الإسلاميون المصريون يتبنّون الواقعية السياسية ويعيدون علاقتهم بالغرب.. دراسة
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
في سياق مراجعاته الفكرية والسياسية المتتالية، والمكثفة مؤخرا، أصدر مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية ـ مقره إسطنبول ومقرب من الجماعة الإسلامية المصرية ـ ورقة جديدة تتعلق بمراجعة موقف وتصور الحركات الإسلامية تجاه الغرب، وفهم محركات السلوك الغربي تجاهها خاصة عندما تصل إلى السلطة، وهل هو موقف مبدأي أو ثقافي "هوياتي" أو ديني، أم أنه موقف براجماتي يتعلق بحسابات المصالح السياسية والاقتصادية بالمقام الأول.
الورقة صدرت تحت عنوان : "الغرب والإسلاميون في السلطة : معايير مزدوجة أم حسابات المصالح؟"، وقد استعرضت أربع تجارب سياسية للإسلاميين، لكل منها خصوصيته، ولكل منها تجربته في التعامل مع الموقف الغربي تجاهه، التجربة الأفغانية بقيادة حركة طالبان، والتجربة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام"، والتجربة التونسية بقيادة حركة النهضة، ثم تجربة الإخوان المسلمين في مصر .
خلاصة ما حملته الورقة يمكن تحديده في النقاط التالية:
التعامل مع الغرب لا يُبنى على حسن النوايا أو نقاء الهوية "مشروعك الفكري"، بل يبنى على مدى وضوح هذا المشروع، وقوة الأداء، وقدرتك على بناء علاقات عميقة، ومرونة خطابك السياسي، وأيضا الوعي بالمعادلات العالمية وحسابات المصالح المتقاطعة، فهذا شرط أساس لنجاح التجربة أو بقائها، لا مجرد إخلاصها فقط.
تخلص الورقة إلى قناعة واضحة، بأن الغرب لا يعادي الإسلاميين لكونهم إسلاميين، بل لغياب الفائدة منهم في معادلة المصالح، والقلق من نواياهم، وأنه حين يرى الغرب أن الحركة الإسلامية قادرة على أن تؤدي دورا يحقق التوازن الإقليمي ويضبط الأمن، سيحترمها ويتعامل معها بجدية.يجب تصحيح رؤيتنا للآخر، والغرب تحديدا، وينبغي الانتقال بالوعي والممارسة من منطق الصراع مع الخارج إلى منطق الفهم الاستراتيجي لمعادلات القوة الدولية، وحسابات الآخر، وتقاطعات المصالح.
ليس مطلوبا أن تقدم خطابا سياسيا يفرِّط في ثوابتك، لكن المطلوب خطاب سياسي يتعامل مع العالم بلغة مصالح يفهمها، وشراكات ذكية، تتقبل مشروعك وتتفهم حساباتك.
أيضا، ضرورة بناء حواضن دبلوماسية وشعبية مزدوجة، في الداخل وفي العواصم الغربية، تفهم الغرب بواقعية وعن قرب، وأيضا تُطمئن جمهور الداخل على مشروعه وقناعاته.
أيضا لا بد من إدراك أن إدارة الدولة تتطلب مشروعًا شاملًا، لا مجرد شعارات أو نوايا حسنة.
تخلص الورقة إلى قناعة واضحة، بأن الغرب لا يعادي الإسلاميين لكونهم إسلاميين، بل لغياب الفائدة منهم في معادلة المصالح، والقلق من نواياهم، وأنه حين يرى الغرب أن الحركة الإسلامية قادرة على أن تؤدي دورا يحقق التوازن الإقليمي ويضبط الأمن، سيحترمها ويتعامل معها بجدية.
لاحظت أن الورقة، وهي تعبر عن جماعة كانت داعمة لتجربة الإخوان في مصر ووفية لشرعية الرئيس الراحل محمد مرسي، كانت واضحة في مراجعتها لأخطاء تلك التجربة، وسجلت بوضوح نقدها لما أسمته: "هشاشة الأداء السياسي للإخوان في إدارة الدولة، وغياب رسائل طمأنة واضحة للغرب".
الورقة نقلة جريئة لوعي الإسلاميين، الذي استكان دهرا لمظلومية الاضطهاد من الغرب، والعداء المستدام بين الإسلام والغرب، ونمطية الموقف العدائي تجاه الغرب من حيث المبدأ وبدون أي تحليل واقعي لحسابات المصالح وتقاطعاتهاالورقة نقلة جريئة لوعي الإسلاميين، الذي استكان دهرا لمظلومية الاضطهاد من الغرب، والعداء المستدام بين الإسلام والغرب، ونمطية الموقف العدائي تجاه الغرب من حيث المبدأ وبدون أي تحليل واقعي لحسابات المصالح وتقاطعاتها، ومن الواضح أن التجربة السورية أحدثت ثورة فكرية لدى التيار الإسلامي العربي، وأجبرته على إجراء مراجعات متعددة، لموقفه السياسي، ولبنائه الفكري أيضا، خاصة وأن التجربة السورية قادها حركة إسلامية جديدة، شابة، فتية، حديثة العهد، بلا تجربة تاريخية تذكر، وتعاملت مع ظروف سياسية محلية وإقليمية ودولية غاية في الصعوبة والتعقيد، ومع ذلك نجحت في اختراق تلك الظروف جميعا، ثم نجحت أيضا في إثبات جدارتها وكفاءتها عندما تولت إدارة الدولة السورية، المنهكة والممزقة والمحطمة، ونجحت في تحييد العداوات الإقليمية والدولية لها، ثم نجحت في نسج شبكة علاقات إقليمية مثلت سياج حماية سياسية وديبلوماسية وعسكرية لنظامها السياسي الجديد، واكتسبت الثقة سريعا كقوة سياسية مسؤولة ورجال دولة.
كل ذلك أحدث ما يشبه الزلزال في الوعي السياسي عند الإسلاميين العرب، وخاصة المصريين، وأعتقد أن مراجعات الجماعة الإسلامية المصرية تأتي في هذا السياق، وهي مراجعات جادة ومسؤولة، وإذا امتلكت شجاعة الاستمرار حتى النهاية يمكنها أن تؤسس لواقعية سياسية جديدة للتيار الإسلامي تتيح له رؤية أكثر نضجا وعقلانية لذاته ولواقعه ولتحدياته، وتتيح له بناء منظومة علاقاته الداخلية والإقليمية والدولية بصيغة أكثر جدوى وأكثر فاعلية، وأكثر قدرة على تحقيق أهدافه لإصلاح وطنه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب المصرية دراسة مصر اسلاميون عرض مراجعات كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ضياء رشوان: موقف مصر لا تحكمه المصالح المؤقتة بل يرتكز على ثوابت راسخة
قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إن ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي وما تفعله الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية يمثل حائط الصد الحقيقي أمام كل حملات التشويه التي تستهدف دور مصر التاريخي.
وأشار رشوان، خلال مداخلة لبرنامج "ستوديو إكسترا" المُذاع عبر فضائية "إكسترا نيوز"، إلى أن الرئيس السيسي كان أول قائد في العالم يعلن رفضه التام لتهجير الفلسطينيين منذ بداية الأزمة، في موقف واضح لا لبس فيه، يُعبر عن ثوابت الدولة المصرية تجاه الشعب الفلسطيني.
ونوه إلى أن مصر تمسكت بموقفها الثابت والمتمثل في العمل على وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن من جميع الأطراف، دون أي مزايدات أو تحركات انتقائية.
وتابع رشوان: "الأصوات التي تحاول تشويه الدور المصري تعرف جيدًا أن مصر لم تتوقف يومًا عن دعم القضية الفلسطينية، سياسيًا وإنسانيًا، سواءً على مستوى المواقف الرسمية أو عبر القنوات الدبلوماسية والتحركات الميدانية".
وأردف رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أن موقف مصر لا تحكمه المصالح المؤقتة، بل يرتكز على ثوابت راسخة تنبع من مسئوليتها التاريخية والقومية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.