الحجر الأخير في مبنى الحل المراد تمريره باليمن
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
كل الوجهات متاحة أمام مطار صنعاء، كل المواد مشرعن وصولها وبلا قيود مسبقة إلى ميناء الحديدة، جميع الموارد بالشراكة مع تغليب حصة الحوثي وكذا تسوية العملة، مقابل هدنة هي قائمة في الأصل، بإستثناء الإستهداف المجمع عليه للمناطق الجنوبية.
اللافت أن المصدر الحكومي الذي رفض الكشف عن هويته لصحيفة البيان الإماراتية، قدم ذلك كإنجاز للحكومة، وكأن سلطة الحكومة هي من تفاوض سلطة أمر واقع، لا تعترف بها من الأساس، وتصفها في كل أدبياتها وخطابات قادتها بأنها أداة عميلة ولا تفاوض من وجهة نظرها مع العملاء.
ماذا بقي للحوثي لم يتحصل عليه من إشتراطات وإملاءات، دون أن تلزمه كل هذه التنازلات الممنوحة له كهبات مجانية، بالإنخراط في مسار الحل النهائي أو حتى الحديث عنه؟
لاشيء إلى درجة أن أي مفاوضات نهائية ستكون تحصيل حاصل، وفعل بروتوكولي يكرس الحوثي في إحتفالية أممية سلطة شرعية على اليمن، ويجعل من الشرعية رشة ملح لزوم إكتمال توابل الطبخة.
لا توجد معوقات لوضع النقطة الأخيرة في الصفحة الأخيرة للسطر الأخير ، من إتفاق بين طرفين: السعودية ومن تمثله من دول التحالف، والحوثي ممثلاً لنفسه وناطقاً عنوةً عن الجميع بإسم كل اليمن ومن ثم حاكماً له، مع أن هذا اليمن من الصعب على أي قوى أن تبتلعه منفردة، لأن تجارب الحكم أثبتت بأن الإستئثار وإقصاء الآخر يؤسس لحروب متتالية .
تبقى القضية الجنوبية عالقة في المنتصف، حيث تجري محاولات الترويض وكسر الإرادات، أحياناً بقوة الحوثي، والإرهاب المسيس ، وحروب الخدمات ، وتارة أخرى بالضغط السياسي الإقليمي ومنازعة الإنتقالي التمثيل ، عبر خلق كيانات جنوبية ممولة ، وإعادة تظهير الهدف الحقيقي لقوات درع الوطن ، التي لم يحن موعدها بعد لتكشر عن أنيابها وتحد مخالبها بإتجاه قوات الإنتقالي كخيار أخير ، في حال بقي على حاله في التشدد والممانعة، ورفض مخرجات التوافقات الإقليمية والوئام السياسي ودفء العلاقات بين صنعاء والرياض، على حساب كل الأطراف بلا إستثناء، وعلى وجه التعيين عدالة قضية الجنوب .
القضية الجنوبية هي الحجر الأخير في مبنى الحل المراد تمريره، وبالتالي تجري عملية زحزحتها بصيغ شتى، تبقي منها الإسم كمظلومية ، وتسقطها من مناصفة الوفد التفاوضي كقضية سياسية، وحجر زاوية من دون حلها ينهار معمار التسوية.
إنتهت معركة الشمال بين جميع الأطراف المحلية والإقليمية وصمتت المدافع شمالاً شمالاً، لتبدأ هذه الأطراف مجتمعة خوض معركة كسر الجنوب بالقوة ، أو الإحتواء عبر سياسة العصا والجزرة ولعبة خلط الأوراق وصناعة البدائل .
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
كارينثيا.. جوهرة النمسا الجنوبية وأرض البحيرات والجبال
كلاغنفورت- هنا عند الجنوب النمساوي الهادئ وفي مثلث حدودي مع إيطاليا وسلوفينيا يمكن للسواح من عشاق الطبيعة العذراء والخضرة الدائمة والهواء النقي الصافي أن يجدوا ضالتهم، ويقضوا عطلة هادئة بين قمم الجبال والمروج الخضراء على امتداد البصر والبحيرات الجبلية ذات المياه الفيروزية التي تغذيها ينابيع المياه الصافية.
هنا ولاية كارينثيا أو كارنتن كما ينطقها الألمان التي من أجمل المناطق في جنوب النمسا، حيث تمتاز بالبحيرات والجبال والطبيعة الخلابة ذات الخضرة الدائمة، ويمكن لزوارها الاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة صيفا وبالبساط الثلجي الأبيض شتاء.
ورغم أن كارينثيا لا تطل على أي بحر لكن الله حباها بالبحيرات الكثيرة الصافية التي تعوض السكان والزائرين عن الشواطئ المزدحمة حيث يمكنهم الاستمتاع بالسباحة في مياهها العذبة المنعشة، والعشاء في المطاعم الكثيرة المنتشرة على الضفاف.
فبحيرات الاستحمام الدافئة والنظيفة، وقمم الجبال الشاهقة التي تتجاوز أحيانا 3 آلاف متر، تنتظر الزوار في هذه المنطقة التي تتسم بالتنوع الثقافي الذي يجمع بين جبال الألب والبحر الأدرياتيكي حيث يرحب السكان المحليون بزوارهم.
ويجعل التداخل بين الجبال والبحيرات من كارينثيا مكانا مثاليا للنشاطات الرياضية مثل المشي وركوب الدراجات والتسلق، لذلك تنتشر المسارات المُعلمة للمشي الجبلي في مختلف الارتفاعات حسب رغبة الزائر وقدرته.
ومن المسارات الشهيرة مسار "ألب-أدريا" الذي ينطلق من أعلى قمة جبلية في سلسلة الألب النمساوي وهي قمة "غروسغلوكنر" التي يبلغ ارتفاعها 3.798 مترا، وهو مسار مشي طويل يضم 43 مرحلة، ويغطي أكثر من 750 كيلومترا، مرورا بكاريثنيا وسلوفينيا وصولا إلى البحر الأدرياتيكي في إيطاليا.
ولمن يفضلون المشي الهادئ تقدم كارينثيا كذلك مسارات "سلو تريلز" القصيرة على ضفاف البحيرات، حيث يمكن للزائر أن يمشي مستمعا لخرير المياه ومستمتعا برائحة الزهور وممتعا بصره بجمال المناظر الطبيعية الممتدة على مد البصر ولا تنتهي إلا عند الشفق حيث تعانق مياه البحيرة الهادئة زرقة السماء البعيدة الصافية.
إعلانولا تتجاوز هذه المسارات عادة 10 كيلومترات، وتتميز بارتفاع لا يزيد على 300 متر، ولا تستغرق أكثر من 3 ساعات مشيا، مع إمكانية السباحة في البحيرات أو السير حفاة فوق الطحالب.
ولمحبي الدراجات يمكن استكشاف كارينثيا بالدراجة عبر مسارات مميزة مثل مسار "درافا" الممتد على 222 كيلومترا على ضفاف نهر درافا، ويُمكن قطع مراحل منه بالقوارب أو القطارات أو حافلة خاصة، مع إمكانية نقل الأمتعة عند الطلب.
أما مسار "حلقة البحيرات الكارينثية" الجديد فيغطي 420 كيلومترا على شكل حلقتين، ويمر عبر أشهر بحيرات المنطقة مثل ميلستاتر، فاآكر، أوشياخر، وورثرسي، وكلوبينرسي (أدفأ بحيرة استحمام في أوروبا بدرجة حرارة تصل لـ28 مئوية)، وهذا المسار يناسب العائلات ومحبي التنقل السهل والسباحة.
وبالإضافة إلى المسالك الجبلية والمروج الخضراء تتميز كارينثيا بالبحيرات النظيفة والدافئة، مثل بحيرة وورثرسي، ميلستاتر، فاآكر، أوشياخر، كلوبينر، وفايسنسي، وكلها بحيرات تُعد مكانا مناسبا للسباحة والإبحار ورياضة التجديف والغوص والتزلج على الماء أو رحلات القوارب، كما توفر المناطق المحيطة بها جولات مشي بانورامية، ورحلات مختلطة بين القوارب والمشي، وجولات دراجات، وغيرها.
وبالإضافة إلى الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والرحلات البحرية على متن القوارب في مياه البحيرات الممتدة والمشي في مرتفعات الألب يمكن للزائر أن يستمتع بالأكلات الكارينثية الشهيرة في المطاعم الممتدة على مدى ضفاف البحيرات وفي شوارع مدن الولاية وبلداتها.
وتعتمد المأكولات الكارينثية على مكونات نقية تأتي من مزارع الولاية وتقاليدها الغذائية التي استفادت من موقعها الجغرافي الذي يجمع بين المطبخ الكارينثي الأصيل وتأثيرات المطبخين الإيطالي والسلوفيني، لذلك تعد كارينثيا أول "وجهة سفر للغذاء البطيء" في العالم، حيث يمكن للزوار المشاركة في صنع الأطعمة المحلية وتعلم أسرارها.
في ختام الرحلة عبر ولاية كارينثيا النمساوية، يغادرها الزائر وفي نفسه الكثير من الشوق للعودة إليها بعد أن سحرته جبالها العالية ومياه بحيراتها الزرقاء الصافية، وزيارة كارينثيا في الواقع ليست مجرد رحلة سياحية، بل هي تجربة فريدة يكتشف خلالها الزائر جمال النمسا الخفي حيث يلتقي جمال الطبيعة الساحرة بعبق التاريخ الوغل في القدم.