في تطور خطير يعكس تصاعد القمع ضد الحريات العامة في ليبيا، وُجّهت اتهامات مباشرة لحكومة عبد الحميد الدبيبة بالتورط في قطع خدمات الاتصالات والإنترنت خلال المظاهرات الحاشدة التي اندلعت يوم أمس الجمعة في طرابلس، للمطالبة برحيل الحكومة.

وتداول ناشطون وصحفيون محليون تقارير تؤكد تدخل جهات أمنية تابعة لحكومة الوحدة الوطنية لفصل التيار الكهربائي عن المقسم الرئيسي لشبكة الاتصالات في منطقة أبو سليم، فيما رأى مراقبون أن الهدف من هذا الإجراء هو إخماد الحراك الشعبي ومنع نقل الصورة إلى العالم الخارجي.

فصل كهربائي مريب

أعلنت شركة الاتصالات الدولية الليبية، في بيان رسمي، عن تعرض محطتها في منطقة “أبو سليم – كم 4” لمحاولة تخريب تمثلت في قطع التيار الكهربائي الرئيسي عن معدات الاتصالات، بالإضافة إلى تخريب المولدات الاحتياطية، ما أدى إلى توقف المحطة بشكل كامل. وأضاف البيان أن الفرق الفنية التابعة للشركة تمكنت من إعادة التيار واستعادة خدمات الاتصالات.

إلا أن ما لم تذكره الشركة، وما كشفه مسؤولون سابقون ومصادر إعلامية، هو أن عملية فصل الكهرباء نُفّذت – بحسب الاتهامات – من قبل جهة أمنية تابعة لحكومة الدبيبة، وليس نتيجة خلل فني أو طارئ تقني.

جمعية الإنترنت تُندد

من جهتها، أعربت جمعية الإنترنت ليبيا، في بيان صادر بتاريخ 17 مايو 2025، عن “قلقها العميق” إزاء الانقطاعات الأخيرة في خدمات الإنترنت والاتصالات، واعتبرت أن هذه الانقطاعات تشكل تهديدًا مباشرًا لحقوق الإنسان، وخاصة في وقت يشهد تصاعدًا في الحراك الشعبي وعدم الاستقرار السياسي.

وأكد البيان أن “الوصول إلى الإنترنت ليس ترفًا، بل ركيزة أساسية للتنمية والكرامة الإنسانية”، ودعت الجمعية إلى إعادة الخدمة فورًا، وضرورة الشفافية في كشف الأسباب الحقيقية للانقطاع، والالتزام بالمواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير والوصول إلى المعلومة.

شهادات وشكوك متصاعدة

الرئيس السابق لشركة الاتصالات القابضة، فيصل قرقاب، أكّد في تصريح لوسائل إعلام محلية أن “التيار الكهربائي فُصل عن المقسم الرئيسي في منطقة أبو سليم من قبل جهة أمنية تتبع حكومة الوحدة الوطنية”، محذرًا من أن هذا الإجراء سيؤدي إلى شلل شبه كامل في خدمات الإنترنت وتذبذب حاد في الاتصالات على مستوى ليبيا.

وأضاف قرقاب في منشور له بفيسبوك ،”نهيب بالجهات الأمنية والمسؤولة التدخل فورًا لإيقاف هذا العبث، الذي يمثل اعتداءً صارخًا على حق الليبيين في الوصول إلى المعلومات والتعبير عن رأيهم”.

في السياق ذاته، تداول ناشطون تقارير تشير إلى أن ميليشيا تابعة لعبد السلام زوبي، أحد أبرز قادة الجماعات المسلحة المتحالفة مع الدبيبة، هي من نفّذت عملية فصل الكهرباء عن محطة KM4 في أبو سليم بهدف “قطع الاتصال بين المتظاهرين ومنع نقل صور الاحتجاجات”.

تعتيم إعلامي وقمع رقمي

بالتزامن مع هذه الأحداث، رصد نشطاء على وسائل التواصل تحذيرات من انقطاع شامل للاتصالات خلال ساعات، وسط أنباء عن نية حكومة الدبيبة فرض تعتيم إعلامي واسع النطاق، لمنع انتشار صور ومقاطع المظاهرات عبر الإنترنت، خاصة تلك التي شهدتها ساحة الشهداء في قلب العاصمة.

ونُقل عن المدون الليبي المعروف عبدالرحمن بادي دعوته الصريحة للحكومة بقطع الإنترنت عشية المظاهرات، وهو ما أثار غضبًا واسعًا على منصات التواصل، حيث رأى فيه النشطاء “محاولة لقتل الحراك الشعبي رقميًا قبل أن يقمع ميدانيًا”.

ڤودافون مصر تتفاعل

وفي ظل هذا المشهد المضطرب، نشرت شركة Vodafone Egypt بيانًا مقتضبًا عبّرت فيه عن تضامنها مع عملائها الليبيين، مؤكدة حرصها على تسهيل التواصل بين المستخدمين وأقاربهم في ليبيا، في مؤشر على إدراك خطورة ما يجري على الأرض، وعلى أهمية التواصل الإنساني وقت الأزمات.

ويتفق مراقبون أن ما يحدث في ليبيا اليوم يعكس نمطًا مقلقًا من القمع المزدوج بين ميداني تمارسه الأجهزة الأمنية لقمع التظاهرات، ورقمي تسعى من خلاله الحكومة لإخماد الصوت الرقمي للمحتجين.

وإذا صحّت الاتهامات، فإن حكومة الدبيبة تقود البلاد نحو عزلة داخلية وخارجية، تتجلى في مصادرة الحريات وتكميم الأفواه، في بلد أنهكته الحروب والصراعات، وبدأ يترنّح تحت وطأة القمع الممنهج.

المصدر: صحيفة الساعة 24

كلمات دلالية: أبو سلیم

إقرأ أيضاً:

قيود جغرافية وسياسية تُفاقم معاناة سكان تعز في الحصول على خدمات الاتصالات”

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من عميد المهيوبي

يعاني آلاف المواطنين في محافظة تعز من عقبات متزايدة في الحصول على خدمات الاتصالات والإنترنت، نتيجة تصنيف شركات الاتصالات اليمنية للمناطق وفق مناطق السيطرة السياسية، ما يفرض قيوداً مشددة على الشرائح القادمة من مناطق الشمال.

جهاد عبد الغني، ميكانيكي سيارات من منطقة الشقب جنوب شرق تعز، يضطر للسفر إلى المدينة والمكوث فيها يومين لتفعيل باقة اتصال بسبب قيود فرضتها الشركات، والتي تمنع التحويل المباشر لأي شريحة من مناطق الشمال إلا بعد مرور 48 ساعة في المدينة.

يشرح جهاد أن منطقته إدارياً تتبع الحكومة الشرعية، لكن تصنيفها فنياً كمناطق شمالية يخلق صعوبات في الحصول على خدمات الاتصالات، ما يضاعف التكاليف المالية حيث ترتفع أسعار الباقات من 1500 ريال إلى 6600 ريال، الأمر الذي يفتح المجال للسوق السوداء ويزيد استغلال المحتاجين.

ورغم تبرير الجهات المعنية لهذه القيود بهدف مكافحة التلاعب بالأسعار، إلا أن الواقع يشير إلى استمرار هذه الظاهرة، مع سفر البعض مؤقتاً لتعبئة كميات كبيرة من الرصيد، بينما يحرم المواطن البسيط من خدماته الأساسية.

تعقيدات مالية وإدارية

المهندس صامد عبدالمؤمن، العامل في نقطة خدمة لشركة “يو”، أكد أن السياسات الجديدة تؤثر سلباً على استفادة السكان، حيث يواجهون تعقيدات مالية وإدارية، ويتراجع إقبالهم على شراء الرصيد بسبب رفض النظام التحويل في مناطق مثل مديرية صبر الموادم المصنفة ضمن مناطق الشمال.

ويطالب صامد الجهات المعنية بإعادة النظر في هذه الإجراءات لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات دون قيود تعقيدية.

أعباء مالية تضاعف معاناة السكان

من جهته، الصحفي الاجتماعي رهيب هائل أوضح أن شركات الاتصالات تعتمد تصنيفات متباينة لخدمات التعبئة، مما أدى إلى تقسيم السوق وفق مناطق السيطرة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي.

وأشار إلى أن المناطق التابعة للحكومة شرعياً، مثل مديريات صالة وسامع وحيفان وصبر الموادم والمسراخ في تعز، تعاني من رفض تحويل الباقات إليها من مناطق الجنوب، ما يزيد من الأعباء المالية على السكان بسبب فروقات أسعار العملة.

وأكد هائل أن التداخل الجغرافي بين مناطق السيطرة واعتماد الشركات على توزيع مقويات الشبكات في المرتفعات يؤثر سلباً على المواطنين، حيث يفرض موقع المقوي التابع لأي طرف قيوداً على المستخدمين المجاورين.

وطالب هائل الحكومة الشرعية بضرورة الضغط على شركات الاتصالات لنقل مقراتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتقديم خدماتها بالعملة الجديدة وبالأسعار الرسمية، مع إنشاء شبكة اتصالات مستقلة في مناطقها وتوزيع المقويات بشكل عادل مع رقابة صارمة لمنع التمييز.

وأكد أن ملف الاتصالات يمثل قضية سيادية يجب أن تحظى بالأولوية القصوى، داعياً منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية للضغط على الجهات المعنية لضمان فصل الخدمات الأساسية عن النزاعات السياسية، وتوفير خدمات الاتصالات دون قيود أو استغلال.

 

 

مقالات مشابهة

  • في اليوم العالمي للاتصالات…العدو الصهيوني يفرض على غزة تعتيم وعزل رقمي غير مسبوق
  • مصر تدعو لضبط النفس في ليبيا وتحذّر رعاياها وسط تصاعد التوترات في طرابلس
  • قيود جغرافية وسياسية تُفاقم معاناة سكان تعز في الحصول على خدمات الاتصالات”
  • مركز أمن المعلومات بوزارة الاتصالات وتقانة المعلومات يُحذر من محاولات اختراق حسابات واتساب في سوريا من قبل جهات مجهولة
  • الدبيبة يتحدث عن الاستقالات وتظاهرات طرابلس.. ورؤية حكومته
  • بادي: حكومة الدبيبة يسرت للشعب الخروج في مظاهرات
  • عاجل- قطاع غزة يعاني من عزل رقمي نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر
  • الإحصاء الفلسطيني: غزة تعيش في «تعتيم رقمي» بسبب العدوان
  • الإحصاء الفلسطيني: غزة تعيش في "تعتيم رقمي" بسبب العدوان