تحقّق سلطنة عُمان تقدمًا واضحًا في قطاع طاقة المستقبل من خلال محطات استراتيجية مترابطة ضمن خطة وطنية طموحة، فقد وقّعت اتفاقية التطوير المشترك لإنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين المُسال من الدقم إلى أوروبا، وأعلنت عن النسخة الرابعة من "قمة عُمان للهيدروجين الأخضر"، فضلًا عن إطلاق الجولة الثالثة من المزايدات على الأراضي المخصصة لمشروعات الهيدروجين في الدقم، وتعد هذه الخطوات بمثابة التزام سلطنة عُمان بأن تصبح رائدة في مجال الهيدروجين والطاقة النظيفة.

وقال المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني، المدير العام لشركة هيدروجين عُمان (هايدروم): إن ما نشهده حاليًا يُمثّل انتقالًا فعليًا من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التطبيق المنظَّم، حيث تُركّز الجهود على توفير بيئة تنظيمية فعّالة وبنية أساسية محفّزة تُعزّز ثقة المستثمرين، وتُسهم في نمو سلاسل القيمة المحلية.

وأكّد أن الجولة الثالثة من المزايدات صُمِّمت لتواكب احتياجات المطورين الجادين، من خلال فترة تحضيرية تمتد لـ9 أشهر، ومرونة في تخصيص المساحات ابتداء من 100 كيلومتر مربع، إضافة إلى إمكانية بيع فائض الكهرباء المتجددة للشبكة الوطنية بعد الحصول على الموافقات اللازمة، بما يُعزّز الجدوى الاقتصادية ويُسهم في تكامل المشروع مع منظومة الطاقة في سلطنة عُمان.

وأشار إلى أنه من المتوقع الإعلان عن نتائج الجولة الثالثة في النصف الأول من عام 2026، إلى جانب محطات استراتيجية جديدة تُعزّز جاهزية المنظومة الوطنية للهيدروجين.

ميزة تنافسية

من جهته، أكّد المكرم الدكتور سالم بن سليم الجنيبي أن اتفاقية إنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين المُسال تُعزّز مكانة سلطنة عُمان في قطاع الطاقة، وتضعها على خارطة الطاقة العالمية، كما أكّد أن الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان وبنيتها الأساسية المتطورة، خاصة ميناء الدقم، يمنحها ميزة تنافسية كبيرة في تصدير الطاقة إلى أسواق أوروبا وآسيا وسط الطلب المتزايد على الطاقة منخفضة الكربون.

ولفت إلى أن المشروع يعكس نضج البيئة الاستثمارية في سلطنة عُمان ويُعزّز مصداقيتها كشريك موثوق في سلاسل القيمة العالمية للطاقة النظيفة، ويُؤكّد التزام سلطنة عُمان بجذب الاستثمارات النوعية بما يتوافق مع "رؤية عُمان 2040"، والذي بدوره يُسهم في التشجيع على دخول الشركاء الدوليين في مشاريع مشتركة في قطاع الهيدروجين والطاقة المتجددة.

وأشار إلى أن أبرز التحديات في مشروع إنشاء ممر الهيدروجين تكمن في ضرورة الحفاظ على الجدوى الاقتصادية مع تقلبات أسعار الطاقة والتطورات التكنولوجية السريعة في مجالات إنتاج ونقل الهيدروجين، بالإضافة إلى احتمالية ظهور دول منافسة في المنطقة أو على المستوى الإقليمي، ودعا إلى ضرورة تطوير القدرات والكفاءات الوطنية لضمان استدامة التشغيل وتقليل الاعتماد على الخبرات الأجنبية، إلى جانب تعزيز البحث والتطوير وإنشاء شبكات نقل وتخزين موثوقة، والاندماج الفعلي مع الأسواق الدولية.

ويتوقّع الجنيبي أن مشروع إنشاء ممر الهيدروجين سيُعزّز الناتج المحلي من خلال تطوير صناعات جديدة مرتبطة بالهيدروجين، بالإضافة إلى ظهور فرص عمل نوعية للكوادر الوطنية، فضلًا عن الدعم في التنويع الاقتصادي عبر تقليل الاعتماد على النفط الخام وفتح أسواق جديدة للطاقة النظيفة.

جذب الاستثمارات

من جهته، أوضح مصطفى بن أحمد سلمان، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس لجنة المال والتأمين، أن تأسيس ممر تجاري لنقل الهيدروجين يُمثّل تحولًا استراتيجيًا يضع سلطنة عُمان في مقدمة الدول الساعية للاستفادة من التحولات العالمية في قطاع الطاقة.

وأضاف: إن المشروع يُعد من أبرز المبادرات الطموحة في المنطقة، مؤكِّدًا أن الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان وبنيتها الأساسية المتطورة يمنحها ميزة تنافسية واضحة، ولفت إلى أن توقيع اتفاقية هذا المشروع يعكس جاهزية بيئة الاستثمار وجاذبيتها للشركات العالمية الكبرى، ويعكس ثقة متزايدة في الإطار القانوني والتنظيمي العُماني، وأن هذا المشروع يُشجّع جذب المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، خصوصًا أن المشروع سيمر بعدة مراحل تتطلب شراكات تقنية وتمويلية واستشارية متقدمة.

وأوضح رئيس لجنة المال والتأمين بغرفة تجارة وصناعة عُمان أن هناك عدة تحديات اقتصادية لمشروع ممر الهيدروجين الأخضر، وأوضح أن المشروع يتطلب تمويلًا ضخمًا يُقدّر بمليارات الدولارات، حيث تشمل التكاليف المكونات الرئيسية مثل محطة التسييل في الدقم التي تتراوح تكلفتها بين 500 مليون إلى مليار دولار، بالإضافة إلى سفن النقل المتخصصة التي قد تصل تكلفتها إلى 100 مليون دولار لكل سفينة، إلى جانب البُنى الأساسية المشابهة في أوروبا.

وأضاف: إن نجاح المشروع يعتمد بشكل كبير على ضمان استمرار الطلب، وهو ما يستلزم توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأمد مع المستهلكين الأوروبيين، خاصة في القطاعات التي تتطلب الهيدروجين مثل صناعة الصلب والطاقة والكيماويات.

وأشار إلى أن التقلبات في السوق العالمية تشكّل مخاطر كبيرة، حيث إن السوق لا تزال في طور التشكل، وقد تؤثر التغيرات في السياسات أو التطورات التقنية في بدائل الطاقة على الجدوى الاقتصادية للمشروع.

وأكّد أن المشروع سيسهم بشكل كبير في تعزيز مؤشرات الاقتصاد الكلي في سلطنة عُمان، موضحًا أنه يُعد من المحفزات الكبرى للنمو الاقتصادي طويل الأجل، حيث من المتوقع أن تُسهم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة على مراحل، خاصة خلال مرحلة البناء (2028-2030)، في زيادة الإنفاق الرأسمالي وتحفيز النشاط الاقتصادي بشكل عام.

وأشار إلى أن المشروع سيضيف العديد من الفرص الوظيفية الجديدة في مجالات الهندسة والطاقة والتشغيل والبحث العلمي، بالإضافة إلى توفير فرص التدريب والتطوير للكفاءات الوطنية.

وأضاف: إن المشروع يُعزّز التوجه الاستراتيجي نحو اقتصاد منخفض الكربون، ويدعم تحوّل سلطنة عُمان إلى مركز إقليمي رئيسي لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ممر الهیدروجین الطاقة النظیفة بالإضافة إلى وأشار إلى أن أن المشروع المشروع ی فی قطاع

إقرأ أيضاً:

الوثائق والمحفوظات الوطنية تصدر كتابًا حول العلاقات العُمانية الروسية في القرن التاسع عشر

"العُمانية": أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كتابًا بعنوان "العلاقات العُمانية الروسية في القرن التاسع عشر الميلادي" ، ـ دراسة في الوثائق الروسية ـ في إطار جهودها المتواصلة لإثراء المكتبة العُمانية والعربية بالمصادر التاريخية الموثقة، وتعزيز الدراسات الأكاديمية المعنية بتاريخ العلاقات الدولية لسلطنة عُمان.

ويقدم الإصدار مادة علمية ثرية تستند إلى نحو 2852 وثيقة روسية متنوعة تشمل رسائل وتقارير ومذكرات وخرائط وصورًا تاريخية، مما يجعله مرجعًا موسعًا يلقي الضوء على مسار العلاقات بين سلطنة عُمان وروسيا في القرن التاسع عشر، ودور الموانئ العُمانية وموقعها الحيوي في حركة التجارة البحرية العالمية آنذاك.

ويتضمن الكتاب ثلاثة فصول رئيسة تغطي تطور العلاقات الدبلوماسية والتجارية، وتحليل الوجود الروسي في منطقة الخليج، إضافة إلى توثيق مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سلطنة عُمان خلال تلك الحقبة. كما يضم الإصدار ملاحق وثائقية وصورًا لأكثر من 50 وثيقة نادرة من الأرشيف الروسي، فضلًا عن فهارس تفصيلية تسهّل على الباحثين الوصول إلى المعلومات والموضوعات المتخصصة.

وأكد سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، أن هذا الإصدار يأتي في إطار حرص الهيئة على إبراز تاريخ عُمان الحضاري من خلال الوثائق العالمية، مشيرًا إلى أن الوثائق الروسية تكشف بوضوح عمق العلاقات العُمانية الروسية، وتبرز مكانة سلطنة عُمان السياسية والتجارية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

ويُعد هذا الكتاب خطوة رائدة نحو تأكيد أهمية المصادر الروسية في دراسة تاريخ الخليج العربي، وبداية لسلسلة من الإصدارات المتوقع أن تسهم في فتح آفاق جديدة للباحثين والمهتمين بتاريخ العلاقات العُمانية الدولية.

من جانبه، أوضح الدكتور ضرار محمد فضل المولى، مؤلف الكتاب، أن إصدار هذا العمل يمثل خطوة نوعية لإغناء المكتبة العُمانية والعربية بمصادر أصيلة تكشف جوانب جديدة من تاريخ المنطقة.

وبيّن أن الكتاب يأتي بعد عشر سنوات من الجهد في تعريب وتحقيق وثائق روسية نادرة تسهم في إبراز عمق العلاقات العُمانية الروسية ودور سلطنة عُمان الحضاري والسياسي والاقتصادي في تلك الفترة.

وأشار إلى أن الوثائق التي اعتمدت عليها الدراسة تشكل ركيزة أساسية لفهم طبيعة العلاقات الدولية لسلطنة عُمان من منظور مختلف، بعيدًا عن المصادر التقليدية التي ارتكزت غالبًا على الوثائق البريطانية والفرنسية. وأكد أن هذا العمل يمهد لسلسلة من الدراسات المستقبلية التي ستكشف مزيدًا من الوثائق الروسية المتعلقة بتاريخ سلطنة عُمان.

بدورها، أكدت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية، مدير مختص للدراسات الوثائقية بالهيئة، أن هذا الإصدار يمثل إضافة نوعية في مجال الدراسات الوثائقية الخاصة بتاريخ الخليج العربي والتاريخ الأوروبي الحديث، نظرًا لاعتماده على مجموعة مهمة من الوثائق الروسية التي تُعرض لأول مرة باللغة العربية.

وأوضحت أن دراسة العلاقات العُمانية الروسية خلال الفترة الممتدة بين 1792 و1917م تكشف التطور المستمر للروابط السياسية والاقتصادية بين البلدين، وتبرز الدور العُماني المحوري في حركة الملاحة والتجارة الدولية. وأضافت أن الكتاب يستند إلى أكثر من 300 إحالة مرجعية ووثائق وصور وخرائط ومذكرات، إلى جانب ملاحق تضم أكثر من خمسين وثيقة نادرة من واحد من أضخم الأرشيفات العالمية.

وبينت الجهورية أن المادة العلمية الغنية التي يضمها الإصدار تتيح للباحثين قراءة مختلفة لتطور العلاقات الدولية في المنطقة، اعتمادًا على الوثائق الروسية بعيدًا عن الروايات التقليدية. وأكدت أن الكتاب يمثل خطوة مهمة في تعزيز جهود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في ترجمة وإتاحة الوثائق التاريخية العالمية للباحث العربي وفق أعلى المعايير العلمية.

مقالات مشابهة

  • مجلس الوزراء يستعرض خطة «توباكت» لتعزيز الطاقة النظيفة
  • وزير التجارة الخارجية الفرنسي يؤكد عزم بلاده توسيع الشراكة الاقتصادية مع سلطنة عمان
  • عاجل- مصر تتوسع في الطاقة النظيفة.. الموافقة على إنشاء أكبر محطة رياح في رأس شقير بقدرة 900 ميجاوات
  • عاجل- مصر تخطو نحو مستقبل الطاقة النظيفة.. الحكومة تعتمد مشروعًا نرويجيًا لإنتاج كهرباء شمسية مستقرة على مدار اليوم
  • إنشاء مركز للغاز الطبيعي.. استثمارات بقيمة 3.5 مليار دولار لدعم قطاع الطاقة النظيفة بالمغرب
  • محطة تاريخية فارقة.. سلطنة عُمان تحتفل بـ100 عام على اكتشاف النفط والغاز
  • قفزة عربية في «الطاقة النظيفة».. تعزيز الإنتاج من الأولويات!
  • الاحتفاءُ بمرور 100 عام على اكتشاف النفط والغاز في سلطنة عُمان
  • إطلاق مشروع "مزارع الخضر الذكية" لإنتاج المحاصيل الورقية
  • الوثائق والمحفوظات الوطنية تصدر كتابًا حول العلاقات العُمانية الروسية في القرن التاسع عشر