الرؤية- سارة العبرية

يُطالب عددٌ من المواطنين والمزارعين في منطقة النجد بولاية ثمريت في محافظة ظفار، الجهات المسؤولة بوضع خطط متكاملة لتحسين أوضاع المزارع والمزارعين، مشيرين إلى أن جهودهم الذاتية في استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل في ظل الظروف المناخية القاسية لا تجد المقابل المادي المناسب عند بيع المحاصيل، وهو ما يُؤثر على جهود تعزيز الأمن الغذائي في سلطنة عُمان.

وقال خالد بن عامر فاضل مزارع في منطقة النجد بمحافظة ظفار، إن أبرز مشكلة يعاني منها المزارع والمستثمر الزراعي في سلطنة عُمان هي تسويق المنتجات الزراعية، مشيرا إلى أن سوق الخضار المحلي يخضع لسيطرة شبه تامة من قِبل التجار الأجانب، مضيفاً: "للأسف، التجار المسيطرون على استقبال الخضار في السلطنة هم من غير العمانيين، وهم من يحددون الأسعار، بينما تقف الجهات المعنية موقف المتفرج، والأسواق المركزية الكبرى مثل اللولو ونستو لا يستقبلون المنتجات إلا من هؤلاء التجار، وإذا نزلنا منتجاتنا إلى السوق فنُجبر على بيعها بالسعر الذي يفرضونه".

وأوضح فاضل أن هذا الوضع يخلق خسائر كبيرة للمزارعين، إذ إنه في بعض الأحيان يصل المحصول إلى 10 أطنان من البطيخ أو الطماطم على سبيل المثال، ليتفاجأ جميع المزارعين بأنَّ السعر المعروض لا يتجاوز 100 بيسة للكيلو، مبينا: "لا توجد لدينا أماكن تخزين مناسبة حاليًا في محافظة ظفار، ما يضطرنا إلى بيع المحصول بالخسارة أو التخلص منه".

وبيّن: "في بعض مواسم الطماطم، أحفر حُفرة وأدفن المحصول؛ لأنَّ بيعه في السوق يكون أقل من تكلفة الإنتاج، فسعر الكرتون الذي يحتوي على أكثر من 10 كيلوجرامات طماطم أحيانًا لا يتجاوز 300 بيسة، بينما التكلفة الفعلية للنقل والإنتاج أعلى من ذلك بكثير".

وانتقد فاضل غياب الإشراف والدعم الحكومي للمزارعين قائلاً: "لا يوجد خبير أو جهة حكومية نلجأ لها لحل مشاكل التسويق أو التسعير، ولا نشعر بأي دعم فعلي من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، باستثناء دعم محدود للقمح فقط"، لافتاً إلى أنَّ المزارعين يعانون من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج مثل الكهرباء والأسمدة، دون وجود جهة تتابع هذه القضايا بجدية.

وفي حديثه عن تجربة مزارعي منطقة النجد، قال فاضل: "مزارع نجد قامت بجهود شباب عمانيين عملوا في ظروف قاسية، وسط صحراء تتجاوز درجات الحرارة فيها 50 درجة مئوية، ومع ذلك حققوا نجاحات نفتخر بها، وهؤلاء الشباب يستحقون التكريم والدعم، لأنهم أثبتوا أن لديهم القدرة على توفير مُعظم احتياجات السلطنة الزراعية؛ بل ويمكنهم التصدير إلى دول الخليج".

ودعا فاضل إلى وجود توجه حقيقي من الحكومة لدعم الزراعة، قائلاً: "إذا لم يكن هناك توجه جاد من وزارة الثروة الزراعية ومجلس الوزراء، فستظل المعاناة قائمة في نهاية كل موسم". مشددا على أهمية تطبيق نظام التعاقدات الزراعية، لتوفير كميات محددة بأسعار معلومة، مما يضمن استقرار الإنتاج".

ووجّه فاضل رسالة إلى المؤسسات الحكومية والعسكرية في السلطنة، قائلاً: "لماذا تعتمدون على المستورد؟ نحن كمزارعين مستعدون لتوفير كل احتياجاتكم من المنتجات المحلية وبالأسعار نفسها، وكل ما نحتاجه هو دعم فعلي واهتمام جاد؛ لأنَّ مزارع نجد هي مستقبل الأمن الغذائي الوطني، وكما يُقال: "من لا يملك غذاءه لا يملك قراره".

من جهته، قال أحمد بن محمد الكثيري رئيس تحرير صحيفة عرب ميديا الإلكترونية، إن قضية مزارع النجد والمزارعين في تلك المنطقة ليست جديدة؛ بل تعود إلى السبعينيات والثمانينيات، حيث أُحيل الملف حينها إلى الجهات المعنية بغية الوصول إلى حل بشأن تمليك الأراضي الزراعية، موضحا أن كثيراً من الأراضي في النجد تعود ملكيتها للمواطنين منذ عقود طويلة، وبعضها ورثها الأهالي جيلاً بعد جيل، باعتبارها أراضي قبلية ضمن نسيج المجتمع المحلي.

ويتابع قائلا: "المزارعون شرعوا في استثمار هذه الأراضي، وضخّوا أموالهم الخاصة دون أي دعم حكومي يُذكر، خصوصًا في ما يتعلق بحفر الآبار وتكاليف التشغيل، وتمكنوا مع الوقت من تحقيق إنتاج زراعي ناجح، حيث وصلت محاصيلهم -مثل البطيخ والشمّام والقمح- إلى أسواق خارجية، منها الخليجية، كما أن 70% من المزارع في نجد يديرها مواطنون لا يمتلكون صكوك تملك رسمية، ويخوضون حاليًا حوارًا مع الحكومة من أجل الاعتراف بملكيتهم، لكن بدلًا من تمليكهم الأراضي، تم طرح نظام جديد يعتمد على الانتفاع أو الاستثمار، حيث يُفرض على الفدان الواحد رسوم سنوية تصل إلى 150 ريالًا، أي ما يعادل 5000 ريال في السنة للمزارع التي يزرع 100 فدان، وهو ما يعتبره البعض عبئًا ماليًا إضافيًا على المزارعين الذين يعانون أصلًا من ارتفاع تكاليف التشغيل.

وانتقد الكثيري ارتفاع فواتير الكهرباء على المزارعين، مشيرًا إلى أن المبالغ الشهرية التي تُدفع تعادل تقريبًا صافي الربح المفترض، متسائلا: "منذ توقيع عقد الانتفاع، أين الربح؟ كيف يستطيع المزارع الاستمرار في ظل هذه التكاليف الباهظة؟". كما أكد أن الزراعة بخاصة في المناطق الموسمية، عُرضة للخسارة بسبب عوامل مناخية بسيطة مثل الرياح أو حرارة الشمس، ما يجعل الإنتاج غير مضمون، في حين أن المصاريف ثابتة وعالية.

وأوضح الكثيري أن المزارعين حالياً يعيشون فترة "مُهلة" تمتد لثلاث سنوات ما بين توقيع العقد وبدء سداد الرسوم، لكن مع مرور العامين القادمين، فكثيرين منهم سيضطرون للتوقف لأنهم غير قادرين على مواكبة الأعباء المالية.

وقال: "اليوم المزارع لا يُعامل كمالك وإنما كمستثمر، رغم أنه يزرع ليؤمن قوته اليومي ويشغّل أبناءه في مراحل الإنتاج والحصاد والتوزيع"، مضيفا: "الغالبية يبيعون إنتاجهم داخل ولاياتهم ومحافظاتهم، ولا تصل منتجاتهم إلى أسواق مثل مسقط بسبب غياب الدعم في مجالات النقل واللوجستيات، وعلى سبيل المثال هناك مزارع واجه خسارة كبيرة مؤخرًا في محصول البصل، إذ باع محصوله بسعر يقل عن تكلفة النقل، واضطر إلى توزيع المحصول مجانًا في الشارع بعدما عجز عن تسويقه في السوق المحلي".

وبيّن الكثيري أن استمرار هذا الوضع لا يشجع على الاستثمار الزراعي؛ بل يؤدي إلى الإحباط، حيث إن ما يقارب 50% من المزارعين في المنطقة توقفوا بالفعل بسبب ضعف الجدوى الاقتصادية.

وشدد الكثيري على ضرورة معالجة ثلاث قضايا محورية: التوزيع، والتصدير، والتصنيع، مشيرًا إلى أن "مثلث النجاح" يتمثل في التمليك، والدعم، والتسويق، كما أن تحقيق الأمن الغذائي المحلي مسؤولية دولة في المقام الأول، وليس المواطن فقط، ولذلك يجب تدخل الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الثروة الزراعية لضمان استدامة القطاع الزراعي، ودعم المزارع المحلي بما يمكّنه من الإسهام الفعّال في هذا الملف الحيوي.

وفي السياق، قال المحلل السياسي علي بن مسعود المعشني، إنه لا يمكن النهوض بقطاع الزراعة في سلطنة عُمان وتحقيق مستوى معقول من الأمن الغذائي دون اتخاذ خطوات جادة تبدأ بإنشاء شركة أو هيئة مختصة بتسويق المنتجات الزراعية، تضمن وصولها إلى الأسواق بكفاءة وعدالة، مؤكدا ضرورة حماية المنتجات الزراعية العُمانية من المنافسة الخارجية، لا سيما في مواسمها، بما يتيح لها فرصة عادلة للنمو والبقاء في السوق.

وأضاف أن المنتجات العُمانية ذات الجودة العالية والإنتاج المستدام يجب أن تحظى بحماية دائمة، مع إمكانية السماح بدخول مثيلاتها من الخارج لكن مع فرض رسوم أعلى، تشجع المستهلك على تفضيل المنتج الوطني وتدعم المزارعين المحليين، لافتا إلى أهمية استحداث معاهد زراعية متخصصة على غرار معاهد التدريب المهني، تتولى تأهيل مخرجات الدبلوم العام للعمل في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والدواجن، عبر برامج عملية متطورة، مع منح الخريجين قروضاً ميسرة لتمكينهم من بدء مشاريعهم بعد التخرج.

وبيّن المعشني: "من الضروري أيضًا ربط هذه الشهادات بمؤسسات أكاديمية جامعية، بحيث تتيح للراغبين استكمال دراستهم للحصول على مؤهلات جامعية عليا في تخصصات الزراعة والثروة الحيوانية، للاسهام في بناء كوادر وطنية متخصصة وقادرة على النهوض بالقطاع الزراعي بصورة شاملة".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل اللوحة مرجع بصري لأرشفة المعمار العماني؟

تتغير وجوه المدن بسرعة، وتتلاشى الملامح القديمة أسرع من القدرة على الإمساك بها. فالقرى والبيوت القديمة، والأبواب، التي أكسبت العمارة العمانية خصوصيتها المتفردة ليست جمادات ساكنة بل ذاكرة تسعى لتستعاد بأدوات تعبيرية شتى، منها الفن التشكيلي بوصفه أداة لنقل الذاكرة الشكلية للمكان بل والشعورية أيضا.

وبين الشكل والشعور، والفرشاة و المناظير، نبحث عن دور اللوحة كمرجع بصري يستعاد من خلاله المعمار العماني ويوثق، ومن خلال تجارب معماريين وفنانين تشكيليين وباحثين ومعماريين نثير في السطور القادمة التساؤلات حول استعادة ملامح المعمار العماني القديم عبر الفن التشكيلي/اللوحة ، ومدى إسهام الأعمال الفنية في حفظ الذاكرة المكانية أو إثارة الوعي المعماري، والفرق بين توثيق المعمار بالرسم وبين المخطط.

التغير السريع للمدن

يقول المهندس علي اللواتي حول مسألة استعادة ملامح المعمار العماني القديم عبر الفن التشكيلي -اللوحة- في زمن يتغير فيها وجه المدينة سريعا: "الفنون البصرية، ومنها الفن التشكيلي في سلطنة عمان، لها دور مهم في توثيق المشهد المعماري القديم خصوصا في الفترات التي سبقت اختراع الكاميرا وانعدام الصور الفوتوغرافية. جذبت عمان نظرا لموقعها المطل على المحيط الهندي عددا من من الرحالة والمستكشفين الذين وثقوا عبر الرسم مناظر مختلفة في لوحات اليوم تُعد وثائق مرئية مهمة تساعد على فهم و استعادة ملامح المدن العمانية القديمة وتفتح نوافذ لاستكشاف تفاصيل المعمار القديم ولو بصورة جزئية".

ويضيف المهندس أحمد العلوي فيما يخص اعتبار اللوحة كمرجعية في بعض المعالم خاصة المعالم التراثية أنها "تكون ظاهرة كشواهد ولسيت كظاهرة كاملة كقلعة أوحصن أوبرج متهدم، ولكن نأخذها من رسومات قديمة من الفنانين التشكيليين، بحيث نرجع لها وونعتبرها مصدر تاريخي من أجل إعادة البناء مثلا، ونستمد منها الأصل في ملامح أي معلم قديم حتى في البيوت التي آلت للسقوط نستعيد ملامحها من اللوحات، وهذا أمر جميل جدا لكن في الوقت الحاضر هو عبارة عن توثيق لبعض المعالم من خلال الرسامين، الذين إذا رسموا مثلا بناء لجنوب الشرقية بطريقة ما، فنستمد منها سواء كانت أبواب، نوافذ، عناصر خشبية، بشكل عام، المظهر الخارجي للبناء".

التوثيق وإثارة الوعي المعماري

وفي سؤال: هل يمكن أن تسهم الأعمال الفنية -حتى لو لم تكن دقيقة هندسيا- في حفظ الذاكرة المكانية أو إثارة الوعي المعماري؟ رأى اللواتي أنه عبر دراسة الأعمال الفنية يمكن إعادة النظر في بعض التصورات الراسخة عن العمارة العمانية. وقال: "بعض العناصر الزخرفية التي تعدّ اليوم أصيلة أو ضاربة في عمق التاريخ، لا تظهر في تلك الرسومات إلا في أواخر القرن التاسع عشر ما يدل على أنها جديدة نسبيا خلاف الاعتقاد الشائع وهذا يقودنا لطرح تساؤلات حول السياقات التي أدت إلى ظهورها وتطورها في العمارة العمانية. وهذا بالضرورة يتيح فرصة لفجوات بحثية تستحق الدراسة، خاصة أن هذه التغيرات متأخرة نسبيا ويمكن تتبعها وتحليلها بسهولة."

وأكد العلوي على أن إمكانية اللوحة الفنية في التوثيق غير عادية. وأضاف: "نحن نعتمد عليها في ترميم المعالم في بعض الأحيان، وذلك عن طريق رواية شخص كبير في السن يرسم الفنان بناء عليها المعلم المندثر، ثم يأتي دورنا في الترميم بناء على ما قالته الللوحة المستندة على الرواية الشفهية."

دور موازي

في الحديث عن الفن ودوره الموازي والمكمل للتوثيق المعماري، أشار اللواتي أنه لا يمكن فصل التوثيق المعماري عن الفنون البصرية الأخرى، وأضاف: "المساقط والمناظير المعمارية سواء كانت ثنائية أو ثلاثية الأبعاد هي في جوهرها تعبيرات بلغة فنية تخضع لذات القواعد التي يستخدمها الفنانون التشكيليون ما يجعل الفن أساسيا في توثيق العمارة".

وحول إمكانية التعاون بين المعماريين والفنانين في مشاريع توثيق المكان والحفاظ على الذاكرة المعمارية، يقول العلوي: "التعاون بين المعماريين والفنانين في مشاريع توثيق المكان أمر ضروري جدا وعلاقة مهمة، وحتى تفعيل ذلك خلال الزيارات الميدانية سيشكل إضافة ولمسة فارقة، من حيث الأفكار الهندسية من خلال خيال الفنان التشكيلي، وهذا الأمر يخدم الطرفين من وجهة نظري."

فيما قال اللواتي: "لا أحبذ الفصل بين المعماري والفنان؛ فالمعماري هو فنان والعمارة من أمهات الفنون. العديد من الفنانين الكبار كانوا معماريين أيضا مثل مايكل أنجلو كان معماريا متقدما على زمانه وله تصاميم معمارية لم ترى النور بسبب ضعف التقنية الانشائية آنذاك وفي كل الأحوال المباني بالنسبة لمعمارييها ليست مجرد منتج وظيفي وشكلي بل عملا فنيا متكاملا ومن هنا فإن الفعل المعماري هو ممارسة فنية مشفوعة باعتبارات هندسية ووظيفية".

المكان أم الشعور؟

في الجانب الآخر سألنا الفنانين التشكيلين: حين ترسم مكانا عمانيا قديما (قرية، بيت، باب...الخ) ، هل ترسم "المكان" كما كان؟ أم كما شعرت به؟

أجاب الفنان سعود الحنيني: "عندما أرسم مكانًا عمانيًا قديمًا، أنطلق من إحساسي الشخصي وتجربتي العاطفية مع هذا المكان. أسعى لالتقاط روح المكان وما يحمله من ذكريات ومشاعر، وليس تصويره بشكل دقيق كما كان في الماضي. هذا الفهم يجعل اللوحة تعبر عن أكثر من مجرد معمار؛ إنها تنقل تجربة حياة متكاملة ومشاعر إنسانية تعكس محبة للفن وللأماكن التي تحكي قصصاً".

ورأى الفنان سالم السلامي أن الأماكن الأثرية القديمة كالبيوت والأبواب والنوافذ وغيرها، بحد ذاتها تُمثل هوية خاصة، وقال: "عندما يشرع الفنان في الرسم فهو يحافظ على ملامح المكان بعناصره ومفرداته وذلك من خلال المشاهدة الحيَّة والمباشرة أو من خلال المخزون الذهني، مع ذلك يظل للأمكنة أبعاد أخرى تتعدى خاصية الجمادات، إذ أنها تحمل في داخلها مشاعر ، أحاسيس، ذكريات، رائحة، وأحاديث وغير ذلك، هنا سنجد الفنان يترجم المشهد وفق حالة خاصة من خلال الخطوط، اللون، التكوين والإيقاع، ليجسد نسيج من الإنفعال الذي يُضفي على اللوحة الفنية إحساساً عميقاً."

بين الرسم والصورة

وحول الفرق، في نظر الفنان ، بين توثيق المعمار بالرسم، وبين الصورة أو المخطط، أشار الحنيني إلى أن توثيق المعمار بالرسم يعد أكثر من مجرد تسجيل بصري؛ إنه يعبر عن الرؤية الشخصية للفنان والطريقة التي يشعر بها تجاه هذا المعمار. وأضاف: "الرسم يسمح بتجسيد المشاعر والأحاسيس، بينما الصور والمخططات توفر وثائق دقيقة وهندسية للمكان. لهذا، يعتبر الرسم بمثابة نافذة إلى عالم المشاعر والتجارب الإنسانية، يتجاوز الجانب الهندسي إلى ما هو أعمق".

وقال السلامي: "ما يميِّز توثيق المعمار بواسطة الرسم هو حرية ترجمة المشهد من خلال إثراء المخيِّلة و المخزون الذهني في آنٍ واحد إضافةً إلى المشاهدة الفورية للمكان، فهذه أدوات تتيح للفنان اللعب على "خاصية الحذف و الإضافة" فالمعمار المندثر والمُغيَّبة ملامحهُ يستطيع الفنان بأدواته من تجسيدها وإحياءها وكأنها واقع مُعاش، والعناصر المشوهة والدخيلة على المشهد يمكنه حذفها وهكذا،، ولكنه في نفس الوقت يكون حريصاً على محافظته للهوية الأصيلة لملامح أي عِمارة حسب موقعها الزماني والمكاني".

مرجع بصري

وفي سؤالهم حول إمكانية أن تكون هذه اللوحات مرجعا بصريا حقيقيا في أرشفة الأماكن قال السلامي: "الرسم يُشبه الكتابة القصصية المُفصَّلة، فالفنان بطبيعته يُبرز جزئيات دون أخرى في المشهد وكأنه يُصوِّر المشهد بشخصيات جوهرية، مما يُسهل على المتلقي فهم المشهد، فهذا يعطي للوحة الفنية قيمة بصرية يجعل منها أنموذج مثالي للمراجع لمختلف الفئات العمرية".

ورأى الحنيني أن هذه اللوحات يمكن أن تكون مرجعا بصريا حقيقيا يجب الحفاظ عليه. فهي تمثل تجسيدا لأحاسيس وتجارب متجذرة في الثقافة العمانية، وأنماط الحياة القديمة. وأضاف: "هذه الأعمال الفنية تساهم في توثيق الهوية الثقافية، وتساعد الأجيال القادمة في فهم الماضي، مما يعزز شعور الانتماء".

أمكنة أم ذاكرة؟

وفيما إذا كان الفنانان يرسمان أمكنة؟ أم ذاكرة؟

فسعود الحنيني: يرى نفسه يرسم ذاكرة أكثر من أمكنة. وقال: "إن العمل الفني بالنسبة لي هو وسيلة لتوثيق ذاكرة الأماكن وتجاربها؛ تلك الذكريات التي تتفاعل مع المشاهد وتخلق تواصلًا مع الماضي. فكل لوحة تُعد رحلة عاطفية في الزمان والمكان، تعبر عن تاريخ وثقافة وحياة إنسانية غنية، تساهم هذه الجهود الفنية في تعزيز الذاكرة المعمارية لعُمان وتعكس الصلة القوية بين الفن والتراث".

وأحاب السلامي: "شخصياً،، أرسم الذاكرة، حتى أن مجموعة أعمالي الفنية أسميتها "ذاكرة الأجيال" فالأمكنة في نظري ليست مجرَّد جمادات، بل هي أمكنة نابضة بالحياة والبحث في مكنونها الجمالي بقالب فنِّي بحت مُتعة لا تُضاهى."

مقالات مشابهة

  • «ليوا عجمان للرطب والعسل».. منصة لتبادل الخبرات بين المزارعين والنحالين
  • الاقتصاد العماني والذكاء الاصطناعي
  • جهود أمنية لكشف غموض مقتل مزارع بطوخ
  • هل اللوحة مرجع بصري لأرشفة المعمار العماني؟
  • غادر الحفل فجأة.. قلق بين جمهور رابح صقر بعد تعرضه لوعكة صحية
  • سفير مصر بـ السعودية: المشاركة في انتخابات الشيوخ تعكس روح الانتماء والحرص على مصلحة الوطن
  • نقابة المزارعين في بعلبك الهرمل تناشد وتطالب الحكومة بهذا الأمر!
  • فلاح من دهوك يتوج للعام الخامس كأفضل مزارع بطاطا في العراق (صور)
  • عبدالله صالح يوقّع كتابه «طوايا» في مكتبة محمد بن راشد
  • حملات مكبرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بالشرقية