كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟ «2»
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟ «2»
فتح الرحمن حمودة
في مواصلة لما طرحته في مقالي السابق تحت العنوان أعلاه أود التعمق أكثر في الإجابة على هذا السؤال الجوهري بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية دمرت البلاد حيث يظل السؤال مطروحا كيف يمكن لأدوات الإعلام الجديد أن تكون فاعلة في وقف هذه الحرب واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟.
ومن خلال قراءتي للمشهد الإعلامي منذ اندلاع الحرب أرى أن السنوات الماضية شهدت تحولاً خطيراً في طريقة استخدام تلك الأدوات ففي البداية استخدمت للتحريض عبر حملات منظمة أطلقتها أطراف مستفيدة من استمرار النزاع ولم يكن التحريض عشوائياً بل ممنهجا ومدروسا لدى «الغرف الإلكترونية» وإن بدا للمتلقي أنه مجرد فوضى رقمية.
لاحقاً انتقلت هذه الأطراف إلى مرحلة التضليل الإعلامي كمرحلة من مراحل الحرب الإعلامية والتي تهدف إلى تشويه الحقائق وتزييف الواقع وما زالت هذه المرحلة مستمرة حتى اليوم، كما أن أحد أخطر أوجه هذا التضليل هو التخوين الممنهج للقوى المدنية في محاولة لتقويض أي مشروع بديل للحرب، وهذه الاستراتيجية ليست جديدة لكنها باتت أكثر وضوحاً وجرأةً في الفضاء الرقمي مستفيدة من غياب خطاب مدني منظم ومؤثر في وسائل الإعلام الجديدة.
ورغم هذا الواقع القاتم لا يمكن تجاهل أن أدوات الإعلام الجديد ظلت مساحة لتوثيق الانتهاكات من قبل أطراف الحرب فالتوثيق غالباً ما يحدث دون وعي فاعليه سواء من الضحايا أنفسهم أو من نشطاء حقوق الإنسان، كما لا تزال هذه الأدوات رغم كل العقبات أداة للمقاومة المدنية وإن كانت تستخدم بشكل عفوي وغير منظم حتى الآن.
ولكن أقول إن الإشكال الحقيقي هو أن القوى العسكرية المتصارعة أصبحت تهيمن على السردية الإعلامية وتستغل المواطنين «بوعي أو بدونه» في ترويج دعايتها، وفي مقابل ذلك بدأت قوى مدنية ومبادرات شبابية بالتحرك لاستعادة مساحة السرد وتقديم رواية بديلة تعبر عن تطلعات الناس في إنهاء الحرب وبناء دولة مدنية.
ومن وجهة نظري تكمن قوة الإعلام الجديد وأدواته في كونه فضاء مفتوح للمدنيين بعيداً عن هيمنة المؤسسات التقليدية، وما زالت هناك فرصة حقيقية لإعادة توجيه هذا الفضاء لخدمة القضايا العادلة، لكن ذلك يتطلب رفع الوعي لدى المدنيين بمخاطر التضليل الإعلامي وتدريبهم على استخدام هذه الوسائل بشكل منظم واستراتيجي لأنه أصبح في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصال لا يعد الإعلام الجديد مجرد منصة بل أداة مقاومة يمكنها تجاوز الرقابة وتضييق الأنظمة القمعية مع سرعة الانتشار والتأثير اللحظي فهما ميزتان أساسيتان علينا استغلالهما..
لكن التحدي اليوم هو كيف ننتقل من الاستخدام العشوائي إلى التوظيف الواعي لهذه الأداة بهدف كسر احتكار السردية وبناء شبكات تضامن رقمية تسهم فعلياً في وقف الحرب واستعادة المسار الديمقراطي الذي يليق بالسودانيين.. وتظل الإجابة على هذا التحدي ممكنة لكنها تحتاج لإرادة وتنظيم ووعي جماعي بحجم المعركة الإعلامية التي نخوضها كل يوم.
نواصل…
كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟
الوسومالإعلام الجديد التضليل الإعلامي الحرب السودان القوى المدنية فتح الرحمن حمودةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإعلام الجديد التضليل الإعلامي الحرب السودان القوى المدنية
إقرأ أيضاً:
برلمانية المصري الديمقراطي: رئاسة مصر للبرلمان الأورومتوسطي فرصة لإنهاء الموقف الإقليمي المتأزم
أكد النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن تسلم مصر لرئاسة البرلمان الأورومتوسطي، يعبر عن قوتها على المستوى الدولي، مضيفًا: "أمر مهم أن يكون التواجد المصري ليس تمثيلا تشريفيا، بل تمثيلا قويا وفعالا يعزز تواجدها الإقليمي والدولي".
وقال "منصور" ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إن توقيت تسلم مصر لرئاسة البرلمان الأورومتوسطي، يأتي في ظل واقع مؤلم يعيشه العالم، وموقف دولي متأزم يحتاج إلى إعادة نظر؛ لعودة الأمور إلى مسارها التشاركي، والتعايش السلمي بين الشعوب، وهو ما سيكون أولوية لدى مصر في رئاستها للبرلمان الأورومتوسطي.
وأضاف رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن العالم يعيش حالة من الصراع والعدوان الذي تقوم به بعض الدول مثل إسرائيل، والذي يحتاج إلى مواصلة الحشد الدولي؛ لمحاربته، فضلا عن تعزيز دور مصر في اعتراف الدول- وخاصة الأوروبية- بالدولة الفلسطينية.
ولفت النائب إيهاب منصور، إلى أن رئاسة مصر للبرلمان الأورومتوسطي، تعد فرصة جيدة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول البرلمان، وفتح آفاق جديدة معها في القطاعات الاستثمارية المختلفة.
وتسلم النائب محمد أبوالعينين وكيل مجلس النواب، رئاسة البرلمان المصري للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وذلك في إطار مشاركته على رأس وفد برلماني مصري، ضمن أعمال القمة التاسعة لرؤساء برلمانات الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والجلسة العامة الثامنة عشر للجمعية، والتي عُقدت في إسبانيا.
وفي مستهل كلمته، وجه محمد أبو العينين وكيل مجلس النواب، الشكر للبرلمان الإسباني، على جهوده الدؤوبة خلال الرئاسة الإسبانية للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط.
وأكد أن مصر سعت بقوة، منذ اشتراكها في تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط، إلى ترسيخ مفهومي الملكية المُشتركة، والمسئولية التضامنية؛ لتحقيق النمو والرخاء لشعوب المنطقة، من خلال تواجدها بفاعلية وحضورها القوي والمؤثر في كل محافل الاتحاد من أجل المتوسط وأنشطته.
وأضاف أن الشعبة البرلمانية المصرية، حرصت على المشاركة الفاعلة في أنشطة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط منذ تأسيسها؛ باعتبارها قناة مهمة للتواصل والحوار وتبادل الرؤى بين البرلمانيين ممثلي شعوب الاتحاد من أجل المتوسط.
وخلال الكلمة، أشار وكيل مجلس النواب المصري إلى أنه على الرغم مما حققه الاتحاد من أجل المتوسط من العديد من الإنجازات على صعيد البرامج والمشروعات التنموية ذات البعد الإقليمي الهادفة لتحقيق الاندماج بين الدول الأعضاء في الاتحاد؛ إلا أن المرحلة الحرجة التي يمر بها الشرق الأوسط- جراء العدوان الغاشم للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والذي يرقى لمستوى الإبادة الجماعية، فضلًا عن إصرار إسرائيل على المُضي قُدمًا في توسيع دائرة الصراع الإقليمي- يحول دون إتمام التعاون المنشود بين دولنا جميعًا.
وأكد أنه لا تعاون حقيقي دون إرساء لأسس السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، حجر الزاوية فيه، حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، في إقامة دولته المستقلة على أرضه، على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
كما أكد أن الدبلوماسية المصرية، بشقيها الحكومي والبرلماني، تُغلب لغة الحوار والتعاون؛ باعتبارها مُرتكزًا رئيسيًا لتحركاتها الهادفة إلى دعم الأمن والاستقرار الإقليمي.
وفي ختام كلمته، أكد محمد أبو العينين، أن البرلمان المصري يتسلم رئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، في ظل ظرف دقيق تمر به المنطقة الأورومتوسطية، والتي تموج بتحديات تهدد أمن دولها، وتقوض جهود التنمية فيها، وهو ما يفرض علينا جميعًا تنسيق أنشطتنا، وتوحيد جهودنا؛ من أجل مواجهة هذه التحديات.