سواليف:
2025-12-10@09:56:09 GMT

ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة

تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

#ألمانيا تُبايع #ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة

 أحمد سليمان العُمري

بعد فشل مفاجئ في الجولة الأولى، والنجاح في الثانية تُفتح أبواب الأسئلة حول وحدة الائتلاف واستقرار الحكم في المرحلة القادمة. 

مقالات ذات صلة ربيع شهاب حالة مستفزة في المشهد الثقافي 2025/05/09

شهدت ألمانيا قبل يومين 6 مايو/أيّار لحظة سياسية غير مسبوقة في تاريخها البرلماني الحديث، عندما فشل المرشّح المحافظ «فريدريش ميرتس»، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، في الحصول على الأغلبية اللازمة في الجولة الأولى من تصويت الـ «بوندستاغ» البرلمان الإتحادي، لاختياره مستشارا، رغم تحقيقه نظريا أغلبية مضمونة.

وبعد ساعات من التشاورات والمباحثات السياسية المكثّفة، عاد «ميرتس» في الجولة الثانية ليُحقق الفوز، حاصلا على 325 صوتا من أصل 328 مقعدا يملكها الائتلاف الحاكم المشترك؛ بين حزبه والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD). 

هزيمة أولى تهُزّ الثقة 

رغم التحالف القوي على الأوراق، أظهرت الجولة الأولى هشاشة التوافق داخل الائتلاف، فقد غاب عن ميرتس ستة أصوات، ما منعه من نيل الأغلبية المطلقة المطلوبة (316 صوتا). تلك الهزيمة لم تكن فقط محرجة، بل كاشفة لتصدعات داخلية في جسد الائتلاف، خاصّة من جهة الحزب الاشتراكي، الذي عبّر عدد من نوّابه عن رفضهم لشخص ميرتس وبرنامجه السياسي. 

النائب الاشتراكي «سيباستيان رولوف» كان من أوائل من صرّح علنا بعدم التصويت لميرتس، قائلا: «أنا ملتزم بضميري، ولا أستطيع دعم مشروع سياسي محافظ بهذا الشكل». أما النائبة «أنيكا كلوزه»، فقد اعتبرت أن ميرتس يُمثّل «اتجاها يمينيا مُتشددا، ذا طابع نيوليبرالي لا يعكس قيم العدالة الاجتماعية، تحديدا مع سجلّه الداعم لخفض الضرائب على الأثرياء وتقليص الإنفاق على الرعاية الصحية». 

إرث ميركل والتحالفات الهشّة 

لا يغيب عن الذاكرة أن التحالف الديمقراطي المسيحي – الاشتراكي الديمقراطي ليس جديدا على الساحة الألمانية، فخلال حكومة «أنغيلا ميركل»، عانى الائتلاف من توترات متكررة، انتهت بانسحاب الحزب الاشتراكي من الحكومة في 2018. لكن المفارقة اليوم أن ميرتس، الذي يُعتبر وريثا غير مُكتمل لنهج ميركل «المعتدل»، يواجه اتهامات من شركائه بالانحراف نحو اليمين، عبر سياسات مثل تشديد قوانين الهجرة ودعم خصخصة الخدمات العامّة، ما يهدد بإعادة إنتاج أزمات الماضي. 

نجاح الجولة الثانية، ولكن بأي ثمن؟ 

في الجولة الثانية، والتي جرت بعد ساعات فقط من فشل الجولة الأولى، تحوّلت النتيجة لصالح ميرتس، حيث حصل على تأييد كافٍ لقيادة الحكومة، لكن هذا التحول السريع يطرح تساؤلات جدية: ما الذي تغيّر خلال تلك الساعات القليلة؟ هل جرى الضغط على النواب المترددين؟ هل تم التوصّل إلى تفاهمات أو وعود بتعديلات في السياسات الحكومية المقبلة؟ 

تشير مصادر برلمانية إلى أن قيادات الحزبين قد أجرت مفاوضات مُضنية، تضمّنت وعودا بتعديل حزمة الإسكان الاجتماعي، وإعادة النظر في زيادة «ضريبة ثاني أكسيد الكربون»، مقابل دعم النواب المتمردين، غير أنّ هذه الوعود تبقى غير مكتوبة، مما يزيد من مخاطر عدم الوفاء بها لاحقا. 

ردود فعل المعارضة والرأي العام 

في الجانب الآخر، لم تتأخّر المعارضة في انتقاد ما وصفته بـ «الانتصار المُعلّق»، فحزب الخضر وصف ما جرى بأنّه «رسالة تحذير مُبكّرة من أنّ ألمانيا قد تعود إلى عهد التقشّف على حساب العدالة المناخية»، في حين شكّك حزب اليسار في قدرة ميرتس على ضمان الانسجام الحكومي، مُذكّرا بـ «أزمات حكومة 2018 التي انهارت بسبب خلافات مماثلة». 

أما الرأي العام، فبدا منقسما بشكل حاد. وفقا لاستطلاع أجرته مؤسّسة «فورسا للبحوث الاجتماعية والتحليل الإحصائي» بعد التصويت، أيد 52% من الناخبين المحافظين نتيجة الجولة الثانية، بينما عبّر 48% من الناخبين الإشتراكيين عن قلقهم من أن سياسات ميرتس «ستُعمّق الفجوة الطبقية». 

أوروبا تُراقب بقلق 

دوليا، رصدت الصحافة الأوروبية والأمريكية هذه اللحظة بوصفها «علامة على الانقسام السياسي العميق في ألمانيا؛ القطب المركزي للاتحاد الأوروبي».

صحيفة «لو موند» الفرنسية اعتبرت ما جرى «جرس إنذار للديمقراطية البرلمانية في ظل تصاعد الشعبوية اليمينية»، بينما أشارت «فاينانشال تايمز» إلى أنّ «التحديات الاقتصادية التي تواجه ألمانيا، مثل تباطؤ النمو وارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب الأوكرانية، قد تُفجّر الخلافات داخل الائتلاف الحاكم قريبا». 

ميرتس بين التحدي والطموح 

لا شك أن ميرتس شخصية سياسية ذات كفاءة وتجربة طويلة، وقد حظي بدعم واضح من جناح المحافظين التقليديين، غير أنّ قدرته على إدارة ائتلاف يضم شريكا اشتراكيا، يتناقض معه فكريا في قضايا حاسمة مثل الهجرة: رغبة المحافظين في تشديد القيود مقابل دعوات الاشتراكيين لتبني سياسات أكثر انفتاحا. 

العدالة الضريبية: خلاف حول زيادة الضرائب على الشركات الكبرى مقابل دعم المحافظين لتحفيز الاستثمار، إضافة إلى التحول الأخضر، أي الخطة الألمانية للانتقال إلى الطاقة المتجددة بحلول 2045: معارضة الاشتراكيين لخطط المُحافظين المُقترحة لخصخصة قطاع الطاقة. 

حكومة تُولد من رحم التردّد 

انتصار فريدريش ميرتس في الجولة الثانية لا يُعد نصرا سياسيا كاملا، بل بداية لعهد مأزوم ومحفوف بخلافات مكبوتة. الائتلاف الحاكم أمامه طريق شائك، فعليه أن يبرهن للشعب الألماني أن وحدة الصف السياسي ممكنة، وأن الخلافات لا تعني الشلل.

لكن المؤشّرات الأولى تدعو للتحفّظ، لا للاحتفال، فالتاريخ يُذكّرنا بأنّ 60% من التحالفات الألمانية الهشّة انهارت قبل نهاية ولايتها، وفق مركز «برلين للدراسات السياسية»، وآخرها إنهيار إئتلاف «أولاف شولتس». كما أن الأزمات الخارجية، مثل التوترات مع روسيا وتداعيات التضخّم العالمي، قد تُفاقم الإملاءات التي يفرضها الوضع العام راهنا على الحكومة الجديدة.

يبقى السؤال: هل ستنجح هذه التحالفات في كتابة فصل جديد من الاستقرار؟ وأنا أشك، أم أن ألمانيا ستدخل عصرا من عدم اليقين السياسي؟ وهذا رأي الشخصي، فالمستقبل القريب لا يُنبئ بقدرة حزب وحده على التفرّد بالقيادة السياسية.

[email protected]

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ميرتس الجولة الثانیة الجولة الأولى فی الجولة

إقرأ أيضاً:

الأرصاد: بدء الجولة الشتوية الثانية.. وأمطار غزيرة وسيول حتى الخميس-عاجل

رفع المركز الوطني للأرصاد درجة التنبيه، معلناً دخول المملكة في موجة شتوية ثانية تتسم بالقوة والشمولية، حيث تتضافر الأمطار الرعدية الغزيرة مع الرياح النشطة لتشكل حالة جوية تستمر حتى يوم الخميس المقبل، مستهدفة مناطق واسعة أبرزها الحدود الشمالية، الجوف، تبوك، والمدينة المنورة.
وأكد المتحدث الرسمي للمركز، حسين القحطاني، أن المملكة تشهد فعلياً الجولة الثانية من التقلبات الجوية لهذا الشهر، بالتزامن مع البداية الأرصادية لفصل الشتاء، حيث تتفاوت حدة الحالة بين المتوسطة والغزيرة لتغطي معظم مناطق المملكة باستثناء منطقة نجران.
أخبار متعلقة لليوم الثاني.. إنذار أحمر من أمطار غزيرة في المدينة المنورة حتى العاشرة مساءًتعهدات إلكترونية وخطط علاجية.. «التعليم» تحاصر الغياب قبل الاختبارات والإجازات-عاجلالمناطق الشمالية الأكثر غزارة
وتتجه خرائط الرصد الجوي نحو المناطق الشمالية التي ستحظى بالنصيب الأكبر من الهطولات المطرية، ليمتد الحزام المطري الغزير مروراً بمحافظتي الوجه وأملج الساحليتين، وصولاً إلى منطقة المدينة المنورة التي ستكون تحت تأثير مباشر وواضح لهذه الاضطرابات.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } موجة باردة تؤثر على أجواء المملكة مع الجولة الشتوية الثانية
ورصدت النماذج المناخية رياحاً هابطة قد تلامس سرعتها حاجز ال 60 كيلومتراً في الساعة، ما ينذر بإثارة الأتربة وتدني الرؤية الأفقية، ويرافق ذلك تساقط كثيف لحبات البَرَد وانخفاض نسبي في درجات الحرارة، في مشهد بدأ منذ يوم أمس ويتصاعد تدريجياً.ديسمبر "المطير"
وفي توصيف مناخي دقيق، أوضح القحطاني أن شهر ديسمبر الحالي يُصنف كأول أشهر الشتاء الأرصادية، ومن المتوقع أن يكون شهراً «مطيراً» بامتياز، مسجلاً معدلات هطول تلامس المعدل الطبيعي أو قد تتجاوزه في بعض الفترات الزمنية.
وتوقع المركز أن تبدأ درجات الحرارة رحلة انخفاض ملموس بحلول منتصف الشهر أو نهايته، وتحديداً خلال ساعات المساء، حيث ستبدأ الكتل الهوائية الباردة باجتياح المناطق الشمالية أولاً، ثم تزحف تدريجياً نحو الشرقية والمنطقة الوسطى «الرياض»، وصولاً إلى المناطق الجنوبية الداخلية.
وستحافظ السواحل الغربية والجنوبية للمملكة على هوامش اعتدال مناخي نسبي خلال الفصل البارد، بينما تظل المناطق الداخلية والمرتفعات عرضة لتقلبات حرارية أكثر حدة تتطلب جاهزية واستعداداً مبكراً من السكان.
وشدد المركز في ختام تقريره على ضرورة توخي أقصى درجات الحيطة والحذر، والابتعاد التام عن مجاري السيول وبطون الأودية، مثمناً الوعي المجتمعي في متابعة المستجدات الجوية والالتزام بتعليمات السلامة خلال هذه الفترة الحرجة.

مقالات مشابهة

  • اليوم ..الحكم في 257 طعن من انتخابات الجولة الأولى بالمرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب
  • الإعادة تكشف المستور
  • النقض لم تتسلم طعون الجولة الأولى من المرحلة الثانية لمجلس النواب 2025
  • بث مباشر قطر والبحرين تحت 23.. قمة نارية في الجولة الثانية من كأس الخليج 2025 اليوم
  • بث مباشر.. السعودية ضد الكويت تحت 23.. قمة نارية في الجولة الثانية من كأس الخليج 2025
  • الأرصاد: بدء الجولة الشتوية الثانية.. وأمطار غزيرة وسيول حتى الخميس-عاجل
  • كاس العرب 2025 .. تونس تحقق فوزا بطعم العلقم على قطر
  • ميرز: ألمانيا لا تعترف بالدولة الفلسطينية والمرحلة الثانية من خطة السلام تثير الشكوك
  • بالأرقام.. غزارة تهديفية فى الجولة الثانية بـ كأس العرب 2025
  • معلومات لا تعرفها عن ترتيب مجموعات كأس العرب بعد الجولة الثانية