امرأة قوية مستقلة.. لا تحتاج أحدًا
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
ريتّا دار **
"المرأة القويّة لا تحتاج الدّعم.. كذبةٌ صدّقها الجميع"!
ذات يوم، جلست بجانب امرأةٍ كنت أظنّ أنّها لا تنكسر. كانت تضحك مع الجميع، تصنع القهوة، تنظّف الطّاولة، تردّ على الهاتف، وتهمس للطّفل الجالس في الزاوية أن يصبر قليلًا.
خُيّل إليّ أنّها تمتلك ثمانية أذرع وثلاثة عشر عقلًا، وإلّا كيف لها أن تفعل كلّ هذا وأكثر، دفعةً واحدةً، بابتسامة لم تهتزّ؟
وقفت قربها في المطبخ وهمست لها مازحةً: "من أين تأتين بكل هذا الصّبر؟"
نظرت إليّ للحظةٍ طويلةٍ ثمّ قالت بصوتٍ خافتٍ: "لا أحد يسمح لي أن أتعب.
إجابتها ألجمت لساني، وغمرني شعور أن هناك في كل لحظة امرأة تنهار في مكان ما دون أن ينتبه لها أحد.
مذ ذاك اليوم، بدأت ألحظ تلك المرأة التي نراها قويةً دائمًا، هي نفسها التي لم يسألها أحد منذ سنوات: "هل تحتاجين شيئًا؟"
كنت أظنّ أنّ القوّة نعمة حتى بات يرهقني ثقل هذا الوسام على صدري.
في كل مرة كنت أسقط فيها بصمت، كان من حولي يقول بثقةٍ غريبةٍ: "أنتِ قويّة"، كأنّ هذه الكلمة تبرر كل الأوجاع التي أمر بها، وكأنّها تصريحٌ مجانيُّ بحرماني من الحنان والاهتمام.
المرأة القويّة لا يُسأل عنها، لا يُحتضن انكسارها، لا يُسمح لها أن تنهار.
هي دائمًا بخيرٍ، حتّى لو لم تكن.
تربّينا نحن النّساء على أنّ القوّة فضيلةٌ؛ أن نكون الأم والأب في غياب أحدهما، أن نعمل ونبتسم ونربّي ونستمع ونصبر، أن نكون للجميع دون أن نكون لأنفسنا.
أحدهم قال لي مرة: "أنت كالجبل، لا تهتزين".
ضحكتُ وقتها.. كنتُ أرتجفُ من الداخل، لكني لم أقل شيئًا.
هذه الكذبة أنّ المرأة القويّة لا تحتاج أحدًا، سَرَقَتْ مِنَّا حاجتنا الطبيعية إلى أن نُحتوى، إلى أن نقول يومًا: "أنا لست بخير، أنا تعبت، أنا أريد أن أتّكئ على أحد، لا أن يتّكئ الجميع فوقي".
القوّة لا تعني أن نهمل، ولا أن نتجاهل صرخةً مكتومةً خلف بابٍ مغلق، ولا أن نحمّل امرأةً كلّ أعباء الحياة فقط لأنّها تعرف كيف ترتّب الفوضى.
المرأة القويّة ليست خارقة؛ هي فقط تعوّدت أن تلبس الثّبات بدل الانكسار، وأن تكون الملاذ الآمن والدافئ، وأن تكون المُنقذ، حتى لو كانت تغرق.
الشّاعرة الأمريكية مايا أنجيلو قالت: "أنا أعرف لماذا يغنّي الطائر الحبيس"، ولم تكن تقصد الطائر وحده؛ بل كلّ من يجبر على التجمّل بينما يتألّم بصمت. وهذا حال الكثير من النساء اللاتي نظنّ أنّهن لا يحتجن شيئًا، بينما هنّ أكثر من يحتاج.
كلّ امرأةٍ قويّةٍ أعرفها كانت في طفولتها تبكي كثيرًا، ثمّ كبرت وعلّمتها الحياة أنّ الدّموع لا تنقذ أحدًا، فعرفت كيف تخفيها، لكنّها لم تنسها.
لا أكتب هذا المقال لأدعو النّساء للتخلي عن قوّتهن؛ بل لأذكّر الآخرين أنّ المرأة القوية هي إنسانة أوّلًا؛ أنّها حين تضحك بصوت مرتفع قد تبكي في اللّيل بصوتٍ مكتوم، أنّها حين تحلّ مشاكل الجميع قد تكون عاجزةً عن التّعامل مع حزنها الشخصيّ؛ أنّها بحاجة إلى من يراها، لا إلى من يعتمد عليها فقط.
لا تمجّدوا قوّة امرأةٍ دون أن تسألوا عن كلفة هذه القوّة؛ فهي ليست ذاك الكائن الأسطوريّ ذا الأذرع والعقول الكثيرة؛ بل هي فقط أسطورةٌ شخصيّةٌ بقلب يسع الجميع.
واسألوها إن كانت تحتاج شيئًا؛ ففي كلّ امرأةٍ لا تطلب شيئًا، حكايةٌ طويلةٌ عن كلّ شيءٍ كانت تستحقّه ولم تجده.
** كاتبة سورية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
3 مليارات لـ 4 محافظات..محلية النواب: منظومة النظافة تحتاج إلى رقابة
طالبت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب برئاسة المهندس أحمد السجيني، وزارة التنمية المحلية بموافاتها بتقرير عن مبلغ الـ3 مليارات جنيه المخصصة لمنظومة النظافة في 4 محافظات هى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية".
و قال المهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، أن منظومة النظافة من أهم الملفات التي تضعها اللجنة على أولوياتها وهناك اهتمام كبير بهذا الملف من القيادة السياسية، ويجب متابعة تنفيذ المنظومة الجديدة للنظافة والمخلفات على الأرض ومتابعة نسب التنفيذ في كل محافظة، ومعرفة نسب توزيع مبلغ الـ 3 مليارات جنيه في المحافظات الأربعة.
و طالب السجيني، المحافظات وخاصة محافظة القاهرة إلى إخطار اللجنة بما تم في منظومة النظافة وما تم تحصيله في هذه المنظومة، ومستحقات المحافظات لدى وزارة الكهرباء وكم تم تحصيله من هذه المستحقات.
و أكد النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة المحلية، إن منظومة النظافة تحتاج إلى متابعة مستمرة ورقابة لمعرفة ما يتم تنفيذه من إجراءات وما يتم صرفه على هذه المنظومة، خاصة في المحافظات الأربعة المخصص لها 3 مليارات جنيه للنظافة وهى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية.
و أضاف الحسيني: "لا يصح أن تستأثر محافظة القاهرة وحدها بمبلغ 1،6 مليار جنيه من إجمالي الـ3 مليارات جنيه، أي أكثر من نصف المبلغ"، مؤكدا على ضرورة أن يتم توزيع المبلغ بالتساوي على المحافظات حتى لا يتم ظلم المحافظات الأخرى.
و قال النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية، على
أن على أهمية دعم المحافظات لكى تقوم بدورها في خدمة المواطنين وتحقيق التنمية، لافتا إلى أن اللجنة تريد معرفة ما يتم صرفه من مخصصات النظافة للمحافظات الأربعة وتوزيع مبلغ الـ3 مليارات جنيه، وأن ما يتم تخصيصه لابد أن يتم استغلاله جيدا وأن يكون هناك عائد من ذلك في تطوير المنظومة.
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب اليوم الثلاثاء، خلال مناقشة مشروع الموازنة العامة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025 - 2026، فيما يخص قطاع التنمية المحلية لمحافظات (القاهرة - الجيزة - القليوبية).