياسيًا يحدد معنى “الوطن” ومن يملك حق الدفاع عنه.
في هذا السياق، يظهر خطاب البرهان وكأنه إعادة تموضع ذكي، تسعى فيه القيادة العسكرية إلى تجاوز الخطاب الأمني الضيق، نحو خطاب ثقافي-سياسي أوسع. وهو بذلك لا يكتفي بمخاطبة الخصوم أو الحلفاء ، بل يخاطب وجدان الشعب السوداني، ويستدعي شعوره بالوحدة، في لحظة يبرز فيها اهمية استعادة المشروع الوطني الذي يعزز الانتماء والولاء .
مهما اختلفت مواقف المخزلين من البرهان أو من أداء المؤسسة العسكرية، فإن اختياره النقعة والمصورات رسالة واضحة: السودان لا يُدار بالإنابة ولا تحت الوصاية، بل من قلب أرضه التي صنعت تاريخه. في النقعة، اختُزلت معادلة السيادة: مشروع وطني يقاوم التفكيك، في مواجهة قوى طارئة بلا شرعية سياسية أو تاريخية.
هذا وبحسب #وجه_الحقيقة فإن البرهان في النقعة كما الشعب السوداني في النقعة، رافضين أن تُختطف دولتهم، وحاملين إرثًا من العزة والشموخ لا يعرف الاعتداء على الآخرين، لكنه يعرف كيف يدافع عن الأرض والتاريخ. ومن هنا، صارت النقعة منصة لإعلان أن السودان لا يُدار بالإملاءات أو ارتهان القرار ، ولا يُسلم للخذلان ، بل تظل خيله مسرجة لتستعيد مجده وتحفظ وحدته.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخير وعافية.
الجمعة 15 أغسطس 2025م [email protected]