في خطوة مفاجئة مثّلت تحولا كبيرا في السياسة الأميركية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته هذا الأسبوع إلى الشرق الأوسط، رفع العقوبات عن سوريا، ما أدى إلى حالة استنفار داخل أروقة الحكومة الأميركية لتنفيذ القرار، وفقا لثلاثة مصادر مطلعة، تحدثت لشبكة "سي إن إن".

وكانت إدارة ترامب قد أجرت اتصالات سرية خلال الأشهر الماضية تمهيدا لتخفيف العقوبات، بما في ذلك استعدادات للقاء محتمل على مستوى عالٍ مع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، إلا أن الإعلان عن الرفع الكامل والسريع للعقوبات فاجأ بعض المسؤولين.

وقال مصدر مطلع على المناقشات: "هذا القرار لم يكن مرتجلا، فقد نوقش لعدة أشهر، لكن ترامب تجاوز بكثير ما كان قيد الدراسة على المستوى الفني".

وفي محاولة لتوضيح آليات تنفيذ القرار، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو بعد نحو 24 ساعة من تصريحات ترامب أن الإدارة ستصدر إعفاءات من العقوبات المفروضة بموجب القانون الأميركي.

وصرّح روبيو: "نأمل أن نصل إلى مرحلة يمكن فيها إلغاء القانون كليا، لكننا لم نصل إلى ذلك بعد".

ومن المتوقع أن تستغرق المراجعة الفنية للعقوبات عدة أسابيع، رغم أن القانون لا يقيّد صلاحيات الإدارة في إصدار إعفاءات عامة، حسب ما أفاد مسؤولون.

وأوضح مسؤول في وزارة الخزانة أن الوزارة ستصدر قريبا تراخيص عامة تشمل قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري، في إطار جهود إعادة الإعمار.

ترامب يتجاهل اعتراضات إسرائيل

خلال الإعلان عن رفع العقوبات في العاصمة السعودية الرياض، أبرز إعلان ترامب الدور الكبير الذي لعبته السعودية وراء الكواليس، حيث دفعت باتجاه رفع العقوبات باعتبار أن ذلك سيساهم في إنعاش الاقتصاد السوري واستقرار المنطقة.

كما دعمت تركيا هذه الجهود، حيث كانت على علم بالاتصالات الجارية بين واشنطن ودمشق.

وأكدت مصادر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناقش الأمر مع ترامب، وشارك في الاجتماع مع الشرع بشكل افتراضي.

لكن ليس جميع حلفاء واشنطن في المنطقة كانوا مؤيدين للقرار، فقد عبّرت إسرائيل عن معارضتها له.

ونقل مسؤول إسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من ترامب خلال لقائهما في أبريل عدم رفع العقوبات، محذرا من تكرار سيناريو هجوم 7 أكتوبر 2023.

وردّ ترامب لاحقا بالقول: "لم أطلب رأي إسرائيل... شعرت أن هذا هو القرار الصائب".

اتصالات أميركية سورية سبقت القرار

سبق لقاء ترامب بالشرع سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولين أميركيين ونظرائهم السوريين منذ مارس الماضي، في باريس وواشنطن ونيويورك.

وشارك في هذه اللقاءات وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير المالية، حيث ناقشوا مع الجانب الأميركي خارطة طريق تتضمن التعاون في مكافحة الإرهاب والتخلص من الأسلحة الكيميائية.

كما سعت شخصيات من الحكومة السورية الجديدة للتواصل مع أطراف خارج الحكومة الأميركية، ضمن ما وُصف بـ"الهجوم الدبلوماسي الناعم" لتغيير صورة النظام.

في المقابل، أبدى بعض مسؤولي الإدارة الأميركية تحفظا، وعلى رأسهم مستشار البيت الأبيض لمكافحة الإرهاب سيباستيان غوركا، والمبعوث السابق إلى سوريا جويل رايبورن.

وعبّر غوركا عن شكوكه قائلا: "نادرا ما يتغير الجهاديون بعد انتصارهم".

وفي مقابلة مع موقع "بوليتيكو"، وصف غوركا لقاء ترامب مع الشرع بأنه "عبقري"، لكنه شدد على أهمية إشراك الأقليات في الحكم ومكافحة تنظيم داعش.

فرص وتحديات في طريق العلاقة الجديدة

ويقرّ المسؤولون الأميركيون بأن الطريق نحو علاقة طبيعية مع حكومة الشرع سيكون طويلا ومعقدا.

وأشار روبيو إلى أن حكومة الشرع أعربت عن التزامها بمبادئ المجتمع الدولي، بما في ذلك حكومة شاملة، وسلام مع إسرائيل، والقضاء على الإرهاب.

ووفق روبيو: "نحن في بداية الطريق. لم يمض على معرفتنا بهم سوى 24 ساعة، لكن إذا نجحت هذه الخطوة، فستُحدث تحولا تاريخيا في المنطقة".

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات العقوبات أحمد الشرع ترامب القانون الأميركي إسرائيل البيت الأبيض حكومة الشرع سوريا الشرع العقوبات العقوبات أحمد الشرع ترامب القانون الأميركي إسرائيل البيت الأبيض حكومة الشرع شرق أوسط رفع العقوبات

إقرأ أيضاً:

ترامب يرفع العقوبات عن 518 شخصية وكيانا سوريا.. هل يمهد لاتفاق أمني مع الاحتلال؟

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الاثنين، رفع العقوبات عن 518 شخصية وكياناً سورياً، وُصفوا بأنهم "بالغو الأهمية لتنمية البلاد وإعادة بناء النسيج الاجتماعي"، وذلك بموجب أمر تنفيذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهى بموجبه العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ سنوات.

ووفق بيان صادر عن وزارة الخزانة، فإن القرار يهدف إلى دعم جهود الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا بعد أكثر من عقد على اندلاع الثورة السورية. 

إلا أن البيان شدد في الوقت ذاته على أن العقوبات ستظل سارية على شخصيات وكيانات مرتبطة برئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، والمتورطين بانتهاكات حقوق الإنسان، وتجارة المخدرات، وتطوير الأسلحة الكيميائية، فضلاً عن وكلاء إيران وتنظيم داعش.

كما أشار البيان إلى أن العقوبات الجديدة طالت "جهات فاعلة مزعزعة للاستقرار" في الداخل السوري، في إشارة إلى استمرار سياسة العقوبات الانتقائية تجاه أطراف تُعدها واشنطن خصوماً إقليميين.

وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أمس الاثنين أن القرار يأتي "استجابة لتغيرات حقيقية على الأرض"، لاسيما بعد اللقاء الذي جمع الرئيس ترامب بالرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط. 

وأضافت أن الإدارة الأمريكية ترى في هذا القرار "تعزيزاً للسلام والاستقرار في المنطقة"، وأن ترامب "ملتزم بدعم سوريا موحدة ومستقرة، تعيش بسلام مع نفسها وجيرانها".

وفي سياق موازٍ، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن واشنطن وتل أبيب تجريان "مباحثات تمهيدية" لإبرام اتفاق أمني مشترك مع الحكومة السورية الجديدة، في تطور قد يُعيد تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سنوات من العداء.


عقوبات منذ 2004 
تعود العقوبات الأمريكية على سوريا إلى عام 2004، حين فرضت واشنطن قيوداً اقتصادية على النظام السوري بدعوى دعمه للإرهاب، ثم توسعت بشكل غير مسبوق عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، وشملت حينها قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والمالية، بالإضافة إلى شخصيات رفيعة في النظام.

وقد أسهمت تلك العقوبات، إلى جانب الحرب الداخلية والتدخلات الخارجية، في انهيار الاقتصاد السوري، وعرقلة مشاريع إعادة الإعمار، حيث مُنع النظام من الاستفادة من التقنيات المتقدمة والخدمات المصرفية الدولية، وتم تجميد أصوله المالية، ما زاد من عزلة دمشق في المحافل الدولية.

ويحمل القرار الأمريكي رسائل مزدوجة، فمن جهة يفتح الباب أمام انخراط دولي أوسع في إعادة إعمار سوريا تحت مظلة سياسية جديدة، ومن جهة أخرى يوجّه تحذيراً مستتراً لحلفاء الأسد السابقين، لاسيما إيران، بأن أي نفوذ غير منضبط في سوريا سيكون هدفاً لعقوبات إضافية.

كما أن ربط القرار بمباحثات أمنية مع الاحتلال الإسرائيلي يعكس رغبة أمريكية بإدخال سوريا، بصيغتها الجديدة، في معادلة "اتفاقيات التطبيع" المتنامية في المنطقة، وهو ما قد يُنظر إليه كجزء من سياسة ترامب الأشمل لإعادة رسم التحالفات في الشرق الأوسط وفق معايير المصالح الأمنية الأمريكية والإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • برنية: رفع العقوبات يمهد لفك الحصار.. واشنطن تدعم سوريا لإنهاء «العزلة»
  • من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم؟
  • سوريا ترحب برفع العقوبات.. وواشنطن: التطبيع مع إسرائيل شرط أساسي
  • ترامب يرفع العقوبات عن 518 شخصية وكيانا سوريا.. هل يمهد لاتفاق أمني مع الاحتلال؟
  • روبيو: ندعم سوريا والعقوبات لن تشكل عائقاً أمام مستقبلها
  • رفع العقوبات والتطبيع وتصنيف الشرع.. ماذا احتوى أمر ترامب بشأن سوريا؟
  • ترامب يوقع أوامر تنفيذية لرفع العقوبات عن سوريا.. ودمشق ترحب
  • ترامب يوقع أمراً تنفيذياً برفع العقوبات عن سوريا
  • ترامب يوقع على أمر تنفيذي بإنهاء العقوبات عن سوريا
  • البيت الأبيض: ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لإنهاء عقوبات سوريا ومعاقبة الأسد