البيت الذي بنيناه عندما كنا صغارًا
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
سميرة أمبوسعيدية
في قريتنا الصغيرة، مناظر طبيعية خلابة، تنساب تحت ظلالها مياه الأفلاج التي تمر بين ضفاف النخيل والأشجار المتنوعة، وعلى ضفاف الفلج، حيث تتراقص أشعة الشمس على صفحة الماء، نلعب أنا ورفيقات الطفولة. نركض معًا، نضحك ونمرح، نلتقط زهور البرية ونصنع منها أكاليل جميلة. نغني أغاني الطفولة، ونروي القصص عن أحلامنا الكبيرة.
تتسابق قلوبنا مع خفقات الفرح، ونشعر بأن العالم ملك لنا. نغمر أقدامنا في الماء البارد، ونشعر بالانتعاش. كل لحظة هنا تحمل عبق الذكريات، وتعيد لنا شريط الأيام الجميلة التي لا تُنسى.
يا لها من أيام، حيث كانت البساطة هي كل ما نحتاجه، وحيث كانت الصداقة هي أغلى ما نملك، لكن كانت هناك شجرة محبوبة لي ولرفيقات الطفولة، كنا نتجمع تحت أغصانها للاستمتاع بظلها ونلعب ونلهو. إنها شجرة الليمون المتفرعة بأغصان كبيرة وثمار وفيرة. حيث قررنا ذات مرة، بناء بيت صغير تحت هذه الشجرة ليكون ملاذنا ومملكتنا الخاصة.
كانت فكرة لا أعرف من اقترحها، ولكنني شعرت أننا نستطيع فعلها وحدنا بإمكاناتنا البسيطة وبعقولنا الطفولية المتوقدة، لذلك أول ما فعلناه هو جمع الأغصان والأوراق الجافة من حولنا. واستخدمنا الأغصان القوية الجافة من بقايا النخيل ما نسميه بالعامية (الزور) لبناء الهيكل، بينما استخدمنا الأوراق (من خصف النخيل) لتغطية السقف.
وبعد ساعات من العمل الجاد، أصبح لدينا بيت صغير جميل تحت شجرة الليمون. قررنا الجلوس تحت ظله نتبادل القصص ونتشارك في الأحلام في بيتنا الذي بنيناه بأيدينا، فكم هو جميل أن تحلم ببناء شيء بيدك أو حلم يراودك وسعيت لتحقيقه، وبعد برهة تحقق بناء حلمك أو بيتك وأنت في أنفة الفخر والاعتزاز، فهذا وذاك يتشابهان رغم بساطة الحلم إلا أن طفولتنا تراه شيئًا كبيرًا.
لكنا لم نكتفِ بذلك، بل قررنا أيضًا صنع دُمى جميلة (من سعف وكرب النخيل). جمعنا السعف والكرب من حولنا وبدأنا في تشكيل الدمى. كانت الدمى تمثل شخصيات مختلفة، مثل الفلاحين والطيور والحيوانات. استخدمنا الألوان الطبيعية لتلوين الدمى، مما جعلها تبدو أكثر حيوية.
مع مرور الوقت، أصبح البيت تحت شجرة الليمون مكانًا مميزًا لنا، حيث كنا نجتمع فيه كل يوم بعد المدرسة. نلعب بالدمى، ونقطف الليمون الطازج من الشجرة ونرش عليه حبيبات من الملح والفلفل ونأكله، رغم صعوبة مضغه نظرًا للذَاعة طعمه؛ حيث كنا نفعل حركات بهلوانية لا يفعلها سوى المجنون فقط لنستطيع مضغه، ونستمتع بأوقاتنا معًا.
وهكذا، أصبح البيت الصغير تحت شجرة الليمون رمزًا للصداقة والمرح واللعب، وذكريات الطفولة الجميلة التي ستظل محفورة في قلوبنا إلى الأبد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حماية الغطاء النباتي في العراق
28 يونيو، 2025
بغداد/المسلة:
علي التميمي
القوانين العراقية تُجرّم قطع الأشجار أو الإضرار بها، سواء كانت في الشوارع أو المتنزهات أو الحدائق العامة..
العقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة، بل وتصل أحيانًا إلى مصادرة الأدوات المستخدمة في القطع.
المادة 480 من قانون العقوبات العراقي تنص على الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو الغرامة أو كلاهما، لمن يُقدم على قطع الأشجار دون موافقة الجهات المختصة.
قانون حماية الغابات والمشاجر رقم 30 لسنة 2009 نص في مواده المختلفة على الحبس حتى سنة واحدة وغرامات تصل إلى 250 ألف دينار عراقي، بالإضافة إلى مصادرة معدات القطع في حال الإضرار بالأشجار أو اقتلاعها.
قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 وضع حماية خاصة للأشجار المعمّرة، إذ نصّت المادة 18/خامسًا منه على ضرورة الحصول على موافقة وزير البيئة شخصيًا قبل قطع أي شجرة يزيد عمرها عن 30 عامًا.
هناك قوانين أخرى تمنع قطع الأشجار، منها القانون رقم 634 لسنة 1981، ما يوضح شدة الاهتمام القانوني بحماية الغطاء النباتي في البلاد.
يمكن مقاضاة أي جهة تقوم بقطع الأشجار دون اتباع السياق القانوني، سواء من قِبل المواطنين أو المنظمات، والمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية، استنادًا إلى المواد 204–218 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
كما يمكن رفع شكاوى جزائية بحق من يقوم بالقطع أمام محكمة التحقيق في المنطقة التي وقع فيها الفعل، بموجب الاختصاص المكاني.
هذه الأشجار جزء من التراث الحضاري لمدينة بغداد، وقطعها عمل محزن. في بريطانيا مثلاً، قام أحد المواطنين بمقاضاة البلدية لقطعها شجرة عمرها 300 عام. لا يمكننا قتل الأماكن بقطع رموزها الخضراء.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts