ترامب بالرياض: خطاب نهاية العولمة التقليدية وبداية نهج جديد في العلاقات الدولية
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
في خطاب تاريخي ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، وجّه رسائل قوية أعادت رسم ملامح السياسة الأمريكية تجاه العالم، لا سيّما فيما يتعلق بمفاهيم العولمة، وعلاقات الدول، والتدخلات الخارجية.
خطاب ترامب لم يكن مجرد تعبير عن مواقف دبلوماسية، بل حمل تحوّلات جذرية في الفكر السياسي الأمريكي، وأطلق نقاشا واسعا حول مستقبل العلاقات الدولية.
إشادة بالنهضة الخليجية
خطاب ترامب لم يكن مجرد تعبير عن مواقف دبلوماسية، بل حمل تحوّلات جذرية في الفكر السياسي الأمريكي، وأطلق نقاشا واسعا حول مستقبل العلاقات الدولية
استهل ترامب خطابه بالإشادة بما وصفه بـ"المعجزة الخليجية"، معبرا عن إعجابه الشديد بالتطور المعماري والحضاري الذي تشهده دول الخليج، وقال في تصريح لافت: "لقد أنجزتم معجزة عصرية بطريقة عربية".
هذا الثناء لم يكن مجاملة بروتوكولية، بل جاء في سياق مقارنة واضحة بين نجاح دول الخليج في تحقيق التقدم، وفشل جهود أمريكية ضخمة لإنقاذ دول مثل العراق وأفغانستان، رغم ما أُنفق فيها من موارد هائلة.
العولمة تحت نيران النقد
في إحدى أقوى لحظات خطابه، أطلق ترامب هجوما صريحا على العولمة (Globalization)، معتبرا إياها سببا في الكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية حول العالم، ومشيرا إلى أنها "فشلت في تقديم نموذج ناجح للتنمية المستدامة".
فالعولمة في نظره جعلت أمريكا "تدفع الثمن دون مكاسب"؛ لهذا يجب أن تُعاد صياغتها على أساس المنفعة الوطنية الصافية، فدعا مثلا إلى عقد شراكات ثنائية محدودة ومشروطة -دون الحاجة إلى التقاليد الدبلوماسية الكلاسيكية- بدلا من الاتفاقيات الجماعية، مع إعطاء الأولوية لمن يدفع أو يتجاوب تجاريا.
كما هاجم ما يُعرف بالمحافظين الجدد (NeoCons) داخل الحزب الجمهوري، والداعين إلى فرض القيم الليبرالية الأمريكية على الدول الأخرى من خلال التدخلات العسكرية أو المساعدات المشروطة.
وانتقد ترامب أيضا المنظمات الخيرية الليبرالية التي -حسب وصفه- أنفقت تريليونات الدولارات دون أن تنجح في بناء دول حقيقية، مستشهدا بمدينة بغداد كمثال بارز على هذا الفشل.
السيادة الوطنية فوق كل شيء
تحوّل جذري في الخطاب السياسي الأمريكي، من نموذج القوة الناعمة والعولمة الليبرالية، إلى نهج يرتكز على الواقعية، واحترام سيادة الدول، ورفض فرض النماذج الغربية على الشعوب
ركز ترامب في خطابه على أهمية احترام السيادة الوطنية للدول، ودعا إلى العودة إلى المبادئ التقليدية التي تقوم على الاعتزاز بالهوية، والتمسك بالعادات والتقاليد، والاعتماد على الذات في تحقيق التقدم. وقال: "السلام والازدهار لا يأتيان من الخارج، بل ينبعان من الداخل، من الالتزام بالتراث والخصوصية الوطنية".
انتقادات داخلية ووصفه بـ"الانعزالي"
لم تمرّ ساعات على خطاب ترامب حتى انهالت عليه الانتقادات من وسائل الإعلام والنخب السياسية في الولايات المتحدة وأوروبا.
فقد وصفه البعض بأنه "انعزالي" (Isolationist)، في إشارة إلى معارضته للتدخلات الخارجية وتقليصه للدور الأمريكي العالمي، فيما رأى آخرون أن ما قدمه ترامب هو رؤية واقعية جديدة تتناسب مع التحديات المعاصرة، وتضع مصالح الدول فوق الشعارات الأيديولوجية.
تحوّل في الخطاب السياسي الأمريكي
يُعد خطاب ترامب في الرياض إعلانا صريحا عن تحوّل جذري في الخطاب السياسي الأمريكي، من نموذج القوة الناعمة والعولمة الليبرالية، إلى نهج يرتكز على الواقعية، واحترام سيادة الدول، ورفض فرض النماذج الغربية على الشعوب.
فقد طوى ترامب صفحة كانت سائدة في العلاقات الدولية، وأعاد التذكير بأن التطور الحقيقي يبدأ من الداخل، من ثقافة الشعوب وتاريخها وهويتها، لا من مشاريع تُفرض من الخارج تحت شعارات خادعة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات ترامب العولمة دبلوماسية الخليجية الخليج امريكا العولمة دبلوماسية ترامب قضايا وآراء سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسی الأمریکی العلاقات الدولیة خطاب ترامب
إقرأ أيضاً:
مخاوف إسرائيلية من لقاء مصيري يجمع ترامب ونتنياهو نهاية الشهر
تبدي أوساط إسرائيلية مخاوفها من "اللقاء المصيري" بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو في واشنطن نهاية الشهر الجاري، على توقع مجموعة واسعة من المطالب الأمريكية بشأن الأوضاع في قطاع غزة، لعل أبرزها الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية.
وقالت المحللة الإسرائيلية في صحيفة "معاريف"، آنا بارسكي، إن شعورا غير سار يتشكل في "إسرائيل" قبل رحلة بنيامين نتنياهو إلى ميامي في نهاية الشهر، فهذه المرة، لن ينتظره ترامب بعناق دافئ وصورة لحديقة متألقة فحسب، بل بحقيبة مليئة بالمطالب.
وشددت على أن ترامب "سيحوّل نتنياهو إلى زيلينسكي" خلال اللقاء الذي سيجمعهما في التاسع والعشرين من الشهر الجاري وجهاً لوجه في منتجع مارالاغو. رسمياً، يتضمن جدول الأعمال: الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب لغزة، إنشاء قوة متعددة الجنسيات، ونزع سلاح حماس، وإعادة إعمار المناطق المدنية.
وقالت بارسكي، إن الاجتماع "سيقرر ما إذا كانت إسرائيل لا تزال تتحكم في سياستها، أو ما إذا كانت الآن مجرد لاعب آخر في عملية دولية تُدار من الدوحة وأنقرة وواشنطن".
وشددت المحللة الإسرائيلية على أن ما يثير القلق الشديد بالنسبة لإسرائيل هو أن الموقف الأمريكي في الشهرين الماضيين بشأن نقطتين أساسيتين، الوجود التركي في قوة الاستقرار، وترتيب العمليات ضد حماس، قد ابتعد عن الخط الإسرائيلي.
في غضون ذلك، يتزايد الضغط على "إسرائيل" للمضي قدمًا في المراحل الأخرى، حتى في غياب جدول زمني واضح لتفكيك الجناح العسكري لحركة حماس بالكامل. وهنا تحديدًا تبرز أهمية الدوحة. فقطر لا تخفي نيتها في دفع إسرائيل إلى المرحلة الثانية، وتستفيد من التفويض الإقليمي الذي حظيت به، فضلًا عن نفوذها الشخصي على ترامب. وفق ما قالته بارسكي.
من جانبها، تسعى تركيا إلى ترسيخ مكانتها كطرف قادر على الحوار مع الجميع، الأمريكيين، وحماس، والمصريين، وفي خضم ذلك، تحجز لنفسها مكاناً على رمال غزة. ترامب يصغي جيداً لكلا الطرفين.
إلى جانب ذلك، يقوم الأمريكيون ببناء آلية تسمح لهم بالضغط على الزر حتى بدون موافقة إسرائيلية كاملة: تعيين جنرال أمريكي برتبة نجمتين لقيادة القوة الدولية، وإنشاء "مجلس سلام" برئاسة ترامب يتولى إدارة الأموال والمشاريع والإشراف، وذلك بدون وجود جندي أمريكي واحد على الأرض، ولكن مع سيطرة أمريكية شبه كاملة على مسار إعادة الإعمار. بعد بناء هذا الإطار، سيكون السؤال الذي ستوجهه لنتنياهو في ميامي بسيطًا: هل تنضم باختيارك، أم أنك تُصنّف كمُعرقِل للتقدم؟ تقول المحللة الإسرائيلية.