الأكاديمية السلطانية للإدارة تطلق "جائزة الجاهزية للمستقبل"
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
مسقط- الرؤية
أعلنت الأكاديمية السلطانية للإدارة، بالشراكة مع مؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50) العالمية الرائدة في مجال الفكر الإداري، عن إطلاق "جائزة الجاهزية للمستقبل"، والتي تهدف إلى تكريم الأبحاث والأفكار المبتكرة والمؤثرة التي تقدم رؤى قيّمة للمساهمة في مواكبة التغيرات المستقبلية على مختلف الأصعدة.
ويأتي تدشين هذه الجائزة انطلاقًا من رؤية الأكاديمية لأهمية الجاهزية للمستقبل، والتي تعني قدرة الأفراد والمؤسسات والدول على استشراف المتغيرات القادمة والتكيف الفعال معها، إضافة إلى تحقيق الازدهار والنمو في خضم التغيرات المتسارعة والتحولات التكنولوجية والاجتماعية المتتالية، وتشمل هذه الجاهزية جوانب عدة أبرزها، تعزيز ثقافة الابتكار والإبداع، وتنمية مهارات التفكير الاستشرافي القادرة على استشراف المستقبل، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة التكيف والمرونة لضمان تحقيق النجاح المستدام.
وقال سعادة الدكتور علي بن قاسم اللواتي رئيس الأكاديمية السلطانية للإدارة: "لا يقتصر إعداد قيادات المستقبل على التكيف مع المتغيرات فقط؛ بل يمتد ليشمل القدرة على استباقها وتوجيه مسارها والقيادة بفاعلية خلالها، مؤكدًا سعادته على أن الأكاديمية السلطانية للإدارة- ضمن خططها الاستراتيجية- تولي اهتمامًا خاصًا بتنمية هذا النمط القيادي من خلال إثراء النقاشات والحوارات الممنهجة، واستشراف التوجهات العالمية، إلى جانب تحويل الأفكار المستنيرة إلى حلول تطبيقية لها تأثير بارز". وأضاف أن هذه الجائزة تؤكد القناعة المشتركة مع مؤسسة المفكرون الخمسون بأن الأفكار الطموحة، حين ترتكز على الواقع العملي، قادرة على صياغة مفاهيم جديدة لكيفية استعداد وقيادة المؤسسات للمستقبل.
ومن جانبه، أكد ديس ديرلوف المؤسس الشريك لمؤسسة "المفكرون الخمسون"، ضرورة أن يقوم القادة من كافة المستويات بتبني نهج استراتيجي يُركز على بناء المرونة التنظيمية لمواجهة التحولات المتسارعة وغير المتوقعة بفعالية، إلى جانب قدرتهم على استشراف المستقبل والابتكار الاستباقي من خلال القدرة على توقع التغيرات القادمة وتطوير حلول مبتكرة، مما يضمن استمرارية النمو والنجاح للمؤسسات.
وتخضع المشارَكات المتقدِمة للجائزة للتقييم وفقًا لمعايير محددة تتمثل في، "الجودة العلمية" وذلك من خلال التأكد من استناد الأفكار إلى أبحاث موثوقة وأمثلة حقيقية وواقعية، إلى جانب مصادر معترف بها مع قاعدة علمية متينة، ومعيار "التأثير العلمي" والذي سيُقيم من خلال قياس نطاق التأثير، وهل تتضمن هذه الأفكار أو الأبحاث رؤى قابلة للتطبيق على نطاق واسع في مختلف القطاعات والمناطق، إضافة إلى ذلك معيار "الملاءمة المستقبلية" والذي يركز على قدرة الأبحاث المُقدَمة على تقديم الحلول ومعالجة التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه المؤسسات خلال العام الحالي وما بعده، ويأتي المعيار الرابع ليسلط الضوء على "القدرة على التأثير" ومدى هذه الأفكار المُقدَمة على إحداث تغيير حقيقي في الواقع العلمي ومدى تأثيرها في اتخاذ القرارات داخل المؤسسات. وأخيرًا حددت الجائزة معيار "الاستجابة للتحديات" من خلال تفاعل الأبحاث مع التوجهات والتحديات الحالية بطريقة مبتكرة، مما يسهم في تطوير المعرفة وتوسيع آفاق الفهم في هذا المجال.
وتم تشكيل لجنة تحكيم تضم عددًا من الخبراء والأكاديميين البارزين في مجالات الجاهزية للمستقبل، حيث تم اختيارهم بناءً على المكانة العالمية والتنوع الجغرافي من القطاعين العام والخاص لتقييم المشاركات المترشحة على الجائزة، وذلك بالتعاون مع الأكاديمية السلطانية للإدارة ومؤسسة المفكرون الخمسون.
وتعد مؤسسة المفكرون الخمسون (Thinkers50)-التي بدأت منذ عام 2001- من المؤسسات العالمية الرائدة في تصنيف ومشاركة البحوث والاسهامات الفكرية، والتي تمتلك شبكة واسعة من المفكرين والخبراء الدوليين المختصين من مختلف المجالات والقطاعات، وتُلقَّب بـ"أوسكار الأفكار الإدارية"، كما صنفتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا توسّع الجزائر مساهمتها في المؤسسات المالية الدولية؟
رسّخت الجزائر في السنوات الأخيرة توجهًا ماليا مغايرًا ضمن محيطها الإقليمي والدولي من خلال توسيع مساهماتها داخل أبرز البنوك التنموية، من دون أن تلجأ إلى الاستدانة منها.
فقد عزّزت حضورها في بنك التنمية الأفريقي عبر مساهمات إضافية، ووقّعت اتفاقيات تعاون واسعة مع البنك الإسلامي للتنمية تمتد بين عامي 2025 و2027. تجلّى آخر هذه الخطوات في إعلان رئيسة بنك التنمية الجديد ديلما روسيف، الخميس الماضي، انضمام الجزائر رسميًا إلى بنك مجموعة "بريكس" بالتزام مالي يُقدّر بـ1.5 مليار دولار. كما وافقت الجزائر خلال عام 2024 على زيادة اكتتابها في بنك التنمية الأفريقي بأكثر من 36 ألف سهم لتُصنّف ضمن أبرز المساهمين الإقليميين غير المدينين. وفي فبراير/شباط 2025، رفعت الجزائر حصتها في رأسمال البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير "أفريكسيم بنك" من خلال الاكتتاب في 2285 سهمًا إضافيا.وخلال اختتام أشغال الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية المتعددة الأطراف في الجزائر العاصمة، كشف رئيس الهيئة المالية محمد سليمان الجاسر أن إطار التعاون الموقع بين البنك والجزائر يتضمن خدمات تمويلية وتأمينية لصالح الأخيرة بقيمة تصل 3 مليارات دولار خلال الفترة بين 2025 و2027، نافيًا أن يكون ذلك بمثابة قرض أو استدانة خارجية.
إعلانورغم هذه الشراكات الواسعة، فإن الجزائر لا تلجأ إلى الاستدانة، لا من هذه المؤسسات ولا من غيرها، وهو ما بات بمثابة عقيدة راسخة في سياستها الاقتصادية. فمنذ توليه منصب رئيس الجمهورية في ديسمبر/كانون الأول 2019، كرّر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفضه القاطع للاستدانة الخارجية، معتبرًا إياها تهديدًا لسيادة البلاد واستقلال قرارها الوطني.
وقد أعلن الرئيس تبون في 11 يوليو/تموز 2023 أن بلاده "لا مديونية لها"، مؤكدا أنها "حرة في قراراتها السياسية والاقتصادية".
يرى البروفيسور فارس هباش، أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف، أن توسّع الجزائر في المساهمة بالبنوك التنموية الكبرى لا يُعد مجرد خيار اقتصادي، بل يمثل إستراتيجية سيادية شاملة. فالجزائر لم تعد تكتفي بدور المتلقي، بل تسعى إلى ترسيخ موقعها بوصفها مساهما فعّالا يمتلك صوتًا في توجيه التمويل وصنع القرار.
وأشار هباش إلى أن انخراط الجزائر في هذه المؤسسات يمكّنها من التأثير على أولويات المشاريع وسياسات التمويل، بما يتماشى مع مصالحها الوطنية.
وأضاف أن هذا التموضع يفتح أمام الجزائر آفاقًا لتعزيز شراكات إستراتيجية مع دول الجنوب، والترويج لمشاريع تنموية كبرى في مجالات المياه والطاقة والنقل، مما ينعكس إيجابًا على الاستقرار والتنمية الإقليمية، ويمهّد لدور جزائري أكثر حضورًا وتأثيرًا في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
وفي تقدير فارس هباش، فإن الجزائر تراهن على هذه المنصات البنكية لتكريس موقعها كقوة فاعلة في الجنوب العالمي. فمن خلال مشاركتها في الحوارات التنموية تسعى إلى توجيه التمويل نحو مناطق تتقاطع معها مصالحها السياسية والاقتصادية، والدفع نحو تشكيل نظام مالي عالمي أكثر توازنًا وعدالة.
وأوضح أن الجزائر ستحقق من هذه المساهمات عوائد مالية واستثمارية من خلال المساهمة في مشاريع تنموية واقتصادية مربحة.
إعلانكما توقّع أن تواصل الجزائر تعزيز استثماراتها في هذه المؤسسات لمواكبة تطورات الاقتصاد العالمي، والتركيز على تمويل مشاريع مستدامة تندرج ضمن أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
استقلال تمويليوأكد الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي أن عضوية الجزائر في البنوك التنموية الدولية تمثل "أداة من أدوات الدبلوماسية الاقتصادية"، ولا تعني بالضرورة رغبتها في الاقتراض، بل تُعد خطوة لتوسيع خياراتها الإستراتيجية مع الحفاظ على سيادتها المالية.
وشدّد الحيدوسي، في حديثه للجزيرة نت، على أن عزوف الجزائر عن الاقتراض من هذه المؤسسات يعود إلى توفر بدائل تمويلية تجعلها في موقف مريح، وعلى رأسها احتياطات النقد الأجنبي التي تتجاوز 70 مليار دولار، إلى جانب احتياطات الذهب التي تتخطى 80 مليار دولار، وهي كافية لتغطية سنوات من الاقتراض، بالإضافة إلى تحقيق الجزائر معدلات نمو مهمة في السنوات الأخيرة من أموالها الخاصة.
وقال إن "الجزائر تتعامل مع الاستدانة كخطر حقيقي على قرارها السيادي"، مستشهدًا بتجربة البلاد خلال تسعينيات القرن الماضي.
واعتبر أن "الاستقلال المالي ليس شعارًا سياسيا بل خيارا إستراتيجيا نابعا من دروس الماضي، ويستند إلى رؤية تنموية قائمة على تعبئة الإمكانات الوطنية وتجنّب أي تبعية خارجية".
وأضاف الحيدوسي أن الحكومة الجزائرية تركز على التمويل الداخلي وتسعى إلى تعبئة الموارد المحلية من خلال برامج تنموية، حيث تعمل على التوفيق بين متطلبات التمويل ورفض التبعية المالية بالاعتماد على مواردها الذاتية، لا سيما العائدات المحققة من الصادرات، سواء من قطاع المحروقات أو من قطاعات أخرى كالفلاحة والتعدين والطاقة المتجددة.
إعلان آفاق مستقبليةويرى مدير مؤسسة الدراسات الاقتصادية وتطوير المؤسسات حمزة بوغادي أن الجزائر اليوم تتموضع في موقع قوة نظرًا لما تمتلكه من أرصدة مالية خاصة واحتياطات صرف وقدرات مالية وتشغيلية سنوية مستقرة، إلى جانب مداخيل منتظمة تُعزّز الأرباح السنوية للدولة. كما تتمتع الجزائر بشراكات وعقود طويلة الأمد، وهي كلها عناصر تُعزّز الثقة في قدراتها عند التوجه نحو أي طلب تمويل إن أرادت ذلك.
وأوضح بوغادي، في حديثه للجزيرة نت، أن تمويلات هذه البنوك تُخصص لمشاريع ذات جدوى اقتصادية عالية، كونها تُبنى على شراكات تجارية مدروسة وليست مجرد قروض تقليدية.
وأشار إلى أن هذه المساهمات تُترجم توجّهًا إستراتيجيا نحو تنويع المحفظة المالية والاستثمار خارج الحدود، وهي سياسة تعتمدها العديد من الدول ضمن ما يُعرف بالاستثمار المالي العصري أو "التمويل العصري".
وأضاف بوغادي أن هذه الخطوة تتيح للجزائر توفير وسائل تمويل ذكية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمشاريع تنموية داخلية ذات فائدة كبرى من مثل المشروع الطموح في قطاع السكك الحديدية، والذي من شأنه أن يحوّل الجزائر إلى قطب عالمي في تصدير الحديد والفولاذ ومشتقاته.
وأكد أن بإمكان الجزائر اللجوء إلى التمويل من هذه البنوك متى أرادت كونها شريكة ومساهمة فيها، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي لهذه المؤسسات هو تمويل مشاريع الدول الأعضاء بطريقة مختلفة تمامًا عن التمويلات التقليدية التي تفرض شروطًا قاسية وتسعى للتدخل في شؤون الدول.