الشاباك يهتز من الداخل.. روح معنوية متراجعة وقيادة مثيرة للجدل
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
القدس المحتلة – في وقت تشهد فيه إسرائيل واحدة من أكثر الفترات الأمنية والسياسية اضطرابا مع استمرار الحرب على غزة، يجد جهاز الأمن العام (الشاباك) نفسه في قلب أزمة غير مسبوقة تهدد صورته الداخلية واستقلاله المؤسسي.
فقد أزاح تحقيق صحفي حديث الستار عن سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي هزت الجهاز، بدءًا من تسريبات داخلية صادمة وتسجيلات مثيرة للجدل، وصولا إلى تعيين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- اللواء ديفيد زيني، القادم من خارج المنظومة، رئيسا للجهاز خلفا لرونين بار، في خطوة أثارت قلقا واسعًا داخل صفوفه.
وفي ظل هذا القلق، كشفت شهادات غير معتادة من عناصر فاعلة في الجهاز عن تدهور في الروح المعنوية، وشعور متنامٍ بالقلق إزاء محاولات "تسييس" الجهاز من قبل القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو.
أبعاد الأزمةواستعرضت تحليلات وقراءات إسرائيلية أبعاد الأزمة التي تعصف بالشاباك، والتحديات التي تواجهه بين مسؤولياته الأمنية الثقيلة والضغوط السياسية المتزايدة، في وقت دقيق يفرض على المؤسسة الأمنية الحفاظ على تماسكها المهني وحيادها الكامل.
وفي تحقيق موسع نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف النقاب عن عمق الأزمة التي تعصف بالشاباك وسط اتهامات بتدخلات سياسية ومحاولات لإحكام السيطرة عليه من نتنياهو.
إعلانواستند التحقيق إلى شهادات نادرة من أعضاء في الشاباك الذين عادة ما يتجنبون الظهور الإعلامي، لكنهم خرجوا عن صمتهم في ظل ما وصفوها بـ"سلسلة من العواصف الإعلامية" التي هزَّت استقرار الجهاز، واعترافهم بأنه "تلقى ضربة مؤلمة".
ومن التحديات التي يواجهها الجهاز الكشف عن تسريبات مسجلة لرئيس القسم اليهودي يسمع فيها وهو يدعو لاعتقال مشتبه فيهم يهود بتهمة الإرهاب دون أدلة، وكان قد أعلن في فبراير/شباط الماضي تعليق عمله إلى حين انتهاء التحقيق المفتوح في قضيته، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
وتصاعدت الأزمة حين قررت الحكومة الإسرائيلية في مارس/آذار الماضي إقالة رئيس الشاباك رونين بار، وهو الملف الذي وصل إلى أروقة المحكمة العليا الإسرائيلية، التي طعنت بالقرار وأوصت بمواصلة مهامه لحين انتهاء ولايته.
وفي المقابل، قدم بار للمحكمة تصريحا مشفوعا بالقسم وأعلن في أبريل/نيسان الماضي قراره إنهاء مهامه رسميا يوم 15 يونيو/حزيران الجاري.
وكانت وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة في وزارة القضاء قد فتحت تحقيقا في أبريل/نيسان الماضي مع عنصر احتياطي في جهاز الشاباك كان قد اعتقل للاشتباه في تسريبه معلومات داخلية وسرية لوزير الشتات عميحاي شيكلي من حزب الليكود ولمجموعة من الصحفيين، حسب ما كشفه الموقع الإلكتروني "واي نت".
ووفق التحقيقات، ارتبط اعتقاله بعد نشر الصحفي عميت سيغال من القناة 12 الإسرائيلية يوم 23 مارس/آذار الماضي وثائق داخلية تكشف تحقيق الشاباك في الاشتباه بتسلل أفراد من التنظيمات "الكاهانية" المرتبطة بالحاخام مائير كهانا في أجهزة إنفاذ القانون ومؤسسات الدولة والشرطة الإسرائيلية.
تعيين غير قانوني
وتصاعدت الأزمة الداخلية في جهاز الشاباك خلال مايو/أيار الماضي عندما أعلن نتنياهو تعيين زيني رئيسا للجهاز، حيث من المتوقع أن يستلم مهامه منتصف يونيو/حزيران الحالي.
إعلانوجاء هذا التعيين دون تنسيق مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، التي عارضت إقالة بار، وأكدت أن تعيين زيني غير قانوني، مشيرة إلى وجود تضارب مصالح وإجراءات معيبة في عملية اتخاذ القرار.
وأقرت المحكمة العليا بعدم قانونية قرار إقالة رئيس الشاباك، إذ شددت المستشارة القضائية على أنه يتوجب على نتنياهو الامتناع عن أي إجراء يتعلق بتعيين رئيس جديد للجهاز حتى بلورة تعليمات قانونية تضمن نزاهة الإجراءات.
ولكن الحكومة عادت وألغت قرار إقالة بار عقب إعلانه الاستقالة منتصف الشهر الجاري، في حين سارع نتنياهو للإعلان عن تعيين اللواء زيني رئيسا للشاباك.
وأثارت هذه الأزمات مجتمعة، وإن اختلفت طبيعتها، جدلا داخليا وخارجيا كبيرا، وفتحت باب النقاش داخل الجهاز بشأن المسار الذي يسير فيه حاليا مع تعيين زيني، مما أثار تحفظات داخلية واسعة.
وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في هذا التعيين خطوة تحمل تضاربا في المصالح لنتنياهو، خاصة أنه تم دون إشراك رئيس الأركان إيال زامير أو وزير الدفاع يسرائيل كاتس.
وحيال ذلك، يسود قلق عميق داخل الجهاز من أن يؤدي تعيين زيني إلى اضطرابات داخلية واحتكاكات في صفوف القيادة، وأن يؤثر على تماسك الجهاز واستقراره، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المعقدة التي تمر بها إسرائيل.
ويرى المحلل السياسي عكيفا إلدار أن تحقيقات بار في تسريبات طالت مكتب نتنياهو وضعته في مواجهة مباشرة مع رئيس الحكومة وحلفائه، خاصة الوزير إيتمار بن غفير، في صراع يتجاوز البعد الإداري ليعكس خلافا عميقا حول هوية الدولة وحدود صلاحيات الحكومة.
وأوضح للجزيرة نت أن محاولات إقالة رئيس الشاباك، مثل إقالة وزير الدفاع السابق يوآف غالانت المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، تعكس نمطًا متكررا لدى نتنياهو يتمثل في تقويض كل مركز قوة مؤسسي لا يخضع تماما لإرادته. غير أن حالة بار والمستشارة بهاراف ميارا تحمل بعدا أعمق كونها تمس بشكل مباشر الملفات القضائية التي يواجهها نتنياهو.
إعلانوأكد إلدار أن القلق المتنامي داخل المؤسستين الأمنية والقانونية نابع من ازدياد التدخل السياسي العلني في عمل الشاباك والنيابة العامة، حيث بات وزراء في الحكومة يتدخلون في مسائل مهنية حساسة، ويطالبون بإقالات واستدعاءات، مما يهدد بتسييس أجهزة الدولة وتحويلها إلى أدوات تابعة للسلطة التنفيذية.
وأشار إلى أن نتنياهو، إلى جانب وزرائه مثل ياريف ليفين وبتسلئيل سموتريتش، يشكلون جبهة تسعى إلى تغيير جذري في بنية النظام السياسي الإسرائيلي. ورغم اختلاف دوافعهم، فإنهم يتفقون على هدف تقويض استقلال القضاء والأمن ووسائل الإعلام لصالح سلطة تنفيذية مطلقة تمسك بمفاصل الدولة.
وكان الجنرال السابق وخبير الاستخبارات ومكافحة الإرهاب باراك بن تسور قد حذَّر من تعيين زيني رئيسا للشاباك في هذا التوقيت الحساس، واصفا الخطوة بأنها "خطر مهني جسيم".
وأكد في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الشاباك يحتاج قيادة خبيرة في مواجهة التهديدات الداخلية المتعددة، مثل التجسس الإيراني والتعاون الأمني الدولي المعقد.
وانتقد طريقة تعيين زيني التي تمت عبر محادثة داخلية دون إشراك المسؤولين العسكريين، واعتبر ذلك ضربة لثقة الجهاز وإدارته، محذرا من "صدمة تنظيمية" قد تؤثر سلبا على أداء الشاباك في وقت حساس.
وأكد أن الشاباك يمر بمرحلة دقيقة تعاني من أزمة ثقة داخلية وتدخل سياسي غير مسبوق، وأن مستقبل استقراره مرتبط بالقرارات السياسية القادمة التي ستحدد مسار هذا الجهاز الأمني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج إقالة رئیس الشاباک تعیین زینی
إقرأ أيضاً:
قاعة رقص في البيت الأبيض.. خطة ترامب المُثيرة للجدل تُشعل غضب الديمقراطيين |تفاصيل
أثارت خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإضافة قاعة رقص ضخمة بقيمة 200 مليون دولار إلى البيت الأبيض غضبَ الكثيرين، الذين يرون أنه يمضي قُدمًا في مشروعٍ كبير بلا طائل، وفقًا لما ذكرت صحف أمريكية.
ومن المقرَّر أن يبدأ بناء قاعة الرقص، التي يقول البيت الأبيض إن ترامب والمانحين الآخرين سيتكفَّلون بتغطية تكلفتها، في سبتمبر المقبل.
وفي حين يقول منتقدوه إن تغييراته غير متناسبة مع الواقع، يرد ترامب عليهم قائلًا إنها ضرورية.
وقال ترامب: "لطالما قلتُ إنني سأبني قاعة رقص، لأنها مستحقة".
ويُعد الهدف هو إكمال البناء قبل نهاية ولاية ترامب في يناير 2029.
وتتمثل رؤية ترامب في توفير مساحة يستطيع من خلالها هو والرؤساء المستقبليون استضافة حفلات عشاء رسمية، وتجمّعات كبيرة مع قادة الأعمال، وغيرها من المناسبات الفاخرة.
وأضاف: "لقد خططنا لهذا الأمر منذ زمن طويل. لقد أرادوا قاعة رقص في البيت الأبيض لأكثر من 150 عامًا. لم يسبق لرئيس أن كان بارعًا في تصميم قاعات الرقص... لكنني أنا بارعٌ".
وقد أبدى الديمقراطيون ومنتقدو ترامب رفضهم القاطع لخططه.
وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر (ديمقراطي عن ولاية نيويورك)، في مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض: "هذا هو جوهر وزارة كفاءة الحكومة؛ تقليص الموارد، ومنحها لا لمن يحتاجها، بل لكبار المسؤولين الذين يُديرون الأمور، وعلى رأسهم دونالد ترامب".
وأشار آخرون إلى أن ترامب وبيته الأبيض يزرعان الشوك.
وكان الرئيس، وهو قطب عقاري معروف بنهجه العملي في تصميم وبناء منتجعاته وملاعب الجولف والمباني الشاهقة، قد اشتكى منذ فترة طويلة من عدم وجود مساحة كافية للمناسبات في البيت الأبيض.
وقال ترامب في تصريحاته للصحافة حول المشروع: "عندما تمطر، تكون كارثة، والخيمة تبعد 100 ياردة، أي أكثر من ملعب كرة قدم عن المدخل الرئيسي".
وأضاف: "ويتدافع الناس إلى الخيمة؛ إنه مشهدٌ سيئ. النساء بفساتين السهرة الجميلة، وشعرهن المصفَّف، يصبحن في حالة يُرثى لها عند وصولهن".
وكان الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان قد أشرف على عملية تجديد ضخمة من عام 1948 إلى عام 1952، اضطر خلالها هو وزوجته إلى الانتقال إلى قصر آخر لحين انتهاء أعمال التجديد في البيت الأبيض.