احتلال أم مشروع حضاري؟ ..الوجه المزدوج للحملة الفرنسية
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
في صيف عام 1798، أبحرت حملة فرنسية ضخمة بقيادة نابليون بونابرت نحو السواحل المصرية، حاملة معها المدافع والمطابع، في واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا في تاريخ مصر الحديث.
لم تكن الحملة مجرد غزو عسكري، بل كانت مشروعًا معقّدًا يجمع بين الطموح الاستعماري، والمطامع الاقتصادية، والمظاهر الحضارية المموهة.
لماذا اتجهت فرنسا إلى مصر؟جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر ضمن خطة أوسع لقطع الطريق أمام بريطانيا، خصم فرنسا الأول في ذلك الوقت، ومنعها من الوصول إلى مستعمراتها في الهند.
اعتبرت مصر نقطة استراتيجية حيوية على طريق التجارة العالمي، وأرضًا خصبة للنفوذ والسيطرة، خاصة في ظل ضعف الحكم العثماني وهيمنة المماليك على البلاد.
أهداف الحملة: بين الطموح العسكري والمشروع الحضاريسعت فرنسا إلى تحقيق عدة أهداف من الحملة، أبرزها كان ضرب النفوذ البريطاني في الشرق، وفتح طريق مباشر نحو الهند.
بإلإضافة الى تأسيس مستعمرة فرنسية في قلب الشرق الأوسط، وتصدير مبادئ الثورة الفرنسية إلى “الشرق المتأخر”، بحسب زعمهم.
علماء الحملة: عندما غزا العلم الشرقما ميز الحملة الفرنسية عن غيرها من الحملات الاستعمارية هو اصطحاب نابليون لأكثر من 160 عالمًا فرنسيًا في مجالات متعددة.
أنشأ هؤلاء المجمع العلمي المصري، وأدخلوا أول مطبعة إلى مصر، وساهموا في إصدار أول جريدة مطبوعة باللغة العربية، إلى جانب توثيق شامل للحياة الطبيعية والاجتماعية في البلاد عبر كتاب “وصف مصر”.
المقاومة المصرية: ثورات بقيادة العلماءرغم عنصر المفاجأة الذي اعتمدت عليه الحملة، لم يتقبل المصريون الاحتلال بصمت.
انطلقت ثورات شعبية متكررة في القاهرة والصعيد، قادها علماء الأزهر ورموز المجتمع.
أبرز هذه الانتفاضات كانت ثورة القاهرة الأولى عام 1798، ثم ثورة القاهرة الثانية عام 1800، والتي عبرت عن الرفض الشعبي الشامل للوجود الأجنبي.
نهاية الحملة: هزيمة عسكرية ورحيل سياسيفشلت الحملة الفرنسية في تحقيق أهدافها الكبرى، خاصة بعد تحطيم الأسطول الفرنسي في معركة أبي قير البحرية على يد القائد الإنجليزي نيلسون.
ومع تصاعد المقاومة داخليًا، وتورط فرنسا في حروب أوروبية جديدة، انسحب الفرنسيون من مصر عام 1801، بعد ثلاث سنوات من الاحتلال الذي ترك بصمات معقدة على التاريخ المصري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحملة الفرنسية نابليون بونابرت فرنسا الشرق الأوسط المجمع العلمي الحملة الفرنسیة
إقرأ أيضاً:
ترحيب إسرائيلي بخطة إنهاء الحرب رغم تنازلها عن هدف القضاء على حماس
مع تزايد الحديث الاسرائيلي عن قرب إبرام صفقة تبادل تشمل تهدئة في قطاع غزة، تتضح أكثر الخيارات المتاحة أمام الاحتلال بين أن يختار نموذج الوحل اللبناني بين 1982-2000، والنموذج المطبق في لبنان منذ نهاية عام 2024، نشاط مستمر ضد التهديدات، دون ادعاء تدمير حزب الله، أو احتلال الأراضي.
ميخائيل ميليشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز ديان بجامعة تل أبيب، ذكر أنه "بعد مرور ثلاثة أشهر ونصف الشهر على تجدد العدوان على غزة، أصبحت الفجوة العميقة واضحة في تحقيق الهدفين الرئيسيين للحرب: تدمير القدرات الحكومية والعسكرية لحماس، وإطلاق سراح جميع الرهائن".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الحركة تلقت ضربة قاسية بالفعل، فيما يتعلق بالقضاء على قادتها، ويسيطر الجيش على معظم القطاع، لكنها لا تزال مهيمنة على الأرض، فهي تتمكن من إدارة القتال، والسيطرة على الفضاء العام، ولا توجد فوضى، كما هو سائد في الخطاب الإسرائيلي".
واعترف أن "غزة توجد فيها حماس حاليا من خلال سلسلة القيادة وعملية صنع القرار؛ ولا يوجد أي اضطرابات عامة، ولم يظهر أي بديل محلي؛ ولم تؤد الضغوط المتزايدة لتخفيف مواقفها بشأن الرهائن؛ وتتأرجح المشاريع التي يتم الترويج لها، وعلى رأسها آلية توزيع المساعدات وتسليح الميليشيات، بين الفشل والركود".
وأوضح أن "دولة الاحتلال اتخذت منعطفاً كبيراً لتكتشف أنها تواجه نفس المفترق الاستراتيجي الذي واجهته قبل أكثر من عام، ويتضمن بديلين سيئين: إما احتلال القطاع بأكمله، أو الاكتفاء بالثمن المؤلم المتمثل بإنهاء الحرب، والانسحاب، ويعيدها الى المفاضلة بين خيار التورط في الوحل اللبناني الذي بقي قائماً حتى عام 2000، أو النموذج المطبق حاليا في لبنان منذ نهاية العام 2024، وفي ضوئه يستمر الجيش في عدوانه، ولكن دون التظاهر بتدمير حزب الله، أو احتلال أراضٍ من لبنان، أو تغيير الوعي العام في البلاد".
وأوضح أنه "في هذه الأثناء، تتطور الخيالات التي تتظاهر بالتعبير عن التفاؤل، من خلال إظهار الثقة بالقدرة على هزيمة حماس في غضون بضعة أشهر، دون شرح الآثار المترتبة على احتلال غزة بأكملها، وإخفاء حقيقة أن دوافع احتلال غزة بأكملها أيديولوجية في الغالب تحت ستار الحجج الاستراتيجية؛ وإمكانية إقناع عناصر عربية بتحمل المسؤولية عن القطاع، دون أن توافق أي دولة على هذا".
وأشار إلى أن "الاحتلال سعى لإنشاء جيوب تسيطر عليها عناصر قوى مشبوهة كبديل لحماس، وهي مغامرة تتجسد في تسليح ميليشيا أبو شباب في رفح، وهي سلاح ذو حدين قد يضر بالاحتلال؛ مع الإيمان بتنفيذ خطة ترامب لإفراغ القطاع من الفلسطينيين، بينما في الواقع لا توجد دولة في العالم توافق على الفكرة أو ترغب في التعاون معها".
وأوضح إن "إنهاء الحرب في غزة ضروري لتعظيم نافذة الفرصة الاستراتيجية التي انفتحت في الشرق الأوسط مع نهاية الصراع مع إيران، وتتركز حول تعزيز العلاقات مع الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية، وربما حتى مع سوريا ولبنان، اللتين تشهدان تغيراً دراماتيكياً بعد الحرب".
وأكد أن "استمرار الحرب في غزة، ناهيك عن ضم بعض أراضيها، وتجديد الاستيطان فيها، من شأنه أن يحبط تحركات التطبيع التي تشكل هدفاً استراتيجياً في رؤية ترامب على طريق إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وبالتالي تجسد إمكانية التوتر بين تل أبيب وواشنطن، مع القناعة بأن المشهد مليء بالتعقيد في القطاع، حيث يتطلب الأمر خيالاً قوياً وتفاؤلاً مفرطاً للاعتقاد بأن واقعاً أفضل سيتطور هناك قريباً بروح النصر الكامل، وتبخر حماس، وتغيير وعي الغزيين".
وأضاف أن "إشارات إيجابية ظهرت مؤخرا بشأن الاعتراف بهذا التعقيد، وتشير أنه سيتم النظر في إنهاء الحرب شرط السيطرة على شريط أمني على طول الحدود مع غزة، والترتيبات الأمنية في محور فيلادلفيا، والحفاظ على القدرة العملياتية في القطاع، مما يعكس تراجعاً عن هدف احتلال غزة بأكملها، وحتى عن هدف انهيار حماس".
وأكد أنه "إذا بقي الاحتلال يُقيّد نفسه بحظر السماح لعناصرها بالبقاء على السياج، فستجد نفسها تسيطر على مليوني شخص من سكان غزة في منطقة تعاني من العنف وحرب العصابات، مع خطر العزلة الدولية، والصدع الداخلي الحاد، دون إطلاق سراح الرهائن".
وختم بالقول إن "إنهاء الحرب بالصيغة المتداولة حالياً تعني أن حماس ستستمرّ في الوجود، لكنها ستكون ضعيفة عسكرياً، ومحدودة سياسياً، وتحت المراقبة المستمرة، والإحباط من قبل الاحتلال، وفي الخلفية، قد يكون ممكنا، بل ومستحسناً، دراسة تغيير عميق في الواقع في غزة في المستقبل البعيد، وهي خطوة تتطلب ثلاثة شروط أساسية غير موجودة في الوقت الحاضر: خطة مفصلة وواقعية، وإجماع داخلي، ودعم خارجي".