اختتمت مساء الأحد 27 أوت 2023 فعاليات الدورة التأسيسيّة الأولى من مهرجان "نوّار الملح" التي  امتدت لأربعة أيام متتالية ببادرة من وزارة الشؤون الإجتماعيّة لمنظوريها ولأبناء الأحياء الشعبيّة ولكل الفئات والطبقات الإجتماعيّة، بإرادة حالمة لتقريب الفنون والثقافة وترسيخها كحقّ مواطنيّ يضاهي الحق في الحياة، وعازمة على تكريس عدالة إجتماعيّة دون تمييز.

بمسرحية "ملاّسين ستوري"، بطولة بلال البريكي عن نص كتبه نور الدين الهمامي وإخراج لريّان القروي وسينوغرافيا لنيازي مسعودي وموسيقى لحمزة بوشناق.

 وقد قدم بلال البريكي "ملاّسين ستوري وهي حكاية شابّ تونسي مسكون بموهبة التمثيل عقب أحداث الثورة التونسيّة سنة 2011 يستحوذ على فضاء دار الثقافة في حي الطيران بمنطقة الملاسين ويحوّلها من فضاء مهجور وحطام إلى فضاء يعجّ بالمواهب وبالطاقات المسرحيّة التي نجح في استقطاب احلامها ومساعدتها على تحقيقها الا أن الشاب الحالم  يفاجأ بمحاولة افتكاك السلطات لفضاء أحلامه ويقابلها رفض المجموعة المسرحيّة الناشئة، لمصلحة المنطقة وأبنائها المحرومين من الثقافة وعروضها منذ أمد طويل.

 

وسهرةالاختتام تراوحت بني عرض مسرحية "ملاسين ستوري " وتتويج ثلاثة فائزين بمسابقة المواهب في  عدّة مجالات فنية و إبداعيّة من أبناء مراكز الدفاع الاجتماعي، حيث حاز الرسام الشاب  أشرف النمري بجائزة التميّز في الفنون التشكيلية، وآلت الجائزة الثانية في فنّ الكتابة لأريج بن حسين من مركز الدفاع بسكرة من ولاية أريانة، عن محاولتها الروائية بعنوان "من الظلمات إلى النور"، فيما حقق مركز الدفاع  الإجتماعي بالفحص من ولاية زغوان الجائزة الثالثة، بعرض مسرحي بعنوان "محاولات في التمثيل".

 

وجاءت التتويجات حصيلة عمل  لجنة تحكيم المسابقات التي ترأسها  المسرحي سامي النصري وتكونت من كل من المسرحي  البحري الرحالي والفنانة نوال بن صالح ومحمد بوحوش وممثلة عن منظمة اليونيسيف الراعية للمهرجان، والتي اطلعت على خمسة عشر عرضا مسرحيّا و71 لوحة فنية و5 أفلام سينمائية قصيرة وطويلة و5 محاولات روائية وخواطر .

 

نجح مهرجان "نوّار الملح"  ذو الصبغة الثقافية الاجتماعية في دورته الأولى  في  فسح المجال بمجانا أمام أبناء الأحياء الشعبيّة والمناطق الداخليّة، ليتمتعوا بعدة عروض فنيةومسرحية وسينمائية وغيهرا في مسارح قد يصعب عليهم حضورها لظروفهم المادية الصعبة ولكن مكنهم المهرجان من متعة زيارتها وحضور عروض  متنوعة بعدّة تعبيرات فنيّة شملت الغناء والموسيقى والفنّ الملتزم والمسرح والسينما وفنّ الحكاية وتقريبها لهم بأحيائهم الشعبية في الفترة من  23 إلى 27 أوت 2023 من شمال تونس إلى جنوبها انطلاقا من قرطاج مرورا بمدينتيْ الكاف وتوزر وبمنطقتيْ العلا بالقيروان والملاّسين بالعاصمة.

المصدر: موزاييك أف.أم

إقرأ أيضاً:

هل كانت مسرحية؟

الحديث عن الحرب وتداعياتها، وتحليل مساراتها ومآلاتها ما زال زاد المجالس والمقاهي وحتى الصحف ومراكز البحوث الاستراتيجية والنقاشات السياسية، والحق ألا يمكن الحديث عن شأن آخر ما دامت رياح الحرب تلوح في الأفق العربي، لكن عن أي الحروب نتحدث؟ أعن حرب قديمة بين إسرائيل (مكونا طارئا على الشرق الأوسط ووجعا دائما مهما كانت تشكلاته السياسية والاقتصادية) وبين العرب؟ أم بينها كذلك (إسرائيل أعني) وبين إيران (الدولة الصديقة والجارة القريبة من الخليج والمشتركة مع العرب دينا وعلاقات تاريخية مشتركة مهما التبست تلك العلاقات أو تعقدت)؟ الآن وقد هدأت رياح الحرب الأخيرة بين إيران من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى تعالت أصوات ساخرة وأخرى ناقمة تتناول تفاصيل أيام الحرب بكل ما فيها على أنها مسرحية متفق عليها على مستويات مختلفة.

بعد 12 يوما من المواجهة العسكرية مع إسرائيل -وبدعم مباشر من الولايات المتحدة- دخلت إيران مرحلة «هدنة غير مستقرة» كما يصفها مراقبون، بينما أعلنت القيادة الإيرانية أن الحرب انتهت بـ «نصر تاريخي» في حين لا تزال أصداء القصف والدمار والهواجس الاقتصادية حاضرة في الشارع الإيراني، ومع هذه الحرب التي اندلعت في 13 يونيو شهدت إيران موجة من الهجمات الجوية والصاروخية استهدفت ليس فقط مواقع عسكرية، بل مراكز مدنية حساسة بينها مستشفى وسجن ومؤسسة إعلامية ومراكز علمية بحثية، وأحياء سكنية مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية، حتى أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن نحو 90% من الضحايا من المدنيين.

بعد أيام من الهدنة المعلنة بين الطرفين، شيعت إيران 60 من كبار قادتها العسكريين وعلمائها النوويين الذين اغتالتهم تل أبيب خلال حرب استمرت 12 يوما، في مشهد مهيب أرادت له الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يكون «بيعة للمستقبل» وأن يؤسس لمرحلة جديدة «تربك حسابات الأعداء» هل يمكن لكل تلك الجثامين وكل تلك الدماء أن تكون مشهدا من مشاهد المسرحية المتفق عليها بين أطراف أحكمت وثاقها على الواقع السياسي في المنطقة؟!

وفي الجانب الإسرائيلي قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: «إن الهجوم الأخير على إيران حقق كل أهدافه، إسرائيل تكبدت خسائر بشرية مؤلمة في المواجهات، لكنها كانت أقل بكثير مما توقعناه» وقد أشارت المعطيات التي سمح الجيش الإسرائيلي بنشرها إلى أنه تم إطلاق أكثر من 1050 طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، منها 570 تمكنت من اختراق المجال الجوي، وإطلاق 591 صاروخا، وأفادت التقارير بتحطم أكثر من 62 موقعا في مناطق مختلفة داخل إسرائيل، هل يمكن لكل ذلك أن يكون مشهدا من مسرحية سياسية عسكرية؟!

مشهد تعطيل الحركة الجوية في مجموعة من دول المنطقة، تأثير الحرب على الحركة الاقتصادية والسياحية والاجتماعية في الخليج والشرق الأوسط، إن كانت تلك بعض مشاهد المسرحية فلصالح من تقرر عرض هذه المسرحية، وهل اكتملت المسرحية ببلوغ أهدافها؟ أم أن لها تسلسلا لمّا ينته بعد سعيا لمصالح أكبر وانتصارات خفية لمّا تنجز بعد؟ تعددت روايات العامة والخاصة من المحللين الدوليين وباحثي الشأن السياسي بين قائل بأن كل تلك الإثارة المتضمنة رعبا وحربا وضروبا من تعطيل المصالح ما هي إلا استعراض أمريكا لقوتها في المنطقة بعد نجاح الرئيس الأمريكي في جمع ثروات من زيارة قصيرة نجح خلالها في تحصيل ما لم يتم تحصيله خلال عقود حسب تصريحاته شخصيا بعد الزيارة، تتضمن هذه الرواية فائدة مزدوجة، فإن كانت هذه الحرب تستعرض قوة اللاعب الرئيس «أمريكا» إلا أنها استرضاء للحليف الدائم «إسرائيل» المرخص له بأن يكون اللاعب الأول والرئيس حتى دخول أمريكا في المشهد الختامي لتعزيز بطولة إسرائيل عبر ضرب المواقع النووية الإيرانية، ثم لحمل راية السلام بالقوة داعية لإيقاف الحرب وإعلان الهدنة!، ماذا عن إيران؟ هل كانت شريكا في هذه المسرحية؟ وهل تخلت عن قادتها وعلمائها الذين تعرضوا للتصفية في هذه الحرب «المسرحية» مقابل وعود غير معلنة بالبقاء في السلطة وتخفيف العقوبات؟ هل يمكن تخيل أن كل ذلك ممكن الحصول فعليا؟ هل أرادت أمريكا بهذه الحرب العرضية المفاجئة تعزيز «مسمار جحا» المبرر وجودها العسكري، والمحفز تسويق بضاعتها «خردة الحروب» بين دول المنطقة عبر تفعيل «فزاعة الحرب والعدو الإيراني» لتحميل دول الخليج خصوصا فواتير حروب أمريكا وإسرائيل (معا) عسكريا واقتصاديا؟!

ختاما: لا يمكن التيقن من صدق كل تلك الروايات عن مسرحية الحرب إن كانت فعلا مسرحية، لكن اليقين الذي لا يقبل الشك هو دماء الأبرياء التي أريقت في هذه الحروب، المصالح التي تعطلت، تفشي حالتي الفزع والحزن معا بين شعوب المنطقة، لم تكن حالة الترقب المصحوبة بالرعب وهما، وكذلك الأمر مع تذبذب وتلاشي الأمان أوان إدراك اقتراب الخطر أو حتى وقوعه لحظة قرار أو فرار من أمريكا التي تقبض بين أصابع ساستها أطراف اللعبة، سواء كانت مسرحية أم واقعا هي المؤلف فيه والمخرج والآخذ بكل التفاصيل، غير أنه من المؤسف المحزن أن نكون نحن، شعوب المنطقة، ضحاياه الواقع عليهم عبء التراجيديا وتكاليف إنتاج المسرحية معا!.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

مقالات مشابهة

  • بطلة الإمارات في «التحدي» ريم الزرعوني: القراءة مجد والتكنولوجيا وسيلة لا عذر
  • من التحدي إلى الفرصة.. خارطة طريق لتطوير تعليم العربية في الجامعات البنغلاديشية
  • يعلن الصندوق الإجتماعي للتنمية فرع ذمار البيضاء عن رغبته في إنزال مناقصة عامة
  • «شمس» تضيء فضاء الإبداع عبر غرفة «البودكاست» أمام المواهب
  • قصور الثقافة بأسوان تختتم العرض المسرحي "مركب الشمس" للأطفال
  • التحدي "الخطير" على تيك توك يودي بحياة طفل بريطاني
  • فيليبي لويس: بايرن كان الأفضل واستحق العبور.. كنا نعرف حجم التحدي
  • هل كانت مسرحية؟
  • دون إصابات.. اندلاع حريق هائل بأرض فضاء مليئة بالبوص الزراعي غرب الإسكندرية
  • يانيك سينر: الحركة هي التحدي الأكبر على العشب.. وأنا جاهز لويمبلدون