جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-03@16:51:19 GMT

لا تعاشر إلا من يزيدك إشراقًا!

تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT

لا تعاشر إلا من يزيدك إشراقًا!

 

 

 

 

صالح بن سعيد بن صالح الحمداني

 

 

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتلاشى فيه الحدود بين العالمين الواقعي والافتراضي تبقى العلاقات الإنسانية واحدة من أثمن الكنوز التي يمتلكها الإنسان، فبقدر الأشخاص الذين يحيطون بك تتلون حياتك وتُثْرى تجاربك، من هنا تبرز أهمية حسن اختيار من نصاحب والحرص على أن نُعاشر من يزيد حياتنا حياة لا من يثقلها ويطفئ بريقها.

في خضم صخب الحياة اليومية وتعقيداتها تتشكل شخصياتنا وتتبلور أرواحنا من خلال أولئك الذين نصطفيهم لمرافقتنا في رحلتنا، فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يتأثر بمن حوله؛ بل إن جودة حياته وسعادته ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالدوائر الاجتماعية التي ينتمي إليها، ومن هنا تأتي الحكمة العميقة التي تقول: "عاشر من يزيد حياتك حياة."

 حين نتحدث عن الصحبة لا نعني مجرد أشخاص نتبادل معهم أطراف الحديث؛ بل أولئك الذين تنبض قلوبنا بالطمأنينة عند لقائهم الذين نخرج من صحبتهم بشعور أفضل وإلهام أعمق وطاقة إيجابية متجددة، هؤلاء الذين يجعلوننا نرى الدنيا بألوان أجمل ويؤمنون بقدراتنا حين نشك بأنفسنا.

الصحبة الصالحة تشبه الماء العذب تسقي أرواحنا وتمنحنا أسباب البقاء في أحلك الظروف، فهم من يشجعوننا على فعل الخير ويذكروننا بأحلامنا عندما نكاد ننساها ويحملون عنّا أثقال الحياة دون أن نطلب.

تأثير المحيطين علينا أكبر مما نظن وتشير العديد من الدراسات النفسية إلى أن المشاعر معدية وأننا نتأثر تلقائيًا بمزاج من نصاحبهم فإذا قضيت وقتك مع متشائمين ساخطين فستجد نفسك مع الأيام تتبنى نظرتهم السوداوية دون أن تشعر، وعلى العكس إذا أحطت نفسك بأشخاص متفائلين وحيويين وطموحين فإنَّ عدوى الإيجابية ستصيبك حتمًا.

بل ذهب بعض الباحثين إلى القول إن اختيار الأصدقاء قد يكون أكثر أهمية من اختيار شريك الحياة لأننا نقضي وقتًا أطول معهم ولأنهم يؤثرون على قراراتنا المصيرية مثل مسار حياتنا المهني ومستوانا التعليمي، وحتى نمط حياتنا الصحي.

ولو سألنا أنفسنا من هم الذين يزيدون حياتك حياة؟ وما هي صفاتهم، حتماً ستكون الإجابة هم أولئك الذين يؤمنون بنا حتى حين نشك في أنفسنا يرون فينا ما لا نراه ويذكروننا بقيمتنا حين تخوننا ثقتنا، ويلهموننا بإنجازاتهم وأخلاقهم، يحفزوننا لنكون نسخة أفضل من أنفسنا دون أن يحبطونا أو يقللوا من أحلامنا، هم يدفعوننا للأمام لا يسمحون لنا بالركود أو الاستسلام؛ بل يشجعوننا على السعي والمضي قدمًا مهما تعثرنا.

يحترمون اختلافنا لا يحاولون أن يشكلوننا على صورتهم، بل يحتفون بتفردنا ويحتضنون اختلافنا، يمنحوننا طاقة إيجابية نشعر بعد الحديث معهم أن همومنا خفّت وأن الحياة أبسط مما كنا نظن؛ بل هم أولئك الذين يدافعون عنا في غيابنا ويحموننا دون أن نعلم بتلك الحماية والدفاع عنَّا في ظهر الغيب، أولئك الذين يرفعون أكف الدعاء لله في ظهر الغيب ويربطون أسماءنا بأسمائهم بالدعاء والتضرع لله، فما أعظمهم وأعظم وفاءهم.

ومن هذا المنطلق فإنَّ اختيار من يصاحبنا ليس أمرًا اعتباطيًا؛ بل هو قرار بالغ الأهمية يحتاج إلى وعي وتبصر.

 اسأل نفسك مع كل علاقة جديدة هل أشعر بالارتياح بعد لقاء هذا الشخص؟ وهل يساعدني على التطور أم يثقل كاهلي؟ هل يحترم حدودي وأحلامي؟ هل يُعزز من تقديري لذاتي أم يهدمه؟

فإذا وجدت أن علاقتك بشخص ما تستنزفك أكثر مما تغذيك فربما حان الوقت لإعادة تقييم مكانه في حياتك.

على الجانب الآخر يجب أن نحذر من العلاقات التي تستنزف طاقتنا وتضعف عزيمتنا وتغرس فينا الشك والخوف، هؤلاء الذين يستهينون بمشاعرنا، يستهزئون بطموحاتنا، أو يدفعوننا إلى طرق لا تشبهنا، هم عبء ثقيل على قلوبنا لا يجب أن نحمله، وإن الحفاظ على مسافة صحية من العلاقات السامة هو حق من حقوقنا، بل هو ضرورة لحماية سلامنا الداخلي.

خلاصة القول نستطيع أن نفهم أن الحياة قصيرة وأثمن من أن نضيعها مع من يقللون من قيمتها، ونصنع حولنا دائرة من الأحباب والأصدقاء الذين يضيفون إلى حياتنا نورًا وفرحًا، ولا تخجل من أن تكون انتقائيًا فالقليل من الأصدقاء الحقيقيين أفضل من كثير من الصحبة الزائفة.

عاشر من يُذكرك بقدرتك على الحلم، من يحترم حريتك، من يجعل من وجوده مصدر راحة لا عبئا، اختر رفاقك كما تختار الهواء الذي تتنفسه نقيًا، صافيًا، ضروريًا للحياة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الدرجات النارية .. عصب الحياة وشبح الموت

عبدالسلام عبدالله الطالبي

لفت نظري هذا العنوان في أحد العناوين التابعة لقناة الهوية تقريبًا، وأنا أتفق مع هذا العنوان جملةً وتفصيلًا، لكنني أُبدي استغرابي وانتقادي للجهات الرسمية المعنية بعدم إيجاد مسار عملي ينظم ويهذب ويرشد ويوعي سائقي الدراجات النارية التي تكتظ بها عواصم المحافظات ومراكز المديريات، بل وفي غالبية الشوارع والأحياء في المدن والقرى.

وهنا يبرز دور ومسؤولية ثلاث وزارات يجب أن تكون في الصورة وبقوة، للحد من مخاطر الحوادث والمآسي التي تنتج عن هذه الدراجات:

١/ وزارة الداخلية:
هل حرصت على ترقيم كافة الدراجات النارية وأخذ بيانات كل سائقيها؟ أم أن الأمر ما زال ميدانًا سائبًا؟

٢/ وزارة الصحة والسكان، بالتنسيق مع الإدارة العامة للإعلام الأمني بوزارة الداخلية في الأمانة والمحافظات:
هل تقوم بتوثيق الحوادث اليومية التي يتم إسعافها إلى المستشفيات في عموم المحافظات، ورصد حالات الوفيات الناتجة عنها؟

٣/ وزارة الإدارة المحلية:
هل تمتلك كشوفات حصر بمالكي الدراجات النارية على مستوى الأحياء في كل مديرية؟ وهل تدعوهم بشكل دوري ـ ولو مرة في الشهر ـ لإعطائهم نصائح توعوية حول تجنب السرعة المفرطة، والتوقف عن إزعاج الناس، لا سيما في الأوقات المتأخرة من الليل، والحرص على سلامة المارة، وغير ذلك؟

إنه موضوع هامّ بل في غاية الأهمية، ويجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار، بل لا يجوز تجاهله، لأن الضحية هم الأطفال والنساء وكبار السن.
والسكوت هنا يهدم أكثر مما يبني، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع.
والساكت عن الحق شيطان أخرس!

مقالات مشابهة

  • البابا لاون يُرسل تحياته إلى جميع الشباب الذين لم يستطيعوا المشاركة في يوبيل الشباب
  • اختيار آمنة بوعياش ضمن قائمة نساء إفريقيات ملهمات لسنة 2025
  • حين يفضل المعتقلون الموت على الحياة
  • الدرجات النارية .. عصب الحياة وشبح الموت
  • الحياة بيدٍ واحدة!
  • طارق الشناوي: أتمنى أن يعيد تامر حسني حساباته في اختيار الأعمال وفيلم ريستارت يفتقر للقيمةالفنية
  • مختص: على الطلبة عند اختيار تخصصاتهم أن ينظروا إلى احتياجات سوق العمل المستقبلية
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في قطاع غزة
  • الحكم بالسجن مدى الحياة لمشارك بعملية إعدام الطيار الكساسبة
  • وزير الاتصالات لـ مدبولي: تقدم لمبادرة رواد رقميون 40 ألف شاب يتم اختيار 5 آلاف منهم