عذابات الروهينغا.. وجود غير قانوني وموت خارج الذاكرة
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
بورما- في ربيع 2025، وقف يومو رحمن على بوابة إحدى المدن الألمانية، لاجئا يحمل أكثر من حقيبة على كتفيه، ليس بها فقط ملابس الطريق، بل سنوات طويلة من الخوف والمطاردة والنكران، ولم يكن يهرب من قريته المحترقة فحسب، بل من حياة كاملة لم يُسمح له أن يكون جزءا منها.
ولد رحمن في ولاية أراكان غرب ميانمار (بورما) لعائلة روهينغية مسلمة، وكان ذلك كافيا ليسلبه الجنسية والاعتراف بوجوده، وكأن النظام القانوني بني خصيصا ليقول له "أنت غير مرئي"، فحين حلم بدراسة الطب، سُدّت الأبواب في وجهه، وعندما قرر الفرار، اعتُقل وضُرب وابتُز، ودُفع به نحو حياة أخرى لا تشبه إلا المعاناة.
وتعد قصة يومو مرآة لمأساة شعب الروهينغا بأكمله، قُدِّر له أن يولد في حالة "وجود لا قانوني"، وأن يعيش بين جدران صامتة لا تعترف بآدميته.
وإن كانت معاناة شعب الروهينغا ممتدة لعقود، فإن عام 2017 شكَّل نقطة تحول دموية، حين شنَّ جيش ميانمار حملة عسكرية واسعة النطاق ضدهم، وصفتها واشنطن عام 2022 بالإبادة الجماعية، إذ بلغ النزوح الداخلي أعلى مستوياته على الإطلاق، مع تهجير أكثر من 3.3 ملايين شخص داخل البلاد، وفقا لأرقام أممية.
وفي 2024، شهدت ولاية أراكان (راخين) تصاعدا حادا في الصراع المسلح بين جيش ميانمار ومليشيا محلية تُعرف باسم "جيش أراكان"، مما أدى إلى تفاقم معاناة الروهينغا الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين فكي كماشة: يُقتلون داخل الوطن، ويُطردون خارجه.
إعلانومن بين آلاف القصص التي تشبه حكاية يومو، ترصد الجزيرة نت في هذا التقرير خيوط المأساة المتشابكة، بدءا من واقع اللاجئين الروهينغا في المنافي المكتظة، إلى حال من بقي منهم داخل ميانمار، وصولا إلى الجرح الأعمق وهو وضعهم القانوني، الذي تحول من أداة تهميش إلى سلاح إبادة بطيئة.
من التزوير للتهريبفي عام 2017، فرَّ أكثر من 700 ألف من الروهينغا من ميانمار إلى بنغلاديش، حسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، هربا من حملة قمع عسكرية وصفتها الولايات المتحدة بأنها إبادة جماعية.
وكان يومو واحدا من هؤلاء، إذ قرر مغادرة بلدته في ولاية أراكان بعد تصاعد الهجمات، بدعم من والده الذي وعده بتأمين تكاليف الرحلة والدراسة، لينطلق في سبتمبر/أيلول مع شبان قريته باتجاه بلدة مونغدو قرب الحدود البنغلاديشية، لكنهم اعتقلوا خلال رحلتهم على يد جيش ميانمار، كما يقول للجزيرة نت.
وبعد دفع الشاب نحو 400 دولار أميركي، أُفرج عنه، بينما ظل مصير رفاقه مجهولا، ومن ثم لجأ إلى منزل أحد أقاربه في مونغدو، وبعد أسبوع من محاولات الخروج، تضمنها تزوير شهادة ميلاده، نجح في الوصول إلى مدينة شيتا غوينغ في بنغلاديش.
وهناك، التحق بقسم علم النفس في إحدى الجامعات البنغلاديشية، وتعلّم اللغة البنغالية، ويقول يومو "رغم اندماجي النسبي، فإني بقيت أحمل داخلي شعور الهوية المكسورة"، وهو ما دفعه لتأمين مستقبله باستصدار جواز سفر بنغلاديشي، كلَّفه جهدا ووقتا و250 ألف تاكا بنغلاديشية (2066 دولارا تقريبا).
فتح جواز السفر ليومو بابا جديدا، فحصل على منحة دراسية في تركيا، وتعلم اللغة ثم التحق بالجامعة، وبدا وكأنه يعيش حلما، لكن وفي سنته الثالثة انتهت صلاحية الجواز، ولم يكن بمقدوره تجديد الإقامة لفقده أوراقا رسمية تثبت هويته العائلية، وبات في وضع غير قانوني، وصار يعيل نفسه بالعمل بالخفاء وبمساعدات من والده.
إعلانوفي مارس/آذار الماضي، قرَّر يومو الهجرة -عن طريق التهريب- إلى أوروبا، بعد أن جمع 8 آلاف يورو من مدخراته، لكن رحلته كانت محفوفة بالمخاطر، حيث اعتقلته الشرطة في أثناء محاولته العبور إلى بلغاريا، وضربته قبل إعادته قسرا.
لكنه لم يستسلم، فجرّب طريق البوسنة، ثم المجر، حيث تكرر الاعتقال والضرب، لكنه نجح في الوصول إلى ألمانيا بعد محاولات عديدة، لتبدأ رحلة جديدة أقل قسوة، لكنها ما زالت بلا وضوح.
استقبلت بنغلاديش أكثر من مليون لاجئ روهينغي منذ 2017، ويعيش معظمهم في ظروف صعبة في مخيمات شديدة الاكتظاظ، في كوكس بازار وجزيرة باسان تشار.
ورغم أن الحكومة التزمت لسنوات بمبدأ "عدم الإعادة القسرية"، باعتباره حجر أساس في القانون الدولي، فإن هذه السياسة تغيرت مطلع عام 2025، ففي الخامس من يناير/كانون الثاني الماضي، اعتقل حرس الحدود البنغلاديشي 36 لاجئا في أثناء محاولتهم عبور الحدود وأعادوهم قسرا إلى ميانمار.
وتكررت حوادث مماثلة لاحقا، كان أبرزها احتجاز 58 لاجئا في 11 من الشهر ذاته، وفقا لصحيفة غارديان البريطانية، وحسب الصحيفة ذاتها، فقد صدرت تعليمات بمنع الدخول "غير القانوني" حتى لأسباب إنسانية، ورافق ذلك تضييق داخلي، تمثل في تقييد حركة اللاجئين، وتدمير مصادر دخلهم، وإغلاق المدارس غير الرسمية، مما أشاع شعورا بأنه لم يعد مرحبا بهم.
ولم تقتصر السياسات الصارمة على بنغلاديش، حيث وثقت "هيومن رايتس ووتش" حالات إعادة قسرية في الهند وتايلند أيضا، وفي مايو/أيار الحالي دان المقرر الأممي الخاص بميانمار توم أندروز الحكومة الهندية بعد أن أجبرت عشرات اللاجئين الروهينغا على النزول من سفينة تابعة للبحرية، وتركتهم في قارب صغير بالمياه الدولية، واصفا الحادثة بأنها "غير قانونية وغير أخلاقية"، واعتبرها امتدادا للفظائع المرتكبة بحق الروهينغا.
إعلان أحياء على الهامشبالقرب من مدينة بوثيدونغ في ولاية راخين، يعيش محمد سيان مع عائلته في مخيم داخلي للنازحين، حيث تستمر الحياة في إطار معاناة يومية لا تنتهي، إذ تفتقر هذه المخيمات إلى أبسط مقومات العيش، فلا كهرباء، ولا مياه نظيفة، ولا رعاية صحية أو تعليم. وبسبب غياب الوثائق الرسمية، يُمنع السكان من التنقل حتى داخل قراهم، ويواجهون خطر الاعتقال إذا خرجوا دون تصاريح.
يقول سيان في حديثه للجزيرة نت: "إذا تم القبض علينا ونحن نتنقل دون إذن، نعتقل فورًا، أما العمل الرسمي فمستحيل تقريبا بسبب عدم امتلاكنا وثائق قانونية، وهو ما يدفع كثيرين إلى القبول بوظائف مؤقتة بأجور زهيدة، أو الوقوع في فخ العمل القسري، كما أن الوصول للسلع الأساسية صعب، والأسعار باهظة، بالإضافة إلى أن المساعدات الإنسانية ممنوعة، فنضطر أحيانا للاعتماد على النباتات البرية للبقاء".
ويتابع "لكن كل ذلك يهون أمام مأساة الولادة والوفاة، فعند ولادة طفل، يصبح تسجيله رسميا شبه مستحيل، فالسلطات ترفض إصدار شهادات ميلاد، مما يدفع بعض العائلات لدفع رشاوى مقابل وثائق مزورة لا يعترف بها، بينما يعتمد آخرون على تسجيلات مجتمعية لا قيمة قانونية لها".
أما الموت، فليس أقل قسوة، كما يصف سيان، إذ "لا تصدر السلطات شهادات وفاة، وكل شيء يتم بطرق غير رسمية، والأسوأ أن جيش أراكان استولى مؤخرا على عدد من مقابرنا، مما يدفعنا للبحث عن أماكن بديلة لدفن أحبائنا، أو دفع المال للحصول على إذن مؤقت، وكأن الموت نفسه يحتاج إلى تصريح".
وفي ظل النزاع المستمر بين جيش ميانمار والجماعات المسلحة مثل "جيش أراكان"، لا وجود لسلطة ضامنة، ويجد المدنيون الروهينغا أنفسهم محاصرين، يقول سيان "غالبا ما يستخدمنا جيش أراكان دروعا بشرية، ويجبر الشباب على القتال في صفوفه، في حين يحاصرنا الجيش النظامي بالقيود والاعتقالات والحرمان من أبسط الحقوق".
إعلانويختم بقوله "الخوف لا يفارقنا، لا نعرف متى تبدأ الاشتباكات، أو من سيقتحم منازلنا في الليل، الجيش أم الجماعات المسلحة".
لكن حتى من قرروا الهرب من الجحيم، لم ينجوا من المصير القاسي، فقد أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن ما لا يقل عن 569 شخصا من مسلمي الروهينغا لقوا حتفهم أو فُقدوا في أثناء محاولتهم الفرار بحرا من ميانمار أو بنغلاديش خلال عام 2023، وهو أعلى عدد مسجّل منذ عام 2014، إذ بلغ حينها 730 شخصا، وفق بيان رسمي.
وأضافت المفوضية أن تلك الحالات وقعت خلال محاولات عبور نحو 4500 شخص لبحر أندامان وخليج البنغال، في ظروف بالغة الخطورة، غالبا ما يواجه فيها اللاجئون الموت جوعا، أو غرقا، أو يقعون ضحايا مهربي البشر.
لم تكن مأساة الروهينغا وليدة الحروب وحدها، بل إن جذورها تمتد إلى البنية القانونية نفسها، ففي ميانمار، لم يكن القانون أداة لحماية الحقوق، بل تحوّل إلى وسيلة ممنهجة لنزع الاعتراف وفرض العزلة والإقصاء عبر سلسلة من القوانين، على رأسها قانون الجنسية لعام 1982، الذي جرّد الروهينغا من الانتماء الوطني ووُضعهم خارج منظومة الحقوق المدنية والسياسية.
وبما أن دستور ميانمار لا يعترف بهم بوصفهم جماعة من السكان الأصليين، فهم محرومون من الجنسية، ونتيجة لذلك، يُمنعون من امتلاك العقارات، ومن الالتحاق بالمدارس الثانوية، والمشاركة في الحياة السياسية والعسكرية.
بدورها، أشارت مفوضية اللاجئين إلى أن التشريعات القانونية تعد من الأسباب الجذرية التي تقف وراء اضطهاد الأقليات، إضافة إلى انعدام الإشراف المدني على الجيش، والخلل في النظام الديمقراطي، والإفلات من العقاب، وضعف حكم القانون.
وقد أدّت هذه العوامل مجتمعة إلى تعميق انتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار، مع تحمّل النساء والفتيات العبء الأكبر بسبب العنف القائم على أساس النوع والعنف الجنسي.
إعلانوفي هذا السياق، تحججت الحكومة المؤقتة في بنغلاديش بهذه القوانين لتبرير رفضها استقبال اللاجئين الروهينغا، مؤكدة أنهم من سكان ميانمار ولا يجوز لهم عبور الحدود من دون وثائق رسمية.
ويشرح الخبير في الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، كمال المشرقي، أن تشريعات ميانمار وضعت تصنيفا تمييزيا صارما للجنسية، لا يعترف إلا بمن ينتمي إلى واحدة من "135 قومية معترف بها"، وهو ما يُقصي الروهينغا.
ويضيف -للجزيرة نت- أن "القانون يشترط إثبات الإقامة في البلاد قبل عام 1823، وهو شرط تعجيزي وغير عملي"، ويرى أن هذه الممارسات تنتهك القانون الدولي، بما في ذلك المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية، واتفاقية 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية، حيث يُحظر حرمان الأفراد من الجنسية تعسفيا.
لكن الأخطر -حسب المشرقي- أن وضع الروهينغا لا يندرج فقط تحت مفهوم "عديمي الجنسية"، بل يتعداه إلى ما يُعرف بـ"اللاوجود القانوني"، وهو غياب تام لأي اعتراف قانوني بوجودهم، وحرمان شامل من الوثائق والحماية والحقوق الأساسية.
وهذا على خلاف عديمي الجنسية، الذين رغم عدم تمتعهم بالجنسية قد يحصلون على بعض الحقوق كالخدمات التعليمية والصحية. أما الروهينغا فيواجهون محوا قانونيا لكيانهم الإنساني، وحرمانا من أي إمكان قانوني للتوثيق أو الحماية أو اللجوء.
يقول المشرقي إن السياسة المتبعة في ميانمار ضد الروهينغا يمكن أن تُصنّف قانونيا جريمة تطهير عرقي، نظرا لما تتضمنه من طرد قسري وتمييز منهجي وعنف موجّه ضد جماعة بعينها بهدف محو هويتها الجماعية.
كما يشير إلى أن الوقائع قد تندرج أيضا ضمن تعريف الفصل العنصري بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1973، في حال ثبت وجود نية مبيتة لإبقاء الروهينغا تحت سيطرة قانونية غير عادلة وحرمانهم من حقوقهم.
إعلان صراع الدين والهويةرغم أن أزمة الروهينغا تُقدَّم غالبا بوصفها "وجودا غير قانوني"، فإن جذورها أعمق وأكثر تعقيدا، إذ تتداخل الأبعاد القانونية مع خلفيات دينية وثقافية تمتد عبر قرون.
فوجود المسلمين الروهينغا في ولاية أراكان ليس طارئا ولا مستحدثا، بل تؤكد المصادر التاريخية أن الإسلام وصل إلى سواحل أراكان منذ القرن السابع الميلادي عبر التجار العرب، مما أدى إلى تشكُّل مجتمع مسلم مستقر يمتلك ثقافته المحلية وهويته الدينية المتميزة.
ورغم هذا الامتداد التاريخي، فإن الروهينغا يتعرضون لمحاولات ممنهجة لطمس وجودهم، من خلال استهداف هويتهم الدينية تحديدا، إذ يُنظر إليهم في الخطاب الرسمي والمجتمعي بوصفهم "أقلية مسلمة دخيلة" على النسيج القومي ذي الأغلبية البوذية، وهو ما أضفى على الاضطهاد طابعا دينيا عميقا، يتجاوز حدود النزاع العرقي والسياسي، حسب ما ورد في مجلة الدراسات العربية.
في هذا السياق، يقول سليم نور الأركاني، المدير التنفيذي لجمعية أراكان الإنسانية، إن المجتمع الروهينغي داخل ميانمار بات يعتمد على وسائل بدائية -ولكن فعالة- للحفاظ على هويته، حيث تُعلّم الأسر أبناءها اللغة الروهينغية شفهيًا داخل المنازل، وتُقام الحلقات الدينية لتحفيظ القرآن والحديث، وتُنقل الأغاني الشعبية والأمثال والعادات الاجتماعية في نطاق عائلي أو مجتمعي ضيق، غالبا ما يُمارَس في الخفاء تجنبا لبطش السلطات.
ويضيف الأركاني أن التحدي الحقيقي اليوم لا يقتصر على الداخل فقط، بل يمتد أيضا إلى الشتات، ففي مخيمات اللاجئين ببنغلاديش، وبين مجتمعات الروهينغا في السعودية وماليزيا وأوروبا، بدأت معالم الثقافة الروهينغية تتلاشى تدريجيا، لا سيما في صفوف الجيل الجديد، فالأطفال الذين نشؤوا في هذه البيئات يتحدثون غالبا بلغة البلد المضيف، ويتلقون تعليمهم وفق مناهج أجنبية، ويعيشون في مجتمعات لا تعرف شيئا عن تاريخ الروهينغا أو نضالهم.
إعلانويشير إلى أن العائلات في ماليزيا مثلا باتت تستخدم اللغة الماليزية أو الإنجليزية في الحياة اليومية، في حين تراجعت الروهينغية إلى مجرد "لغة الأجداد"، أما في السعودية، وبرغم وجود جالية روهينغية كبيرة، فإن كثيرا من الأبناء باتوا يتحدثون العربية بطلاقة، لكنهم يجهلون كثيرا من تراثهم الشفهي والديني.
ويحذر الأركاني -في حديثه مع الجزيرة نت- من أن هذا الانصهار الثقافي، رغم ما يوفره من فرص تعليم وانفتاح، يُنذر بخطر حقيقي، يتمثل في ضياع الذاكرة الجماعية، مما قد يؤدي إلى تهميش الرواية الذاتية للشعب الروهينغي، ويحولها إلى مجرد صفحة منسية في تقارير المنظمات.
أما في داخل ميانمار، فيؤكد أن التعليم كان ولا يزال جبهة مركزية في معركة الهوية، فمعظم أبناء الأجيال السابقة لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس الحكومية، بسبب غياب الوثائق الرسمية، وفي حالات نادرة، كانت بعض المدارس تقبل تسجيل أطفال الروهينغا بشرط التخلي عن أسمائهم الإسلامية، وتعلم اللغة البوذية، والمشاركة في الطقوس الدينية ضمن الأنشطة اللاصفية.
ويختتم الأركاني بأن هذا الإقصاء الممنهج دفع الأسر إلى تأسيس نظام بديل يُعرف بـ"الكتاتيب"، وهو تعليم ديني تقليدي يتعلم فيه الأطفال الحروف العربية، والقرآن، وبعض العلوم الإسلامية، مما جعله خط الدفاع الأخير في معركة الحفاظ على الدين والهوية.
وما يريده الروهينغا -بحسب من قابلتهم الجزيرة نت- ليس أكثر من حقهم في العودة إلى ديارهم بسلام وكرامة، عودة لا تُنقص من إنسانيتهم، ولا تحرمهم من حقوقهم القانونية والثقافية والدينية.
وتبدأ مطالبهم من استعادة جنسيتهم الكاملة، وإلغاء قوانين التمييز، ومحاكمة المسؤولين عن ظلمهم، إذ إنهم يطلبون فرصة للحياة بوصفهم أشخاصا متساوين، لا مواطنين من الدرجة الثانية أو لاجئين في وطنهم، مؤكدين أن هذه ليست مجرد مطالب سياسية، بل هي حق أساسي لكل إنسان، وأمل يرفضون التخلي عنه رغم كل الألم والمعاناة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اللاجئین الروهینغا ولایة أراکان الروهینغا فی جیش میانمار غیر قانونی جیش أراکان فی ولایة أکثر من وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية: حماية الأطفال من الاستغلال واجب قانوني وأخلاقي
قالت الوزيرة المفوض لبنى عزام، مدير إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية، إن الاتفاقيات العربية والدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقيات العمل العربية والدولية، أكدت جميعها أن حماية الطفل من الاستغلال والحرمان والتمييز ليست التزامًا أدبيًا فحسب، بل واجب قانوني وأخلاقي على جميع الدول.
جاء ذلك خلال كلمة للوزير المفوض ضمن فعاليات مؤتمر "عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية في الدول العربية"، الذي ينظمه كل من المجلس العربي للطفولة والتنمية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة العمل العربية، وبرنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”.
ويعقد المؤتمر في القاهرة بمشاركة فايز علي المطيري، المدير العام لمنظمة العمل العربية، والوزيرة لبنى عزام، مدير إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية، والوزيرة حنين السيد، وزيرة الشئون الاجتماعية بالجمهورية اللبنانية، والوزيرة وفاء أبو بكر الكيلاني، وزيرة الشئون الاجتماعية بدولة ليبيا.
يحضر أيضا ممثلون عن منظمات أصحاب الأعمال والاتحادات العمالية، وعدد بارز من المنظمات العربية والإقليمية والدولية، وشخصيات وخبراء في مجال حماية الأطفال، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني.
وأضافت الوزيرة أن خطة التنمية المستدامة 2030 وضعت أمام الأسرة الدولية هدفًا واضحًا وحاسمًا، وهو القضاء على عمل الأطفال بجميع أشكاله.
وأوضحت “عزام” أنه ورغم التقدم المحرز، فإن الوصول إلى هذا الهدف لم يتحقق بعد، حيث يعمل 138 مليون طفل حول العالم للانتقال من التعهد إلى التنفيذ، ومن الجهود المتفرقة إلى العمل المشترك.
وأكدت أن هذا الواقع يبرز الحاجة الضرورية إلى إعادة النظر في سياسات ونُظُم الحماية الاجتماعية للأطفال بشكل عام، والأطفال في ظروف صعبة بشكل خاص، بمن فيهم الأطفال العاملون؛ وهي رؤية من شأنها تسليط الضوء على أهمية وضع وتطوير وتفعيل أنظمة وسياسات حماية اجتماعية للأطفال العاملين، ارتكازًا على النهج الحقوقي والتنمية المستدامة، بما يحقق المصلحة الفضلى لهم، ويعزز من تنشئتهم وتمكينهم للاندماج في المجتمع.
وقالت الوزيرة المفوض إن مواجهة عمل الأطفال لا تتم فقط عبر القوانين، بل من خلال منظومة متكاملة تتشابك فيها سياسات التعليم الجيد والشامل، ونظم الحماية الاجتماعية، والاستثمارات الاجتماعية الموجهة للأسر الفقيرة والمهمشة، ودور المجتمع المدني والإعلام والشركاء الاجتماعيين، إلى جانب أنظمة فعالة للرصد والإحصاء والمتابعة.
وأضافت أن الأزمات والنزاعات والكوارث المناخية أصبحت من أخطر العوامل التي تزيد عمالة الأطفال، وتدفع الأسر نحو خيارات قسرية لا تليق بكرامة الإنسان، مؤكدة أن سياسات الحماية الاجتماعية هي المظلة الكبرى لحماية الأطفال وأحد أهم مكونات منظومة حقوق الطفل التي حددها المجتمع الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة.
واختتمت لبنى عزام كلمتها بالتأكيد أن المؤتمر يتطلع إلى صياغة موقف عربي موحد يعزز الإرادة السياسية، ويقود إلى بناء نظم حماية اجتماعية شاملة لا تترك أحدًا خلف الركب، ودعم سياسات تعليمية تعزز الوصول إلى الفئات الهشة، خاصة في المناطق الريفية، ووضع خطط عملية لدمج الأطفال المتضررين من الأزمات والنزوح، فضلًا عن آليات متابعة وتقارير دورية لتعزيز المساءلة والشفافية، تمهيدًا للمشاركة العربية في المؤتمر العالمي السادس للقضاء على عمل الأطفال بالمملكة المغربية عام 2026.