سي إن إن: البنتاغون يتلقى تعليمات بوقف الهجمات في اليمن بعد وساطة عمانية بين واشنطن والحوثيين
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
كشفت شبكة أمريكية، عن تلقي وزارة الدفاع الأمريكية تعليمات بوقف هجماتها ضد الحوثيين في اليمن، بعد وساطة عمانية بين واشنطن والحوثيين الأسبوع الماضي.
ونقلت شبكة "سي إن إن"، عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية أن الجيش الأمريكي تلقى تعليمات بوقف الضربات ضد الحوثيين
وأشارت إلى أن وقف إطلاق النار جاء نتيجة محادثات بين واشنطن والحوثيين بوساطة عمانية الأسبوع الماضي بقيادة المبعوث الأمريكي "ويتكوف".
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن الولايات المتحدة لم تخطر إسرائيل مسبقا بإعلان ترمب عن الهدنة مع الحوثيين
وأشار أكسيوس إلى أن مسؤول إسرائيلي رفيع أكد أن بلاده لم تكن "على علم بقرار ترمب بشأن الحوثيين والرئيس الأمريكي فاجأنا"
وفي حدث مفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، توقف الهجمات الجوية الأمريكية في اليمن، بعد قبول الحوثيين وقف هجماتهم البحرية على الملاحة الدولية.
وقال ترامب في تصريحات إعلامية: سنتوقف فورا عن الضربات الجوية في اليمن، بعد زعمه إعلان جماعة الحوثي البارحة بأنها لم تعد تريد القتال واصفا تلك المزاعم بأنها "أخبار جيدة".
وأضاف: "أقبل كلمة الحوثيين بأنهم سيوقفون هجماتهم وقررنا وقف قصفنا بشكل فوري"، مشيرا إلى أن الحوثيين لا يريدون القتال بعد الآن
وأردف ترمب: "الحوثيون قالوا لنا رجاء توقفوا عن قصفنا ونحن سنتوقف عن استهداف السفن".
ولفت ترامب، إلى أنه سيكون لديه إعلان كبير للغاية قبل زيارة الشرق الأوسط دون الإفصاح عن مضامين الإعلان ومحتواه.
وتأتي تصريحات ترامب المفاجئة، في الوقت الذي يواصل فيه الطيران الأمريكي غاراته العنيفة ضد جماعة الحوثي في اليمن منذ منتصف مارس الماضي.
وفي وقت سابق، أكدت جماعة الحوثي، أن استهداف إسرائيل للمنشآت المدنية لن يمر دون رد، وأنها لن تتوقف عن مساندة غزة، حتى يتم وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع ورفع الحصار.
وأدان المكتب السياسي للحوثيين، في بيان له، استهداف العدو الإسرائيلي للمنشآت والأعيان المدنية في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، واعتبره دليلا إضافيا على عجز الكيان الصهيوني وإفلاسه.
وأشار البيان، إلى أن استهداف الموانئ اليمنية ومطار صنعاء ومصانع الإسمنت ومحطات الكهرباء يأتي في إطار محاولات فرض الحصار على الشعب اليمني.
وأكد أن "هذا العدوان لن يمر دون رد"، لافتا إلى أن اليمن لن يتخلى عن موقفه المساند لغزة، وسيستمر في خياراته الضاغطة على الكيان الصهيوني حتى يتم وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أعلن جيش الاحتلال تدمير مطار صنعاء وتعطيله بشكل كلي ردا على غارات استهدفت مطار بن غوريون يوم أمس الأول.
وخلال الساعات الماضية، شن الطيران الإسرائيلي، سلسلة غارات جوية على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة عمران شمال اليمن.
وأعلنت جماعة الحوثي، في وقت سابق، مقتل وإصابة 38 مدنيا جراء الغارات التي شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي، على أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وعمران في حصيلة غير نهائية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: واشنطن عمان اليمن مليشيا الحوثي الحرب في اليمن جماعة الحوثی فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
صنعاء تفرض معادلاتها مع واشنطن
علي ظافر
اليمن ينتزع اتفاق الندّية ويعيد رسم موازين الردع في المنطقة، بعد 52 يوماً من العدوان والتصعيد العسكري الأميركي، شنت واشنطن خلاله أكثر من 1700 غارة، وقصفاً بحرياً، ثم ما لبثت أن فشلت تلك الحملة العدوانية أمام صمود صنعاء، لتنعطف واشنطن إلى خيار الدبلوماسية وتتجه إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة عُمانية.
الاتفاق لم يكن انتصاراً لأميركا كما حاول ترامب تصويره وتسويقه، بادّعاء أن صنعاء “استسلمت”، بل مثّل اعترافاً بموازين ردع جديدة فرضها اليمن، من دون أن يقدّم أي تنازل في موقفه الداعم لفلسطين في البحر، وعمق فلسطين المحتلة، وآخره عمليتا الجمعة النوعيتان على مطار اللد المسمّى بن غوريون وهدف حيوي في يافا المحتلة “تل أبيب”. صنعاء أكدت التزامها بمضامين الاتفاق مع واشنطن، لكنها حذّرت من عواقب عودة الأخيرة إلى العدوان مجدداً، فالمعادلة ستكون أقسى.
لقد شكل اتفاق عمان لوقف إطلاق بين واشنطن وصنعاء، تحوّلاً دراماتيكياً في مسار الأزمة، وكسر وهم الغطرسة والهيمنة الأميركية في المنطقة.
فالعدوان _بنسخته الثانية_ الذي بدأته إدارة ترامب خلال ولايته الثانية ضد اليمن، سرعان ما تحولت من حملة عدوانية تستعرض فيها واشنطن قواها العسكرية، إلى مأزق استراتيجي كشف عجز القوة الأميركية أمام إرادة شعب ودولة رفضت الرضوخ.
منذ اللحظة الأولى للحملة، بدا أن إدارة ترامب تحاول توظيف اليمن كورقة ضغط في صراعها المفتوح مع إيران، وتصفية حسابات إقليمية مرتبطة بالصراع العربي “الإسرائيلي”.
غير أن القرار الأميركي إدراج “أنصار الله” في قائمة الإرهاب، وفرض العقوبات الاقتصادية، وتكثيف الهجمات الجوية والبحرية، لم تحقق أياً من الأهداف المعلنة، بل أوقعت واشنطن في مستنقع مكلف.
خلال 52 يوماً فقط، شنت الولايات المتحدة أكثر من 1700 غارة، استخدمت فيها أحدث ما تملكه من ترسانة، من الطائرات، إلى القاذفات الاستراتيجية، وعلى رأسها طائرة الـB2 وحاملات الطائرات ومنظومات الاعتراض الكهرومغناطيسية، ورفعت السقوف وبالغت في التهديدات وأفرطت بالتفاؤل في تحقيق أهدافها.
إلا أن هذه القوة الجبارة اصطدمت بواقع ميداني مختلف تماماً. فصنعاء لم تتراجع، بل فاجأت خصمها بقدرات عسكرية فاعلة أسقطت سبع طائرات تجسس أميركية من نوع MQ9، وحيّدت حاملة الطائرات “هاري ترومان” عن الخدمة مبكراً، في تطور شكّل صفعة مدوية لهَيبة البحرية الأميركية خصوصاً بعد سقوط أو إسقاط طائرتين متطورتين من نوع f18 خلال الأسبوع الأخير، وما رافق ذلك وسبقه من ضربات يمنية نوعية، وصلت إلى عمق العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، حيث أعلنت القوات اليمنية استهداف مدن ومرافق استراتيجية، أبرزها مطار “بن غوريون”، في رسالة عسكرية ذات أبعاد استراتيجية إقليمية ودولية.
في البيت الأبيض، بدا أن ترامب، بتكوينه التجاري قبل السياسي، بدأ يقلق مع استمرار تصاعد تكلفة الحرب واستغفاله من قبل نتنياهو.
ومع تضخم الخسائر إلى مليار دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، بدأت محاولات التفلت الأميركي من المأزق.
فبدلاً من التسخين العسكري والتصعيد حولت إدارة ترامب تلك السخونة إلى خطوط الهاتف، إذ كشفت اتصالات مع الوسيط العماني عن رغبة أميركية في الخروج بماء الوجه، من دون اعتراف صريح بالفشل.
هذا التراجع لم يكن نتيجة ضغوط داخلية فقط، بل جاء عقب خسارة ميدانية وفضيحة أمنية عصفت بالبنتاغون إثر تسريبات عبر تطبيق “سيغنال”، وأدت إلى إقالات طالت كبار المستشارين، وكان أبرزهم مستشار الأمن القومي نفسه.
الاتفاق الذي تم التوصل إليه وأعلنه الأشقاء في سلطنة عُمان ورحّبت به أغلبية الدول العربية والإسلامية لم يكن مجرد وقف لإطلاق النار، بل انعكاساً لمعادلة جديدة فرضتها صنعاء، من موقع الندّية.
اليمن لم يقدّم تنازلات ولم يستجدِ ولم يترجَّ، بل انتزع وقف العدوان من دون أن يتراجع أو يغيّر موقفه من دعم فلسطين أو عملياته في البحر الأحمر. بل الأكثر من ذلك، أن الاتفاق عكس نجاح صنعاء في فصل المسار الأميركي عن “الإسرائيلي”، وهو ما أزعج “تل أبيب” التي فوجئت بإعلان ترامب من دون تنسيق مسبق، في سابقة أثارت تساؤلات داخل الدوائر الصهيونية وأنتجت أزمة بين نتنياهو وترامب.
في المقابل، كانت لواشنطن أيضاً مكاسبها، إذ إن الاتفاق أتاح لها الهروب من مأزق حرب مكلفة بلا جدوى نيابة عن”إسرائيل”، وحفظت لواشنطن ما تبقى من ماء وجه قوتها العسكرية، وسمحت _دبلوماسياً لا عسكرياً_ باستئناف الملاحة الآمنة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهي مصالح تعتبرها واشنطن حيوية.
لكن الأهم أن الاتفاق كشف أن اليمن لم يكن يهدد الملاحة الدولية كما تزعم واشنطن، بل إن قراره باستهداف السفن اقتصر منذ يومه الأول على السفن الإسرائيلية وتلك المرتبطة بـ”إسرائيل”، في سياق معادلة واضحة لفك الحصار عن غزة: “الحصار مقابل الحصار”.
فالقوات اليمنية لم تستهدف السفن الأميركية إلا بعد أن قررت واشنطن التدخل عسكرياً لمصلحة تل أبيب، وتشكيل تحالف بحري استفزازي واعتدت على اليمن. ولولا هذا التدخل، لمرت السفن الأميركية بسلام، كما تمر سفن عشرات الدول الأخرى من دون أي تهديد.
التعاطي اليمني مع الاتفاق اتسم بالجدية والالتزام، لكن صنعاء أوضحت أن احترام الاتفاق مرهون بسلوك الطرف الآخر.
وفي هذا السياق، جاء التحذير الواضح من السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب الخميس الماضي، الذي أكد فيه أن أي خرق أميركي سيُقابل بالرد وقد يكون قاسياً، قائلاً: “إذا عاد الأميركي للعدوان على اليمن فنحن له بالمرصاد”. وهو تصريح يعكس وضوح الرؤية لدى القيادة اليمنية، التي تدرك أن المرحلة المقبلة ستكون اختباراً للنوايا الأميركية أكثر من أي شيء آخر.
وبذلك، نجح اليمن في تحويل العدوان إلى فرصة استراتيجية، وأعاد رسم معادلات الردع، لا فقط مع واشنطن، بل مع كل من يعتدي، أو يفكر في الاعتداء أو يراهن على تفوق السلاح وحده، من دون حساب لمعادلة الإرادة والصمود اليمنيين وتطور القوة.
في الخلاصة، الاتفاق الأميركي اليمني لوقف إطلاق النار شكل بداية لمرحلة جديدة يُعاد فيها تعريف النفوذ والسيادة، وتُرسم فيها ملامح منطقة لم تعد فيها الولايات المتحدة قادرة على فرض إرادتها كما اعتادت سابقاً.
والأيام المقبلة كفيلة بكشف مدى قدرة وجدية واشنطن على الالتزام بما وقّعت عليه، وهذا مرهون بحذرها من أي محاولة جرجرة إسرائيلية جديدة إلى مأزق جديد، أما صنعاء فهي ملتزمة بالسلم، ومستعدة للرد إن اختارت واشنطن العودة إلى مربع العدوان والنكث بالاتفاق على قاعدة: وإن عدتم عدنا وعاد الله معنا.